6،زواج تحت التهديد

مع دين.

رمقها بنظرته الساحرة التي تآسر قلوب العذارى وغيرهم، أبتسمت رغم عنها، حركت كتفها بقلة حيلة، وأؤمات له موافقة.

أشار لها دين بحركة مسرحية هزلية بمعنى "تقدمي للأمام".

تحركت الفتاة نحو الأمام حيث أشار لها دين على الإيمبالا، تقدمته للأمام، لحق بها دين وهو يحملق في مؤخرتها ويتمتم بحسرة:
_بيج لوست، معقولة يا دين هتسيب القمر ده يفلت من إيدك؟ والله أزعل بجد.

نظرت له الفتاة وسألته:
_فين هي عربيتك يا أستاذ--؟

قال لها بفخر وهو يهندم جاكيته من جديد:
_دين مانسترلي، المفوض دين في خدمتك يا قمر.

أبتسمت الفتاة ببراءة، ابتسم لها دين وفتح لها باب الإيمبالا، ركبت الفتاة وهي تشكره بأمتنان، ركب هو أيضاً وبدأ يقود الإيمبالا بعدما سألها عن محل إقامتها.

أخبرته العنوان بالتفصيل وبعدها ألتزمت الصمت، لاحظ دين أنها خايفة بشدة وحزينة كذلك، حاول مراراً أن يفتح معها اي حديث، لكنها كانت تجيبه بأقتضاب مختصر.

غضب دين بحزن لأنه شعر أنها لا تريد التحدث معه او على الأقل تجاذب أطراف الحديث، ندم لانه تسرع وعرض عليها المساعدة.

قال في نفسه بغضب وعتاب:
_أنت اللي مغفل يا دين، مالك أنت بالنكدية دي، كان زمانك قاعد على البار بتشرب والمزز حواليك مشهيصينك، يلا ما علينا، اهي تدبيسه والسلام، هوصلها وأرجع أكمل سهرتي لعل وعسى ألقى فرس يعوضني القرف بتاع البت الكآبه دي، أو لحد ما عبقرينو عصره وآوانه يخلص ويجي لي ونغور من هنا، أوف.

تأفف دين بشكل ملحوظ، لمحته الفتاة لكنها لم تعلق، وصلا إلى منزلها، دخل بـ الإيمبالا إلى حديقة منزلها، نظر دين للمنزل بفضول.

وجده منزل قديم، مظلم، ومقبض في هيئته الخارجية، أشمئز دين من رائحة المنزل العتيقة.

نظر للفتاة حين لاحظ انها لاتزال تجلس بجواره، وجدها تنظر للمنزل برعب شديد كأنه مسخ أمامها سيلتهمها، سألها دين بفضول:
_مالك؟ متنحة ليه كده في بيتك؟ صح ألا انتي اسمك إيه؟

دين قال لها هذا ليحثها على الضحك او الإبتسام حتى، لكنه لاحظ خوفها الشديد، ندرت له الفتاة وقالت بتوتر:
_شكراً يا دين على التوصيلة، تصبح على خير.

فتحت الباب وخرجت مندفعه، تعجب دين قاضباً وجهه بضيق وقال:
_مالها دي، مفيش حتى كوباية شاي يتيمة، ولا فنجان قهوة سادة حتى، صحيح البنات الجميلات مقرفات، مملات، متعنطظات، هاء، في داهيه، هرجع دلوقتي وهتعرف على افرس منك، يلا، ضيعت وقتي على الفاضي.

أدار المحرك مستعد للإنطلاق، لكن رن هاتفه، اخرجه من جيبه ونظر لرقم سام بملل، أجاب قائلاً بحنق:
_ها يا عبقرينو، وصلت لحاجه من ويزوو العجوز ولا ضيع وقتك أنت كمان على الفاضي؟

سام على الطرف الآخر قال له بجدية:
_لاء يا دين، عرفت كتير أوي، الموضوع كبير يا دين مش زي ما كنا متخيلين، القصة مش قصة طيف غاضب أو ديمن مؤذي ساكن الطريق وخلاص،

المكان دا حصلت فيه مجازر وحشية من خمسين سنة فاتوا، الطريق كان مجرد جزء من مزرعة راجل مشعوذ من مشعوذين الغرب وقتها،

كان بيخطف ضحاياه وكانوا كلهم من البنات في عمر المراهقة، وكان بيستحضر عليهم طقوس شيطانية قديمة جداً،

ولما أكتشفوا جرايمه واتقبض عليه، عرفوا أنه قتل فوق السبعين بنت، غير أن الأرض بالطرق والقصر والمكان كله كان عبارة عن مقبرة جماعية ضخمة للضحايا،

يعني الموضوع مش سهل ابداً ولازم نستعين بحد يساعدنا لأن الطقوس اللي عملها لسه شغاله لحد انهارده، أظن اننا هنضطر نلجأ لحد من مستحضرين الهودو او نلجأ لساحرة نعرفها كويس.

صدم دين من طلب شقيقه! لعن كعادته بصوت غاضب وقال له:
_خلاص يا سام، أقفل وأسبقني على اول موتيل يقابلك، هيه ليله زفت من أولها، يلا سلام.

اغلق مع شقيقه، أعاد هاتفه إلى جيب جاكيته، عاد يشغل محرك الإيمبالا من جديد، لكن قبل أن ينطلق سمع---

_عودة إلى ماركو وسارة في المصعد

صراخ فرانكو وأولاف كان أعلى من صوت احتكاك وسقوط المصعد نفسه.

ساره حملقت في ماركو بعدم تصديق، أكثر من سقوط المصعد بها وبه.

وقف على قدمه بصعوبة، لم يأبه كثيراً لصدمتها، مد يده لها جذبها بقوة إلى حضنه،تعلقت به ساره وهو يضمها بكل قوة إلى صدره.

اغمضا أعينهم معاً واستعدا للتصادم والإنفجار الهائل، لكن فجأة.

سمعوا إنفجار فوق رؤوسهم، نظرا لأعلى وجدا النجدة وقد وصلوا وقاموا بأنتشال سطح المصعد.

وجدا رجلان مقيدان بأسلاك رفع وانتشل كلاً منهم سارة وماركو، تم سحبهم عن طريق رافعة صغيرة على سطح البناية.

وفي اقل من خمسة عشر ثانية وصلا إلى السطح، لكن، وقف الجميع حول فتحة المصعد على سطح البناية ينظرون إلى أسفل.

ساره، ماركو، فرانكو، أولاف، ورجال الإنقاذ.

صدموا جميعاً وتساؤلوا، لماذا لم ينفجر المصعد بعد؟ أو على الاقل يتحطم.

لكن ساره لمحت نفس الشيء الذي رأته في المرآة قبل دقائق وأدعت انها تخيف الرجال فقط ليس إلا.

لكن الحقيقة هي أنها رأت كيان ضخم له وجه القردة وانياب حادة تخرج من فمه المدبب كالذئاب وله قرنين متوسطان رأسه الضخم وجهه وجسده مشعران بغزارة، شكله مفزع لا يتحمله قلب.

‏ اوهمه ساره نفسها سابقاً أنها تتوهم الأمر، لكنها الان ترآه بوضوح ينظر إليها وإلى ماركو تحديداً بكل غضب،
‏لكنه اختفى فجأة في الظلام.

‏مرت ساعه تقريباً، حضرت الشرطة مع الإسعاف، لكن الجميع كان بخير.

‏ رأت ساره ان وجودها لم يعد له معنى اكثر من هذا وانها بالفعل أهدرت الكثير من الوقت في هذا المكان؛ فقررت أن ترحل دون أن تخبر أي أحد أو قبل ان يحدث أكثر مما حدث.

توجهت ساره الى البوابة لتخرج من البناية الضخمة، لكن اوقفها اثنان من الحرس ضخام القامه.

نظرت لهم بقلق وسألتهم:
‏_في حاجه ولا ايه يا كباتن؟ واقفين قدامك ده ليه زي؟ الحيط.

‏قال لها أحدهم باستياء:
_اتفضلي معانا يا آنسه بهدوء، السيد ماركوس عايزك في مكتبه.

حدقت لهم بعدم فهم، لكن فضولها دفعها على الذهاب إليه؛ فهي لم ولن تنسى موقفه الجريء معها؛ حين قفز إليها في المصعد وهو يتهاوى نحو الدمار.

‏ وصلت الى مكتبه، دق الحارس الباب في حين رمقت ساره السكرتيره بنظرات قاتلة، وأيضاً السكرتيرة تنظر لها بكره كبير غاضب.

‏ تجاهلتها ساره ودخلت؛ حين فتح الباب أغلق الحارس الباب بعد دخولها.

‏ أنتفضت ساره ولكنها عادت تنظر لماركو الذي يجلس على مقعد مكتبه ولا يوليها اي إهتمام.

‏ اقتربت منه على مضض سألته وهي تنظر له ببرود على تجاهله لها:
_أنت بعت لي يا استاذ؟

لم ينظر لها حتى، أشار لها ان تجلس، جلست أمامه دون اعتراض لكنه لا يزال منهمك في مطالعه الاوراق أمامه.

تضايقت ساره من جفائه معها لكنها وجدت نفسها تحدق فيه وكأنها تتفحصه جيداً لتحفر صورته في ذاكرتها.

‏ لكن تطور الأمر معها؛ حين تخيلته يقف أمامها بصدره العاري وهو مكسو بـ شعر أسود كثيف وعيناها تلتهمانها بنظرات رغبة حارقة.

‏تخيلت نفسها وهي تقترب منه وهي تضع على جسدها النحيل ثوب السباحة الوحيد الذي تملكه ولم ترتديه قط.

وجدت نفسها تقف أمامه بكل وقاحة وهو يرفع يده يحيط خصرها بيده بتملك، تآوهت وهي تتعلق بعنقه وتغيب معه في قبلة عميقة حاره، فجأة.

سمعت طقطقه أمام عيناها، رمشت بعينها عدة مرات وهي تحملق فيه.

أعادها إلى أرض الواقع عندما فعل هذا، قال لها وهو يتفحص وجهها الذي أصبح احمراً فجأة:
‏_مالك يا آنسه؟ وشك زنهر فجاة كده ليه؟ كأنك كنت بتحلمي بحاجه--

صمت عندما رأى وجهها يتحول لوجه غاضب، رفعت حاجبيه بعدم اكتراث وقال لها برسميه:
‏_فين السي في بتاعك يا آنسه؟

‏ صدمت ساره بشدة، سألته بعدم تصديق:
‏_السي في بتاعي أنا يا أستاذ؟ طب ليه؟

‏ _هو ايه اللي ليه؟ مش انت كنت جايه هنا تشتغلي ولا كنت جايه تهزري؟

‏_أنا اصلي البنت بتاعتكم دي رفضتني--

‏ ماركو اشمئز من اسلوبها الفظ، قال لها باحتقار:
_بت، اولاً دي سكرتيرة محترمة، ما ينفعش يتقال عليها كده،

ثانياً انا هنا اللي أعين وأفصل واقول مين يشتغل ومين يمشي،

‏ ثالثاً أسمي مستر ماركوس، وآخر حاجه يا آنسه، طالما هتشتغلي معانا هنا لازم تعرفي أن أسلوب الكافيهات والنايت كلوب اللي كنتِ شغاله فيهم مش هينفع معايا هنا،

‏ المكان ده محترم وأنا ما اقبلش اني موظفيني يبقوا عالم بيئه.

‏ حملقت فيه ساره بعدم تصديق وقالت له بصدمه:
‏_معناه إيه كلامك ده يا باشا؟ يعني انت هتشغلني عندك هنا؟ طب ليه؟

‏ _وانتِ ليه أنقذت ي حياتي؟

‏ _وأنت ليه نطيت ورايا؟

‏ _عشان أنا مفيش بنت تطلع اجدع مني.

‏ _واللهِ، طيب، عامة انا يعني متشكرة جداً إنك وافقت تشغلني عندك، بس هقول لك على حاجه عشان انت جدع واتجدعنت معايا، بلاها انا.

قال لها بغيظ:
_نعم يا اختي بتقولي ايه؟

_يا باشا اسمع مني بس، كفايه أوي لحد كده، انا بمجرد ما دخلتش شركتك الاسانسير باظ وكان هينفخنا كلنا وكان زمانك في خبر كان انت واصحابك لو ربنا ما سترهاش من عنده، اسمع كلامي يا باشا وفكك مني انا لو اشتغلت هنا أسبوع واحد، شركتك دي هتفلس وتلاقي نفسك على الله حكايتك وقاعد بتبيع لمون جنب الكشك اللي في وش شركتك دي؛ فأشتري حياتك وقرشك وسيبني اغور من هنا يا كبير.

انهت كلامها ووقفت لأنها واثقة بأنه سينادي الحرس ليلقوا بها في الشارع أن لم يقوم بابلاغ الشرطه عنها بسبب وقاحتها لكنه صدمها حين--

_مع دين والفتاه الغامضه، قبل سنوات ماضية.

سمع صراخ مدوي آت من المنزل، خرج من السيارة مندفعاً إلى المنزل ولا يزال الصراخ عالي.

كسر دين الباب ودخل يركض مسرعاً لكنه توقف متجمداً وهو يرى الفتاة محلقة في الهواء ويبدو ان كيان خفي يخنقها.

‏نظر دين حوله بجنون، ركض صوب مدفأة قديمة، خطف قضيب حديد خاص بتقليب الحطب داخل المدفأة.

‏ عاد للفتاة وهي تكاد تختنق، لوح بالقضيب أمامها، سقطت الفتاة أرضاً وظهر طيف عديم الملامح يتلاشى.

‏ دين مسك يد الفتاة يوقفها على قدمها وهو ينظر حوله بجنون وارتياب اوقفها وهو يسألها:
‏_قومي، أنتِ كويسة؟ مش كنت تقولي إنك خايفة من الشبح اللي في بيتك، ليه حورتي عليا بس؟

نظرت له الفتاة وهي تحاول ألتقاط أنفاسها بصعوبة، قال لها وهو يمسك يدها ويجرها نحو الباب:
_ايوه ايوه ما تبرقيش كده، انا صياد وشغلتي اني اقضي على الكيانات اللي شبه دي، تعالي دلوقتي اخرجك من هنا وهرجع له تاني اخلص عليه.

فاقت الفتاة من صدمتها وقالت له:
‏_ترجع تقضي عليه!! هو مش مات خلاص؟ انا شفته وهو بيتحرق.


الفصل السابق الفهرس الفصل التالي