الفصل الخامس والعشرون مفاجأة

أمسك رائد بمقبض الباب ودقات قلبه تتزايد كلما  شرع بفتح الباب وازداد الخوف بداخله لما ينتظره بالداخل.

انهى رائد خوفه عندما دفع الباب ودلف إلى داخل الغرفة، ليتفاجيءبما لم يكن يتوقعه.

فعندما نظر إلى فراش ريهام لم تكن ريهام طريحة الفراش كعادتها منذ ما يقرب شهرين، لقد كان فراشها خاويّا.
همس في نفسه قائلاً:
—يا ويلتي، أين ريهام ؟! هل يمكن أن يكون قد أصابها مكروه ؟

إلتفت رائد إلى نغم التي كانت تقف خلفه، نظر إليها متسائلاً يخشى الإجابة عن سؤاله الذي لا بد منه:
—نغم، ما الذي حدث؟!

وقفت نغم في صمت بينما أجابته ديانا القادمة من الخلف:
—تريد أن تعرف الإجابة عن سؤالك أليس كذلك؟

رائد بغضب :
—أين ريهام؟!

ابتسمت ديانا فخرجت ريهام من المرحاض وقالت:
—رائد، إنني هنا.

نظر رائد إلى ريهام وشعر كأن حلمًا جميلًا يراوده، إلتفتت إلى ديانا وحديثها قائلاً:
—أمي، هل ما أراه حقيقيًا؟!

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—حقيقيًا يا أخي حقيقيًا، هذا ما كنا نخفيه عنك.

دنت ريهام من رائد ووضعت يدها على لحيته وقالت:
—لقد اشتقت إليك كثيرًا، ولكن لماذا تطيل لحيتك هكذا؟!

ابتسم رائد وأسرع بحمل ريهام ظل يدور بها في أرجاء الغرفة من السعادة وهو يقول:
—أشعر إنني داخل حلم جميلا لا أريد أن استيقظ منه.

دنت ديانا من رائد وحدثته قائلة:
—حمدًا لله على سلامتها، لقد أصرت على عدم إخبارك بالأمر وجعلها مفاجأة لك.

نظر رائد إلى والدته والسعادة تملأ عينيه، أمسك بيدها وقام بتقبيلها ثم تحدث قائلاً:
—أمي، شكرًا لكِ، أعلم أن ذلك قد حدث بسبب اهتمامك الشديد بها والذي لمسته بنفسي، ولكن متى حدث ذلك.

ابتسمت ديانا وعلقت قائلة:
—منذ اليوم الأول لمغادرتك المنزل، بدأت تحرك عيناها ويدها.

نظرت ديانا إلى ريهام وقد علت الابتسامة وجهها وأمسكت بيدها ثم واصلت حديثها قائلة:
—ما إن رأيتها هكذا حتى أسرعت باستدعاء الطبيب ويليم، الذي جاء مسرعًا وقام بإعطائها بعض العقاقير ولم يمضي سوى يومان، حتى رأيتها تغادر فراشها، وبدأت تتعافي بشكل سريع، لقد كان بداخلها كمًا هائلًا من الرغبة في العودة إلى الحياة.

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—من يجد الحب والأهتمام التي وجدته منكِ ولا يرغب في العودة إلى الحياة مرة أخرى.

عانقت ريهام ديانا فضمتها ديانا إلى صدرها بقوة وحدثتها قائلة:
—لم أكن أتخيل يومًا إنني سوف أحب فتاة سوى ابنتي نغم، وأن ذلك من المستحيل بمكان، ولكن الٱن ها قد تحقق المستحيل وأحببتك كما أحب ابنتي نغم.

علت الابتسامة وجه رائد وعلق قائلًا:
—أمي هذا أسعد يوم في حياتي.

شعرت ديانا بسعادة بالغة، فنظرت إلى نغم وهمست إليها قائلة:
—نغم هيا بنا ونترك رائد ينال قسطًا من الراحة، أعتقد إنه في حاجة للإنفراد بزوجته.
ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—حسنًا أمي هيا بنا.

غادرت ديانا ونغم الغرفة، بينما ظل رائد ينظر إلى ريهام وهو يحدث نفسه قائلاً:
—في حالة ما إذا كان هذا حلمًا فإنني أتمنى ألا استيقظ منه.

نظرت ريهام إلى رائد وقد بدى عليها التعجب وعلقت قائلة:
—هل ستظل تطيل النظر إلي هكذا دون أن تنطق بكلمة واحدة؟!

ابتسم رائد وأمسك بيدها وبعد أن وضع عليها قبلة حانية، تحدث قائلاً:
—لا أخفي عليكِ، مازلت أشعر أن ما يراودني الٱن ليس إلا حلم جميل وأخشى أن استيقظ منه على حالٍ ٱخر ما أقصاه وما أبشعه!

وضعت ريهام كفيها على وجنتيه ث تحدثت قائلة:
— لا داعي للخوف، لقد تعافيت وها أنا بجوارك.

نظرت ريهام إلى الأسطوانة الخاصة بإنشودة الحب وأسرعت بتشغيلها ثم حدثته قائلة:
—وها هو اللحن الذي نعشقه سويًا، سوف أقوم بتشغيله لنسمعه سويًا.

أمسك رائد بيدها وجذبها نحوه وهو يقول:
—لا، لا تذهبي ولا تبتعدي عني ولو لخطوات قليلة، أريدك أن تستمع إلى قلبي وهو ينشد أجمل الأناشيد وأعذب الألحان في عشقك وهواكي.

ابتسمت ريهام وهمست إليه قائلة:
—لقد افتقدتك كثيرًا ولكن من الٱن فصاعدا لن يفرق بيننا شيء سوف أكون بجوارك ولن يستطيع أحد أن يباعد بيننا.

دلفت نغم إلى غرفتها وجلست تفكر في تلك السعادة التي بدت واضحة على وجه أخيها  برؤية ريهام بعد أن تعافت.

فجأة شعرت نغم بحنين وشوق إلى جاسر، أمسكت بهاتفها وتصفحت الصور التي كانت قد إلتقتطها أثناء وجودها في مصر فإذا بصورة جاسر التي إلتقطتها له دون أن يدري.

نظرت نغم إلى صورة جاسر وتحدثت قائلة:
—لا تعلم مدى شوقي إلى رؤيتك، لم يجرؤ أحد أن يفعل معي ما قمت أنت بفعله.

لمست نغم وجنتها بأناملها تتحسس موضع الصفعة ثم تحدثت قائلة:
—أشعر بتلك الصفعة على وجهي كأنك قمت بصفعي منذ قليل، ولكن كيف لم تشعر بما يجتاح قلبي نحوك من مشاعر ألهذا الحد تبغضني أم أن هناك من تشغل قلبك بالحب؟!

القاهرة، منزل رائد عزالدين.

وقف جاسر في الشرفة يتطلع إلى حديقة الن
منزل، وما إن وقعت عيناه على البوابة الخارجية، تذكر عندما كان يعمل فرد أمن ويقف عند البوابة الخارجية للفيلا.

علتي الابتسامة وجهه ثم تحدث قائلاً:
—"ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وأن أعمل صالحا ترضاه" ثم أغمض جاسر عيناه وتذكر كيف كان رد فعله عندما صرحت بحبها له، وكيف إنه تعامل معها بمنتهى القسوة عندما قامت بتقبيله.

تعجب لما يدور بخاطره وعلق قائلًا:
—ما الذي أفكر فيه؟! لماذا يقفز التفكير في هذه الفتاة إلى مخيلتي دائمًا؟! لا يمكنني أن أفكر في فتاة كهذه الفتاة شديدة التحرر، فلا أمل فالزواج منها أو رغبة لدي في ذلك.

حضرت الخادمة نجلاء وتحدثت إليه قائلة:
—سيدي، لقد تم إعداد الغداء ووضعه على المائدة تفضل لتتناوله.

ابتسم جاسر وعلق قائلًا:
—نجلاء، رجاءً لا أريدك أن تناديني بسيدي، فما أن بسيد ولكنني شخص فقير إلى الله، وقد أنعم الله علي.

ابتسمت نجلاء وعلقت قائلة:
—سيدي، هذه أوامر السيد رائد، هو الذي  أمرنا أن نتعامل معك  بكل تقدير وبمنتهى الأحترام، كنت بالأمس شيء واليوم أصبحت شيئًا ٱخر فهذا هو مكافأة القدر لك.

ابتسم جاسر وعلق قائلًا:
—حسنًا سوف ألحق بكِ لأتناول الغداء.

منزل رائد عزالدين بلندن.

وأمام ما تشعر به نغم من شوق وهيام، لم تجد أنامها شيء يخرجها مما تعاني منه سوى أن أسرعت وقامت بالاتصال على مازن وحدثته قائلة:
—مازن، لقد أشتقت إليك كثيرًا أريدك أن تأتي بأقصى سرعة.

تعجب مازن وعلق قائلًا:
—نغم، ما الذي يحدث معك، هل حدث شيء لريهام؟!

نغم ودموعها تتلألأ داخل مقلتيها علقت قائلة:
_ريهام بخير وقد بدأت تتعافى بشكل نهائي.

ابتسم مازن وعلق قائلًا:
—هذا نبأ سعيد للغاية، فما الداعي لهذا الحزن الذي لمسته في صوتك؟!

انهمرت الدموع من عين نغم وعلقت قائلة:
—إنني في أشد الحاجة إليك.

ابتسم مازن وعلق قائلًا:
—هل حقًا تشتاقين إلي؟! ما دمتي هكذا يمكنك أن تفتحي باب المنزل فأنا أقف بالخارج.

تعجبت نغم وعلقت قائلة:
—مازن ما الذي تقوله؟! هل تمزح معي؟!

ابتسم مازن وعلق قائلًا:
—هيا افتحي الباب وسترين.

أسرعت نغم إلى باب المنزل وقامت بفتحه لتجد مازن يقف أمامها وفي يده باقة كبيرة من الورود.

نظر إليها وحديثها قائلاً:
—هل تعتقدين أنني لم أشتاق إليكِ أنا أيضًا؟!

أسرعت نغم وقامت بمعانقته وهي تردد:
—أحتاج إليك كثيرًا، أرجوك لا تبتعد عني مرة أخرى.

ربت مازن على ظهر نغم وعلق قائلًا:
—ألا تسمحين لي بالدلوف إلى داخل المنزل فالجو كما ترين شديد البرودة.

نظرت نغم إلى مازن وعلقت قائلة:
—بالطبع تفضل، أعتذر إليك فلم أكن أتوقع حضورك في هذه الأثناء.

ابتسم مازن ودلف إلى داخل المنزل ثم علق قائلاً:
—ما إن أنهيت أختبارات السنة النهائية بالجامعة لم أنتظر حتى تظهر النتيجة وجئت لأراكي .

ابتسمت نغم وحدثته قائلة:
—دائمًا ما تأتي في الوقت المناسب، كأنك تشعر بي.

نظر مازن إليها وحدثتها قائلًا:
—نغم، ما الذي يجري معك؟! هيا أخبريني ما الذي جعلك تبدين حزينة إلى هذه الدرجة؟!

ابتسمت نغم وعلقت قائلة:
—بعدك عني هو الذي كان يشعرني بالحزن، لم اعتاد أن نبتعد عن بعض كما فعلت هذه المرة.

وضع مازن ذراعه على كتف نغم وحدثها قائلاً:
—أعدك إنني لن أبتعد عنك مرة أخرى، فأنا أيضًا افتقدتك بشدة وكنت انتظر حتى تنتهي الأمتحانات بفارغ الصبر.

في المساء اجتمع الجميع على مائدة الطعام عدا رائد وريهام الذان طلبا أن يتناولا العشاء في غرفتها.

كانت ليلة سعيدة على جميع من في المنزل، فنغم سعيدة بعودة مازن ورائد سعيد بعودة ريهام، أما ديانا فكانت السعادة تملأ قلبها لسعادة ابنها رائد الذي ظل يعشش الحزن بداخل قلبه لما يقرب الأربعون يومًا.

في صباح اليوم التالي.

اجتمع الجميع على مائدة الإفطار، نظر رائد أثناء تناوله الطعام إلى ديانا وحدثها قائلاً:
—أمي، لقد قررنا أن نعود إلى القاهرة.

نظرت ديانا وقد بدى عليها التعجب والضيق ثم علقت قائلة:
—بني، ما الذي أصابك؟!لقد عدت للتوه من القاهرة، أنتظر عدة أيام فمازالت ريهام في فترة نقاهة وأخشى أن تتدهور حالتها.

ضحكت نغم وعلقت قائلة:
—ديانا، هل حقًا تخشين من تدهور الحالة الصحية لريهام أم أنك قد تعودتي على وجودها ولا تريدنها أن تغادر المنزل؟

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—أنا أيضًا أصبحت لا أطيق البعد عنك يا أجمل وأرق ديانا في الوجود.

علت الابتسامة وجه ديانا وعلقت قائلة:
_ولذلك تريدين أن تتركيني وتعودي إلى القاهرة ؟!

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—حبيبتي، كما تعلمين رائد رجل أعمال مشهور، ووجوده هنا بعيدًا عن عمله يجعله مشتت ويؤثر بالسلب على عمله، لابد له من الإستقرار في حياته وعمله، فما رأيك أن تأتي معنا وتقضي معنا بعض الوقت وتتمتعي بما في مصر من مناظر خلابة وجو رائع.

ابتسمت ديانا وعلقت قائلة:
—أعتذر لن أستطيع المجيء معكم فلدي عملي هنا، ولكن فيما بعد ربما أستطيع الحصول أعلى عطلة وحينها سوف ٱتي لقضائها معكم هناك.

شعرت نغم بالرغبة الشديدة في العودة إلى القاهرة فتحدثت قائلة:
—أخي، هل يمكنني أن أرافقكم، لقد اشتقت إلى العودة لمصر وأود الذهاب معكم.

نظرت ديانا إلى نغم في ذهول فهذه هي المرة الأولى التي تصرخ فيها نغم  برغبتها في العودة إلى هناك وعلقت قائلة:
—نغم هل حقًا تودين العودة إلى هناك؟!

أومأت نغم برأسها وعلقت قائلة:
—أجل أمي أريد العودة إلى هناك.

نظرت ديانا بغضب وعلقت قائلة:
—هل نسيتي الحالة التي كنتِ عليها عندما قررتي العودة إلى هنا؟! هل اشتقتي لمزيد من الجروح والعذاب بعد أن إلتئم قلبك؟!

نظر الجميع في ذهول وتعجب بينما تحدث رائد قائلاً:
—أمي، من الذي جرح قلب نغم وجعلها تقرر العودة إلى هنا ؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي