الفصل الرابع والعشرون السر الغامض

وقفت نغم مذهولة من رد فعل شقيقها رائد؛ لم تكن تتوقع نعم أن يوافق رائد على السفر إلى القاهرة وترك ريهام معهم في لندن.

علت الابتسامة وجهها وتحدثت إلى شقيقها قائلة:
—أخي، ما الذي تقوله؟! هل حقًا سوف تقوم بترك ريهام هنا وتعود إلى القاهرة؟!

أومأ رائد برأسه وعلق قائلًا:
—ألم تقترحي علي ذلك فلماذا يبدو عليكِ التعجب إذن؟!

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—أجل لقد اقترحت عليك ذلك ولكنني لم اتوقع إنك ستوافق على ذلك.

نظر رائد إلى شقيقته وحدثها قائلاً:
—لقد بدأ الأمل يعرف طريقه إلى قلبي، ورأيت مدى اهتمامكم بريهام ولمست ذلك من أمي ليلة أمس، فشعرت برغبة في الحفاظ على مكانتي في مجال العمل حتى تعود ريهام وتكون فخورة بزوجها.

ابتسمت نغم وعانقت شقيقها ثم تحدثت إليه وقالت:
—هذا هو رائد عزالدين الذي أعرفه، كم أشعر بالفخر لكونك أخي.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—سوف أذهب لاتفقد ديانا ولأخبرها بأمر سفري.

نظرت نغم إلى شقيقها والسعادة واضحة على ملامحها؛ بعد أن رأت شقيقها بدأ يعود لطبيعته، ثم تحدثت قائلة:
—أخي،انتظر  سوف ٱتي معك لأطمئن على ريهام.

نظر رائد إلى نغم وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
—سوف أذهب أولًا إلى غرفة ديانا، يمكنك أن تذهبي إلى غرفة ريهام وسوف ألحق بكِ.

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—أخي، ديانا بغرف ريهام، فمنذ أن استيقظت ذهبت إلى غرفة ريهام ولم تغادرها حتى الٱن.

نظر رائد إلى نغم وقد بدى عليه التعجب، ثم غادر الغرفة متجهًا إلى غرفة ريهام، دلف رائد إلى داخل الغرفة فوجد ديانا تقوم بتمشيط شعر ريهام، بينما ريهام شاردة العينين.

علت الابتسامة وجهه وتحدث إلى ديانا وقال:
—أمي، لقد قررت السفر إلى القاهرة صباحًا؛ فهناك العديد من الأوارق الهامة التي يلزم توقيعي عليها.

نظرت ديانا إلى رائد وقد علت الابتسامة وجهها ثم علقت قائلة:
—بني، هذا خبر جيد للغاية، ولا تقلق بشأن ريهام فلن أدعها حتى تتعافي بشكل كامل، فنحن صرنا أصدقاء.

نظرت ديانا إلى ريهام وحدثتها قائلة:
—أليس كذلك يا حبيبتي؟

أغمضت ريهام عيناها وأعادت فتحهما مرة أخرى فعلت الابتسامة وجه ديانا وعلقت قائلة:
—هل ترى لقد أجابت على سؤالي؟، لقد صرنا أصدقاء.

في صباح اليوم التالي.

غادر رائد لندن مستقلًا الطائرة التي أقلعت به من مطار لندن متجهة إلى مطار القاهرة الدولي.

وفي مطار القاهرة كان عزام في استقباله، ما إن شاهد عزام رائد حتى أسرع إليه معانقًا له قائلاً:
—سيدي، لقد اشتقت إليك كثيرًا، كيف حال ريهام؟

علت الابتسامة وجه رائد وعلق قائلًا:
—أحمد الله على كل شيء، ريهام في طريقها إلى التعافي، هيا بنا إلى السيارة هل قمت بإعداد كل شيء.

نظر عزام إليه وقد بدى عليه السعادة وعلق قائلًا:
—هذا خبر سعيد أتمنى أن تتعافى سريعًا وتعود لتنير منزلها وتملأه سعادة وهناء، اما عن الإجتماع فلا تقلق لقد قمنا بإعداد كل شيء، والجميع بما فيهم الوفد الأجنبي في انتظار وصولك.

أومأ رائد برأسه وعلق قائلًا:
—قريبًا إنشاء الله ولكنني أود منك أن تقوم بعمل شيء اعتقد أنه أمر ضروري وكان علي أن أقوم به منذ وقت طويل.

نظر عزام إلى رائد بر مرٱة السيارة وهو يقودها، ثم علق قائلاً:
—سيدي، كل ما تأخر به سوف أقوم بتنفيذه على الفور، ولكن هل الأمر خاص بالعمل ام بشيء ٱخر؟!

علق رائد قائلاً:
—لا ليس له علاقة بالعمل الأمر يتعلق بريهام، أريدك أن تقوم بالتبرع لمستشفى الأطفال بمبلغ كبير من المال.

فهم عزام ما يود رائد فعله فهو يريد أن يتصدق بنية الشفاء لزوجته فعلق قائلًا:
—لا تعلم مدى سعادتي بتفكيرك في أمر كهذا، صدقة مقبولة إن شاء الله.

وصل رائد إلى قاعة الٱجتماعات واجتمع بالوفد الأجنبي وأجرى معهم العديد من الصفقات في مجال العمل، ولكنه فوجيء بأن العمل يستدعي وجوده لعدة أيام أخرى.

شعر رائد بالضيق لعدم تمكنه من العودة إلى لندن في نفس اليوم كما كان مخطط لذلك.

أمسك هاتفه وقام بالاتصال على والدته، بعد أن اطمأن منها على ريهام حدثها قائلاً:
—ديانا لن اتمكن من العودة اليوم فلدي العديد من الأعمال التي تستلزم بقائي هنا لعدة أيام.

ابتسمت ديانا وعلقت قائلة:
—بني، ركز في عملك ولا تقلق بشأن ريهام فأنا اهتم بها وعندما تعود إلينا ستجدها أفضل حالاً مما تركتها عليه.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—أمي، إنني على يقين من هذا الأمر.

بعد مرور أسبوع.

أنهى رائد جميع أعماله التي كانت تتطلب وجوده واستقل طائرة للعودة إلى لندن، لم يخبر أحد بموعد عودته؛ لقد أراد أن تكون عودته مفاجأة للجميع.

داخل منزل رائد عزالدين بلندن.

ما إن وصل رائد إلى منزله أسرع بالدلوف إلى داخل المنزل وعندما شاهدته سوزانا أشار لها بعد التحدث وهمس إليها قائلاً:
—سوزانا، لا أريد أن يعلم أحد بعودتي، أريد أن أجعلها مفاجأة للجميع
ابتسمت سوزانا وعلقت قائلة:
—سيدي، لا أعلم من الذي سيتفاجيء.

نظر رائد إلى سوزانا وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
—سوزانا، هل حدث شيء أثناء غيابي لا أعرف عنه شيء؟

نظرت سوزانا بعينين شاردتين ثم قالت بتلعثم:
—لااا،لا ليس هناك شيء أعتذر إليك سيدي.

بدأ القلق يتسرب إلى قلب رائد فحدث نفسه قائلاً:
—ترى، ما الذي يحدث كانت سوزانا على وشك أن تخبرني بشيء ولكنها امتنعت عن ذلك؟!

نظر إلى سوزانا وعلق قائلًا:
—أين الجميع؟

علقت سوزانا وقالت:
—السيد ديانا والٱنسة نغم يجلسان داخل مكتب السيدة ديانا و....

ثم توقفت سوزان بشكل مفاجيء، نظر رائد إليها وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
—وماذا؟!

شعرت سوزانا بالتردد، فشردت قليلًا ثم علقت قائلة:
—وحمدًا لله على سلامتك.

أيقن رائد أن هناك أمر تخفيه سوزانا ولا تريد أن تخبره به فأومأ برأسه واتجه نحو مكتب ديانا.

داخل مكتب ديانا.
نغم تتحدث مع والدتها وتقول:
—أمي، لقد أصررتي على عدم إخبار رائد بما حدث، سيكون الأمر مصدمًا له عندما يعود ويتفاجيء بما حدث.

في هذه الأثناء كان رائد واقفًا خارج المكتب يتهيأ للدلوف إلى داخل المكتب ولكن استوقفته هذه الكلمات، فلم يدلف إلى داخل المكتب لعله يستطيع أن يعرف ما الذي يخفيه الجميع عنه؟

بدأ القلق يتسلل إلى قلب رائد فهمس قائلاً:
—ترى هل الأمر يتعلق بريهام؟ أخشى أن يكون قد أصابها مكروه ولم يخبرني أحد بذلك خوفًا على مشاعري، سوف أنتظر حتى ينتهي الحديث لأعلم ما الذي حدث ولا يريدوا أن يخبروني به.

لاحظت ديانا وجود أحد خارج المكتب، نظرت عبر الكاميرات الخاصة بالمنزل فعلمت أن رائد يقف خارج المكتب يستمع لما يقولونه، فأسرعت بكتابة بعض الكلمات على ورقة وقامت بإعطائها لنغم.

تعجبت نغم وأمسكت بالورقة وقرأت ما بها فعلت الابتسامة وجهها.

نظرت نغم إلى ديانا التي تابعت حديثها قائلة:
—ابنتي، سوف يحزن أخيكِ كثيرًا عندما يعلم بهذا الأمر، لقد أخفيت عنه ذلك خوفًا أن يصيبه مكروه.

نغم وهي تحاول أن تتمالك نفسها من الضحك علقت قائلة:
—أمي، لا داعي لإخفاء أمر كهذا على أخي؛ عاجلًا أم ٱجلًا سوف يأتي ويعرف كل شيء، سوف أقوم بالاتصال به وإخباره بما حدث واطلب منه أن يغفر لنا أن اخفينا عليه أمر كهذا.

فجأة دلف رائد إلى داخل المكتب وتحدث قائلاً:
—لا داعي لأن تقومي بالاتصال بأخيكِ لقد جاء بنفسه إليكِ، تستطيعين إخباره  الٱن بما تريدين.

نظرت نغم إلى ديانا التي تحدثت قائلة:
—رائد، كانت تريد أن أخبرك إنها اشتاقت إليك كثيرًا، هذا كل شيء.

نظر رائد إلى والدته وحدثها قائلاً:
—أمي، منذ أن وصلت إلى هنا وأنا أشعر أن الجميع يخفي عني شيء.

ثم نظر إلى نغم وحدثها قائلًا:
—نغم، هل الأمر يتعلق ريهام؟

نظرت نغم إلى شقيقها ثم أومأت برأسها، فأسرع رائد راكضًا  إلى غرفة ريهام ليتفقدها، وخلفه نغم التي تصيح عليه قائلة:
—أخي، أنتظر سوف أخبرك بكل شيء.

لم يلتفت رائد إلى نغم ولم يهتم بما تقوله؛ فكل ما يشغل عقله وقلبه هو أن يطمئن إلى أن ريهام بخير.

فجأة توقف أمام غرفة ريهام وبدأت دقات قلبه تزداد من الخوف والقلق، أمسك رائد بمقبض الباب وشعر بالخوف الشديد من أن يفتح باب الغرفة فلا يجد ريهام، تعرق جبينه وهمس قائلاً:
—يا إلهي، ما الذي يحدث معي؟! فهذه هي المرة الأولى التي أخاف أن أدلف فيها إلى غرفة ريهام.

القاهرة منزل رائد عزالدين.

جاسر جالسًا يتناول الغداء مع عزام ويتبادلان الحديث فيما بينهما.

نظر عزام إلى جاسر وحدثه قائلاً:
—أشعر بالتعجب لما يحدث مع السيد رائد وزوجته، يقوم بإنقاذها وتحريرها من قبضة ذلك الحقير صفوان ثابت هنا بالقاهرة، لتتعرض  لإطلاق النار من قبل نفس الشخص في لندن، أليس هذا الأمر يدعوا التعجب ؟!

أومأ جاسر برأسه وتحدث قائلاً:
—سيد عزام، هذا قدرها والقدر لا يستطيع أحد أن يفر منه، أدعوا الله أن يرزقها الشفاء العاجل، لقد رأيت السيد رائد كيف أصبحت حالته؟

علق عزام قائلاً:
—لم أراه هكذا من قبل، فخلال الفترة البسيطة التي قضاها هنا كنت أراه أغلب الوقت شاردًا مهمومًا، لم يعد يبتسم؛ كأن الابتسامة لم تعرف طريقها إلى ثغره.

صمت عزام قليلًا ثم تحدث قائلاً:
—اليوم عندما ذهبت للتبرع لإحدى المستشفيات،  كنت أطلب من الجميع لدعاء لريهام بالشفاء العاجل أسأل الله أن يستجيب لكل من قام بالدعاء له وأن يشفيها فهي حقًا إنسانة تستحق كل خير.

أومأ جاسر برأسه وقال:
—السيد رائد أيضًا يستحق الخير كله، لقد أحسن إلي، ليس هذا فقط بل كما تعلم قام بترقيتي من فرد أمن إلى ما أنا عليه الٱن، وأصر على وجودي هنا بمنزله وعندما رفضت حدثني قائلاً:
—"إن منزلي كما ترى ليس به أحد يمكنك البقاء هنا لحين عودتي إلى القاهرة وحينها سوف أقوم بتوفير سكن ٱخر خاص بك".

نظر جاسر إلى عزام وقال:
—لم أقابل شخصًا كريمًا والسيد رائد.

ابتسم عزام وقال:
—هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ لقد فديته بنفسك وهو لم ينسى شيء كهذا لذلك فهو اعتبرك فردًا من أفراد العائلة، هكذا يتعامل مع العاملين معه عندما يرتاح إليهم ويثق بهم.

تذكر جاسر نغم وما فعلته معًا، فتحدث في نفسه قائلاً:
—أحمد الله على إنني لم أستجيب لتلك الفتاة، فالسيد رائد شخصًا لا يستحق الخيانة من أحد.


ثم نظر إلى عزام وحدثه قائلاً:
—صدقت هل جزاء الإحسان إلا الٱحسان؟!

ابتسم عزام ثم نظر إلى جاسر وقال:
—جاسر، ألم يأن الٱوان بعد؟!

نظر جاسر بتعجب ثم تحدث قائلاً:
—أي أوان تقصد؟! إنني لا أفهم ما الذي تعنيه من ذلك.

ضحك عزام وعلق قائلًا:
—يا بني، أنت شخص شديد الطيبة وهذا ليس بزمان الطيبين، لقد كنت أسألك ألم يأن أوان الزواج بعد، ألم تعثر على فتاة تستحق أن تكون زوجة رجل  يحمل بداخله قلبًا ناصع البياض مثل قلبك؟

ابتسم جاسر وعلق قائلًا:
—أيخا الرجل الطيب، لا أجيد الحديث الملتوي، لذلك عندما تود أن تسألني عن شيء فعليك بالتحدث بطريقة مباشرة، ولكنني سوف أجيبك، لا لم أعثر على فتاة تجعلني أغير فكرتي عن الفتيات وأتزوجها.

تعجب عزام فهذه هي رة الأولى التي يعرف أن جاسر مضرب عن الزواج فتحدث قائلًا:
—بني، هل أنت مضرب عن الزواج؟! لم أكن أعرف ذلك عنك.

رفع جاسر حاجبيه لأعلى فهو لا يحب التحدث في هذا الأمر ثم علق قائلاً:
—عم عزام، لم أقابل في حياتي فتاة نقية ومخلصة جميع من قابلته من النساء، لا يعرفون شيئًا عن الحياء والعفاف، لذلك لن أقدم على الزواج بفتاة إلا عندما أجدها تتحلى بهذه الصفات الهامة بالنسبة لي(الحياء والعفة).

أومأ عزام برأسه وقد بدى عليه الإعجاب بما يقوله جاسر فعلق قائلًا:
—معك كل الحق، ولكن كما أن هناك الكثير من الفتايات التي لا يعرفن شيئًا عن الحياء والعفة فهناك أيضًا الفتايات العفيفات اللاتي تستطيع أن تترك لها بيتك وأنت مطمئن.

نظر جاسر إلى عزام وحديثه قائلاً:
—أعلم ذلك ولكن أين هي هذه الفتاة؟!

فجأة تذكر جاسر نغم عندما قامت بتقبيله بكل مفاجيء وكيف أنه غضب غضبًا شديدًا لما فعلته وقام بصفعها على وجهها.

تعجب جاسر وهمس في نفسه قائلاً:
—ترى، ما الذي يجعل ذكرى كهذه تسيطر على تفكيري وما هذا الشعور الغريب الذي بداخلي تجاه تلك الفتاة، لا يمكن أن أفكر في فتاة شديدة لتحرر كهذه الفتاة.

منزل رائد عزالدين بلندن.
قرر رائد أن يفتح باب الغرفة وما إن فتح الباب ونظر إلى فراش ريهام فوجيء بشيء جعله ينفجر باكيًا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي