البارت الخامس عشر أميمة

مدت فمها معترضة بحركة طفوليه لتضرب الارض بقدمها المصابة بضيق " آآآآآآه منك لله انسان مريض مش هقول غير كدة " , نظرت حولها مستكشفة المكان الغريب لم تجد سوي الصخور والأعشاب الجافة ولكن علي بعد نصف كم تقريبا تظهر اشجار كثيفة يبدو انها بداية الغابة خلف القصر ونهايتها بالطريق الآخر الذي سلكته مع سيف بالسيارة من امام القصر , لفح جسدها نسمة باردة لتغلق ملابسها بإحكام حولها وهي تقول " فكري ف الجانب الايجابي مثلا مفيش حيوان هيعرف يفترسني عشان القفص حاميني ...لكن البرد والحشرات السامة والزواحف " , اتجهت لمنتصف القفص وجلست وهي تتلفت حولها برعب حتي لا تصبح ضحية عقرب او ثعبان سام

في القصر استدعت احسان جميع الخدم ليقفوا بقلق امام سيف , هتف سيف بعصبية " كلهم ي احسان "
ردت احسان بقلق " سيف باشا امينة تعبانة جدا بس هبلغها بالحضرتك تؤمره ي فندم "
فرك سيف باصابع يده جبينه بقوة وهو يزمجر " مالها "
ردت احسان بتوتر " درجة حرارتها مرتفعة من امبارح ومش راضية تنزل الواضح انه دور برد شديد "
صرخ سيف بغضب " ومستنية ايه انا ناقص ي احسان خلي محمد يطلع بيها علي المستشفي حالا ولو حصلت حاجة انتي ال هتتحملي المسؤلية كاملة مش عشان بقيت مشغول اليومين ال عدو دول تكسلو ف شغلكم "
ردت احسان بقلق " ي فندم انا حاولت معاها بس هي عندها فوبيا من المستشفيات بس بجيب سيرة مستشفي ولا دكتور بتتشنج وبيغمي عليها بعد عياط كتير وحضرتك عارف السبب "
هدأ سيف قليلا ليردف بهدوء " خلاص هاتيلها دكتور كويس يعرف يتصرف مع حالتها وابقي حاسبيه وبعدين فكريني بموضوعها ده عشان تتعالج منه "
اجابت احسان بهدوء " تحت امرك ي فندم "
نظر سيف للخادمات بوعيد وهو يشير لهم باصبعه السبابة محذرا " ال هتهوب فيكم ناحية القبو تقول يارحمن ي رحيم علي روحها فاهمين "
اجابوا جميعا بطاعة " تحت امرك ي فندم "
صاح بحزم " كل واحدة علي شغلها "
غادر الجميع لم يتبقي سواه مع احسان ليردف بجمود " وديني عند امينه "
تنهدت احسان وهزت راسها بهدوء لتشاور له بيدها ناحية غرف الخادمات " اتفضل ي فندم "
في غرفة امينة مستلقية صاحبة الثمانِ عشر ربيعا علي فراشها يمتلئ جبينها بحبات العرق الكثيفة تتمتم بكلمات غير مسموعة ليجلس سيف بجانبها وهو يتحسس حرارتها بضيق " كدة ي احسان حرام عليكي "
ردت احسان بحزن " ي سيف مكنتش موجود امبارح وبعدين لما جيت كان الوضع مش ولابد ف قولت انه دور برد وهتخف لكن حالتها بتسوء "
رد سيف بحزن " انا فعلا قصرت "
فتحت عينها بوهن وهي تتمتم بصوتٍ ضعيف " سيف "
مسد علي شعرها وهو يجيب بحزن " متقلقيش انا هنا "
امسكت يداه وهي ترتجف من اثر الحمي " مش عايزة اروح المستشفي مش عاوزة اشوف دكاترة اقتلني قبل ما تفكر تعمل كدة "
رد بحزن " حاضر متقلقيش "
اغمضت عينها تدريجيا وهي تتمتم " شوفتهم وهما....."
نهض سيف وخرج بعد ان بدأت الهزيان مرة اخري , لتستعيد هذه الصغيرة ذكري لم تكن تود الاحتفاظ بها يوما............منذ عشرة اعوام (فلاش باك)

تحمل الفتاة صاحبة ثمانية اعوام اختها المريضة وهي تجول بها في طرقات القاهرة المزدحمة والدموع تغرق عيناها " ي بيه ونبي لتكشف علي اختي محتاجة علاج ومش معانا فلوس ...يست هانم احب علي ايدك لتساعدينا اختي ي ست هانم مريضة "
ردت تلك السيدة البائسة بقسوة وهي تزيحها عن طريقها " ابعدي من هنا مليتو البلد جاتكم القرف عليكم وعلي ال خلفوكم "
نظرت بحزن وبكاء لشقيقتها صاحبة ثلاثة اعوام فاقدة للوعي بين زراعيها لتكمل باصرار ذاهبة لموقف السيارات تجول بينهم وهي تترجي اصحاب الطبقات الوسطي والعليا ولكنها كانت تتلقي الاهانات اضعافا مضعفا متدَّعين ان كل ذلك ما هو الا اكاذيب , عادت للرصيف وخيبة الامل قد نالت منها لتجلس متعبه تخرج زجاجة رثة بها بعض المياة تشربها بحذر حتي لا تنفذ منها فليس هناك وقت لاضاعته بحثا علي مياه مجانية بهذا الحي المتعالِ
" انتي يبنت ايه ال مقعدك كدة " , جائها الصوت من خلفها لتجد سيارة علي الطريق الاخر ساكنة يخاطبها رجل مسن من وراء نافذة نصف مفتوحة بسيجارته الفارهة , وقفت مسرعة تاركة زجاجة المياة وهي تحمل شقيقتها لتتجه نحوه بترجي وهي تقول " اختي يسعت البيه عيانة محتاجة علاج او عملية وانا مش معايا فلوس "
رد بجمود " فين اهلك "
اجابته بنبرة متحسرة " مليش اهل انا من تحت الكوبري "
نظر لها قليلا بهدوء ليرسم بعدها ابتسامة مصطنعة وهو يقول " صعبتي عليا تعالي يا شاطرة انا دكتور هعالجها ف المستشفي عندي "
صعدت الفتاة معه السيارة بدون تردد ليأمر ذلك الغريب سائقه " اطلع ي فتحي "...........

دخلت الصغيره المشفي ولكن من باب خلفي لم يكن معها ذلك الغريب ولكن تصطحبها امرأة حادة الطباع ممسكة أياها من ذراعيها بقوة " آآآآآه اختي هتقع مني براحة "
ردت بفتور " اتلحلحي شوية قبل ما حد يشوفنا "
توترت الفتاة لتسأل بحيرة " ليه خايفة حد يشوفنا احنا مش بنعمل حاجة غلط هو سعت البية هيعالج اختي "
اجابت الممرضة بسخرية وهي تمضغ العلكة بطريقة مستفزة " مهو يا شاطرة دي مستشفي كبيرة ونضيفة زي ما انتي شايفة يعني للبشاوات مش ليكي ولا لاختك يعني لو حد شافك هيرميكو برة ايه عاوزة تخرجي "
هرولت الفتاة بسرعة اكبر معها وهي تهز راسها بخوف " لاء انا عاوزة اختي تخف وتتعالج " .............................

في غرفة باردة ذات اضائه خافتة قليلا عن اضائت الخارج تجلس الفتاة الصغيرة محتضنة شقيقتها بخوف الي ان آتي ذلك المسن الغريب مرة اخري مرتديا زي الاطباء وبيده قفازات واقية واسفل ذقنه كمامة زرقاء اقترب منها وهو يرتدي نظارته العريضة لينحني علي قدميه وينظر لها مبتسما " هاتيها اكشف عليها "
مد يده اليها لتتردد قليلا وثم تناوله شقيقتها بحذر ليمسكها بخبث ويتجه بها الي سرير متحرك يضعها فوقه , كانت حالتها رثة ثياب ممزقة والطين قد غطي بشرتها البيضاء وشفاها الوردية كما ان للجروح والكدمات اثر في محو ملامحها البريئة ليردف بسخرية وهو يتفحصها " شكها كدة كانت بتتخانق "
ردت الفتاة بحماس " ايوة حصل مع كلب من الكلاب بتاعت الشارع وعضها ف دراعها ولحقتها وحد من ال كانوا واقفين ودانا صيدلية وعالجوا الجرح لكن بعدها بيومين سخنت ونامت ومش عاوزة تصحي من امبارح بالليل "
رد بجدية وهو ينظر لها " انتي ازاي تسيبيها كدة هي هتموت بسببك "
جحظت الصغيرة بعينها وهي تنزل من علي الكرسي بقدم عارية لتردف بدموع " ساعدنا وحياة ولادك اعمل اي حاجة وانا هعمل ال انت عاوزه هلم الزبالة وامسح العربية طوال حياتي ليك بس متسبهاش تموت "
انحنت علي قدمه تقبل حذائه بترجي وبكاء لينحني هو ويرفعها مرة اخري مبتسما بخبث "عشان خاطر العيون الزرق دول حاضر هعملها العملية علي حسابي " ............................

مرت اكثر من ساعتين منتظرة شقيقتها بفارغ الصبر , لتحدث الممرضة المتغطرسة من جديد بقلق " هما لية مخلصوش "
ردت بعصبية " يوووه انتو حرام فيكوا الخير مهو انتي لو ليكي اهل دافعين دم قلبهم ف عملية زي كدة مكنتيش اتنفستي كان زمانك مرزوعه ف البيت مستنية لكن معلش هانت ي عسل شوية ويخلصو "
رن هاتفها لتنظر له بابتسامة عريضة وتفتحه وهي تضعه اسفل حجابها ليظهر نصفه من الخارج " ازيك ي توحة ......يواد اختشي ...وانت والله بس اعمل ايه الشغل وعمايله ........لاء هانت ي قلب خوختك انهاردة هرجع بمبلغ محترم نبيض بيه الشقة بتاعت امي ال هنتجوز فيها ...خلاص بقا شقتنا مش قصدي .....يواد اتلم "
نظرت لها الممرضة لتجد ان تلك الساذجة تسترق السمع لتقف بفتور وتخرج وهي ترقع احد الضحكات الرنانة بقوة , اتجهت الفتاة لخارج الغرفة بحذر وهي تجد الممرضة منشغلة بحديثها الاحمق غير مدركة انها تقترب من غرفة العمليات لتفتح الباب بهدوء وحذر وتدلف للداخل , كان المكان خاليا والغرفة شبه معتمه يضيئها مصباح صغير يتوسطها من السقف اسفله طاولة معدنية مستطيلة الشكل , بحثت بعينها في ارجاء الغرفة لتجد ان هناك باباً آخر يشبه الباب الذي فتحته تواً لتركض اليه وتفتحه بهدوء دون ان تدخل لانها وجدت ان هناك اشخاص بالداخل , انه نفس المكان التي تقف فيه غرفة واسعة يتوسطها مصباح مضئ بقوة لانهم منشغلين باجراء العملية تحته طاولة معدنية مستطيلة الشكل يتجمع حولها ثلاثة اشخاص بجانبهم طاولتان صغيرتان احداهما عليها ادوات الجراحة والاخري بها علب زجاجية محتلفة الاحجام بها سوائل غريبة تتحرك داخلها اجزاء تشبة قطع اللحم , دققت النظر لتجد ان احد تلك العلب تحمل عينان تشبه عينين شقيقتها , جف حلقها بعد ان ارتعش جسدها بخوف وهي تري الدماء المتساقطة علي الارض اسفلهم لينزع الطبيب المسن قفازاته وهو يقول " كدة خلاص خلصنا منها روحي هاتي اختها , ابقي قوليلها اننا محتاجين نقل دم منك واديها بنج وهاتيها "
ردت الممرضة بجمود " تحت امرك ي دكتور "
اكمل حديثه " وانت ي علي لم الحجات دي ونضف كل حاجة وارمي الجثة ده ف اي داهية ولا اقولك استني خد الجثة التانية معاك"
رد علي بمكر " حاضر ي دكتور "
توجه ناحية الحوض المعدني ليغسل يده , لتري تلك الصغيرة جسد شقيقتها مفرغ بطريقة بشعة " نظرت لها الممرضة بقلق لتصرخ " انتي ايه ال جابك هنا ي سماااح "
ركضت الفتاه باقصي سرعتها للخارخ وركض خلفها الممرضون ولكنها كانت الارسرع لتصعد اول سلم يواجهها وتفتح اول باب يقابلها لتجد انه ممر طويل فارغ ركضت بقوة لذلك الباب الذي بنهاية الممر لتفتحه وتحرج حتي وصلت لمكان الاستقبال , لم تجد الكثير من الناس ولكن كان الغالبية العظمي اشخاص يرتدون زي الممرضات , نظرت للباب الزجاجي الرئيسي الخاص بالمشفي لتركض مسرعة هاربة من هذا المكان , نجحت بالبداية في الخروج ولكن امسك بها حارس الامن وهي خارجة ليردف بجدية " كنتي بتعملي ايه جوة دخلتي ازاي "
كان وجهها شاحبا شفتاها ترتجف بقوة ملمسها بارد وكانها رأت شبحاً لتسرع سماح بالرد وهي تخرج من ذلك الباب " كويس مسكتها ي احمد البت دي دخلت علي دكتور عماد وهو بيعمل عملية ولطشت التليفون من علي الطربيزة ال حاطت عليها حاجته لكن لما شافتنا شفناها راحت موقعاه وكسرته بت ال***** "
هزها الحارس بعصبية وهو يسبها بافظع الالفاظ ليختم " انا هوديكي السجن "
ردت سماح بقلق " لا ي خويا عنك دة الدكتور نفسه عاوزها عشان يعرف هي عملت ليه كدة "
صرخت الفتاة وهي تحاول الهرب ولكن كان الحارس ممسكا زراعها بقوة " مهو ي الدكتور ي السجن ي روح *** , في تلك الاثناء هبط سيف من سيارته متجها للداخل ليلفت نظره صراخ تلك الصغيره " سيبها "
رد الحارس بقلق " دي حرامية ي باشا انا هعرف اتعامل معاها "
نظر لها ليجدها شاحبه لا تصرخ ولا تبكي ولكن نظراتها خالية , اقترب منها وانحني علي ركبته نازعا نظارته وهو يخاطبها " انتي سرقتي ايه "
سقت الفتاة فاقدة للوعي بين زراعية لينهرها الحارس بضيق " قومي ي بت حركات الشارع دي مش معانا وانتي ي سم ...سماح؟! " , لم يجدها ليعلم ان هناك شيئا غريبا بموضوع تلك الصغيرة ............
عودة من الماضي ...................
اكمل سيف تمارينه الرياضية وهو يتذكر بكاء تلك الصغيرة عندما استيقظت بين زراعية لتحدثه عما رأته يفعلوه بشقيقتها , لتفور دمائه ويتصرف معهم بطريقته الخاصة , دخلت احسان وهي تقول " الدكتور مشي ي سيف " , نهض سيف وهو يجفف حبات العرق المتساقطة بفوطة جافة

اردف بهدوء " حصل ايه وقال ايه "
اجابت بهدوء " الحمد لله دور برد بس تقيل شوية عشان تغيير الجو واداها علاج اما ال حصل ف هي اصلا غابت عن الوعي وعرف يكشف عليها بكل هدوء الحمد لله "
رد باقتضاب " متخليهاش تشتغل اي حاجة تاني خليها تركز في مذاكرتها "
رد بقلة حيلة " بحاول بس هي مش راضية ومش قادرة تنسي ال عملته زي ما مش قادرة تنسي ماضيها "
رد سيف بهدوء " انتي عارفة ان امنة دي طلعت مش اختها "
ردت بذهول " مش ممكن "
اكمل بجمود " دي مجرد بنت نتجت عن علاقة غلط ف كان مصيرها الزبالة ولكن لحسن حظها شافتها اميمة وصاحبتها ال اكبر منها وقرروا انهم يحتفظو بيها "
ردت احسان بصدمة " وفين صحبتها كانت لما البنت تعبت "
اجاب سيف " البت كبرت واتباعت برة ومحدش عرف عنها حاجة "
نظر لها سيف من الاعلي وهو يحدثها بسخرية " انتي لسة عايشة "
نظرت له بقسوة لتنهض وتمسك بالسياج "عايشة عشان انتقم ي سيف واخد حقي منك اوعدك ان موتك هيكون علي ايدي في يوم من الايام "
نزل بمهارة وهو يقترب من القفص ليمسك يدها بقوة رغم محاولتها اليائسة في الافلات منه " يبقي ده هيكون يوم سعدي اني اموت علي ايد حد بحبه "
نظر لها بثبات لتهدء قليلا ثم ترك يدها وفتح القفل نازعاً السلاسل ليفتح الباب علي مصرعية , اشار لها للخروج لتتراجع هي للوراء بتحدٍ , ابتسم بخبث وهو يقول " افهم من كدة انك هتفضلي هنا "
ردت بثبات انفعالي " هطلع من قفص اروح لقفص اكبر كفاية انك مش هنا ك ها هااتشي "
ضحك قليلا وهو يردف بهدوء وتحذير " طيب خليكي هنا وسط الحيوانات المفترسة والتعابين ياكش واحد منهم يبلعك ويريحني (بعد الشر ) ده غير انك خدتي نزلت برد ف احب اقولك اني هسيب القفص مفتوح والخيار قدامك "
ادار ظهره لها صاعدا المنحدر ببطئ لتركض هي مسرعة خلفة الي ان وصلا للقبو , اغلق سيف الباب بعد ان دخلت لتركض مسرعة وهي تعرج للاعلي ..........
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي