الفصل الرابع عشر حفل زفاف

في الوقت الذي تعتقد فيه أن جميع الأبواب موصدة في وجهك، عندما تشعر أن الحياة لم تعد تبتسم لك، وأن قلبك أصبح في حنجرتك، سيأتي الفرج فلا تيأس من تدابير الله، الذي يدبر لك كل أمورك بما لا تتوقعه بل بأفضل مما كنت تتمناه فلا تتعجل أمر فربما أخره الله عنك رحمة بك.

جلس رائد ينتظر قدوم ريهام التي تتمنى أن يحدث ما يتمناه قلبها، وتصبح زوجة لرائد عز الدين، ولكنها في نفس الوقت تخشى أن يخبرها رائد بشيء  عكس ما تريده.

فجأة شعر رائد بقدومها فعلت الابتسامة وجهه ثم أشار لها بالجلوس بالمقعد المجاور له قائلاً:
—ريهام إجلسي بجواري فلدي ما أود التحدث إليكِ بشأنه، ولكن سوف أتحدث معكي بعد أن تتناولي إفطارك فإنني أخشى إن حدثتك تفقدي شهيتك.

شعرت ريهام بالقلق وبدى عليها التوتر ثم نظرت إليه وقالت:
—رائد ما الذي تود التحدث معي بشأنه؟!

بدى رائد بملامح جدية وحدثها قائلاً:
—لقد أخبرتك إنني سوف أتحدث معكِ بعد أن نتناول الٱفطار، فتناولي إفطارك حتى تستطيعي معرفة ما أود التحدث فيه معك.

جلست ريهام تتناول افطارها بسرعة، وما إن فرغت من طعامها حتى جلست تنظر إليه تترقب ما سيقوله، ولكنها فوجئت به مازال يتناول طعامه.

اختلس رائد النظر إليها وحاول أن يسيطر على ابتسامته، فتحدثت إليه وقالت:
—ها قد فرغت فما الذي تود التحدث فيه؟!
نظر رائد إليها وحدثها قائلاً:
—لقد فرغتي من طعامك، فماذا عني؟! ألا يمكنك الانتظار حتى أنتهي من طعامي أنا أيضًا؟!

أومأت ريهام برأسها وقالت في غضب:
—حسنًا، تفضل تناول طعامك  وسوف انتظرك، ولكن على ما يبدو أن شهيتك اليوم مفتوحة للغاية.

لم يستطيع رائد السيطرة على ضحكته فانفجر ضاحكًا ثم علق قائلاً:
—أنتي تتعاملين معي كما يتعامل الأطفال مع ٱبائهم.

نظرت ريهام إلى رائد نظرة حادة مقتضبة وهمست في نفسها وقالت:
—مما يبدو فإن الأمر لا يبشر بخير.

بدأت ريهام تشعر بالضيق وقد أصبح ذلك واضحًا على ملامح وجهها وظلت شاردة لا تنطق بكلمة واحدة.

لاحظ رائد شرودها وملامح وجهها المقتضبة فحدثها قائلاً:
—تؤلمنا الحقيقة أحيانًا، ولكنها الحقيقة التي لابد لنا أن نعرفها جيدًا.
دنا رائد منها وهمس إليها قائلاً:
—هل تعلمين كم أبلغ من العمر؟

نظرت ريهام وقد تلألأت الدموع في عينيها ثم تحدثت قائلة:
—أعلم ومنذ اليوم الأول وأنا أعلم ولكن على مدار العدة شعور السابقة لم تلاحظ إنني اتصرف معك كالطفلة ولكنك منذ أن علمت بعمري الحقيقي أصبحت في عينك طفلة صغيرة، ولكنني لست بطفلة إنني فتاة لي قلب ومشاعر وعليك باحترام مشاعري.

انهمرت الدموع من عين ريهام فأسرعت إلى غرفتها ولكنها فوجئت برائد وهو يصيح عليها ويقول:
—ريهام، هل تقبلين الزواج بي؟

إلتفتت ريهام ونظرت إليه ثم تسمرت في مكانها وانفجرت في البكاء.

أسرع رائد إليها وقام بمعانقتها وهمس في أذنها قائلاً:
—ألم أخبرك أنك تتعاملين كالأطفال؟

ضحكت ريهام وعانقت رائد ثم علقت قائلة:
—أجل طفلة هل لديك مانع؟!
ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—لا ليس لدي أي مانع سوف تكونين ابنتي وحبيبتي وزوجتي وكل حياتي.

أخرج رائد خاتم الخطبة من جيبه وقام بوضعه في إصبع ريهام فسمع صوت عزام الذي دلف إلى داخل المنزل وهو يقول:
—كيف تقوم بتقليد ابنتي بخاتم الزواج دون أن تأخذ موافقتي؟!

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—لن يتم شيء بدون موافقتي يا والدي.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—ألم أخبرك قبل أن أفاتحها بأمر زواجي منها؟! فلا داعي لرد الفعل المبالغ فيه.

دنا عزام من ريهام ورائد ثم حدثهم قائلاً:
—اتمنى لكم حياة سعيدة مليئة بالحب والإستقرار.

وضع رائد ذراعه على كتف ريهام ثم حديها قائلاً:
—ما رأي حبيبتي في أن يتم عقد القران الخاص بنا يوم الخميس القادم؟

نظرت ريهام إلى رائد وقد بدى عليها الذهول وعلقت قائلة:
—رائد الخميس القادم لم يتبقى عليه سوى يومان فقط لن أستطيع الإنتهاء من التجهيزات خلال هذه الفترة القصيرة جداً.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—أية تجهيزات هذه؟! كل ما تريدنه سوف يكون أمامك خلال لحظات معدودة، فلا داعي لتأخير زواجنا.

نظرت ريهام إلى عزام الذي أومأ برأسه ثم نظرت إلى نجلاء وولاء فأومأت كلًا منهما برأسها فتحدثت ريهام وقالت:
—حسنًا موافقة.

علت الزغاريد فيلا رائد عز الدين وبدأت التجهيزات لحفل زواج ريهام ورائد.

يوم الزفاف.

أنتهت التجهيزات وأصبح الجميع يترقب الإحتفال بالزواج المرتقب.
تم تزيين الطاولات الخشبية بمزيج من الزهور المجففة والطبيعية، بالإضافة إلى البامباس لإضافة لمسات طبيعية على المكان.

كانت التفاصيل والإكسسوارات بألوان طبيعية وترابية، ولمسات في غاية الروعة والأناقة، كما زينت المكان مثلثات خشبية جميلة تشبه الخيام، فقد أصبحت حديقة الفيلا مكانًا رائعًا لإقامة حفل زفاف في غاية الروعة.

وقف جاسر يرتدي ملابسه لحضور عقد القران فجأة سمع صوت الهاتف أمسك بهاتفه فإذا بنعم وقد أرسلت إليه رسالة تحتوي على بعض الصور الخاصة بها مع نفس الشاب الذي كانت قد أرسلت له صورة في المرة السابقة، قرأ جاسر الكلمات التي قامت نغم بكتابتها أسفل الصورة.

أخذ جاسر نفسًا عميقًا ثم قرأ ما تحتوي عليه الرسالة وقال:"أعيش حياة سعيدة مع حبيبي واستمتع بها، ولم أعد افكر فيك".

ابتسم جاسر بعد أن انتهى من قراءة هذه الرسالة، ثم علق قائلًا:
—تداومين على إرسال مثل هذه الرسائل إلي، يبدو عليكِ أنكِ لم تعدِ حقًا تفكري بي، يا لكِ من مسكينة تتحدثين بشيء وتفعلين نقيضه تمامًا!

ريهام داخل غرفتها وقد ارتدت ثوب الزفاف الذي كانت تحلم بإرتدائه، أنهت خبيرة التجميل عملها وغادرت فوقفت العروس تنتظر قدوم عريسها وقد بدأت في غاية الجمال والأناقة.

علت الزغاريد وأسرعت نجلاء إلى ريهام أخبرها وتقول:
—سيدتي، لقد حضر المأذون، بعد دقائق معدودة سوف تصبحين زوجة السيد رائد عز الدين رسميًا.

ابتسمت ريهام وقد بدت السعادة واضحة على وجهها وتحدثت قائلة:
—نوجا، اتمنى أن يمر هذا اليوم على خير وبدون أية مفاجأت تفسد سعادتي.

ربتت نجلاء على يد ريهام وقالت:
—حبيبتي، لا داعي للقلق فكل شيء سيمر على خير وستكونين في غاية السعادة.

دلف عزام إلى داخل الغرفة ثم نظر إلى ريهام وقال:
—ابنتي، مبارك عليكي لقد أرسلني المأذون لأعرف من الشخص الذي سوف تقومين بتوكيله حتي يكون وليك في هذه الزيجة.

نظرت ريهام وعلت الابتسامة وجهها ثم علقت قائلة:
—ومن غيرك يمكنني أن أثق فيك وأجعله وكيلًا لي يا أبي.

ابتسم عزام ودنا من ريهام ثم وضع قبلة حانية فوق جبينها، وقال:
—مبارك عليكِ يا حبيبتي اتمنى لكي حياة سعيدة مستقرة.

غادر عزام الغرفة وبعد قليل علت الزغاريد وطرق رائد باب الغرفة على عروسه وما إن دلف حتى علت الابتسامة وجهه وتحدث قائلاً:
—من الٱن فصاعد أنتِ ريهام عزالدين زوجة رائد عزالدين، أعدك إنني سوف أعمل جاهدًا لإسعادك.

ثم دنا منها وقام برفع البرقع الذي يعطى وجهها ووضع قبلة على جبينها ثم تحدث قائلاً:
—هيا بنا فالجميع ينتظرون في الخارج لرؤية أجمل عروس على وجه الأرض ليقوموا بتهنئتها.

شعرت ريهام ببعض التوتر ولكن ما إن أمسك رائد بيدها حتى ذهب عنها القلق والتوتر وعلت الابتسامة وجهها.
غادر رائد الغرفة وهو ممسك بيد ريهام ونزل من على الدرج على انغام الموسيقي.
كانت ريهام تشعر بسعادة غامرة غمرت قلبها وأضافت إليها جمالًا فوق جمالها.

بدأ المدعوون يقومون بتقديم التهاني والهدايا إلى العروسين ثم بدأت فقرات حفل الزواج وجاءت الفقرة التي كانت تحلم بها ريهام دائمًا، ألا وهي تلك الرقصة التي يؤديها العروسين معًا على انغام  الموسيقى الرومانسية التي شعرت خلالها أنها نجمة في السماء الحب.ب

نظرت ريهام إلى رائد الذي كان يشبه إلى حد كبير فارس الأحلام الذي يأتي ويخطف حبيبته على فرسه الأبيض.

ضم رائد عروسه إلى صدره وهمس إليها قائلاً:
—تبدين في غاية الروعة.

ابتسمت ريهام وعانقت زوجها وهمست إليه قائلة:ب
—إن كان هذا حلمًا فأتمنى ألا اصحو منه، أما إن كان حقيقة فأنا وأنا معك أسعد إنسانة على وجه الأرض.

انتهى حفل الزفاف وبدأت حياة جديدة تجمع بين الزوجين السعيدين، يتمنى كلًا منهما أن يعينه الله حتى يسعد شريك حياته ولكن حدث ما لم يكن يتوقعه أحد، لقد تمكن صفوان ومهران من الهروب
بعد أن علم بأمر زواج ريهام برائد.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي