الفصل التاسع عشر روح بين السماء والأرض

ظهر صفوان ثابت وقام بإطلاق النار على مازن، لكن فوجيء الجميع بأن الذي أصيب بالطلق الناري ليس مازن بل ريهام.

وقفت نغم في ذهول وتحدثت قائلة:
—ريهام، ما الدي جاء بكِ إلى هنا ألم أخبرك أن تظليل بمكانك حتى أعود إليكِ؟!

ابتسمت ريهام بألم ثم تحدثت بصوت متقطع من شدة الألم وقالت:
—لم أكن لأسمح لأي شخص بأن يؤذي احدكما بينما اختبأ أنا بالخارج.

لقد خشيت ريهام أن يحدث مكروه لنغم ومازن؛ فهي تعلم مدى وحشية وقسوة مهران؛ فهو ينفذ أوامر صفوت ثابت دون أي رحمة أو شفقة أو دون أن يسأل نفسه، لماذا يقوم بفعل تلك الأشياء وما ذنب هولاء الأبرياء الذين يقضوا نحبهم على يده؟

أسرعت ريهام بالدلوف إل الداخل وقبل أن يطلق صفوان النار دفعت مازن ووقفت في مكانه، فأصيبت بالطلق الناري.

أسرع مازن ونغم إلى ريهام التي أصببت إصابة بالغة وكانت تتنفس بصعوبة بالغة فصاحت نغم في مازن وقالت وهي تبكي:
—مازن، استدعي الإسعاف قبل أن نفقدها.

نظر صفوان إلى مهران وأشار إليها بمغادرة المكان فأسرعا بالفرار ولكن الشرطة داهمت المكان وقامت بإلقاء القبض عليهم.

أسرع رائد ليطمئن على زوجته وشقيقته، لكنه فوجيء ريهام وهي غارقة بدمائها، أسرع إليها وضمها إلى صدرره وأخذ يصيح ويصرخ ويطلب الإسعاف.

الجميع قد انتابته حالة من الحزن الشديد والبكاء لما أصاب ريهام تم نقل ريهام إلى المشفى، وقبل دخولها إلى غرفة العمليات نظرت نغم إليها وفوجئت بها لا تبدي أية حركة، أسرعت إليها تتحسس أنفاسها فوجدتها لا تتنفس، نظرت إلى رائد والدموع تنهمر من عينيها وقالت:
—رائد أشعر أنها فارقت الحياة.

انهمرت الدموع من عين مازن بينما أسرع رائد إليها وأمسك بيدها يجذبها إليه ويقول:
—ريهام، لا يمكنك أن تستسلمي للموت لقد انتصرتي عليه في المرة الماضية، أرجوكي حاولي أن تقومي بفتح عينيكِ الجميع وقف متأثرًا، بينما أسرع رائد وقام بإعطائهاوقبلة الحياة؛ أملًا في عودتها مرة أخرى.

أسرع مازن يصيح على الأطباء، فجاء إليه فريق طبي وأسرعوا بإدخالها إلى غرفة العمليات.

حضرت ديانا إلى المشفى، قام مازن باستقبالها فما إن رأته حتى أسرعت إليه وسألته:
—مازن، ما الذي حدث لنغم؟! لقد أخبرني الشرطي أن ابنتي قد أصيبت.

نظر مازن إليها وبداخله بركان من الغضب وقال:
—اطمئني، نغم بخير التي أصيبت هي ريهام.

بدى على وجه ديانا الإرتياح وظلت تردد وتقول:
—شكرًا لله كاد قلبي أن يوقف من خوفي على ابنتي.

نظر مازن إلى ديانا نظرة حادة مغلولة وحدثها قائلاً:
—أي امرأة أنتي؟!أخبرك أن ريهام هي التي أصيبت فتشكري الله أن ابنتك بخير، وماذا عن رائد الذي انفطر قلبه على زوجته التي توقف قلبها وقام الأطباء بإدخالها إلى غرفة العمليات لمحاولة إنعاشها؟!

نظرت نغم فرأت والدتها وهي تتحدث إلى مازن فأسرعت إليها وارتمت في أحضانها وانهارت في البكاء.

ربتت الأم على ظهر ابنتها، وما إن تحسست الدماء التي تلطخ ملابسها نظرت إليها في فزع وحدثتها قائلة:
—ابنتي، ما كل هذه الدماء هل أصابك مكروه؟!

تدفقت الدموع من عين نغم وعلقت قائلة:
—أمي، إنها دماء ريهام، لم أكن أعلم أنها بهذه الأخلاق هل تتخيلي أنها ضحت بنفسها لتنقذ أرواحنا؟!

تعجبت ديانا وعلقت قائلة:
—كيف حدث ذلك؟!

نظرت نغم إلى والدتها وأخذت تقص عليها ما فعلته ريهام وهي التي كان بإمكانها أن تتركهم وتغادر.

لم تتحدث ديانا بكلمة ولك تبدي أي رد فعل تجاه ما حدث لريهام، نظرت إليها نغم وحدتها قائلة:
—ديانا، ألم تذهبي لتطمئني على رائد وتواسيه فيما اصابه؟!

اومأت برأسها ثم تحدثت قائلة:
—بالطبع سوف أذهب.

اتجهت ديانا إلى غرفة العمليات حيث يقف رائد ينتظر أن يخرج أي شخص من داخل غرفة  العمليات فيطمئن قلبه على زوجته.

ربتت الأم على كتف ابنها وحدثته قائلة:
—لا تقلق كل شيء سوف يكون على ما يرام.

لم يعلق رائد بكلمة واحدة فهو لم يستمع لما قالته والدته؛ فعقله وكيانه وكل حواسه كانت بداخل غرفة العمليات.

خرجت إحدى الممرضات تهرول فأسرع رائد بسؤالها عن حالة زوجته، فأخبرته قائلة:
—سيدي، زوجتك حالتها حرجة للغاية الأطباء بالداخل يبذلون كل ما بوسعهم لإنقاذها، أعتذر إليك علي الذهاب لإحضار بعض العقاقير اللازمة لعلها تجدي نفعًا وتعيدها إلى الحياة مرة أخرى.

وقف رائد حزينًا تمنى لو بيده شيء يستطيع فعله لإنقاذها، دنت منه نغم وربتت على كتفيه ثم حدثته قائلة:
—أخي، أعلم مدى حزنك على ريهام، إنها بالفعل إنسانة جديرة بأن تعطيها قلبك ووجدانك، لم أكن أعلم إنها بهذه الطيبة والنقاء.

تلألأت الدموع من عيني رائد ونظر إلى شقيقته، ثم حديثها قائلًا:
—لقد عانت ريهام الفترة الماضية وتعرضت لظروف قاسية كادت أن تفقد حياتها عدة مرات، تعرضت للظلم والقسوة حتى بعد أن تزوجتها كانت تعتقد أن الحياة ابتسمت لها وأن الأيام المريرة قد مضت والقادم سيكون أفضل.

نظر رائد إلى والدته وأكمل حديثه قائلاً:
—وها قد رأيتي بنفسك شهر العسل الذي جئنا لقضائه معكم هنا في لندن، فمنذ وصولها لم تجد سوى الإساءة والمعاملة القاسية من والدتك.

شعرت نغم بالٱسى فانهمرت الدموع من عينيها وتحدثت مع والدتها قائلة:
—أمي، لقد اسأتي إلى زوجة أخي إساءة بالغة، أتمنى ان يغفر الله لكي ذلك.

أشار رائد بإصبع السبابة وقال:
—إن حدث شيء لريهام، سوف أحملك المسئولية كاملة، لقد عرفت أنها سمعت حديثك الحاد معي؛ منا دفعها لمغادرة المنزل ودموعها على خديها، فتعرضت للخطف.

شعرت ديانا بالغضب وتحدثت إليه بنبرة حادة وقالت:
—الٱن تجعل مني الشماعة التي تعلق عليها أخطائك، من حقي كأم أن أوافق على المرأة التي سيتزوج بها ابني، ولكنك على الرغم من معارضتي أكملت زواجك منها، ليس هذا فحسب بل جئت بها إلى هنا كأنك تخبرني أن رأي ليس له أهمية لديك.

على صوت رائد وهو يتحدث إلى والدته بحدة ويقول:
—من حقك أن تعارضي زواجي بأية فتاة، ولكن أنا صاحب القرار النهائي في ذلك وقد قمت باتخاذ القرار الذي رأيته مناسبًا لي ولحياتي، ما تحدثني به لن يخلي مسئوليتك أمامي.

ابتسمت ديانا ساخرة وقالت:
—رائد، هل تظن أنني لم أعرف الشخص الذي قام بإطلاق النار عليها أليس هو نفسه والدها؟!

نظر رائد إلى ديانا نظرة حادة مقتضبة، ثم تحدث إليها قائلاً:
—لا جدوى من الحديث معك، سوف أذهب لأرى ما الذي يحدث داخل هذه الغرفة.

أسرع رائد إلى غرفة العمليات ولم يستطيع الإنتظار فانتهز دلوف الممرضة إلى الداخل وهي تحمل العديد من العقاقير فلم تستطيع إغلاق الباب الرئيسي للغرفة بشكل جيد، انتهز رائد الفرصة وتسلل إلى داخل غرفة العمليات.

ما إن دنا من الحجرة التي يتم بها إسعاف ريهام ورأى حبيبته وهي تتعرض للعديد من الصدمات الكهربائية في محاولة من الأطباء لإنعاش القلب الذي توقف انهمرت الدموع من عينيه وظل يهمس ويقول:
— أرجوا أن تعودي إلى الحياة ولا تتركيني، لقد جمعنا القدر فلا يمكن للموت أن يفرقنا، ريهام اصمدي وأعدك إنني لن اتهاون مع أي شخص يسيء إليكِ، سوف أقوم بتعويضك عن كل هذه الٱلام والقسوة التي تعرضتي لها، لكن عودي إلي فلن أحتمل فراقك.

بدأ القلب ينبض ببطىء شديد ففرح الأطباء كثيرًا بذلك، شعر رائد بالسعادة ولكن سرعان ما تبددت هذه السعادة عندما سمع رائد أحد الأطباء يهمس إلى زميله ويقول:
—نبض القلب منخفض للغاية ربما يعاود القلب التوقف مرة أخرى كما حدث مع الحالة السابقة عندما تحرك القلب بفعل الصدمات الكهربائية ولكنه عاود التوقف مرة أخرى بشكل نهائي.

لم يحتمل رائد هذه الكلمات وغادر الغرفة دون أن يشعر به أحد؛ حتى لا يتسبب في أذى الممرضة التي تركت باب الغرفة دون أن تتأكد من إغلاقه بشكل جيد.

أسرعت نغم إلى أخيها وحدثته قائلة:
—أخي، ما الذي يحدث بالداخل؟ هل اطمئننت على ريهام؟

نظر رائد إليها وقد بدى عليه الحزن وعلق قائلًا:
—لقد عاد القلب بالنبض ولكن ضعيف وهذا يجعله عرضة للتوقف مرة أخرى.

لم يستطيع رائد الوقوف على قدميه، وبدأ يشعر بدوار فصاحت نغم على مازن الذي جاء مسرعًا وأمسك برائد حتى لا يسقط أرضًا، أسرعت نغم بإحضار مقعد وحدثت رائد قائلة:
—أخي، من فضلك اجلس واستريح قليلًا.

نظر رائد إلى شقيقته وعلق قائلًا:
—لن أشعر بالراحة حتى اطمئن على روحي التي بالداخل.

ثم نظر إلى مازن وحدثه بحزن قائلاً:
—مازن أشعر أن جسدي بلا روح وأن روحي معلقة بين السماء والأرض.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي