20، زقاق الاوغا

"عودة إلى ساره وماركوس"

نظرت له ساره بعتاب غريب لم تفهم هي نفسها لما نظرت له هكذا؟

لكن الأغرب أنها سارت نحو الخزانه، دخلت الخزانه واغلقت على نفسها من الداخل.

جلست على الثياب ولم تعي ما تفعله حتى سمعت طرق على باب الخزانه وصوت ماركوس من الخارج يقول لها:
_هتنامي انهارده عندك؟

نظرت حولها ولم ترى شئ بسبب الظلام في الخزانة، انتفضت واقفة وخرجت من مكانها مندفعة لكنها لسوء حظها خرجت في أحضان ماركوس مباشرة.

لحظة صادمة للأثنان معاً، يحملقان في بعضهم، ساره تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها.

حاولت جاهدة أن تتمالك أعصابها وتعود لطبيعتها، أبتعدت عنه خطوة للخلف وهي تقول بأعتذار منفعل:
_آسفه جداً جداً، مكنتش أعرف إنك واقف ورا الباب، والله أنا--

لم يصمتها ماركوس هذه المرة بيده، بل أقبل عليها يصمتها بشفتاه على شفاهها.

صدمت ساره بشدة، اتسعت عيناها من الصدمة، لكنها سرعان ما تجاوبت معه في قبلته، رفعت يدها تتعلق في عنقه لتطالبه بالمزيد.

لكنه أبتعد عنها؛ بل بالأحرى دفعها للخلف، ارتطمت في باب الخزانة.

قال لها منفعلاً كأنه شف غضبه عليها:
_دا عقاب رغيك بعد كده، عشان مليت من تخريسك كل شوية، بعد كده هترغي قصادي هعاقبك وممكن عقابك يزيد، أنتي حرة يا ساره.

تركها وخرج، بكل بساطة تركها بعدما أشعل بداخلها لهيب الشوق الذيلم تعرفه يوماً.

شعرت أنها ستفقد صوابها، لم تستطع النوم طيلة الليل، أرادت بشدة ان تذهب إليه وتطالبه بحسن معاملتها او كزوجة حقيقية بالأحرى لكنها لا تملك الجرأة كي تقولها له جهراً.

غابت في قيلولة صغيرة بعد الفجر بقليل، فتحت عيناها على ضوء أشعة الشمس وهي تداعب عيناها الزمرديتان بمشاكسة.

تثاءبت ساره وهي تنهض مستمتعة بشدة، أبتسمت لنفسها بإستمتاع لأنها حلمت بزوجها وبكل ما تمنت أن تعيشه معه وبين يداه.

حزنت عندما أستدركت الأمر وعلمت أنه مجرد حلم، بمعنى أنه لن يتحقق ابداً.
غضبت بشدة بسبب هذا، قررت أن تذهب لصديقتها دون الرجوع إليه مرة أخرى فقد سبق وأخذت رأيه ووافق وقضي الأمر.

بالفعل ذهبت لزيارة كارلي صديقتها، رحبت بها كارلي كثيراً، تسامرتا طويلاً حتى عاد أبناء كارلي من دراستهم.

شعرت ساره أن الوقت حان للعودة إلى قصر ماركوس، لكن كارلي صدمتها حين سألتها:
_بس خدي هنا يا بكاشه أنتي، خدتيني في الكلام ونسيت اسألك، في كارثة حصلت في شغلك ولا لسه؟

تعجبت ساره في الوهلة الأولى، لكنها أستدركت سؤال كارلي وقالت لها:
_قصدك يعني نحسي حل على الشركة ولا لسه؟

_آهه،مش كنتي مترددة وخايفة بسبب كده، حصل حاجه ملفته ولا لسه؟

هنا صدمت ساره وسألت نفسها في سرها:
_صح عندها حق، هو إزاي كل حاجه ماشيه تمام معايا؟ مش غريبة دي؟

نظرت لـ كارلي وقالت لها بتأفف:
_أوف عليكي كارل، دايما كده تفكريني، لاء يا ستي لسه، بس هيحصل وأنا واثقه.

_يا فقريه أنتي، وبتنبري فيها ليه؟ بتتمني الشر لمكان آكل عيشك.

_لاء يا ست مش القصد، بس أنا عارفه أن زي ما بيقولوا يعني، ان دا الهدوء اللي يسبق العاصفة، قلبي حاسس بـ كده بس، عامة هتكوني أول واحدة يعرف الخبر المهبب دا قبل ما الصحافة تتكلم عنه، هتلاقيني جايه اترمي في حضنك واشكي لك أول ما الكارثة تحصل، يلا اسيبك انا يا أم العيال وأرجع لشغلي، يلا بون وي بيبي، سلمي لي على الشياطين ولادك.

أبتسمت لها كارلي وودعتها، خرجت ساره من منزل صديقتها وقررت أن تسير قليلاً قبل أن تذهب للقصر.

كانت تسير وهي شاردة تفكر في كلام كارلي وتتساءل في نفسها، لماذا لم يحدث أمراً سيئاً معها في عملها حتى الأن؟

لكنها لم تجد تفسير لهذا الأمر؛ فقررت تجاهله وعدم التفكير فيه حتى لا يسوء يومها، يكفيها ما مرت به من سوء مع زوجها العنيد الغامض.

لم تلاحظ أنها أبتعدت عن موقف الحافلات ودخلت إلى زقاق من أزقة المواخير الرخيصة.

تلك المنطقة معروفة بأنها حي المرتزقة وهذا بسبب بعض الحانات الوضيعة التي يرتادها اسوء الأشخاص مثل القواد وتجار الممنوعات والمهربين.

انتبهت لهذا عندما غازلها بعض الشباب السكارى بوقاحة، نظرت لهم بخوف، حاولت أن تتراجع وتعود للخلف، لكنها فجأة --

"مع إيزابيلا وأريسو في شقته"

سمعت بيلا شقيقها يضرب الباب بجسده الضخم ويحاول تحطيمه، لكن بيلا لم تكن خايفة بالمرة.

كل قلقها كان على أريسو، قررت أن لا تنتظر أحد وتبحث عنه بنفسها فهو في الأخير خطيبها هي وهي عائلته الوحيدة.

أخرجت هاتفها وأتصلت به، سمعت صوت هاتفه يأتي من الداخل، سارت بخطى مرتجفة وهي تناديه بصوت مرتعب:
_أريسو، أنت هنا، بنخبط عليك من بدري، ليه مش فتحت لنا؟

لم تسمع رد منه، أكملت سيرها نحو الغرفة بالداخل، بدأ صوت الهاتف يتضح، وقفت بيلا على أعتاب غرفة المعيشة وهي مصدومة، رأت أريسو يجلس على أريكة قذرة يشاهد التلفاز وصوته مكتوم.

وقفت مصدومة كلياً، قالت له وهي تشعر بمزيج من الدهشة، الإنزعاج، الصدمة، الغضب:
_أنت قاعد هنا وإحنا قالبين الدنيا عليك برا يا أفندي أنت؟

لم يرد عليها، أوشكت أن تصرخ فيه، لكنه نهض واقفاً فجأة، صمت بيلا ونظرت له بغضب، لكن الغريب أنه لم ينظر لها، وقف وتوجه صوبها لكنه لا ينظر لها.

شعرت أنها ستفقد عقلها بسببه، والأغرب أنه مر بجوارها ولم يرآها كأنها كائن شفاف خفي.

لكن ما آثار فضولها أكثر من غضبها منه لتجاهلها هو نظرة الرعب في عيناه، بدا كـ من سمع أمراً ما في منزله وهو وحده وتعجب من اهية هذا الشئ؟

قررت بيلا أن تجاريه في جنونه هذا حتى تعرف وتفهم ما خطبه؟

توجه أريسو صوب المطبخ وهو يرتجف حرفياً، سارت خلفه وهي تنظر للأمام علها ترى ما الذي يرعبه؟ لكنها لا ترى شئ مثير للتساؤل حقيقة.

توقف أريسو فجأة وهو ينظر للأمام برعب، نظرت للأمام لترى ما الذي أوقف أريسو فجأة، لكنها أيضاً لم ترى شئ، بدأت تغضب من أفعاله، لكنها وجدته يشير بده لأعلى نحو السقف، رفعت وجها لم ترى شئ، عادت تنظر له وصرخت بأعلى صوتها.

هذا لم يكن خطيبها أريسو؛ بل كان كائن أخر لوجه متفحم، منتفخ، هناك فراغ في فجوتا عيناه.

ظلت بيلا تصرخ وتنادي فيتالي وهي تركض للخارج، لكنها صدمت في كيان خفي ضخم، أسقطها على وجهها.

لم تعد ترى شئ، ظلام دامس كسى المكان كله، بدأت تتحسس الأرض لتقف على قدمها، لكنها وجدت نفسها تتحسس شئ يتحرك، بدأ تزحف هذه الأشياء عليها بكثرة.

صرخت بأسم شقيقها بأعلى صوتها:
_فيتــــــال، ألحقني بسرعة.

وصلت عناصر الشرطة، كسروا الباب وأمروا الجميع بالإبتعاد.

دخل فيتالي مسرعاً على صراخ بيلا، وجدها ملقاة إرضاً، ركض نحوها يساعدها، لكنه صدم بتلك الحشرات المقززة التي تسرح منتشرة على جسدها.

صرخت بيلا وهي تبكي مرتعبة:
_ساعدني فيتال، إيه القرف ده؟

وجدوا ديدان زرقاء قاتمة تسير على جسدها ووجهها، ظلت تنتفض مكانها وفيتال يساعدها على إزاحه تلك الحشرات عن جسدها ووجها.

أخذها وهو يقول للشرطي بعدما هدأت بيلا نوعاً ما:
_أنا هأخد أختي للحمام تغسل وشها.

أجابه الضابط بعطف:
_ماشي براحتكم بس المهم أنكم ما تمشوش، لازم نتكلم شويه.

وافق فيتالي وساند شقيقته إلى المرحاض، وقفت على حوض الغسيل تغسل وجهها، لكن فجأة صرخت بيلا وفيتالي معاً.

"مع الشقيقان قبل عدة سنوات ماضية"

هز سام رأسه إيجابا وهو يقول:
_أوي أوي يا دين وأشتقت لك أنت كمان، لكن قلي، إزاي لقتني؟ وليه خدت الوقت دا كله عشان توصل لي؟ ايه عجزت يا مغفل ومبقتش أد المطاردات؟

"دين" حدق فجأة وهو يرفع حاجبيه علامة على وقوعه في ورطه، فهم سامنظراته وسأله بحدة:
_ "دين"
قلي انت عملت إيه بالظبط عشان تلاقيني؟

رفع "دين" يده علامة قلة الحيلة، قال له بحيرة:
_أنت عارف يا راجل sim old it,s sim old
قصدي يعني مكنش في أي طريقة تانيه يا سامي.

_مش فاهم حاجه منك، إيه هي الطريقة القديمة الليلجأت لها عشان توصلك ليا بعد الاسابيع دي كلها؟ أتكلم يا دين ومن غير لف ودوران.

تهجم وجه "دين" بشدة وقال بغضب:
-عقدت صفقة مع ملك تقاطع الطريق الحقير "روكيز"، أرتحت أنت كده دلوقتي ياعم الزنان المتذمر؟

_إيه، نهارك اسوح يا دين، أنت عملت إيه؟ أنت بعت روحك عشان تلاقيني يا مغفل، إزاي تعمل في نفسك كده يا دين؟

أوقفه "دين" لـ يصحح له معلوماته بسرعة:
_أنا معملتش كده بالتحديد يا متذمر، بس أنا معدش قصادي أختيارات كتير، لما أنت أختفيت، رحت ومرجعتش، ركت انا للماركت اللي انت متعود تروح له وده طبعاً بعد ما حاولت أتصل بيك وفونك مغلق طول الوقت، ومعرفتش أوصل لك بالجهاز القندل بتاعك ده اللي اسمه جي بسبس،

المهم يعني، أنا ضغطت على الشاب بطريقتي لحد ما اعترف لي انه شافك وكانت دي المعلومات الوحيدة اللي مع الشاب ده، بس ضغطت عليه تاني عشان اخترق الكاميرا،

بس حاولت أن أخترق كاميرات المراقبة زي ما انت بتعمل لكني فشلت

أنت عارف كويس أنك الذكي بينا هنا، المهم أني يئست، عشان كده عقدت صفقة، وبعدين يا سامي أنا كنت على أستعداد وقتها إني أبيع روحي للقذر لوسيفر نفسه لو الأمر تطلب كده عشان الأقيك،

لكن "روكيز" الحقير أستعبدني، كان في ساحرة هوكر

بتفسد حصد الأرواح عليه وبتحصدها هي وتحبسها في قوارير عشان تستخدمها في تخليد شبابها، اضطريت يا سام أني اشتغل معاه مجبر لحد ما اوصل لك،

وأنت عارف أخوك بقى، قدرت أوصل لها وعملت لها فخ الساحرات، بس بت الملعونة كانت شديدة أوي، عتيقة في الشغلانة بنت الصرم، كلت شقك علقة يا سامي، ظبطت الكلام، بس على مين ياعم؟ أخوك من يومه بطل، رزعتها علقة محترمة وقدرت عليها بعد ما طلعت عين أهلي، بس شقتها وأديت قلبها اللي يقرف للديمن روكيز،

وبسلامته هو اللي قالي ان اخويا الشحط، أبو طول وعرض، أستغفلته بت هبلة وخدعته بكدبة عبيطة وهو صدقها بقلبه الصغنن اللطيف وبعد كده خطفتك يا حيلتها وخدرتك في بدروم بيتها، عشان كده قلبت السحر على الساحر وشربتها من نفس الكأس، عملت فيها نفس اللي عملته هي فيك وأتنكرت في عجوز شحات وأنت شفت الباقي يا شبح، بس اي دا، عرتني قصاد الشياطين العرر، بقى بت هبلة تكممك وتلبسك العمة وتغتصبك، أخس على الرجاله، أخس.
حتى توصلت إليها وقمت بصنع.

ضرب سام على كتفه وهو يضحك عليه بسخرية لاذعة، قال له سام بتهكم:
_ظريف أوي يا "دين"، على أساس أن انت كمان ما خدتش على قفاك من واحده قبل كده؟

_أيوا، لكن يا صاحبي دي كانت ساحرة هوكر عجوزة، عدت الست قرون تقريباً، لكن انت البت بتاعتك دي حتة بت تافهة، ولا ليها عازه، حتة مراهقة بتعشقك كالعادة يعني، بس أنا لسه مش قادر أصدق أنها قدرت تخدع عبقرينو وكلبشتك في السرير في بدروم بيتها لأسابيع، شكلك يا سامي بقيت طري من قلة التدريب، أسمع كلام أخوك الكبير وارجع أشتغل على نفسك قبل ما واحدة مهووسة تافهة تاني تعمل فيك اللي ما نعرفش نداويه.

عاد يضحك مجددا عليه، لكن سام قال له بجدية:
_لاء يا "دين" البنت "ألكسندرا " دي مش مجرد مراهقة بتدور على المغامرة وخلاص، دي باحثة، عالمة، ومخترعة، خدت جوائز كبيرة وكتيرة على اكتشافاتها،

دي مش مجرد بنت عادية يستهان بها، بس على مين، انا زي ما وعدتها من شوية، لو قابلتها صدفة او شفتها أو أدخلت في حياتي ولو بالصدفة بأي شكل كان أنا من غير تفكير ولا نقاش هـ أقتلها على اللي عملته بيا وبيك.


أنتهت الأثار عند حافة النافذة، لكن أنتفض الشقيقان عندما لمحا أحدهم كان يراقبهما من المنزل المجاور واختفى فجأة عندما لاحظ رؤيتهم له.

أشار دين لـشقيقه أن يتبعه، ذهبا إلى المنزل المجاور.

رفع دين يده لــيطرق على الباب بعنف، لكن سام مسك يده فجأة.

حدق فيه دين بحده، لكن سام أشار له بعيناه على الحديقة خلفه.

نظر دين خلفه وجد بعض ألعاب للأطفال و دراجات بخارية صغيرة.

فهم دين أن المنزل به أطفال وعليه أن يتمالك أعصابه ويكون هادئاً كي لا يفزع الصغار.

دق الباب بخفة طبيعية، بعد لحظات فتح الباب وظهرت إمرأة، لكن دين وسام حدقا في المرأة بصدمه.

فجأة سام أخرج مسدسه الخاص وأشهره في وجه تلك المرأة وهو يقول لها بغضب شديد:
_أهلاً يا روح خالتك في المرة التانية.

حدقت فيه "ألكسندرا " بعينان متسعتان على آخرهم، لكنها رمشت بجفونها عدة مرات لتعود لأرض الواقع كأنها تذكرت كل ما سبق منذ عدة سنوات ماضية.

مدت يدها على السلاح أبعدته وهي تنظر خلفها بتوتر، خرجت وأغلقت الباب خلفها وهي تقول له بحدة:
_أنت أتجننت يا سام؟ أبعد السلاح دا عني،اولادي جوا، في إيه؟


تابع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي