الفصل العاشر البحث عن الحقيقة

لم يشعر صفوان بما حدث لإبنته خارج الغرفة، فقد كان مشغول البال بشيء ٱخر ألا وهو التخلص من فهد الذي يعرف عنه الكثير، وصار يهدده ويعرض كل ما خطط له للفشل.

أستغل صفوان انشغال فهد بالنظر إلى المكان الذي تقف فيه ريهام؛ فقد انشغل باله عليها بعد أن رٱها تسقط على الأرض.

تسلل صفوان وما إن دنا من فهد حتى انهال علي رأسه بالتمثال النحاسي الذي كان يحمله في يده.

مما جعل فهد يسقط أرضًا وتتدفق الدماء من رأسه.

أسرع صفوان بالخروج من غرفة المكتب، ولكنه فوجيء بريهام على الأرض فاقدة الوعي.

أيقن صفوان في تلك اللحظة أن ريهام قد استمعت لحديثه مع فهد فأسرع بإستدعاء مهران (أحد رجال صفوان ثابت).

وما إن حضر مهران حتى تحدث إليه قائلاً:
—مهران، خذ هذه الفتاة وضعها في الغرفة السرية(القبو) حتى نرى ما الذي سوف نفعله معها؟.

ثم نظر صفوان إلى فهد وقال:
—أما هذا فعليك بدفنه بجوار الٱخرين، ولا تنسى ألا تجعل أحد يشعر بك.

أومأ مهران برأسه وعلق قائلًا:
—أمرك سيدي، سوف أفعل ما أمرتني به دون أن يشعر بي أحد.

في هذه الأثناء، دلف رائد وعزام إلى منزل صفوان، استقبلته الخادمة نجلاء فتحدث إليها قائلاً:
—من فضلك أخبري السيد صفوان إنني أريد أن أتحدث إليه في أمرٍ هام.

ابتسمت نجلاء وعلقت قائلة:
—حسنًا سيدي، سوف أخبره على الفور بذلك.

وقبل أن تذهب نجلاء لإخبار السيد صفوان نظر إليها رائد وحدثها قائلاً:
—نجلاء، هل عادت ريهام إلى المنزل؟!

تلألأت الدموع في عين نجلاء وتحدثت قائلة:
—سيدي، وهل يعود المتوفي؟! التي عادت هي الٱنسة ليلى.

ثم ذهبت لإخبار السيد صفوان وهي تردد وتقول:
—رحمة الله عليكِ يا ريهام، إنني أفتقدك بشدة يا حبيبتي.

تعجب رائد ونظر إلى عزام ثم علق قائلًا:
—عزام، هل سمعت ما قالته هذه الخادمة، كيف لهذه المرأة التي تعمل هنا منذ عدة سنوات لا تستطيع أن تميز بين ريهام وليلى؟!

علق عزام وقال:
—سيدي، هناك شيئًا لابد أن تعرفه، سوف أخبرك به ما إن نخرج من هنا.

نظر رائد باهتمام إلى عزام وشعر أن هناك أمر يتعلق بما يحدث فحدثه قائلاً:
—عزام،أشعر أنك خفي عني أشياء تتعلق بتلك الفتاة ولكن إن كان ذلك هناك شيئًا هاماً ولم تخبرني به، حينها سوف أحاسبك حسابًا عسيرًا.

ذهبت نجلاء إلى مكتب صفوان لإخباره ولكنها فوجئت بباب المكتب موصد من الداخل، طرق الباب وبعد فترة خرج عليها صفوان وقد بدى عليه الإرتباك ثم تحدث بغضب وقال:
—ما الذي جاء بكِ إلى هنا؟! ألا ترين المصباح الأحمر مضاء؟!
نظرت نجلاء إلى المصباح الأحمر ثم تحدثت قائلة:
—سيدي، أعتذر إليك لم أنتبه إلى هذا المصباح، والسيد رائد عز الدين يريد مقابلتك.

أومأ صفوان برأسه ثم علق قائلاً:
—حسنًا، إذهبي وأنا سألحق بكِ.

شعرت نجلاء أن هناك أمر يجري بداخل المكتب ولا يريدها السيد صفوان أن تعرفه، فأردت الدلوف إلى داخل المكتب قائلة:
—حسنًا سيدي، سوف أدلف لأخذ فنجان القهوة الذي بالداخل ثم اذهب على الفور .

منع صفوان نجلاء من الدلوف إلى داخل المكتب ثم دفعها بقوة وقال:
—دعي الفنجان وأخبري رائد إنني قادم إليه

تعجبت نجلاء من رد فعل السيد صفوان تجاهها، وشعرت أن بالمكتب شيء لا يريدها أن تعلمه.

عادت نجلاء وتحدثت إلى رائد وقالت:
—سيدي، إن السيد صفوان في طريقه إلى هنا.

ثم ذهبت إلى المطبخ وهي تحدث نفسها وتقول:
—لابد أن أعرف ما الذي جعله يدفعني هكذا حتى لا أدلف إلى داخل المكتب؟!

حضر صفوان ثابت ورحب برائد ثم حدثه قائلاً:
—لم اراك منذ أن كنا معًا بالمشفى، فهل حدث شيء جديد جعلك تأتي إلى هنا اليوم؟!

نظر رائد إليه وحديثه قائلاً:
— أعتذر إليك،لقد انشغلت عنك الفترة الماضية وجئت إليك لأطمأن عليك وعلى ليلى هل استطعت العثور عليها؟!
٠
نظر صفوان إلى رائد وحديثه قائلاً:
—للأسف لم أستطيع العثور عليها حتى الٱن، لا أعلم ما الذي حدث لها، مازال رجالي يبحثون عنها في كل مكان.

تبادل رائد وعزام النظرات، ثم علق رائد قائلاً:
—لا تقلق سوف أتولى أنا هذا الأمر ولن تراني إلا وهي معي.

صفوان وقد بدى عليه القلق تحدث قائلاً:
—لا داعي لأشغلك معي بهذا الأمر؛ إنني أعلم أن لديك الكثير من الأعمال التي تقوم بها.

تعجب رائد وتحدث قائلاً:
—سيد صفوان هل نسيت أن ليلى خطيبتي ومن حقي أن أعرف ما الذي حدث لها؟!

أومأ صفوان برأسه وتحدث قائلاً:
—حسنًا سوف أرجوا أن تكون أسعد جدًا وتعثر عليها.

نظر رائد إلى يد صفوان فإذا بٱثار دماء على أسورة القميص الخاص به، فصرف نظره عن يد صفوان حتى لا يلفت إنتباهه ثم حدثه قائلاً:
—حسنًا سيدي سوف أذهب للبحث عنها وأعدك إنني سوف أجدها.

غادر رائد منزل صفوان ثابت وثم نظر إلى عزام وقال:
—عزام، أنظر خلفك هل يقف صفوان في الشرفة ويتطلع إلينا؟

نظر عزام فإذا بصفوان بالفعل يقف في الشرفة، فعلق قائلًا:
—سيدي، إنه حقًا يقف في الشرفة وعيناه تنظران إليك.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—هذا رجل خطير، وعلى الرغم من أن ابنته بالمنزل إلا إنه ينكر ذلك ويدعي عدم العثور عليها، أتمنى ألا يكون قد أصابها مكروه.

تعجب عزام وعلق قائلًا:
—سيدي، أنني معك في أنه شخص غير مريح ويبدو عليه أن لديه ما يخفيه ولكنها ابنته فلا يمكنه أن يؤديها.

صمت رائد قليلًا حتى دلف إلى منزله، ثم تحدث قائلاً:
—لقد رأيت على أسورة القميص الخاص به بعض قطرات الدماء، مع إنكاره بأنه لا يعلم أين ابنته فهذا لا يبشر بخير هل تفهم ما اعنيه يا عزام؟

أومأ عزام برأسه وعلق قائلًا:
—سيدي، لديك الحق فيما تقول بدأ الشك والخوف يتسلل إلى قلبي بشأن هذه الفتاة المسكينة.

نظر رائد إلى عزام وحدثه قائلاً:
—مسكينة هل تعتقد بأن هذه الفتاة مسكينة حقًا؟!
ألم تغادر منزلي برغبها، إذن فهي تستحق ما سيفعله بها والدها.

عزام وقد بدى عليه الحزن تحدث قائلاً:
—سيدي، لا يمكن أن تتركها أو تتخلى عنها، لابد أن تساعدها أشعر أنها بمحنة وعلينا أن نساعدها.

نظر رائد إلى عزام وقد بدى عليه التعجب ثم تحدث قائلاً:
—عزام أريد أن أعرف ما الذي يجعلك متعاطفًا إلى هذه الدرجة معها؟!

نظر عزام إلى رائد وبعد تردد قرر أن يصارحه بكل شيء فلم يعد هناك داعي لإخفاء الأمر؛ خاصة وأن حياة ريهام أصبحت معرضة للحطر، فتحدث قائلًا:
—سيدي، لم يعد هناك داعي لإخفاء هذا الأمر عليك، أعلم إنني أخطات؛ لعدم إخبارك بما حدث ولكنها كانت رغبة ريهام، أما الٱن فصاحبة الشأن في خطر.

نظر رائد باهتمام شديد، ثم علق قائلاً:
—عزام، تحدث على الفور وأخبرني بما تريده.

تحدث عزام وقال:
—سيدي، حبيبتك ليلى هي نفسها ريهام.

نظر رائد إلى عزام وقد بدى عليه التعجب والذهول ثم تحدث قائلاً:
—ليلى هي نفسها ريهام! كيف يكون ذلك؟!

واصل عزام حديثه وتحدث قائلاً:
—سيدي، لقد تفاجأت ريهام عندما لم تتعرف عليها بعد أن أزال الطبيب ما على وجهها من أربطة، وبعد أن غادرت طلبت مني أن أحضر لها مرٱة.

تابع رائد ما يقوله عزام باهتمام شديد، بينما واصل عزام حديثه قائلاً:
—عندما قمت بإحضار المرٱة ونظرت ريهام إلى وجهها للمرة الأولى بعد الحادث شعرت بصدمة أفقدتها وعيها؛ لقد رأت وجه شقيقتها ليلى في المرٱة.

نظر رائد إلى عزام نظر مليئة بالترقب والذهول ثم حدثه قائلاً:
—عزام ما الذي تعنيه من قول أن  ريهام رأت وجه شقيقتها في المرٱة.

علق عزام وقال:
—سيدي، لقد أخبرتني ريهام بعد ذلك أن والدها هو الذي قام بإعطاء الأطباء الأجانب صورة لأختها ليلى فتغيرت ملامحها لتصبح قريبة جدًا من ملامح شقيقتها.

شعر رأئد بحيرة فتحدث إلى عزام وقال:
—عزام، هناك شيء لا أستطيع استيعابه، بعد أن قام صفوان بإعطاء صورة خاصة بالراحلة ليلى، وتم تغيير ملامح ريهام لتصبح شبيهة بشقيقتها كيف لم أتعرف عليها وأنا أعرف ليلى جيدًا؟!

ربت عزام على كتف رائد وعلق قائلًا:
—هذا ما أرادت ريهام أن تعرفه دون أن يخبرك به أحد.
نظر رائد نظرة مليئة بعدم الإستيعاب ثم تذكر عندما كانت تقف تستمع إلى  أنشودة الحب، وعندما كانت تركب الأرجوحة وأمسكت بيده ثم قالت:"أنت تشعر بالتوتر فنبضات قلبك مرتفعة".

تذكر  رائد تلك المواقف ثم نظر إلى عزام وتحدث قائلاً:
—عزام هل تعني أن ريهام هي حبيبتي ولكن كيف حدث ذلك؟!

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—سيدي، لقد اضطرت ريهام للكذب عليك عندما أخبرتك أن أسمها ليلى وأنها تبلغ من العمر خمسة وعشرون عامًا.

تعجب رائد وعلق قائلًا:
—ولكن ماذا لم تخبرني منذ اليوم الأول أنها ريهام وليست ليلى؟!

صمت عزام قليلًا فحدثه رائد وقال:
—عزام، لابد أن تخبرني بكل شيء، أنا معرض أن أفقدها للمرة الثانية.

لم يجد عزام أمامه سوى أن تحدث قائلاً:
—سيدي، ريهام فتاة ليست كما تبدو لك، فهي تبغ من العمر سبعة عشر عامًا؛ لذلك خشيت أن تعرف فترفض الارتباط بها.

أمسك رائد برأسه وضحك ساخرًا ثم قال:
—ريهام هي الفتاة الوحيدة التي أحببتها  أكتشف الٱن أنها فتاة صغيرة تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً.

عزام لم ألاحظ عليها أنها صغيرة، لقد كانت كأميرة الأحلام، عندما تتحدث تشعر أنك لا تريد أن تستمع لشيء ٱخر غير صوتها، عندما كنت أنظر إليها كنت أطيل النظر إليها ولا أريد أن أنظر لشيء أخر، كيف لم ألاحظ ذلك؟!

علق عزام وقال:
—حبها الشديد لك هو الذي دفعها إلى إخفاء عمرها الحقيقي والتظاهر بأنها ليلى حتى تحتفظ بك.

صمت رائد قليلًا ثم تحدث قائلاً:
—سبعة عشر عاماً هذا يعني أن عمري ضعف عمرها تقريبًا، لكن ليس الوقت مناسبًا لهذا الأمر؛ فهناك حياة معرضة للخطر وعلينا إنقاذها.

وما إن أنهى رائد حديثه حتى وجد جاسر يدلف عليه ويخبره قائلاً:
—سيدي، يقف بالخارج رجل يود لقائك.

نظر رائد بتعجب ثم علق قائلاً:
—من يكون هذا الشخص وما الذي يريده؟!

جاسر يجيبه قائلًا:
—سيدي، لقد رفض أن يخبرني بأي معلومة بما في ذلك أسمه واكتفى بقوله:"أخبره إنني أريده  في أمر هام.

أومأ رائد برأسه ثم تحدث قائلاً:
—حسنًا أدخله حتى نرى من يكون وما ذلك الأمر الهام الذي يريد التحدث إلي فيه؟!

ذهب جاسر وسمح للرجل بالدلوف إلى داخل فيلا رائد عز الدين، وقف رائد وبجواره عزام ينتظران ذلك القادم فما إن دلف إلى داخل المنزل حتى تعجب رائد من هيئته، التي جعلته يتبادل النظر إلى عزام ويقول:
—من هذا الرجل وما الذي أصابه؟!

فإذا بالرجل يجيب عن جميع التساؤلات التي تدور برأسهم وتحدث قائلاً:
—السلام عليكم.

بدله رائد وعزام التحية وعلقا:
—وعليكم السلام.

تحدث الرجل بجدية تامة وقد بدى عليه التعجب والأنهاك وقال:
—سيدي، أعتذر عن قدومي إلى هنا بلا موعد ولكن الأمر خطير ويتعلق بريهام.

نظر رائد إليه، وما إن سمع أن الأمر يتعلق بريهام حتى أشار له بأن يكمل حديثه، فواصل الرجل حديثه قائلاً:
—سيدي، أدعى فهد كنت أحد رجال صفوان المقربين  أو كما يقولون كنت كذلك قبل أن أوجهه بالحقيقة المؤلمة.

نظر رائد إلى فهد الذي بدأ جرحه ينزف مجددًا وبدأ يترنح من كثرة الدماء التي فقدها فأسرع ٱليه رائد وعزام وامسكا به.

نظر رائد إلى عزام وحدثه قائلاً:
—عزام، أسرع بإستدعاء الطبيب وأخبره أن يحضر إلى هنا على الفور.

حاول فهد التحدث فحدثه رائد قائلاً:
—من فضل قم بتأجيل أي حديث حتى يحضر الطبيب فإصابتك خطيرة والجرح ينزف بشدة، ولكن من الذي فعل ذلك بك، يبدو أنك تعرضت لضربة قوية بٱلة حادة.

ومع  شدة الألم التي يحاول فهد تحملها رغمًا عنه حتى يتحدث إلى رائد ويخبره بما جاء من أجله، وذلك الدم الذي بدأ يتدفق مجدد من رأسه شعر فهد بدوار شديد أفقده الوعي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي