الفصل الخامس قلب عطوف

دلف رائد إلى إحدى الغرف الجانبية الملحقة بحديقة الفيلا، المكان داخل الغرفة مظلم أضاء رائد المصباح الخاص بالغرفة فإذا بالمكان أشبه بمخزن للأشياء القديمة.

اتجه رائد إلى أحد جوانب الغرفة فإذا  بريهام مقيدة على أحد المقاعد التي بداخل الغرفة.
دنا رائد من ريهام وحدثها قائلاً:
—مرحبًا بكِ ٱنسة ريهام.

إرتعدت ريهام ثم تحدثت بخوف شديد وقالت:
—سيدي، من فضلك أخبرني من أنت وما هذا المكان الذي تم اقتيادي إليه؟!

نظر رائد إليها بغضب،  ثم دنا منها وحدثها:
—إنني الشخص الذي قمت بقتل شقيقتك من أجله، أما عن المكان الذي قمت بإقتيادك إليه فليس من شأنك.
تعجبت ريهام وشعرت بدهشة لما تسمعه من حديث فأسرعت قائلة:
—أنت رائد أليس كذلك؟!

شرع رائد في خنقها ولكنه حاول أن يتمالك نفسه، فابتعد عنها وقام بتوجيه ضربة قوية لأحد الصناديق التي بالغرفة فاتعدت ريهام وتحدثت قائلة:
—رائد ما الذي يحدث أشعر بخوفٍ شديد؟! خاصة إنني لا أستطيع رؤية أي شيء حولي.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—ريهام.لا داعي للخوف فلن يحدث لكِ شيء على الأقل هذه الفترة، غدًا سوف يأتي الطبيب ويقوم بإزالة هذه الأربطة وبعد أن تتعافين بشكل كامل سيكون لنا حديثًا ٱخر.

غادر رائد هذه الغرفة وأشار لإحدى السيدات التي كانت تنتظره بالخارج وحدثها قائلاً:
—خذي هذا المال لكِ ولزميلتك هذه؛ فهو أجركما على جلب هذه الفتاة إلى هنا.

ابتسمت المرأة ونظرت إلى المال بسعادة غامرة ثم تحدثت قائلة:
—سيدي، ما إن تحتاج إلينا في شيء ما عليك سوى أن تقوم باستدعائنا على الفور.

أومأ رائد برأسه وأشار لهما بالخروج من الفيلا، ثم وقف ينظر إليهم ويتذكر ما حدث.

قبل أن يذهب رائد إلى المشفى التى من المقرر خروج جثمان ليلى منها قام بالاتصال بأحد رجاله وحديثه قائلاً:
—عزام، أريدك أن تقوم بإحضار امرأتان يقوما بالدلوف إلى المشفى وإخراج الفتاة التي تدعى ليلى، ثم قم بإحضارها إلى غرفة المخزن بالفيلا.

تعجب عزام وعلق قائلًا:
—سيدي، ولكن ما لو قاومت تلك الفتاة وظلت تصرخ وتطلب النجدة؟!

رائد بثقة تحدث إلى عزام وقال:
—لا تقلق بهذا الشأن لقد قمت بالاتفاق مع مدير المشفى على كل شيء، وسيتم تخدير الفتاة حتى لا تشعر بشيء، وفي ذلك الوقت سوف يقوم  بتعطيل كاميرات المراقبة لفترة بسيطة؛ تستطيع خلالها إخراج الفتاة من المشفى دون أن يعترضكم أحد.

ما إن تذكر رائد ذلك حتى علت الابتسامة وجهه وتحدث قائلاً:
—سيد صفوان ثابت المخادع سوف ترى ما الذي سيحدث لك ولإبنتك جزاءً لكما على ما فعلتم بي؛ فلست بالشخص الذي يسهل على أمثالك خداعه.

نظر رائد إلى عزام وقال:
—عزام، لقد أتممت المهمة بنجاح، أريدك أن تقوم بإحضار امرأة تثق بها، تقوم بإطعام تلك الفتاة وانتبه عليها جيدًا.

أومأ عزام برأسه وقد بدى عليه التعجب مما يفعله رائد؛ فهو لم يعتاد على رائد فعل شيئًا كهذا من قبل، فتحدث قائلًا:
سيدي، سوف أفعل ما تريد، ولكن هل لي أن أعرف ما الداعي لخطف تلك الفتاة ؟! لم أعهد عليك فعل شيئًا كهذا من قبل.

نظر رائد إلى عزام وحدثه قائلاً:
—هذا ليس من شأنك، أفعل ما أطلبه منك دون أن تسأل عن شيء.

شعر عزام بالحرج فتحدث قائلًا:
—حسنًا سيدي، أعتذر إليك، لكنني لم أقم بسؤالك هذه الأسئلة إلا لخوفي الشديد عليك.
دلف رائد إلى داخل المنزل، فاستقبلته شقيقته نغم بعناقها المعتاد ثم حدثته:
—أخي، حمدًا لله على سلامتك، ولكن يبدو عليك الحزن فما الذي جعلك تبدو حزينًا بهذا الشكل؟!

ربت رائد على رأس شقيقته ثم وضع ذراعه على كتفها وحدثها:
—بالطبع لابد لي أن أحزن ألن تغادر منزلي أجمل ابتسامة وتذهب إلى لندن؟

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—أخي، أعدك إنني سوف أعود، ولكن علي أن أبتعد فترة أنهي فيها دراستي هناك ثم أعود إليك لأعمل بإحدى شركاتك، وربما حينها أنشأ شركة خاصة بي، لكن حينها عليك أن تعلم أنني منافس قوي عليك أن احترس منه.
ضحك رائد وعلق قائلًا:
—ألم أخبرك أن بمغادرتك ستغادر الابتسامة معك، فلن أجد من يضحكني هكذا أو يجادلني بهذا الشكل.

تعجبت نغم ونظرت إلى أخيها ثم قالت:
—أخي، ماذا عن ليلى حبيبتك التي كنت تحدثني عنها؟!

تلألأت الدموع في عيني رائد وحاول أن يتجاهل هذه الدموع وتحدث قائلاً:
—لقد سافرت هي الأخرى، ولكن سفرًا بلا عودة.

تعجبت نغم وقالت:
—أخي، هل افترقتما؟!

أومأ رائد برأسه وبحزن يعتصر قلبه الحزين تحدث قائلاً:
—أجل ولكنها إرادة الله التي لا يمكنني أن أعترض عليها.
دنت نغم من شقيقها وأمسكت بيده ثم وضعت قبلة حانية عليها وقالت:
—أعلم أخي أنها هي التي خسرت ولست أنت؛ فلن تجد من هو مثلك.

ربت رائد على رأس نغم وحديثها:
—دعك من هذا الأمر واخبريني، هل قمتي بإعداد كل شيء؟

شعرت نغم بمدى الحزن الذي بداخل قلب شقيقها، وأن هذا ليس بالوقت المناسب لأن تسافر وتتركه وحيدًا يعتصره الحزن والألم فعلقت قائلة:
—أخي، سوف أبقى معك لبعض الوقت.

ابتسم رائد وتحدث قائلاً:
—حبيبتي، لا داعي للقلق بشأني، أخيك أقوى مما تتخيلين، تستطيعين السفر صباح الغد لقد قمت بحجز تذاكر السفر واتمنى لكِ التوفيق في دراستك.

عانقت نغم شقيقها وانهمرت الدموع من عينيها ثم نظرت إليه وقالت:
—أحبك أخي كثيرًا.
ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—وأنا أيضًا حبيبتي أحبك أكثر مما تتخيلين.
وفي اليوم التالي.

أصطحب رائد شقيقته إلى المطار واطمئن عليها حتى أقلعت طائرتها من المطار ثم استقل سيارته عائدًا إلى منزله.

وفي طريقه للعودة تلقى اتصالاً هاتفياً من عزام يخبره فيه قائلاً:
—سيدي، تلك الفتاة ترفض الطعام ولا تريد أن تتناول أي شيء.

أخذ رائد تفسًا عميقًا ثم حدثه قائلاً:
—لا عليك حين تضرع جوعًا ستطلب هي الطعام.

شعر عزام بالضيق فلديه أبنة في مثل عمرها فعلق قائلاً:
—سيدي، هذه فتاة مريضة ولابد من رعايتها رعاية خاصة.

غضب رائد بشدة وانفعل قائلاً:
عزام، إن كنت رقيق القلب لا تستطيع تحمل ما أطلبه منك يمكنك أن تترك العمل لغيرك.

صمت عزام قليلًا ونظر إلى ريهام عبر النافذة فشعر أن عليه البقاء من أجل أن يطمئن عليها؛ وحتى لا يأتي غيره فيقسو عليها فأسرع بالتحدث وقال:

حسنًا سيدي، سوف أفعل ما تريده لن اطعمها حتى تطلب الطعام.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—هذا هو عزام ذراعي اليمنى الذي لا يدين بالولاء لأحد سواي.

أنهى عزام حديثه مع رائد وأسرع إلى ريهام وحدثها متوسلًا:
—ابنتي، لا أعلم ما السبب وراء وجودك هنا؟ ولكن لدي فتاة في مثل عمرك، يقتلني القلق عليها كلما تأخرت في العودة إلى المنزل، لذلك فإن قلبي لا يطيق بقائك طوال هذا الوقت دون أن تتناولي شيء.

صمتت ريهام قليلًا ثم تحدثت قائلة:
—سيدي، أنا لأ أعلم لماذا يفعل رائد معي ذلك؟! ولكنني لا أريد أن أتناول شيء فأرجوا منك المعذرة، يبدو عليك أنك طيب القلب.

تلألأت الدموع في عين عزام فتحدث قائلًا:
—سوف أقوم بإطعامك بيدي فلا تجعلني أشعر بالخجل إذا قمتي برفض هذا الطعام.

لم تجد ريهام أمامها سوى أن وافقت وبدأت في تناول ما يقوم عزام بوضعه على فمها حتى شبعت فقالت:
— أيها العم الطيب لقد اكتفيت، لا أستطيع رؤيتك لأرى ملامحك ولكن يبدو عليك أنك شخص جميل وطيب القلب.

سمع عزام صوت السيارة الخاصة برائد فعلم أنه قد وصل إلى المنزل فأسرع بإخفاء الطعام وحديثها قائلاً:
—ابنتي، لقد وصل رائد للتوجه فلا تخبريه إنني قمت بإطعامك بنفسي.

أومأت ريهام برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا سيدي، لا تقلق بهذا الشأن.

غادر عزام الغرفة فإذا برائد يقابله ومعه الطبيب الذي جاء لفك الأربطة التي وضعت على وجه ريهام بعد عمليات التجميل التي أجريت لها.

دلف رائد إلى الغرفة وبرفقته الطبيب بينما ظل عزام واقفًا خارج الغرفة ينتظر ما سيحدث.

نظر رائد إلى ريهام وحديثها قائلاً:
—ريهام، لقد حضرت وبرفقتي الطبيب الذي سيزيل عن وجهك هذه الأربطة.

نظر الطبيب إلى المكان الذي تم إيداع ريهام به وقد بدى عليه التعجب فحدثه رائد وقال:
—سوف تقوم بعملك وتغادر فورًا دون أن تخبر أحد بشيء وإلا سوف أفعل ما قمت بإخبارك به.

أومأ الطبيب برأسه فقام رائد بإعطاؤه مبلغًا من المال وحديثه قائلاً:
—سوف أغادر الٱن وأنت قم بعملك وغادر على الفور.

غادر رائد مستقلًا سيارته، وقام الطبيب بإزالة كل ما كان على وجه ريهام من أربطة ثم حدثها قائلاً:
—هل تستطيعين رؤيتي بوضوح؟!
نظرت ريهام إليه وانفجرت في البكاء فأغمض الطبيب عينه حزنًا فتحدثت ريهام وقالت:
—أعتذر إليك فلا أستطيع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي