سيف الماضي

Eman Hesham`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-04-28ضع على الرف
  • 64.1K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

البارت الأول مذنبة

أوشكت الساعة ان تتجاوز الثامنة والنصف ، كما أن ميعاد الحظر قد اقترب ، ليس من عادتها التأخر هكذا ، أيعقل ان يكون والدها قد علم بالأمر ولهذا لم تأتي او تجيب علي هاتفها حتي ، ليردف ذلك الشاب صاحب السابعة وعشرون عاما بضيق " انا مش هستني اكتر من كده هرن علي أمها هي عارفة كل ال بينا ومش بتخبي حاجة عنها... طب افرض بباها موجود اووفف ...هرن وامري لله "
طلب رقم والدتها ، لتجيبه بعد اول جرس من هاتفه بصوتها القلق " السلام عليكم ".

سارع هو بالرد " وعليكم السلام انا يوسف ي طنت ، احلام موجودة عندك "
لتجيبه هي قبل ان تستمع لآخر جملة اردفها " ايوة ي يوسف يبني احلام فين ليا ساعتين برة البيت و برن عليها موبايلها مقفول واتأخرت اووي وبباها قلقان عليها اديهاني اكلمها "

أجابها بخوف حقيقي ليعي هذه الكارثة " ي طنت احلام مجتش انا مستنيها من بدري "

شحب لون وجهها وهي تردف بكلمات متقطعة " يعني ايه الكلام ده ... ونبي قول كلام غير كده "

دخل زوجها أثر انتهاء جملتها ليردف باستغراب واضح " بتكلمي مين ي نعمه وإيه الكلام ال مش عاوزة تسمعيه انتي مخبية عني حاجة "

لتنهار نعمة بالبكاء وهي تلوم نفسها علي السماح لصغيرتها الخروج ومقابلة ذلك الشاب الذي تعلقت به مؤخرا رغم رفض والدها له

لتحدثه بكلام يشوبه البكاء والنحيب " احلام ااحلام بنتي "

اتجه اليها مسرعا وامسك رسغيها بقوة وهو ينهرها " مالها احلام انطقي ي نعمه انا فيا ال مكفيا بنتي مالها ، جرالها حاجة "

لتردف ببكاء ومحاولة للتماسك أمامه " هي راحت تقابل يوسف وو "

قاطعها صارخا " إيييه تقابل يوسف ، انا مش قولت الود ده بلاش منه صفحة واتقطعت ازاي تسمحيها تقابله احنا عندنا الكلام ده ي نعمه ولا عشان خلاص جينا بلد تقاليدها تختلف عن تقاليدنا يبقي نعمل زيهم ، كلميها وقوليلها ترجع وليلتها سودة وانتي حسابك معايا بعدين "
لتردف ببكاء ومحاولة للتماسك أمامه " هي راحت تقابل يوسف وو "

قاطعها صارخا " إيييه تقابل يوسف ، انا مش قولت الود ده بلاش منه صفحة واتقطعت ازاي تسمحيها تقابله احنا عندنا الكلام ده ي نعمه ولا عشان خلاص جينا بلد تقاليدها تختلف عن تقاليدنا يبقي نعمل زيهم ، كلميها وقوليلها ترجع وليلتها سودة وانتي حسابك معايا بعدين "

لترد هي بندم ورجاء " احلام مش قاعدة ، مقبلتهوش ولا رجعت ولا حتي بترد علي موبايلها، بنتي اتخطفت انا قلبي كان حاسس رجعلي بنتي وبعدين اعمل ال تعمله فيا ي عزيز ان شاالله تموتني بس رجعها "

انهت جملتها وهي تمسك في تلابيبه بقهر لتخبئ وجهها الذي اغرقته الدموع ليتعالي انينها وهي ترتجف ، تغير وجهه عزيز من الغضب للخوف ، ليدفعها بهدوء وهو يهمس بصوت مسموع " بتقولي ايه ي ولية ي خرفانه انتي ، اكيد هترجع انا نازل ادور عليها وهلاقيها بنتي محصلهاش حاجة تلاقيها هنا ولا مع صحابها مش هتروح بعيد "

تركها وخرج يتعثر وقلبه مقبوض علي صغيرته من ان يكون حدث لها مكروه ، لا يعلم ماذا يفعل في هذه البلد الغريبة فهو لا يعرف بها سوي القليل من أصدقائه المقربون ، اغلقت نعمة باب منزلها ببكاء وهي تجلس علي الارض ببطئ " يارب دي بنتي محلتيش غيرها انت القادر رجعها لحضني وانا مش هسيبها تاني نهائي "

يردد عزيز دعائه وهو يجول بالشوارع بحثا عنها " يارب نجيها من كل سوء ، رجعها لحضني سالمة يارب "

في مكان آخر بالمدينة يتحدث يوسف بقلق مع احد زميلات أحلام " الو ايوة ي يارا احلام عندك ... طب مكلمتكيش.... أصلها مختفية من ٣ ساعات ومش بترد علي موبايلها ..... لاء مش قاعدة وبباها بيدور عليها.... يعني لو عارف هكلمك ليه ركزي معايا انتي كلمي البنات كلهم وشوفيهم وانا هجمع الشباب ندور عليها .... لاء خير ان شاءالله نلاقيها "

اغلق هاتفه وهو يتمتم بضيق " يترى فينك يبت عزيز دلوقتي " ، ليعاود الاتصال بأصدقائه ليجمعهم كي يبدأوا عملية البحث عنها سويا .....
في مكان بعيد عن هذا كله بقصر مشهور تستلقي احلام علي الرخام البارد مقيدة اليدين ومغشية العينين فاقدة الوعي في هذه الغرفة القديمة ، ينسدل منها ضوء القمر من النوافذ المتهالكة ولكن بعيدا عنها ، بدأت أحلام بأصدار بعض الهمهمات الهادئة لتردف إحدي الخادمات بحماس وخوف " شكلها بتفوق "

"شيفاني اعمي مش شايف"

ارتجفت قليلا أثر زمجرته الغاضبة لتجيبه بقلق وخوف " انا مقصدش والل"

ليعاود الصراخ مرة اخري " كله برااا "

نظرت لها كبيرة الخدم بتحذير لتشير برأسها الخروج ورائها ، أسرعت الخادمة الساذجة خلفها بخوف الي ان خرجا واغلقوا الباب وهما يتحسرا علي تلك الشابة التي يتضح ان نهايتها ستكون علي يد هذا الطاغي المتمرد

اقترب منها بسرعه البرق ، ليحدجها بنظراته القاتلة او بالأصح كما يطلق عليه بعض الخادمات "صاحب عيون ابليس" ، مدَّ يده الباردة ليمسك زراعها بقوة ويجلسها مستوية كي تستفيق سريعا لهذا الأمر الواقع ،لم ينكر خفقان قلبه بمجرد لمسه لها اعتقد انه لن ينال هذه الفرصة في حياته أبدا بعد فراق هذه السنين الكثيرة ، قطعت شروده بهمهمات تصدر منها ليقترب اكثر حتي يستطيع سماعها
" هممم انا مين ودتوني "

أبتسم رغما عنه للحظة ليعلم انها لازالت تحت تأثير المخدر اعتدل في وقفته وذهب لكرسي قديم وحركه الي ان وضعه أمامها مقلوبا وجلس عليه وكأنه اعتاد هذه الطريقة لاستجواب من تقع تحت يده ، ولكن هي مختلفه ،هي مميزه ، هي ليست كالبقيه ،هي من أحيا بسببها " انا فين وانتو مين "اردفتها بضعف ليقهقه عاليا وكأنه قد سمع نكته

الصقت ظهرها بالجدار وانكمشت بجسدها خوفا من هذا الوضع المريب لتردف بخوف " انت مين وعاوز ايه " لكنها لم تنال سوي نفس الضحكات البشعه لتكمل بصوت شبه باكي " انت عاوز ايه سبني ابوس ايدك انا عمري ما اذيت حد ف حياتي وأهلي ملهمش حد غيري ونبي سبني "

لم يضحك هذه المرة ولكنه باغتها بصوته الرخيم " عمرك ما اذيتي حد متأكده ي أحلام "

التمست هي السخرية من نبرة صوته لتعزم علي برائتها قائلة ببكاء " اه والله العظيم عمري ما اذيت حد انت مين وعاوز مني ايه "

نهض من علي كرسيه ليحول أمامها ذهابا وإيابا وكأنه يستجمع هدوئه من حيث لا يدري بينما استرقت احلام السمع لتعرف ماذا يفعل وهل هناك غيره بالغرفه ولكن ماقد جعلها تنتفض فزعه هو صوت شئ خشبي تحطم لتصرخ بقوه " اااه فيه ايه الحقوني انت عاوز ايه "

اقترب منها وجثا علي ركبته ونظر لها بقوة وهو يقول " انا مين انا سيييف ي أحلام سيييف "

اردفت بقلق وهي تسترجع ذاكرتها " سيف "
قاطع تفكيرها بصوته الزئير " اه سيف ال بيدور عليكم من ١٥سنة سيف ال طوب الارض مسابهوش عشان يلاقيكي لييييه ي احلام عملت ايه لده كله عشان تسبوني وتختفوا كده لاء واختفيتوا في اكتر وقت كنت محتاجكم فيه ف اكتر وقت كنت محتاجك جنبي ي أحلام "

انسابت دموعها من تحت الغطاء المعصوب علي عينها وهي تردف بسعادة " سيف انت رجعت وحشتني اوووي والله مش ذنبي انت عارف انا استحالة اسيبك ي سيف ابدا بس "

قاطعها بعصبية " اتمسكني بس بس ايه ي أحلام بس ده الواقع سبتيني واختفيتي حتي محاولتيش تكلميني ولا مرة لاء وكمان عشتي حياتك ومحرمتيش نفسك من حاجة كنت فاكر اني بعد ١٥ سنة وانا طالع عين ال خلفوني عشان الاقيكي هلاقيكي مستنياني مش بتخونيني ياريتك موتي ذي ما قالو كل ال حوليا قالولي ماتت انت متعلق ف قشاية كدب طلعها من دماغك وشوف حياتك بس مكنوش يعرفوا انك ف قلبي غصب عني ي خاينة "

استعادت احلام شجاعتها لتجيبه بضيق " ايه خاينه دي مسمحلكش بعدين في حد يعمل ف حد بيحبه كده ممكن تشيل ال علي عيني وتفكني عشان نتفاهم بقا "
بالفعل جثا علي ركبته أمامها واشرع في نزع ذلك الحاجز الذي بينهما ليري عيناها البندقية التي اعتقد انه لن يراها مرة اخري ويعود معها احساس الطفولة الذي ظن انه قد مات مثله مثل باقِ الأشياء الجميلة التي ماتت داخله ، تحت ضوء القمر وسكون الليل وجدت شخصا لا تعرفه ولكن نظرة الحنان والأمان التي بعينه كانت كفيله لتتيقن بأنه هو _سيف الماضي سيف الماضي♥️

اردفت احلام باشتياق واضح " انت اتغيرت اووي ي سيف معقول "

آفاق هو علي جملتها الأخيرة ليقول بجمود " محدش بيفضل علي حاله ي أحلام واكبر دليل قدامي اهو حضرتك "

لتعود هي لطبيعتها المتمردة مرة اخري وترد قائلة " عاوز توصل لأية ي سيف من وقت ما جبتني هنا وانت لا مديني فرصة افهم ولا مديني فرصة اتكلم ..هات من الآخر ي سيف قصدك ايه بقا "

استقام بهدوء وهو يراقبها كالصياد لفريسته ، أيحاول بث الرعب بداخلها ، اذن فهو نجح بذلك لتشتت هي نظره عنه حتي لا تنهار مرة اخري، همس بصوت منخفض كفحيح الافعي " يوسف ي أحلام "

انتبهت كل حواسها أثر سماع ذلك الاسم لتندفع بقوه للأمام وهي تصرخ " يوسف ماله جراله حاجة قول ي سيف "

ودَّ أن يمسك راسها ويحطمها بذلك الجدار الرثّ لا يعقل ان تكون بتلك السجاجة ام ان تلك الأعوام الماضية قد محت ما بينهما بسهولة همس لنفسه بضعف وصوت لا يصل لآذانها " ليه ي أحلام مصِّره تجرحيني وتطلعيني ولا حاجة "

عاود النظر اليها بوعيد وهو يقول " هممم يوسف ده بكرة الصبح هيوصل ف كفن يليق بيه لأهله عشان شكله عزيز عليكي والا وحياتك لو مكنش عزيز عليكي كان ذمان زُمرُّد متعشي بيه الليلة دي ومحدش يلاقي حتي جثته عشان يدفنها "

صاحت بقوة وهي تقول " لييييه عملك ايه عشان تعمل فيه كده حرام عليك ده يتيم ووحيد امه وأخواته البنات ليييه ي سيف "

نهرها بعصبية وهو يزمجر " انتي السبب انتي ال موفتيش بالوعد ال بينا وعدك ووعدي انا حفظت عليه لكن انتي ست الحسن والجمال مقدرتش تحافظ عليه "

استكانت وهي تراجع ذاكرتها للبحث فيها عن أي وعود يتحدث ، بعد لحظات من الصمت ردت بتوتر " وعد . وعد ايه ده انا مش فاكرة "

أبتسم بسخرية وهو يقول " مش بقلك واطية "

تحول لون وجهها للقرمزي وهو تقول بغضب " احترم نفسك ي سيف وكلمني بأسلوب احسن من كده "

رمقها بنظرات لم تعرف تفسيرها ليقول " هو انتي لسة شوفتي حاجة علي العموم خلينا ف المهم دلوقتي... نرجع بالذاكرة ١٥سنة سنة لورا آخر عيد ميلاد ليا فاكرة كانت هديتك ليا إيه "

هزت راسها مؤيدة كلامه " اه طبعا دي حاجة متتنسيش ابدا "

رد ساخرا " هتعملي فيها الأصيلة "

لتردف بضيق " ده غصب عنك علي فكرة ....كانت بيت خشب صغير كان فيه كل ذكرياتنا وصورنا واحلاما سوا ، ياااه كانت ايام حلوه اووي ده حتي سمناه بيت سيف وأحلام "

اقترب قليلا ليتحول صوته مرة أخرى لفحيح الافعي وهو يقول " هممم وبعدين....هديتك التانية كانت ايه ي ست الحسن والدلال "

نظرت له برهه لتعود بذاكرتها سنين عديدة لذلك المشهد المحفور بزاكرتها فلاش باك " كان الجميع ينظر للعاشقان الصغيرين بسعادة اردفت احلام بلهفة واضحة " عجبتك الهدية ي سيف انا فضلت اسبوعين بحالهم شغالة عليها لوحدي "

ليبتسم ذلك المراهق بحب ويردف " طبعا عجبتي دي الحاجة الوحيدة ال حبيتها من كل الهدايا ال جاتلي كفاية انها جات منك ممكن بقا طلب "

هزت الفتاه الصغيرة رأسها ايجابيا وهي تنظر لبؤبؤ عيناه باهتمام " انهاردة عيد ميلادك اطلب ال انت عاوزة "

اقترب قليلا من اذناها ليهمس لها ما عجز عن الجميع سماعه لتضحك هي بهدوء وتهز رأسها موافقة وهي تقول " اوعدك ي سيف "
..............................العودة للحاضر

ذَبُلت ملامح وجهها لتردف بخوف " كان وعدي ليك اني عمري ما هكون لغيرك "

اجابها بفتور " كويس انك فاكرة بصراحة خيبتي ظني بعد ما عرفت ال بينك وبين يوسف قولت انك نسيتي بس ياريتك فعلا نسيتي "

صرخت هي بعصبية " سيف انت اكيد اتجننت ايه الهبل ده احنا كنا صغيرين أطفال ي بابا اطفااال وطبيعي لما نكبر مشاعرنا تتغير ونحب ناس ونكره ناس زي ما انا حبيت يوسف وهو كمان بيحبني ارجوك بقا سيبنا ف حالنا "

تلك الفتاه الساذجة لقد صبت الزيت علي الحريق لتزيد اشتعاله بكلماتها اللاذعة نظرت له بخوف لتري هدوئه المريب ، لم تنكر انها كانت تستعد لما سيصدر منه في اي لحظة ليرفع عينه بهدوء لتري هي بداخلها طوفان من دماء لا حصر لها ، لم تكن تفسر اهو غاضب منها ام يغار عليها ، تشنج جسده وبروز عروقه
ابتلعت ريقها بصعوبه لتبلل حلقها الجاف استعدادا لما سيصدر منها ، استجمعت شتات نفسها كما استدعت شجاعتها الكاذبة وهي تقول " سيف اهدي شوية عشان نعرف نحلها بص بقا نتفق اتفاق انت تسيبني امشي وارجع لأهلي وانا مش هجبلهم سيرة عنك وترجع لحياتي كصديق قديم وانا هنسي كل الليلة دي واحاول كمان اعرفك علي يوسف صدقني هتحبه اووي "

ينطبق علي هذه الساذجة مثل مصري أصيل وهو " جات تكحلها عمتها "

كور سيف قبضة يده ليغرس تلك الأظافر بداخله ، تقطرت بعض الدماء الخفيفة التي غابت عن نظرها لينفجر فيها هادرا بقسوة قد اعتادها " انتي ايه غبية هااا يوسف يوسف يوسف ده كل اللي هامك الظاهر مش مصدقاني انا سيف الجبلاوي ي أحلام ... انت يازفت "

دخل حارس ذو ملابس رسمية مسرعا وهو يجيب " تحت امرك ي باشا "

نظر لها بقسوة وهو يزمجر للحارس " تجبلي ازفت يوسف ده من تحت الارض دلوقتي حالا غوور "

أجاب الحارس قبل خروجه مهرولا " تحت امرك ي باشا "

أبتسم سيف بسخرية وهو يقول " ارتحتي كده هندفنه انهاردة والبركة فيكي ي أحلام " ....................
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي