البارت الرابع

في الجناح المظلم ، دخلت إحسان واثنين من الخادمات لينظروا لتلك الصغيرة التي قيدتها الاصفاد لتبدوا في بادئ الأمر انها في غير وعيها ، اقتربت إحسان ومسحت بيداها الباليه علي وجهها بهدوء ، لترفع احلام رأسها بوهن وهي تنظر لهم بتعب شديد ليتقدموا الخادمتان ونزعوا من عليها السلاسل واسندوها للخروج من ذلك الجناح وأخذها لغرفتها الجديدة للاعتناءبها.....

في المساء كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة ليلا ، يجلس سيف علي أول الغابة بجانب الشلال وبجانبه زمرد صديقه الثاني بعد فؤاد ....شارد بأحداث قد باعدها الماضي ولكن القلب يقربها له ليزيد وجعه....فلاش باك من ١٧سنة...

تركض والدة سيف علي سلم القصر مهرولة للخارج غير عابئه لصراخ ابنتها المراهقة وهي تبكي بحرقة وتترجاها ان تتوقف الي ان يوقفها سيف أمام باب القصر متسائلا " رايحة فين ي ماما الشنط ال مع السواق دي بتاعتك "

خاطبته هي بكل برود واستنفار " انا ماشية ي سيف من هنا ابوك قبل ما يموت اتبرع بكل حاجة للجمعيات الخيريه وباع كل الشركات مسبش مليم واحد لينا انا لو قعدت هنا هجوع وهشحت زي الشحاتين انا هسافر ايطاليا مع علي هنتجوز سوا وهعيش معاه "

ليهز سيف رأسه رافضا وهو يقول " وانا ورودي هتسبينا لمين هنا "

اجابته ببرود وهي تخرج " ان شاب كبير عندك ١٨سنة انا مش مسؤلة عنك انت مسؤل عن نفسك وعن اختك خد بالك منها سلام "

صعدت سيارتها وامرت السائق بالانصراف لتحضن رودي أخاها وهي تبكي بحرقه بينما هو ذهول من فعلة والدته........عودة من الماضي .....


هز زمرد برأسه كتف سيف وكأنه يشارك المه معه ليفيق سيف من كوابيسه ..
نظر لزمرد بحزن وهو يري ضيقه الواضح ، ليبتسم بهدوء وهو يربت علي رأسه " حقق عليا انا عارف انه مفروض كان يومك انهاردة بس انا فعلا تعبان ومحتاج ارتاح هبقي اجيلك وقت تاني ماشي ... يلا سلام " .........

وصل لقصره وهو سعيد نسبيا " العشا جاهز ي إحسان "

ابتسمت بهدوء وهي تجيب " ايوة ي فندم كل حاجة جاهزة "

قال لها أثناء طلوعه الدرج " تمم قعدي احلام علي السفرة لحد ما اغير وانزل "

اجابته بطاعة " تحت امرك ي فندم "...

ليأخد حمام دافئ ويرتدي قميصا ضيق يبرز علامات جسده الرياضي لونه اسود كاللون عينه وبنطال ازرق قاتم ، ورش بعض المعطر ذو الماركة العالمية علي ملابسه ومشط شعره قليلا ، تأكد من حسن مظهره لينزل بحماس للاسفل .....

وجدها جالسه علي السفرة بفستانها السيماوي مرصع بفصوص ذهبية عند الرقبه والاكمام يعتليه حجاب ذهبي صغير ، لم تغير الايام الماضية منها شيئا بل زادتها شحوبا وهذا ما بعشقه بها ، اقترب منها بهدوء ليخرج ذلك المفتاح الصغير من جيبه ويفك تلك الاصفاد التي علي وجهها ويخرج القماش من فمها ، كانت مثل الجثة الجامدة كجسد بدون روح يتضح من عينها الشاردة انها ليست هنا بل في عالمها الخاص ، جلس علي كرسيه بالقرب منها ليشرع في تناول العشاء بشهية واضحة وكأنه لم يأكل منذ أعوام كثيرة ولكنها لم تلتفت حتي لكل تلك الوجبات التي أمامها

اردف بضجر " مش هتطفحي ولا ايه "

لم تجيبه او تلتفت اليه ، عدم المبالاه سلاح لاتجيد استخدامه سوي النساء الغاضبات والحزينات، نهض بعصبيه ليضرب بكفيه السفرة بقوة فتهتز وتتحرك كل الاشياء التي عليها " كلي "

لم يرمش لها جفن، ولم تحرك نظرها عليه

ليثور بغضبه ويكسر كل ما طالته يده من اطباق واواني وكراسي خشبية ، وأخيرا رفع السفرة وقلبها رأسا علي عقب ، ظل ينهت بقوة وهو ينظر لها ولبرودها وسكونها التام وكأن شيئا لم يكن ليقترب منها ويصرخ بقوة " لييييه مش عاوزة تديني فرصه لييييه بحاول وانتي صداني ليييه لسه بتحبيه بتفكري فيه "

لم تجيبه ايضاليحدجها بنظرات قاتله ، وبعد لحظات تتحول تلك النظرات الي نظرات طفل صغير ويهدي قليلا وينسحب من أمامها....ليختفي من جديد .......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي