الفصل السادس تجاهل

نظر الطبيب إلى ريهام وقد بدى عليه الحزن؛ فقد اعتقد أن ريهام قد فقدت بصرها عندما اشتعلت النيران في وجهها، فتحدث إليها وقال:
—أنظري إلي ألا تريني؟

انهمرت الدموع من عيني ريهام وعلقت قائلة:
—سيدي، لا أستطيع...
وفي ذلك الوقت دلف عزام إلى داخل الغرفة فنظرت إليه ريهام وعلقت قائلة:
—أنت الشخص الطيب الذي كان يطعمني بيده أليس كذلك؟!

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—أجل، حمدًا لله على سلامتك.

مسحت ريهام دموعها وعلقت قائلة:
—لم أكن أتخيل إنني سوف أرى مرة أخرى، ولكن شكرًا لك سيدي الطبيب.

ابتسم الطبيب وعلق قائلًا:
—لقد قلق بشأنك، اعتقدت لوهلة إنك لا ترين شيئًا ولكن يبدو الأمور تسير على الوجه الأكمل، أما الٱن فعلي أن أغادر إلى عملي.

غادر الطبيب الغرفة وجلست ريهام تتحسس وجهها، نظر إليها عزام وحدثها قائلاً:
—ابنتي، هل تعرض وجههك لحريق؟!

أومأت ريهام برأسها وقالت:
—أجل سيدي، لقد تعرضت أنا وشقيقتي لحادث سيارة انقلبت فيه سيارتي وانفجر خزان الوقود بها فاشتعلت ونحن بداخلها.

بدى على عزام التأثر الشديد وتحدث قائلاً:
—ولكن ماذا عن شقيقتك؟!

انهمرت الدموع من عيني ريهام ونظرت إلى عزام وقالت:
—لقد توفيت متأثرة بإصابتها، ليته كان باستطاعتي أن أفديها بنفسي.

نظر عزام إلى ريهام وقد بدى عليه التأثر وعلق قائلًا:
—ابنتي، إنها أقدار الله وعلينا أن نرضى بها، ولكن الحمد لله أن وجهك لم يتأثر بذلك الحريق.

تعجبت ريهام وقالت:
—سيدي، لقد سمعت أثناء نقلي إلى المشفى من يقول:"لقد شوه الحريق ملامحها في حين توفيت التي كانت بجوارها.

تعجب عزام ونظر إلى وجهها ثم تحدث إليها وقال:
—لا يوجد على وجهك أي أثر لحريق ربما خضعتي لعملية تجميل ولكن يبدو أن من قام بإجراءها طبيب بارع للغاية.
شعرت ريهام بالإرتياح لحديث عزام فتحدثت إليه وقالت:
—سيدي، هل يمكنك أن تحضر لي مرٱة أرى بها وجهي؟

ابتسم عزام وعلق قائلًا:
—بالطبع، سوف أذهب لأحضرها إليكِ على الفور.

غادر عزام الغرفة بينما جلست ريهام تتذكر نظرات شقيقتها إليها وهما داخل السيارة والناس تحاول إطفاء السيارة وٱخراجهما من داخلها.

لم تستطيع ريهام التحكم في هذه الدموع المتساقطة كالشلال على وجنتيها، وهي تتذكر أخر ما تفوهت به شقيقتها ليلى، عندما تحدث إليها وقالت:
—كنت أود التخلص من هذا الذي بداخل أحشائي ولكن يبدو أن للقدر رأي ٱخر، سوف نرحل سويًا، ريهام ربما لم أستطيع أن أكون الأخت الجيدة بالنسبة لكي، ولكن انتبهي على نفسك.

لم تستطيع ريهام تحمل ذلك وانفجرت في البكاء.

داخل شركة الرائد للإستيراد والتصدير، جلس رائد عز الدين يفكر فيما سيفعله مع ريهام، شعر بالإختناق فغادر مكتبه واستقل سيارته دون أن يعرف أين سيذهب .

فجأة وجد نفسه أمان المقابر ذهب إلى قبر ليلى ووقف أمامه وبداخله قلب حزين نظر إلى لقبر وتحدث قائلاً:
—ليلى، لقد اشتقت إليكِ كثيرًا، أصبحت حياتي بلا طعم، ولا معنى منذ أن فقدتك وأنا أشعر إنني بلا حياة ولا روح.

انهمرت الدموع من عيني رائد ثم واصل حديثه وقال:
—أعلم أن ما حدث لكِ شيء فزيعًا ولكنني كما أخبرتك من قبل لن أدع هذا الأمر يمر عبثًا، سوف أجعلها تتمنى الموت ولا تجده.

غادر رائد المقابر واستقل سيارته متجهًا إلى منزله، وما إن دلف إلى داخل المنزل ورٱه عزام اعتقد أنه سيدلف إلى داخل غرفة ريهام ولكنه فوجيء به يدلف إلى داخل المنزل متجاهلًا لوجود ريهام.

تعجب عزام وعلق قائلًا:
—كنت أعتقد أنه سوف يدلف إلى داخل غرفة ريهام، ولكنه دلف إلى داخل المنزل دون أن يهتم برؤيتها أشعر أن هناك أمرٍ ما يحدث مع رائد هذه الأيام.

نظر جاسر إلى عزام فلاحظ عليه الشرود، دنا منه وحدثه قائلاً:
—أيها الرجل الطيب ما الذي يشغل ذهنك إلى هذه الدرجة؟!

انتبه عزام إلى وجود جاسر فحدث قائلاً:
—لا شيء ولكن متى جئت إلى هنا؟!

ضحك جاسر وربط على كتف عزام ثم حدثه:
—يبدو أن الأمر الذي جعلك شاردًا هو أمر هام للغاية؛ فأنت لم تشعر بوجودي وهذا على غير عادتك.

حاول عزام التظاهر بأنه بخير ثم علق قائلاً:
—بني، الأمر ليس كما يبدو لك، ولكن لدي بعض الأمور الخاصة بأسرتي كنت وأفكر بشأنها.

أومأ جاسر برأسه وعلق قائلًا:
—حسنًا لا أحب التدخل في شئونك الخاصة ولكن ما إن تحتاج إلى التحدث ستجدني ٱذان صاغية.

ابتسم عزام ورت على كتف جاسر ثم حدثه قائلاً:
—أعلم ذلك ولكن الأمر لا يستحق، شكرًا لك على اهتمامك.

داخل فيلا صفوان ثابت.

جلس صفوان ثابت وفي يده صورة ابنته ليلى يحتضنها ويبكي بكاءً شديدًا، ثم يحدثها ويقول:
—ابنتي، لقد اشتقت إليكِ كثيرًا، لو أعلم ما سيحدث لكِ ما كنت لأجعلك تغادرين في ذلك اليوم فأرجوا أن تسامحني على ذلك.

ريهام وقد جلست تفكر فيما حديثها به رائد ثم حدثت نفسها قائلة:
—لا أعلم ما الذي يحدث معه؟! لماذا يعتقد أنني المسئولة عن موت ليلى ،إنني اتألم بشدة لفقدانها ولكنني كنت أحاول أن منعها من الذهاب لذلك الطبيب.

تذكرت ريهام عندما أخبرت ليلى وقالت:
—ليلى، لم يأتي رائد لخطبتك أنتِ، بل جاء لخطبتي أنا لقد قمت بإنتحال شخصيتك وأسمك، لم أستطيع أخباره إنني أبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، فلم يكن ليوافق على الزواج مني فهو ضعف عمري تقريبًا.

نظرت ليلى إليها نظرة يملؤها الذهول والصدمة ثم حدثتها قائلة:
—ريهام كيف تجرئين على فعل شيئًا كهذا؟!

نظرت ريهام أمامها فإذا بسيارة نقل عملاقة تعترض طريقهما فصاحت قائلة:
—ليلى انتبهي.
نظرت ليلى أمامها فإذا بها تصطدم بالسيارة وتطير في الهواء ثم تنقلب السيارة بهما عدة رات يؤدي ذلك إلى انفجار خزان الوقود بها.

فجأة صاحت ريهام وقالت:
—ليلى..ليلى النهار احترسي النار تمسك بملابسك.

عزام في طريقه إليها وفي يده المرٱة التي طلبتها منه ريهام، سمع صوت ريهام وهي تصرخ فوقعت منه المرٱة وأسرع راكضًا إليها.

دلف عزام إلى داخل الغرفة وحدثها قائلاً:
—ابنتي، ما بكِ؟
انتبهت ريهام وحدثته قائلة:
—لا شيء ولكنني تذكرت الحادث فلم أشعر بنفسي
أعتذر على ما سببته لك من إزعاج.
ابتسم عزام وحديثها:
—لا عليكِ لقد خشيت أن يكون قد اصابك مكروه؛ لذلك هرولت إليكِ.

ابتسمت ريهام وعلقت قائلة:
—هل خشيت أن يكون رائد قد فعل بي شيء؟

اغمض عزام عينه وحاول أن يتجاهل هذا السؤال فتحدث قائلًا:
—المرٱة، كنت قد احضرتها إليكِ ولكن ما إن سمعت صوتك حتى سقطت من يدى وتهشمت، سوف أذهب وأحضر لكِ بأخرى.

اومأت ريهام برأسها وحدثته قائلة:
—حسنًا، أيها العم الطيب ولكن هل يمكن أن تخبرني أين أنا؟

نظر عزام إليها وحدثها قائلاً:
—ابنتي، أعتذر إليكِ فليس باستطاعتي أن أخبرك بشيء،

بعد مرور عدة أيام بدأت ريهام تشعر بالملل والتعب من وجودها داخل تلك الغرفة وعلى الرغم من محاولات عزام للترفيه عنها غير أنها كانت تشعر بالملل وزاد  من غضبها ترك رائد لها داخل تلك الغرفة دون أن يأتي إليها أو يتحدث معها ويخبرها ما السبب وراء حبسها في ذلك المكان.

دلف عزام إلى داخل الغرفة وفي يده تلفاز، نظر إلى ريهام وحدثها قائلاً:
—ابنتي، لقد أحضرت إليكِ هذا التلفاز لعله يرفه  عنك قليلًا.

نظرت ريهام بغضب وتحدثت قائلة:
—لا أريد شيئًا فكل ما أريده هو مغادرة هذا المكان والعودة إلى منزلي، لقد جئتم بي إلى هنا ولا أعرف السبب وراء ذلك، لا أستطيع رؤية أي شيء سوى هذا الأثاث القديم والفئران التي تملأ المكان.

انهمرت الدموع من عيني ريهام واكملت حديثها قائلة:
—أي شخص هذا الذي انعدمت الرحمة من قلبه؟! فيقوم بخطفي من المشفى وحبسي داخل هذا المكان المتوحش دون أن يكلف نفسه ويخبرني عن سبب وجودي هنا.
نظرت ريهام حولها وقالت:
—أنظر من يقبل أن يقضي هنا يومًا واحدًا لا يجد من يتحدث إليه سوى الفئران، حتى وجهي لا أعرف ما الذي حدث له فلم أستطيع رؤيته حتى الٱن.

شعر عزام بالحزن والأسى لما يحدث مع ريهام فحدثها قائلاً:
—ابنتي، انتظري هنا سوف أذهب للتحدث مع السيد رائد ثم أعود إليكِ مرة أخرى.

وبالفعل ذهب عزام إلى رائد، دلف إلى مكتبه ثم حدثه قائلاً:
—سيدي، أريد أن أتحدث معك في أمر هام.

نظر رائد إليه وقد بدى عليه التعجب فأشار له بالجلوس ثم حدثه قائلاً:
—تفضل بالجلوس ثم أخبرني بما تريد.

جلس عزام وبدأ حديثه قائلاً:
—سيدي، منذ أن جئت للعمل هنا وأنا أدين لك بالطاعة والولاء ولم أندم على ذلك، ولكن منذ أن أحضرت تلك الفتاة إلى هنا وأنا أشعر بتأنيب الضمير.
نظر رائد إلى عزام وتحدث قائلاً:
—أراك متعاطفًا مع تلك القاتلة؟

نظر عزام إلى رائد وردد قائلاً:
—قاتلة كيف حدث ذلك؟!

علق رائد قائلاً:
—عزام، أنت تعمل معي منذ عدة سنوات هل رأيتني يومًا أتعامل مع أحد  بهذه الطريقة؟

نظر عزام إلى رائد وقد بدى عليه التعجب والذهول ثم علق قائلاً:
—هذا ما جعلني أتعجب من موقفك هذا حيال تلك الفتاة، ولكن هل يمكنك أن تخبرني من الذي قامت تلك الفتاة بقتله؟!

علق رائد قائلاً:
—هذه الفتاة هي المسئولة عن موت حبيبتي، فلا تطلب مني أن أشفق عليها أو أن أتعامل معها برفق.

أومأ عزام برأسه وغادر المنزل متجهًا إلى المخزن الذي يحتجر فيه رائد ريهام.

وفي طريقه للمخزن ظل يفكر في حديث رائد ويسأل نفسه ويقول:
—هل يمكن لفتاة كهذه تبدو عليها البراءة واضحة، أن تقتل؟! لابد أن أتحدث معها في هذا الشأن.

ريهام جلست تنتظر عودة عزام، ولكنها فجأة شعرت بالقلق أن يأتي رائد مع عزام فتحدثت قائلة:
—لا أريد لرائد أن يراني، ما إن يراني فسيعلم حينها أنني ليلى حبيبته ولست ريهام، هو على يقين أن ليلى قد توفيت ما الذي سيحدث إذا رٱها أمامه؟!

دلف عزام إلى داخل المخزن واتجه صوب الغرفة المحتجزة بها ريهام.

نظرت ريهام إلى عزام وقد بدى عليها القلق من أن يكون رائد خلفه، وما إن إطمأنت لعدم وجود رائد شعرت بارتياح وجلست تلتقط أنفاسها.

نظر عزام إليها وحديثها قائلاً:
—ابنتي، أريد أن أعرف منك ما الذي فعلتيه ليأخذ منك رائد هذا الموقف؟!

نظرت ريهام إلى عزام وحدثته قائلة:
— سوف أقص عليك كل ما حدث، ولكن أتمنى أن تساعدني.

نظر عزام إليها بانتباه شديد منتظرًا لما ستقوله، فجلست ريهام تقص عليه كل ما حدث بداية من اللحظة الأولى التي إلتقت فيها برائد وحتى هذه اللحظة.

تعجب عزام وعلق قائلًا:
—لماذا لا أخبريه بكل شيء، بدلًا من العذاب الذي يعيشه لإعتقاده إنك من توفيت.

نظرت ريهام إليه وحدثته قائلة:
—لقد كذبت عليه وأخبرته أن أسمي ليلى وليس ريهام وأنني أبلغ من العمر خمسة وعشرون عامًا.

وهنا دلف رائد إلى داخل الغرفة نظر إليها ثم حديثها قائلاً:
—أرى أن بفضلي قد تلاشت كل ٱثار الحروق من وجهك، ولكنني لم أقم بإحضار أشهر  أطباء التجميل  من الخارج لإجراء عمليات تجميل لهذا الوجه الجميل، سوى لأذيق صاحبته أشد أنواع العذاب جزاءً لها على قتلها لحبيبتي.
وهنا نظر عزام إلى ريهام وقد بدى عليه الذهول.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي