الفصل الثامن الهروب إلى المجهول

نظر صفوان ثابت إلى المحقق عادل رشوان وقد بدى عليه التعجب والذهول بعد أن أخبره المحقق عادل رشوان بأن الحادث الذي تعرضت له ابنتيه كان بفعل فاعل.

تحدث صفوان ثابت وقال:
—سيدي المحقق كيف حدث ذلك؟! من الذي يمكنه فعل ذلك بإبنتي؟!

تحدث المحقق عادل رشوان إليه وقال:
—سيد صفوان، طبقًا لشهادة الوفاة الصادرة فإن ابنتك المتوفاة ريهام أليس كذلك؟

صمت السيد صفوان ثابت قليلًا وتعرق جبينه ثم علق قائلاً:
—اجل سيدي، لقد توفيت ابنتي ريهام أثناء الحادث.

تحدث المحقق صفوان وقال:
—على حد علمي أن ابنتك ريهام كانت  تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً.

أومأ صفوان برأسه وتحدث قائلاً:
—أجل سيدي لم تتخطى ابنتي السبعة عشر عاماً.

تعجب المحقق عادل رشوان وعلق قائلًا:
—هل كانت تلك الفتاة مرتبطة؟!

تحدث السيد صفوان قائلاً:
—لا لم تكن مرتبطة لقد كانت فتاة صغيرة في مرحلتها الثانوية.

شعر المحقق عادل رشوان بالأسف وعلق قائلًا:
—سيد صفوان، لعل ما سأخبرك به سيتسبب في حزنك، ولكن عليك أن تعلم أن ابنتك كانت حامل ولعل الشخص الذي أغواها هو من أراد التخلص منها.

شعر الأب بالصدمة وهمس في نفسه قائلاً:
—كيف حدث ذلك؟! ترى من الذي أغواكي يا ليلى ومتى حدث ذلك؟!
ى
نظر صفوان إلى المحقق عادل رشوان وقال:
—سيدي، هل أنت على يقين من هذه المعلومات ؟! لعل هناك خطأ ما.

تحدث المحقق عادل رشوان وقال:
—إنني على يقين من كل كلمة أخبرتك بها، كل ما أريده منك أن تخبرني عن أي شخص رأيت ابنتك تتحدث معه أو تتحدث إليه عبر الهاتف.

لم يجد صفوان ثابت ما يقوله فهو لا يعلم من الشخص الذي كان على علاقة بإبنته فعلق قائلًا:
—سيدي، لم أشاهد ابنتي تتحدث مع أحد ولم أرتاب لمرة واحدة في سلوكها فأرجوا  المعذرة، أشعر ببعض التعب وأريد أن ترتاح قليلًا.

أومأ المحقق رشوان برأسه وتحدث قائلاً:
—أعلم أن الأمر يبدو صعبًا لذلك سوف أتركك لتنال قسطًا من الراحة وسوف أقوم باستدعاء فيما بعد لأخذ أقولك.

غادر المحقق عادل رشوان منزل صفوان ثابت، بينما جلس صفوان يفكر فيما أخبره به المحقق عادل رشوان.

أمسك بصورة ابنته ليلى وحدثها قائلاً:
_ليلى، كنت الأفضل والمدللة عندي دائمًا، لم أحرمك من شيء، منذ أن رحلتي، لقد اعتصر قلبي حزنًا على فراقك، أما اليوم فأنا  أصحوا من غفلتي لأعلم إنك خنتي ثقتي بكِ  لكن لماذا فعلتي ذلك وأنا لم اعصي لكِ أمرًا ولم أرفض لكِ طلبًا؟!

بعد مرور عدة أيام.
منزل رائد عز الدين.
سمعت ريهام صوت طرق على باب الغرفة فأسرعت بفتح الباب لتجدها الخادمة وفي يدها الإفطار.

ابتسمت ريهام وحدثتها قائلة:
—ولاء كيف حالك؟

ابتسمت ولاء وعلقت قائلة:
—بخير سيدتي، ولكن هل لي بسؤال؟

نظرت ريهام إليها وقالت:
—تفضلي يمكنك أن تسأليني عن ما تريدين.

ولاء وقد بدى عليها القلق تحدثت قائلة:
—أعتذر إليكِ سيدتي ولكن منذ عدة أيام وأنت لم تغادرين غرفتك هذه، حتى طعامك تقومي بتناوله بمفردك داخل غرفتك هل يمكنني أن أعرف ما السبب في ذلك؟!

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—لديك حق لقد شعرت ببعض الملل من هذه الغرفة، كنت أود أن أنزل أتجول في حديقة المنزل، فما رأيك في مرافقتي؟

ابتسمت ولاء وعلقت قائلة:
—سيدتي، هذا الأمر يسعدني كثيرًا ولكن ألن تقومي بتغيير ملابسك هذه؟!

شعرت ريهام بالحرج وعلقت قائلة:
—ليس لدي سوى هذا الثوب لم أستطيع جلب المزيد من الملابس معي.

نظرت الخادمة ولاء إلى ريهام وقد بدى عليها التعجب وقالت:
—سيدتي، لقد قام السيد عزام بإحضار بعض الملابس الخاصة بكِ وقمت بوضعها بيدي داخل خزانة الملابس.

أسرعت ريهام إلى خزانة الملابس وقامت بفتحها فإذا بها ممتلئة بالملابس، تعجبت ريهام وعلقت قائلة:
—ما كل هذه الملابس! حسنا  سوف أرتدي هذا الثوب.

أمسكت ريهام بثوب زهري وقامت بإرتداءه.

نظرت الخادمة ولاء إليها وقالت:
—سيدتي، تبدين رائعة كأنك أميرة من أميرات ديزني.

ابتسمت ريهام وأمسكت بيدها ثم حدثتها:
—أراكي تبالغين كثيرًا ولكن هيا بنا لنتجول معًا بحديقة المنزل.

خرجت ريهام من الغرفة فإذا بها تستمع إلى أنشودة الحب التي تحب سماعها وكانت السبب في أن يعتاد رائد في سماعها.

فجأة توقفت وتذكرت عندما كان يقوم رائد بالاتصال بها وهي تستمع إلى أنشودة الحب فيبتسم  ويحدثها قائلاً:
—لقد أحببت هذه الإنشودة لحبك الشديد لها، دعيني أشاركك في كل شيء تحبينه أريد أن أشاركك في كل أهتمامات وكل ما تحبينه.

تذكرت ريهام عندما كانت كلما تود سماع هذه الأنشودة تقوم بالاتصال عليه ليشاكها في سماعها.

فجأة فتح رائد باب الغرفة الخاصة به فإذا به يتفاجيء بريهام أمامه.

نظر إليها نظرة حادة مغلولة ثم حدثها قائلاً:
—لماذا تقفي هكذا؟!

وبدون أن تدري علقت قائلة:
—كنت أشاركك سماع هذه الإنشودة.

تعجب رائد وتحدث قائلاً:
—ماذا قلتي؟!

انتبهت ريهام فتحدثت قائلة:
—لم أقل شيء لقد كنت ذاهبة إلى حديقة المنزل حتى أتريض بها قليلًا.

شعر رائد بالحيرة وبدى عليه التعجب فحدث نفسه قائلاً:
—لا أعلم ما الذي يحدث كلما دنت مني هذه الفتاة؟! أشعر بروح ليلى ولكن في جسد هذه الفتاة.

ما إن خرجت ريهام إلى حديقة المنزل حتى إلتقت بعزام الذي نظر إليها وقد علت الابتسامة وجه ثم تحدث قائلاً:
—كأن القمر قد ظهر في سمائنا بظهورك.

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—وهل عندما يظهر القمر نهارًا سوف يشعر به أحد، لن يكون حينها ذات أهمية؟
ابتسم عزام وقال:
—أمم، لديكِ الحق فيما تقولينه فالقمر عندما يظهر في السماء ليلًا يضيئها وحينها نراه جميلًا.

إذن فأنتِ كالشمس التي تشرق فتزيل ظلام الليل وعتمته.

ابتسمت ريهام وتحدث:
—أيها الرجل الطيب ما أرق كلماتك وأحنها على القلب، فمنذ أن وقع لي ذلك الحادث لم تستمع أذني لما يسعد قلبي سوى من خلالك.

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—كما أخبرتك من قبل فإبنتي في مثل عمرك ودائمًا ما أحدثها وأقول:"لا أريد الابتسامة أن تغادر شفتيكِ"، وها أنا أتحدث إليكِ بما أحدث به ابنتي لا أريد هذه الابتسامة أن تهجر شفتيكِ.

نظرت ريهام إلى عزام وتحدثت قائلة:
—أعدك بذلك فطالما أنت بجواري لن تفارق الابتسامة ثغري.

نظرت ريهام إلى ركن خاص في حديقة المنزل أرجوحة كتلك الأرجوحة التي بغرفتها، أسرعت بالركوب عليها وأخذت تتأرجح بها بينما تقوم ولاء بدفعها.

شعرت ريهام بنبضات قلبها تتزايد فهمست قائلة:
—كأن رائد قريبًا مني فأنا لا أشعر بهذا الشعور إلا عندما يكون قريبًا مني.

ابتسمت ولاء وتحدثت قائلة:
—سيدتي, أنتِ أول شخص يجلس على هذه الأرجوحة، حتى نغم الأخت الصغرى للسيد رائد لم يسمح لها بالجلوس على هذه الأرجوحة، وقام بشراء أخرى ووضعها بداخل غرفتها.

تعجبت ريهام وتوقفت عن التأرجح ثم وعلقت قائلة:
—لماذا لا يسمح السيد رائد لأحد بالجلوس على هذه الٱرجوحة؟!

علقت ولاء وقالت:
—لقد قام بشراء هذه الأرجوحة وقال حينما وضعها هنا:"هذه الأرجوحة خاصة حبيبتي لا أريد أن يجلس أحدكم عليها سوف تكون هي أول من سيجلس عليها.

ابتسمت ريهام وهمست قائلة:
—بالطبع كنت أنا أول من جلس عليها.

إزدادت نبضات قلب ريهام مرة أخرى فنظرت إلى ولاء وحدثتها قائلة:
—ولاء، هل السيد رائد قريب من هنا؟

نظرت ولاء فإذا بها تتحدث وتقول:
—سيدتي، إنه يقف في الشرفة ينظر إلينا سوف أسرع بالدلوف إلى داخل المنزل قبل أن يقوم السيد رائد بنهري.

أسرعت ولاء بالدلوف إلى داخل المنزل فاصطدمت برائد، نظر إليها رائد نظر حادة فتلعثم لسانها بكلماتِ غير مفهومة وأسرعت إلى المطبخ.

اتجه رائد صوب الأرجوحة ونظر إلى ريهام وقال:
—أنتِ لماذا تجلسين هنا؟! هل تعتقدين أنك في نزهة تتجولين داخل منزلي وتتأرجحين على هذه الأرجوحة دون إذن مني.

نظرت ريهام إلى رائد وتحدثت قائلة:
— رائد، في حياتي لم أرى شخصًا وقحًا مثلك، كيف تتحدث معي هكذا؟! أعلم إنني هنا بإرادتي وليس بإرادتك أنت، فتعامل معي بطريقة أفضل فلست جارية عندك.

نظر رائد بتعجب شديد ثم ضحك ساخرًا وقال:
—أتدرين ما الذي تتحدثين به؟! ابنتي أنتِ في قبضتي من أين جئتي بهذا الشجاعة؟!

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—لست في قبضة أحد لا يملك الروح سوى خالقها، سوف أغادر هذا المكان ولن تستطيع منعي.

شعر رائد بتعجب ودهشة أوقفته أمامها كالعاجز الذي لا يستطيع فعل شيء.

أمسكت ريهام يده وقامت بالضغط على معصمه ثم قالت:
—نبضات قلبك تتزايد، يبدو عليك التوتر والحيرة أليس كذلك.

نظر رائد في عين ريهام وهو لا يصدق ما يشعر به، فجأة تذكر عندما كانت ليلى تغضب منه فتسرع بالإمساك بيده وتقبض على معصمه وتقول نفس الكلمات التي تحدثت بها الٱن.

همس رائد في نفسه وقال:
— هل يمكن أن تكون الشقيقتين متشابهين في تصرفاتهم إلى هذا الحد؟!

نزع رائد يده واتجه إلى باب المنزل، وفي طريقه للخروج من باب المنزل إلتقى بأحد رجاله الذي كان ينتظره.
دنا الرجل من رائد وهمس إليه بكلمات، وما إن أنهى الرجل حديثه حتى تحدث رئد إليه وقال:
—كيف حدث ذلك؟! استمر في مراقبته بشكل جيد وأخبرني بكل ما يفعله.

استقل رائد سيارته واتجه إلى مكتب المحقق عادل رشوان.

ظلت ريهام جالسة على الأرجوحة تتذكر ما حدث وتحدث نفسها وتقول:
—سوف أجعلك تعرف من أكون بدون أن أخبرك، أما الٱن فعلي أن أغادر هذا المنزل.

تسللت ريهام حتى وصلت إلى باب المنزل وفجأة وجدت أمامها جاسر يعترض طريقها ويحدثها قائلاً:
—إلى أين سيدتي؟

حاولت ريهام أن تبدو بشكل طبيعي وتحدثت بهدوء  وقالت:
—سوف أذهب لشراء بعد المستلزمات الخاصة بي من المتجر وسأعود على الفور، ما إن يحضر السيد رائد فأخبره إنني لن اتأخر حتى لا يقلق بشأني.

أومأ جاسر برأسه وتحدث قائلاً:
—حسنًا سيدتي، هل تودين أصطحاب أحد معكِ؟

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—لا داعي لذلك شكرًا لك.

أسرع جاسر بالإشارة إلى العم إبراهيم المسئول عن البوابة الرئيسية لفيلا رائد، فقام العم إبراهيم بفتح البوابة لتخرج ريهام من فيلا رائد عز الدين  وهي تقول:
—سوف أعود إلى هنا مرة أخرى ولكن هناك شيء علي أن أفعله أولًا.

أسرعت ريهام إلى منزل والدها وما إن دلفت إلى داخل المنزل ورأتها الخادمة حتى أسرعت إليها وقالت:
_ابنتي، حمدًا لله على سلامتك، سوف يسعد والدك كثيرًا بعودتك، لا تعلمين كيف أصبحت حالته بعد ذلك الحادث.

أومأت ريهام برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا يا نوجا سوف أذهب إليه، أريد أن أخبرك بشيء لقد اشتقت إليكِ كثيرًا.

تعجبت الخادمة نجلاء فليلى لم تتعود أن تناديها بنوجا أو أن تحدثها بهذا الأسلوب الرقيق على العكس تمامًا من شقيقتها ريهام فعلقت قائلة:
—هل يمكن أن يكون فقدها لشقيقتها جعلها تتصرف كما كانت تتصرف الراحلة ريهام؟!

وصلت ريهام إلى غرفة والدها وقامت بالطرق على باب الغرفة فتحدث الأب قائلاً:
—نجلاء، تستطيعين الدلوف.

دلفت ريهام إلى داخل الغرفة وقالت:
—لست بنجلاء، إنني ابنتك.

فزع الأب قائلاً:
—ليلى.

ثم تذكر لوهلة ما فعله عندما قام بإعطاء الطبيب صورة ابنته ليلى، فعلم أن الفتاة التي أمامه ليست بليلى وإنما ريهام فعلق قائلًا:
—تفضلي يا ابنتي أين كنتِ؟!

نظرت ريهام إلى والدها وقد بدى عليها التعجب وعلقت قائلة:
—أبي، أنت تعلم من أكون أليس كذلك؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي