الفصل الثالث عشر أماني تتحقق

أسرع رائد بالعود إلى منزله وقد رافقه عزام وجاسر وفهد نزل الجميع من السيارة وأسرعوا للإطمئنان على ريهام.

نظر رائد إلى الخادمة ولاء وحدثها قائلاً:
—ولاء، ما الذي حدث وتسبب في فقدانها الوعي؟!

انهمرت الدموع من عين ولاء وتحدثت قائلة:
—سيدي، لقد حضر المحقق عادل رشوان وجلس معها؛ كي يأخذ أقوالها، وبعد أن غادر فوجئت بها تنهار في البكاء وبعدها فقدت وعيها.

نظر رائد إلى عزام وحدثه قائلاً:
—لعل المحقق عادل رشوان قد أخبرها بحقيقة والدها المزيف.

أسرع رائد إلى الغرفة المتواجدة بداخلها ريهام فوجد نجلاء تحاول أن تعيدها إلى وعيها ولكن دون جدوى.

نظر رائد إلى نجلاء وحدثها قائلاً:
—إذهبي وأخبري ولاء أن تحضر بعض النشادر.

أسرعت نجلاء ثم عادت وبرفقتها ولاء تحمل في يدها النشادر.

أمسك رائد النشادر ووضعها عند فتحة الأنف فاستعادت ريهام وعيها وظلت تسعل من أثر النشادر.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—ما الذي حدث وجعل قوتك تنهار هكذا؟! لم أعهد عنك هذا الضعف من قبل.

نظرت ريهام إلى رائد وتلألأت الدموع بعينيها ثم علقت قائلة:
—بدأت علاقتي معك بكذبة فلم أستطيع حينها أن أخبرك بعمري الحقيقي خوفًا أن أفقدك، حتى أسمي الحقيقي لم أخبرك به لخوفي إن علمت بإسمي فحينها ستعرف عمري الحقيقي.

منذ ذلك الحين وأصبح كل شيء أعيشه مزيفًا،  أصبحت أحمل هوية ليست بهويتي، وملامح ليست بملامحي واليوم أكتشف أن والدي ليس بوالدي، بل إنه المسئول عن مقتل والدتي وكاد يريد أن يتخلص مني أنا أيضًا، كل ذلك ولا تريد لقواي أن تنهار.

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—دائمًا ما يدبر لنا الله أفضل الأقدار، عندما أحببتك  لم أحبك لجمال وجهك ولكنني أحببت فيكي هذه الفتاة القوية التي جلست على جانب الطريق تغير إطار سيارتها دون أن تطلب المساعدة من المارة.

انهمرت الدموع من عين ريهام فأخرج رائد منديلًا ورقيًا من جيبه وقام بإزالة هذه الدموع، ثم واصل حديثه قائلاً:
—على الرغم من إنني لم أحبك لجمالك إلا إنكِ حقًا جميلة جدًا، ربما حدث لي نوع من الحيرة ولكن لا أخفي عليكي مازال قلبي يخفق بشدة كلما رأكي يا صغيرتي.

ضحكت ريهام فضحك جميع من بالغرفة وعلق رائد قائلاً:
—هل رأيتي كيف كانت ضحكتك مصدر سعادة لنا جميعًا؟!

الجميع ذهبوا معي كي يقوموا بتحريرك من ذلك القبو وجاسر كاد أن يفقد حياته عندما تلقى الرصاصة بدلاً مني، كل ذلك كان من أجل حريتك، وأنتِ تبكين بعد كل ذلك؟

نظرت ريهام إلى جاسر وحدثته قائلة:
—جاسر، أعتذر إليك عما حدث، وأعتذر إليكم جميعًا على كل ما سببته لكم من أذي.

ابتسم جاسر ابتسامة رقيقة ثم حدثها قائلاً:
سيدي، لا داعي للإعتذار أهم شيء إنك بخير .

دنا عزام من ريهام وربت على رأسها ثم تحدث قائلاً:
—ألم أخبرك قبل ذلك إنني أعتبرك كأبنة لي، ألم تخبريني من قبل أنك لم تشعري من والدك بما تجديه من اهتمام وحنان مني؟!

انهمرت الدموع مرة أخرى من عينيها وقد أومأت برأسها ولم تستطيع التحدث خوفًا من أن تنفجر في البكاء.

فرد عزام ذراعيه وحديثها قائلاً:
—هل تقبلين هذا الشخص البسيط أن يكون والدك؟

ابتسمت ريهام وعيناها مليئة بالدموع وقالت:
—أجل أقبل فلن أجد أبًا أشد حنانًا وعطفًا منك يا أبي.

اندفعت ريهام إلى صدر عزام الذي أغلق ذراعيه عليها ثم نظر إلى رائد وقال:
—لن تضع يدك في يد أحد سواي عندما تقوم بالزواج منها سيد رائد.

ابتسم رائد وقد بدى علي وجهه التردد والحيرة ثم تحدث قائلاً:
—هيا تغادر جميعنا الغرفة ونترك ريهام حتى تنال قسطًا من الراحة.
وبعد أن غادر رائد الغرفة نظر إلى جاسر وتحدث قائلاً:
—جاسر لابد أن ترتاح أنت أيضًا حتى يلتئم جرحك بشكل سريع، كل ما تحتاج إليه سوف أحضره لك فلا تعبأ بشيء.

نظر جاسر إلى رائد وحدثه قائلاً:
—سيدي، شكرًا لك ولكن يمكنني أن أتابع عملي وانا على هذه الحالة ولا داعي لأخذ راحة.
تعجب رائد وعلق قائلًا:
—لا يمكنك أن تتابع عملك وأنت بهذا الشكل طلبت منك أن تستريح فاعتبر هذا بمثابة الأمر بالنسبة لك.

غادر جاسر فنظر رائد إلى فهد وحدثه قائلاً:
—اما أنت فعليك بالراحة ولا تأتي لإستلام العمل إلا وأنت بكامل عافيتك.

بعد ذلك أخذ رائد يتجول في حديقة منزله وهو مشغول البال، لاحظ عزام عليه ذلك فدنا منه وحدثه قائلاً:
—سيدي، لاحظت عليك منذ أن كنت بغرفة ريهام الحيرة والقلق باديان عليك فهل يمكنني أن أعرف ما الذي يشغل بالك ويجعلك متحير بهذا الشكل؟

نظر رائد إلى عزام وحدثه قائلاً:
—لن أخفي عليك هناك الكثير من الأشياء التي تشغل بالي وبحاجة لأخذ قرار بشأنها.

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—حسنًا، لنفكر سويًا فيما يشغل بالك.

تحدث رائد إلى عزام بكل صراحة وقال:
—عزام، إنني أبلغ من العمر خمسة وثلاثون عامًا وعمر ريهام الحقيقي هو سبعة عشر عامًا، أي أن عمري هو ضعف عمر ريهام تقريبًا، هل تفهم ما أعنيه؟

أومأ عزام برأسه وعلڨ قائلاً:
—أفهم من ذلك أنك سوف تتخلى عن ريهام؟

نظر رائد إلى عزام نظرة حادة مقتضبة ثم قال:
—لا يمكنني أن  أتخلى عنها، ولكن لو رجل في مثل عمري تڨدم للزواج من ابنتك هل كنت ستوافق على هذه الزيجة؟

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—لو كان ذلك الرجل هو رائد عزالدين ما كنت لأتردد، توكل على الله فهذه الفتاة لم يعد لديها في هذه الحياة سواك فلا تخذلها بعد أن خذلتها الحياة، وكن أنت العوض عن كل ما قاسته ريهام في حياتها.

شعر رائد بإرتياح شديد بعد أن تحدث مع عزام ثم واصل حديثه قائلاً:
—هناك شيئًا ٱخر  أريد أن أتحدث معك بشأنه، إنه جاسر لا أريده في هذا العمل وأفكر في أن يتولى فهد مكانه.

تعجب عزام وقد بدى عليه الغضب ثم تحدث قائلاً:
—هل ستتخلى عن جاسر؟!

ابتسم رائد وعلق قائلًا:
—ومن الذي قال ذلك؟! كل ما في الأمر إنني سوف أقوم بترقيته بدلًا من موظف أمن سوف أجعل منه مدير شركة الرائد لتوريد موظفي الأمن والعمالة.

ابتسم عزام وعانق رائد ثم حدثه قائلاً:
—حقًا أنت شخص رائع وتستحق كل خير.

داخل غرفة ريهام.

أستيقظت لتجد نجلاء وهي تقف بجوار فراشها وتقوم بالتدقيق في ملامحها
تعجبت ريهام واعتدلت جالسة ثم تحدثت قائلة:
—نوجا، ما الذي تفعليه؟! لماذا تنظرين إلي هكذا؟!

ابتسمت نجلاء وعلقت قائلة:
—حبيبتي، أعتذر إليكِ ولكن مازال عقلي لا يستطيع استيعاب ما حدث معك، كيف يتم تغيير الملامح بهذا الشكل؟!

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—أتدرين ربما أتحدث بهذا الأمر للمرة الأولى، ولكنني كثيرًا ما كنت أقف أنظر إلى شقيقتي واتمنى لو كنت مثلها بنفس الشكل ولكن عيني تصبح كما هي زرقاء.

ابتسمت نجلاء ونظرت إلى ريهام وقالت:
—ربما كانت أبواب السماء مفتوحة فتم استجابة أمنيتك، ولكنني لا أخفي عليكِ، منذ الوهلة الأولى التي رأيتك فيها وأنا أشعر أنكِ لست بليلى.

تعجبت ريهام وعلقت قائلة:
—ما الذي جعلك تعتقدين إنني لست بليلى؟!

نجلاء وقد علت الابتسامة وجهها تحدثت وقالت:
—لم تكن ليلى تناديني بنوجا مطلقًا؛ كانت معاملتها لي جافة على العكس منكِ، فأنتِ كنت تعاملينني دائمًا باللطف والحنان وتشعريني أنني فرد منكم ولست بخادمة.

نظرت ريهام إلى نجلاء وقامت بمعانقتها وهي تقول:
—لأنك بالفعل فرد من أفراد عائلتي، يكفيني أنكِ عرضت نفسك للخطر من أجلي ولكن كيف استطعتي معرفة المكان الذي تم احتجازي بداخله؟! فأنا لم أرى هذا القبو من قبل.

تذكرت نجلاء ما حدث وظلت تقص ما حدث لريهام وتقول:
—عندما جاء السيد رائد إلى منزلكم وطلب مني أن أخبر السيد صفوان بأنه يريد مقابلته، أسرعت إلى السيد صفوان لأخبره فوجدت باب المكتب موصد من الداخل على غير عادته، عندما قمت بطرق الباب خرج علي السيد صفوان وقد بدى عليه الإرتباك.

نظرت ريهام إلى نجلاء بإهتمام شديد،وهي تقص عليها ما حدث،بينما واصلت نجلاء سردها لما حدث.

—شعرت أن بداخل المكتب أمرًا يريد السيد صفوان إخفاؤه، خاصة عندما حاولت الدلوف إلى المكتب بحجة أخذ فنجان القهوة الفارغ فقام السيد صفوان بدفعي بقوة مما أسقطني أرضًا.

وضعت ريهام يدها على فمها تأثرًا بما حدث، بينما اكملت نجلاء حديثها:
—أسرعت إلى المطبخ ولكن ما بداخل المكتب كان يشغل بالي فأسرعت إلى المكتب مرة أخرى، ولحسن الحظ لم يقوم السيد صفوان بغلق المكتب بشكل جيد، فرأيت مهران وهو يحمل فهد كالدمية في يده.

تلألأت الدموع في عين نجلاء وهو تقول:
—كانت الدماء تتساقط من رأسه بينما يحمله مهران غير عابئًا بذلك، أيقنت أن هناك أمر خطير وقع وٱخر أشد خطورة سوف يأتي؛ فقررت أن أتتبع مهران لأعلم ما الذي ينوي فعله بفهد.

—فوجئت بأن مهران قد وضع فهد في مكان في الحديقة الخلفية للفيلا، ثم جاء إليه السيد صفوان وحدثه قائلاً:" لقد جاء رائد يسأل عن ليلى فأخبرته إنني لم أعثر عليها حتى الٱن.

تعجبت ريهام وعلقت قائلة:
—لقد كذب على رائد مما يؤكد أنه كان ينوي التخلص مني بالفعل.

اومأت نجلاء برأسها وعلقت قائلة:
—أجل هذا ما كان سيحدث بالفعل، لقد سمعت السيد صفوان يتحدث إلى مهران ويقول:"بعد أن تنتهي من دفن هذا الحقير، إذهب وتخلص من تلك الفتاة وقم بدفنها إلى جواره.

أغمضت ريهام عيناها حتى لا تنهمر منها الدموع وتحدثت قائلة:
—كفاني دموعًا لقد خلصني الله من ذلك المجرم الحقير، الذي كنت اعتقد طوال عمري أنه والدي، وكنت أتعجب عندما أجده يعامل ليلى معاملة حسنة على العكس تمامًا من معالمته لي، ولكن ما الذي فعلتيه بعد ذلك؟!

ابتسمت نجلاء وعلقت قائلة:
—شعرت بداخلي بالشجاعة تدخل إلى جسدي وتتدفق عبر شرايني فزال ما بداخلي من خوف وانتظرت حتى غادر السيد صفوان المكان.

—بدأ مهران يحفر لدفن فهد فأمسكت بقطع من الخشب سميكة كغصن الشجر كانت في الحديقة وانهلت على مهران بالضرب عدة مرات بكل قوتي، كنت أخشى في ذلك الوقت أن يلتفت مهران ويمسك بي ويقتلني فكنت أضربه بقوة حتى لا يلتف وكانت المفاجأة عندما رأيته يسقط أرضًا.

ضحكت ريهام فبادلتها نجلاء الضحك وقالت:
—كنت أنظر إلى العصا وانظر إلى مهران الذي سقط أرضًا واتعجب كيف حدث ذلك؟! ثم أسرعت إلى فهد وقمت بإبقاظه فما إن نهض من الأرض ونظر إلى مهران بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:

—من الذي فعل هذا به؟!
فأخبرته إنني التي فعلت به ذلك فتعجب وقال:
—كيف استطاعتي فعل ذلك؟!.

نظرت ريهام وهي سعيدة بالعمل البطولي الذي فعلته خادمتها نجلاء من أجلها فحدثتها قائلة:
—وما الذي فعلتيه بعد ذلك؟!

ابتسمت نجلاء وقالت:
—نظرت إلى فهد وأخبرته أن علينا الإسراع وإخراجك من المكان الذي تم احتجازك بداخله وأخبرته إنني لا أعلم أين ذلك المكان.

أسرع فهد إليكِ ولكنه لإصابته وتعبه الشديد لم يستطيع فتح باب القبو.

أومأت ريهام برأسها وعلقت قائلة:
—لذلك طلبت منه أن يتسلل ويخرج من الفيلا دون أن يشعر به أحد ثم يذهب إلى فيلا رائد ويخبره بأنني في خطر.

ابتسمت نجلاء وعلقت قائلة:
—وجاء سيدي رائد كالفارس ليخطف أميرته ويحررها من قيود الأشرار ويعود بها إلى منزله، ليتزوجها ويعيشوا في نبات ونبات وينجبوا البنين والبنات.

ضحكت ريهام وعلقت قائلة:
—لقد أنهيت القصة نهاية سعيدة ولكنني لن أخفي عليكي أشعر أن رائد لن يتزوجني خاصة بعد أن علم الفارق الكبير في السن بيني وبينه.

شعرت نجلاء بالقلق حيال هذا الأمر ولكنها حاولت أن تطمئن ريهام فحدثتها قائلة:
—لا داعي التشاؤم سيأتي إليكِ وفي يده خاتم الزواج وسيطلب الزواج منك كوني على يقين من هذا الأمر.

سمعت ريهام طرق على باب الغرفة فأسرعت نجلاء بفتح باب الغرفة لتجد أمامها ولاء.

دلفت ولاء إلى داخل الغرفة وتحدثت إلى ريهام وقالت:
—سيدتي، السيد رائد ينتظر قدومك على الإفطار ويخبرك أنه يريدك في أمرٍ هام.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي