3،لقاء غير متوقع

_في الوقت الحالي، مع ايزابيلا تورنتو في منزلها البسيط مع والدتها.

تتمدد ايزابيلا على فراشها بإهمال والايربودز في اذنها وكتاب العشق المخادع على وجهها.

‏تستمتع بلا حماس إلى الموسيقى المفضلة لديها، لكنها فقدت الشغف بها منذُ أمد بعيد، تقريباً فقدت شغفها بكل شيء.

‏وفجأه وهي شاردة في أحداث الرواية التي انتهت من قراءتها للتو، فوجئت بالوسادة على وجهها.

‏انتفضت مفزوعة جالسة، تلقت الضربة الثانية على رأسها، نزعت السماعات من اذنها وهي تحملق في والدتها بصدمه وتقول بتهكم:
‏_إيه دا يا روني؟ في حد يعامل البني آدمين كده برضو؟ ايه، شايفه وشي عايز يتنجد من اول وجديد ولا حاجه يا ست انتي؟

‏ قالت لها روني:
‏_قومي يا ست ابوها، هتفضلي راقده كده لحد أمتى يا اختي؟ قومي اغسلي لك طبقين ولا خدي لك فومين ولا--

‏ قاطعتها إيزابيلا وهي تنهض عن الفراش:
‏_بس بس فرميلي يا رورو، هو انت علقتي على الاتنين ولا ايه؟ وبعدين من أمتى وانا بعمل حاجه في النيله ده؟ انا هنا دكتوره مع إيقاف التنفيذ يا رورو هانم، ما حدش يطلب مني حاجه نهائي لحين انتهاء التحقيق في اليو اس او لحين ما اتجوز وارتاح منكم.

‏ ذمت روني شفتيها بتهكم قالت لها وهي ترتب لها غرفتها كالعاده وترفع ثيابها المبعثرة في كل مكان في الغرفة والكتب الملقاه بإهمال على الفراش والمقاعد والمنضده.

‏ قالت لها:
‏_حسره عليا وعلى اللي جابوني، بنتي الوحيدة تبقى معفنه كده، ليه بس يا ربي؟ مش كفايه فاشله وكانت هتموت الراجل، لأ وكمان اخواتها شرطين انها ما تتجوزش إلا رجل ايطالي زيها،

‏قال ايه، عشان ما تخدش طبع الاجانب وتنسى اصولها ولا ما ياخدهاش ويسافر بيها، انتي واخواتك هتجلطوني، وفيها ايه لما جوزك يغورك معاه؟ على الاقل هرتاح من خلقتك دي، جاتك البلا.

‏ ايزابيلا وهي تمشط شعرها نظرت لوالدتها وقالت بسخريه:
‏_ايه ده؟ بقى في ام كده في الدنيا؟!! ليه كده بس يا ربي؟ بقى؟بقى أمي الوحيدة تضطهدني بالشكل ده! يعني لا عارفه تجوزني ولا تساعدني اصاحب زي بقيه البنات اللي في سني ولا رضيت أني استقل بنفسي في بيت لوحدي،

‏ ولا حتى عايزه تصدق ان تشخيصي كان صح وفي حيوان حقود غيور هو اللي عمل كده علشان حاقد عليا، ارحموني بقى خلاص عنست جنبكم لما عفنت وريحتي طلعت، عريس يا رب يا رب، اي كلب يرضى يتجوزني انا راضيه بيه بس يرحمني من العيله السوو دي.

‏ ظلت تمتم بالحديث حتى خرجت ودخلت المرحاض في آخر الردهة.

‏ زفرت روني بتعب وخرجت من غرفتها إلى المطبخ.

‏بعد قليل دق جرس الباب.

‏فتحت روني وجدته أبنها الأوسط فيتالي، رحبت به ببرود دخل وجلس وهو يسأل والدته بقلق:
‏_مالك يا روني؟ شكلك متضايقه، هي بيلا اتخانقت معاكي تاني النهارده؟

‏ قالت له بأختناق:
‏_وهي اختك بتعدي ساعه غير وتضايقني فيها يا فيتال، المهم اخبارك إيه انت وسيمران؟

‏قال لها بتأفف:
‏_إحنا كويسين، صح الحمل تعبها شويه بس احنا تمام.

‏ نظر فيتالي لوالدته ورأى الحزن في عينيها، تنهدت بتعب وقال لها:
‏_بقول لك ايه؟ مش أن الأوان إننا نقول الحقيقه لـ بيلا بقى؟ يمكن تفهم إحنا ليه رافضين ارتباطها بأي حد؟

‏ انتفضت الوالده ونظرت حولها بخوف كاللصوص، عادت تنظر لفيتالي وهي تقول له وتشير بيدها شارة الصمت:
‏_بس وطي صوتك شويه انت اتجننت، عايز تقول لها انها وانتم ولاد أخطر زعيم عصابه في بلادها وهنا،

‏ ولا عايزها تعرف اني حملت فيكم انتم الثلاثه من غير جواز واضطريت اني اهرب بعد ما عرفت موضوع اللعنة،

‏ ولا عايز اللعنه توصل لنا ومراتك تسقط وعيال اخوك يموتوا يا فيتال،

‏ بيلا مش لازم تعرف أبداً، انا مفهماها انكم انتم اللي جابرينها تفضل معايا هنا وما تعش في شقه لوحدها زي حال الامريكان وتبقى

مصيبه لو عرفت اننا ورا سرقة ابحثها وتشخيصها الأخير عشان تفضل في البيت وما تروحش المستشفى،

ولا حجتنا بأنها لازم تتجوز راجل إيطالي زينا عشان التراث والكلام الفارغ ده، انا ما اقدرش اقول لها ان حياتنا كلنا هتبقى في خطر لو اتجوزت راجل أجنبي لانه هيعرف أنها من عيله أليخاندرو تورينتو بمجرد ما يعقد عليها،

‏ ووقتها الدنيا هتخرب على دماغنا يا فيتالي عارف لو عمك عرف بوجودكم وانكم من نسل العيله واللعنه ما صابتكمش،

‏ دغري هيطلقك من مراتك واخوك نفس الكلام ويجوزكم انتم الثلاثه لعياله وعيال عمتكم وعمكم وهيجبركم تشتغلوا معاه في بيزنس العيله وتغرقوا معاهم يا ابني في بحر الدم اللي ملوث ايديهم وكان السبب في موت كتير من العيله دي،

‏ اسمع كلامي وما تفكرش تفتح الحوار ده مع بيلا مهما حصل انت فاهم، ولا انت مستغني عن مراتك وابنك فيتالي؟

قال بأندفاع وهو بيشير بيده الرفض التام:
‏_لا لا لا انا مش مستغني عن ضفر واحد من ايد مراتي واكيد مش مستغني عن ابني اللي لسه ما شفتوش،

‏عامة انتٍ صح، ما تخافيش روني انا مش هفتح السيرة دي تاني أبداً حتى مع نفسي، المهم مارتين قال انه جاي النهارده ومعاه خبر كويس لينا كلنا انا كلمت سيمران بس مش هتقدر تيجي، قلت لها تخليها في البيت وانا اشوف مارتين عايز ايه واروح لها على طول.

_مع ساره في الوقت الحالي.

نظرت لإنعكاسها الهامشي ولم ترى الكثير، لكنها اؤمات لنفسها ببرود وخرجت من غرفتها الصغيرة البسيطة للخارج.

أستقلت الحافلة ووصلت لمقر الشركة، صدمت من فخامة البناية والمكان ككل حولها، توجهت للداخل وهي تشعر بالخزى الشديد من ثيابها ونفسها، وقفت أمام السكرتيرة وحدث ما توقعته تماماً.

وقفت امام السكرتيرة الخاصة بالمدير، كانت تشبه طالبة مذنبة تنتظر سماع عقابها.

تنظر لها السكرتيرة الحسناء جداً بكل تقزز، تنظر لشعرها المرفوع في كعكة من الطراز القديم، قميصها الأشبه بقميص الجده، والجيب التي تغطي كل قدمها.

‏ صاحت فيها السكرتيرة بكل احتقار قائلة:
‏_إزاي جه في بالك يا انسه إننا هنوظف واحدة زيك في شركتنا؟ انتٍ عارفه انتٍ واقفه فين؟ وجايه تشتغلي عند مين؟ يلا يا ماما من هنا، لما نحتاج عمال نظافة هنبقى نكلمك، يلا ما تضيعيش وقتي.

‏ اغتاظت ساره منها كثيراً، قالت لها بغضب:
‏ _أنتٍ إزاي تكلميني كده يا استاذة انتِ؟ هو انا جايه اشحت منكم؟ انا قريت الإعلان وحبيت اتقدم للوظيفة

‏ مالك انتِ بشكلي ولا لبسي؟ هو انا جاي اشتغل بمؤهلي وخبرتي ولا جايه استعرض جسمي هنا؟ هي دي شركة محترمة ولا ملهى ليلي؟

‏ انا ما يشرفنيش اني اشتغل في شركه مظاهر زي دي.

‏ تبادلت الفتاتان نظرات الغضب لبعضهم، تركتها ساره وتوجهت للمصعد لتخرج من هذا المكان بسرعه قبل ان تنهار وتبكي امام الجميع.

‏وجدت باب المصعد يغلق، صرخت في الرجال بداخله:
‏_وقف انت وهو، امسكوا المخروب ده.

‏ حدق فيها الرجال بصدمه دخلت المصعد ووقفت تتمتم بغضب قائلة:
‏_طظ في دي شركه وكل اللي فيها، عالم تقرف متعنطظين على الفاضي، جتكم القرف، كنت عارفه اني مش هتقبل، إيه الجديد يعني؟ كل ابواب الرزق بتتقفل في وش أمي النحس، طظ في الشغل على اللي شغالين على اللي عايزين يشتغلوا كمان.

‏ وجدت ساره أن صوتها عالي شعرت، بأعين الحاضرين يحدقون إليها.

‏ أستدارت بقلق تنظر إليهم، وجدت الجميع يحدق فيها بكل غضب عدا رجل واحد.

‏ كان ضخم الجثمان يبدو غريباً بعينيه السوداء القاتمه وبشرته السمراء والحده المخيفه في عينيه الشبيهه بأعين الصقور.


لم تستطيع ان تزدرد ريقها حتى، وفجأة--

‏_قبل ساعه تقريباً مع ماركو في المكتب.
‏ ماركو يتحدث بغضب عبر الهاتف وهو يزرع غرفة مكتب رئيس مجلس الإدارة ذهاب اياب بعصبيه.

‏ المحامي وشقيقه يقفان وينظران له بقلق وهو يقول بصراخ غاضب:
‏_كفايه، بطل رغي ارماندو، مش عايز أسمع أعذار تافهة تاني، قلت لي أن الشركة بقت ممتازه وكل الامور ماشيه تمام،

‏ عشان كده سبتها لك شهرين، دلوقتي أرجع الاقيها كده، الشركه خربانه يا محترم وكل الموظفين بيشتكوا، ده غير اللي سرحتهم من غير ما ترجع لي،

‏ أسمع يا ارماندو، انت ما تدخلش الشركه دي تاني، انا مضطر ارجع أمسك إدارتها واوقفها على رجلها من أول وجديد بسببك، يلا اقفل وعايز اشوف وشك في الاجتماع الجاي.

‏ لم ينتظر ماركو أي تبرير من ابن عمه، اغلق في وجهه الهاتف وألقى بالهاتف بعيداً، نظر له الرجال قال له شقيقه بارتباك:
‏_صدقني يا ماركو، حاولت اقول لك كذا مره بس كنت شايفك غرقان في الشغل الجديد عشان كده---
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي