الفصل التاسع المؤامرة

شعر الأب بالخجل وبأنه أخطأ عندما قام بتزوير الحقائق، ولكنه أبى أن يعترف بخطأه فتحدث قائلًا:
—أجل ابنتي الحبيبة ليلى، حمدًا لله على سلامتك لقد بحثت عنك في كل مكان، أين كنتِ؟

تلألأت الدموع في عين ريهام وتحدثت قائلة:
—أبي، أنا لست بليلى ولو أصر الجميع على إنني ليلى، أنت الوحيد الذي يعلم من أنا.

صمت الأب قليلًا ولكن مع إصرار ريهام تحدث إليها بغضب وقال:
—لقد فعلت ذلك لمصلحتك، وأكبر دليل على ذلك هو إسراع رائد بإحضار طاقم طبي من لندن خبراء في عمليات التجميل وعلاج الحروق، لعلاجك ظنًا منه أنكِ خطيبته، فلا تقومي بحسابي على شيء فعلته من أجل مصلحتك.

دنا الأب من ريهام،  ثم أمسك برأسها وجذبها إلى المرٱة ثم علق قائلاً:
—انظري،لولا تلك الكذبة لما كان وجهك بهذا الجمال، حينها لم يكن أحد ليتعرف على ملامح وجهك الأصلية، كنتي سترين نظرة الشفقة والخوف في عيون كل شخص ينظر إليكِ.

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—أبي، لماذا فعلت ذلك بي؟! ألم تكن قادرًا على فعل كل ما فعله رائد، ألست أولى بعمل ذلك، وأن تقوم أنت بجلب ذلك الطاقم الطبي؟! وتجعلني أحتفظ بملامحي وشخصيتي.

صمت الأب قليلًا ثم تحدث قائلاً:
—ابنتي، لقد تعرضت لأزمة مالية كبيرة وفقدت الكثير من أموالي في البورصة لذلك لم يكن بمقدوري أن أحضر لكي ذلك الطاقم الطبي الذي تكلف رائد كافة التكاليف الخاصة به.

دلفت ريهام إلى غرفة شقيقتها ليلى، نظرت إلى الجدران فإذا باللوحات الخاصة بليلى في كل مكان بالغرفة.

وقفت أمام المرٱة ونظر إلى وجهها وقالت:
—ليلى، لقد تظاهرت بأنني أنتِ أمام رائد لم أتعمد ذلك ولكن لخوفي الشديد من فقده عندما يعرف عمري الحقيقي أخبرته إنني ليلى وأن عمري خمسة وعشرون عامًا لم أعلم أن القدر يخبأ لي أكثر من مجرد كنية أو عمر، وأن يؤول لي كل شيء خاص بكِ حتى وجهك.

عاد رائد إلى منزله وما إن علم بهروب ريهام حتى غضب غضبًا شديدًا، ثم نظر إلى عزام وحدثه قائلاً:
—عزام أين كنت عندما غادرت ريهام المنزل.

نظر عزام إلى رائد وحاول تهدئته ثم تحدث قائلاً:
—سيدي، لقد كنت بالمرحاض ولكن لا تقلق فلن تستطيع ريهام أن تخبر أحد بما فعلته بها.

ثار رائد وأمسك بسترة عزام وقال:
—هذه الفتاة تظن أنها بعودتها إلى منزلها ستكون بأمان، عزام ريهام في خطر.

تعجب  عزام وقد بدى عليه الذهول ثم تحدث قائلاً:
—سيدي، ما الذي تقوله؟!

ترك رائد سترة عزام وتحدث قائلاً:
—لابد أن أذهب إلى منزل صفوان ثابت وأحاول أن أستردها بأي ثمن.

عزام لا يعلم ما الذي حدث وتسبب في أن يغير رائد نظرته لريهام لهذه الدرجة، فتحدث قائلًا:
—سيدي، أما زلت تنوي الإنتقام منها؟

نظر رائد نظرة حادة مقتضبة ثم علق قائلاً:
—ليس هذا بالوقت المناسب للتحدث في هذا الأمر، لقد تم قطع مكابح السيارة الخاصة بها مما ترتب عليه وقوع الحادث ووفاة شقيقتها.

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—هذا يعني أنها لم يكن لها أي ذنب فيما حدث لشقيقتها.

أومأ رائد برأسه ثم تحدث قائلاً:
—يبدو ذلك ولكنها لا تعرف حقيقة ما حدث لذلك تشعر بتأنيب الضمير وتعتقد أنها السبب فيما حدث.

خطر على بال عزام أن يخبر رائد بالحقيقة وأن ريهام هي حبيبته وليست ليلى، ولكنه تذكر الإتفاق الذي حدث بينه وبين ريهام فإلتزم الصمت، بينما تحدث رائد وقال:
—عزام لابد أن أذهب إلى منزل ذلك الرجل الحقير الذي يدعى صفوان ثابت، لأعرف ما الذي ينوي فعله.

ريهام جالسة تتصفح دفتر الذكريات الخاص بشقيقتها فجأة تسمع طرق على باب الغرفة، أسرعت إلى باب الغرفة وقامت بفتح فإذا بفهد الذراع اليمنى لوالدها نظرت ريهام بتعجب وتحدثت قائلة:
—فهد، ما الذي جاء بك إلى هنا؟!

نظر فهد إليها وحاول الاقتراب منها ولكنها قامت بدفعه ونهرته قائلة:
—فهد، ما الذي تفعله هل جننت؟!

تعجب فهد وتحدث قائلاً:
—ليلى، لقد اشتقت إليكِ كثيرًا، كاد الجنون أن يصيبني عندما عرفت بما حدث لكِ.

تعجبت ريهام وقالت:
—فهد، ما الذي تقوله؟! كيف تتجرء وتتحدث معي بهذه الطريقة؟!

فهد أمسك بيد ريهام وحدثها قائلاً:
—حبيبتي، لا تقلقي سوف أقوم بتدبر الأمر اليوم سوف أقوم اليوم بالتحدث إلى والدك وعرض أمر الزواج عليه، لابد أن يربى ولدنا بيننا ولا داعي للتخلص منه؛ فإنه ثمرة حبنا وليس خطأ وغلطة كما تحدثتي إلي من قبل.

تذكرت ريهام تلك المكالمة الهاتفية التي أجرتها شقيقتها ليلى قبل الحادث، وذلك الشخص الذي كانت تتحدث إليه وتخبره أنها سوف تتخلص من الجنين الذي حملت به وأن ما حدث كان خطأ كبير.

همست ريهام في نفسها وقالت:
—هل يمكن أن يكون فهد هو ذلك الشخص؟!

فجأة خطر ببال ريهام خطة فتحدثت إلى فهد وقالت:
—فهد، ألا أبدو لك مختلفة بعض الشيء عن ذي قبل؟

نظر فهد إليها وتحدث قائلاً:
—أجل لقد شعرت بذلك، فأنتِ لم تقابليني بهذا البرود من قبل، ولم إعتاد منكِ أن تقفي تتحدثي معي على باب الغرفة دون أن تقومي بجذبي إلى داخل الغرفة كعادتك.

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—فهد، أنا لست بليلى.

تعجب فهد ونظر إلى ريهام ثم تحدث قائلاً:
—ليلى ما الذي تقولينه؟!

نظرت ليلى إلى فهد وتحدثت قائلة:
—فهد، أنظر إلى عيني جيدًا، هل هذه هي عين ليلى؟

نظر فهد إلى عين ريهام وتحدث قائلاً:
—ألا ترتدين عدسات لاصقة؟!

اومأت ريهام رأسها بالنفي وقالت:
—لا لم أرتدي عدسات لاصقة، فهد إنني ريهام ولست بليلى.

شعر فهد بالذهول وتمتم بكلمات غير مفهومة، ثم أمسك بيد ريهام ونظر بها وقال:
—أنتِ حقًا لستِ بليلى؛ ليلى كانت تضع وشمًا على ذراعها، ولكنك لست بريهام أيضًا، فمن تكوني؟!

همسات ليلى إليه وقالت:
—فهد، عندما تعرضنا لذلك الحادث توفيت شقيقتي ليلى وتشوه وجهي فطلب خبراء التجميل صورة لي، ولكن والدي قام بإعطاء صورة ليلى للخبير الأجنبي وهو ما تسبب في هذا الشبه الكبير بيني وبينها.

فهد وقد بدى عليه الذهول والصدمة تحدث قائلاً:
—هل يمكن لشيء كهذا أن يحدث؟! كيف استطاعوا تغيير ملامحك إلى ملامح أخرى؟!

علقت ريهام وقالت:
—لقد حدث بالفعل، ولكنني كنت أود أن شيء منك، ما هو الموقف المالي لوالدي؟

علق فهد وقال:
—إنه جيد جدًا، ولكن لماذا تسألين هذا السؤال؟!

علقت ريهام وقالت:
—فهد، أريدك أن تساعدني في معرفة السبب الذي دفع والدي أن يقوم بإعطاء صورة ليلى لخبير التجميل.

أومأ فهد برأسه وعلق قائلًا:
—حسنًا، ولكن هذا ربما يتطلب مني أن أقوم بإستفزاز والدك ومحاولة ابتزازه حتى يعترف لي بما حدث.

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—افعل ما شئت سوف أقف بجانبك حتى تنجح في مهمتك.

وبالفعل ذهب فهد إلى صفوان وحدثه قائلاً:
—سيدي، كنت أود التحدث إليك في أمرٍ هام.

نظر صفوان إلى فهد بإنتباه شديد ثم علق قائلاً:
—وما هو هذا الأمر الهام؟!هل تريد نقودًا؟

ابتسم فهد وعلق قائلًا:
—أريد شيء أغلى من النقود، أريد أن أتزوج من ابنتك ليلى.

وقف صفوان مصدومًا، فنظر إلى فهد وعلق قائلًا:
—فهد، اعتقد إنني لم أسمع جيدًا لما تحدثت به فهل يمكنك أن تعيد ما قلته؟

ابتسم فهد وأعاد حديثه وقال:
—أريد أن أتزوج من ابنتك ليلى.

ثار صفوان في وجه فهد وحدثه بغضب وقال:
—كيف تجرؤ على طلب كهذا، هل نسيت من تكون أيها الحقير؟!

ابتسم فهد وتحدث بهدوء وثقة قائلاً:
—لا لم أنسى من أكون، إنني فهد أحد أهم رجالك وكلام أسرارك وزوج ابنتك ووالد الطفل الذي بداخل رحمها.

وقف صفوان مصدومًا، فدنا منه فهد وهمس في أذنه قائلاً:
—لا تقلق فلن أخبر أحد بذلك، إلا في حالة رفضك لطلبي حينها سوف أقدم المستندات التي لدي إلى الشرطة وأطلب زوجتي.

تعجب صفوان ثم تحدث قائلاً:
—أريد أن أعرف ما الذي لديك من مستندات؟!

ابتسم فهد وعلق قائلًا:
—لدي عقد زواج عرفي موقع من ابنتك ليلى.

ابتسم صفوان وتحدث قائلاً:
—اذهب وافعل ما تريد حينها سوف أشكك في صحة هذا العقد واتهمك بالتزوير، ليس هذا فحسب سوف أخبرهم أن هذا التوقيع ليس توقيع ابنتي ليلى.

ثم إلتفت صفوان بعد ذلك وأعطى ظهره لفهد الذي فاجأه بحديثه وهو يضحك ساخرًا وتحدث قائلا
—حينها سوف تكون صادقًا فلن يحدث تطابق بين توقيع ليلى على عقد الزواج والتوقيع الذي ستقوم  ابنتك بتوقيعه، لسبب بسيط أنها ليست ليلى الحقيقية.

وعلى الفور إلتفت صفوان إلى فهد وتحدث قائلاً:
—فهد، ما الذي تقوله؟! ابنتي ليلى هي ابنتي ليلى ولا يوجد ابنة حقيقية وأخرى مزيفة.

صفق فهد بيده وعلق قائلًا:
—أنت تصر على خداعك لي، مع العلم إنني أكثر شخص يعرفك جيدًا، سوف أطلب اخراج جثة ليلى الحقيقية من قبرها وإعادة تشريحها لأثبت صحة أقوالي، ليس هذا فحسب بل سأطلب اجراء تحليل (الدي إن أيه)، وحينها سوف يفتضح أمرك.

شعر صفوان بالقلق وبأن فهد بما يعرفه من معلومات سوف يسبب له الكثير من الضرر، فاتجه صوب المكتب وأمسك بتمثال من النحاس موضوع على مكتبه، ثم حدثه وقد أعطى ظهره له وقال:
—فهد أن تعلم عني أكثر مما أظن، كنت أعتقد إنك أوفى رجالي ولكن يبدو أنني خدعت فيك وقمت بخيانتي عندما أقمت علاقة بينك وبين ابنتي من وراء ظهري.
شعر فهد بحركة عند باب المكتب فنظر إلى هناك ليجد ريهام وقد وقفت لتستمع لما سيقوله والدها، فأشارت له بأن يستمر في استفزازه.

أومأ فهد برأسه وتحدث قائلاً:
—ربما أخطأت عندما تزوجت بليلى عرفيًا دون أن أخبرك بهذا الأمر، ولكن كان ذلك بناءً على رغبة ليلة التي أصرت على عدم معرفتك بالأمر، ولكن أريد أن أعرف لماذا فعلت ذلك بإبنتك ريهام؟!

ابتسم صفوان وقد قبض يده على التمثال النحاسي ثم علق قائلاً:
—لقد فعلت ذلك حتى أقوم بخداع ذلك الأبله رائد عزالدين وأجعله يتزوج منها بصفتها ليلى وليست ريهام، ليس هذا فحسب بل لأنهي الوجود الرسمي لريهام في هذه الحياة ومن ثم تؤول تلك الثروة التي تمتلكها إلي.

وقفت ريهام وقد وضعت يدها على فمها ودموعها منهمرة على خدها من هذه الكلمات القاسية التي تحدث بها والدها، شعرت بأنه لا يربطها بهذا الرجل سوى الأموال، وأنه لا يشعر بأي عاطفة تجاهها سوى أنها شيء يجب استغلاله، شعرت بدوار شديد ثم سقطت على الأرض فاقدة لوعيها.

،
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي