البارت الثالث طلب السماح

صرخ سيف عاليا "احسااااان"

لتركض إحسان مسرعة للداخل وتنظر لهذه الحاله التي وصل اليها بشفقة لتردف بتوتر " ايوة ي باشا تحت امرك "

زمجر بهدوء مريب وهو يحدج لتلك التي لا حول لها ولا قوة " خلي الرجالة تجيب الكرسي بتاعي هنا وقولي للخدم تجيب كمامة الكلاب وسلاسل زمرد ال ف القبو حالا "

باغته إحسان بنظرات صادمة وكأنها لم تكن تتوقع منه أن يفعل ذلك ، ولكن هيهات وان كان يحتفظ بحبها فليس الحب اقوي من هيبته ومكانته أمام نفسه " انتي هتبحلقي فيا ي إحسان نفذي ال بقولك عليه يلااا"

افاقت من شرودها علي صراخه بها لتهرع مسرعة للخارج.........لم يمر سوي ثلاثة دقائق وكان أربعة من حرس القصر يحملون شيئا ثقيلا يبدوا انه عرشه او كرسيه كما يسميه ، وضعوه حيث أشار لهم بعينه ونظروا لسيف بجمود ليردف احدهم " تمم ي باشا اي أوامر تاني "

ليرد بهدوء " اطلعوا " خرجوا فورا ودخل بعدهم إحسان واثنين من الخادمات يجرون بعض الاصفاد الحديدية وعلي وجوههم علامات الحزن والشفقة ، ليأمرهم سيف بهدوء " شيلوها وحطوها علي الكرسي "

لم تكن احلام منتبه لما يدور حولها بل كانت في عالم خاص بها تخاطب ماضيها وهي تحدث نفسها ( مش مصدقة ان سيف يعمل فيا كل ده اومال لو مش يعرفني كان عمل فيا ايه ليه ي سيف تعمل كده )
حاولت بكل قوتها ان تفلت من قبضتهم ولكن بالطبع لم تنجح ، ليضعوها عنوة علي عرشه

ليهدر بقوة " اربطوها بالسلاسل دي مش عاوزها تعرف تحرك صوباعها لو قلبت قرد "

لتصرخ هي بقوة وهي تحاول الافلات " سيييف انت مجنون بتعملوا ايه سيبوني بقااا سيف متعملش كده "

نجحوا في تعيدها ليقترب منها سيف بهدوء بعد توقفها عن الصراخ ، ليقرب يده علي وجهها ويطبق علي فكها السفلي لتفتح هي فمها رغما عنها ، ليضع قطعة القماش التي كانت في جيبه " كان نفسي نتقابل ف وضع احسن من كده " ليضع كمامة الجراء علي وجهها ، ليس لاسكاتها بل لكسر غرورها ، تأكد من قفلها جيدا ليضع المفتاح بجيب بنطاله وهو يتابع سكونها وانهمار دموعها ليس من الحزن علي حالها بل من حسرتها علاما غيرته الايام ليصبح بهذه الوحشية " محدش يهوب ناحية الجناح ده مهما حصل غير بأمر مني ، ممنوع الاكل والشرب لمدة ٣ ايام عاوزها تعفن مكانها فاااهمين "

كان كلامه حادا هزت الخادمات رأسهم مرارا بخوف وطاعة " فاهمين ي باشا "
ليأمرهم بالرحيل ويلقي بها بأخر سهامه عليها (نظرات السخرية والبرود ) ويخرج تحت عتمة الليل تاركاً إياها في أحضان ظلمات المكان لتخفض هي رأسها بألم وذل ...........

في واجهة اخري من المدينه ......
يتحدث عزيز في هاتفه بلهفة " ايوة ي يارا انا عمك عزيز يبنتي "

باغتته يارا بنفس اللهفة وهي تتمني ان يتحقق ما يدور بخاطرها " ايوة ي عمو احلام رجعت " كم كانت تأمل سماع ما يداوي هذا الألم الذي تركه اختفاء صديقتها بل توأم روحها وكل ما تملكه في هذه الحياة فهي منذ أن ولدت وكانت بمفردها أمام دار مأوي بلا إيواء

ليرد عزيز بصوت مختنق " للأسف لاء يبنتي ...بس محتاج منك خدمة "

اجابته وهي تعاتبه بحزن " بردو كده ي عمو ده انت ف مكان ابويا ال اتخلي عني انا روحي ليكم اؤمرني "

تحدث والدموع قد تجمعت في عينه " الله يباركلي فيكي ... بصي ي بنتي بما انك شغاله ف الجريدة عاوزك تنشري خبر اختفاء احلام وحطي صورتها واعلني ان ال هيلاقيها ليه جايزة عشرة مليون ليرة بس يلاقيها ولا يعرف معلومات عنها "

اردفت يارا بحزن وهي تتماسك حتي لا تزيد وجع ذلك العجوز علي صغيرته " تحت امرك ي عمو من عيوني يارب نلاقيها بقا عشان هي وحشتني اووي والله "

كانت تحسب انها ستتماسك ولكنها اجهشت بالبكاء رغما عنها ليقفل عزيز الخط وظل يدعي برجاء علي ان تعود لهم سالمة من كل سوء ......


بمكان آخر بالبنان داخل مكتب بشركة معروفه علي مستوي الشرق الأوسط يجلس علي كرسيه ممددا رأسه للخلف شارد بأفكاره ، الي ان قطع ذلك الهدوء بهلاوان الشركة كما يدعونه صديق سيف والمدير التنفيذي لهذه الشركة " سيييف حمدلله يابو الصحاب يومين بحالهم ي مفتري ده انت ف العشر سنين دول عمرك ما اتأخرت خمس دقايق علي بعض ،لاء وكمان قافل تليفونك ، وقفتلي شعر راسي يراجل حصل ايه اشجيني "

فرك سيف بيده علي جبهته بتعب ليردف بهدوء " انت زي ما انت ديما رغاي نفسي تشتغل قد ما تحكي علي العموم هاتلي ورق الصفقات ال متأخرة من يومين علي مكتبي حالا "

ليرفع يده الي رأسه بتحية وطنية وهو يجيب " تمام يااا فندم خماسية ويكونوا عندك عشان عارف مش هتحكيلي غير لما تخلص شغلك ملحوقه ي سيف " .......


بعد عناء يوم طويل وشغل كثير كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة عصرا ، قد انتهي سيف من جميع الصفقات وبعض الأعمال الاخري ليغلق آخر ملف لديه ويرجع ظهره للخلف لكي يأخذ قسطا للراحة " ايه ي جامد مين ال وخداك مننا مش عارف اقول يابختها ولا ياحظها المهبب صامت صامت وفطرت علي بصله هههههه "

بعض الكلمات المازحة التي اردفها صديق عمره فؤاد " فؤاد احسنلك اتلم وحاسب علي كلامك "

جلس فؤاد علي كرسِ امامه وضرب بكفه علي الطاولة وهو يردف " انت فاكرني مش واخد بالي عيب ي سيف انا فؤاد ، قاعد سرحان ومش مركز ومبتسم مع نفسك ايه يعم جو المراهقة ال انت فيه ده يراجل ده انت من كتر ما حنيت حلفت هههههه "

اردف سيف وهو يمسك هاتفه بوعيد " انا عارف انك مش هتتلم طب ايه رايك لكلم هنا واقولها مين سعيدة الحظ ال كنت بتتعشي معاها امبارح "

قفز فؤاد من مكانه بقلق وهو يردف " لاء ونبي ابوس ايدك دي لو شمت خبر هتطلقتي وبعدين ياخي مش كله ليك ولشركتك حسبي الله ونعم الوكيل انا ال غلطان قولت اتكفل انا بغيابك بس ماشي ي سيف تترد مسيرك تقع علي جزور رقبتك ، اروح بقا عشان انهاردة عيد ميلاد زوزا اختها وانت ال فكرتني سلام "

خرج مسرعا تحت نظرات سيف الشامته وهو يحسده علي الحب المتبادل بينه وبين زوجته ، امسك هاتفه وفتح فيس بوك ليضيع القليل من الوقت او يشغل عقله بشئ آخر غيرها ليقلب بين الصفحات الي ان جاء خبر توقفت له الدماء في عروقه محملقا فيه للحظات قليله لينتفض كمن لدغته عقرب ليلحق سيارته ويقودها مسرعا لجريدة اخبار لبنان ........

أمام الجريدة دخل سيف مسرعا الي ان وقف بمكان الاستقبال وصرخ عاليا " فين الزفت مدير الخرابة دي "

التفت له جميع الموجودين بقلق واستغرب وهمسات عن مركزه الذي يتضح بشكله العام الي ان نطق احدهم بخوف " ده سيف الجبلاوي بنفسه "

أثر انتهاء جملته كان قد ظهر مدير الجريدة وهو يركض من آخر الرواق بصعوبه بسبب وزنه الذائد الي ان وصل أمامه ليمد يده بخوف وقطرات العرق تملأ جبينه " سيف باشا اهلا بحضرتك "

لم يحرك سيف يده من مكانها بل نظر له بجمود والشرر يتطاير من عينه ، ليبتلع مدير الجريدة ريقه بصعوبه وانزل يده بأحراج واضح واتجه ناحية مكتبه بجواره سيف الجبلاوي .........

في مكتب الجريده القي سيف الجريده علي المكتب وهو يقول بحزم" وقف طباعه الخبر ده حالا" كان يقصد بقوله خبر اختفاء أحلام ليكمل كلامه " ومن انهاردة لم حاجتك عشان انا هقفل الجريدة دي وهبني مكانها فندق سياحي ومشوفش وشك ف لنان تاني سامع "

انتفض المدير أثر صراخه ليهز رأسه بقوة " تحت امرك ي باشا ال تشوفه سعتك "

خرج سيف من المكتب صافحا الباب خلفه بقوة وذهب للخارج ،.....

في سيارته " ايوة ي فؤاد عشر دقايق وتجيني القصر تجيب معاك الود بتاع الهكر ال جبته الدور ال فات "

ليغلق الهاتف ويلقيه جواره علي الكرسي ويقود بكل غضبه عائدا اليها ............

تضايق فؤاد من أفعال صديقه التي لا يفسر لها معني ، وخصوصا انه يعلم أن هذا اليوم هام جدا له ، كيف سيواجه زوجته بماذا يكذب عليها ليترك يوما مهما كهذا لها ......
كان غارقا في سيل من الأفكار المزعجه لتلاحظ هنا ذلك الانطباع المضجر الذي يظهر علي علامات وجه زوجها ، تركت ما بيدها من زينه وذهبت له لتضع يدها بحنان علي كتفه وتسأله " مالك ي فؤاد حصل حاجة ف الشغل "

انتبه لصوتها ليفيق من شروده ويستدير لها ويتمتم بكلمات قد وصلت لآذانها " انا لازم امشي ي حبيبتي هغيب ساعه بالكتير سامحيني لو بإيدي مكنتش سبتك ف يوم زي ده "

ابتسمت بحنو وهي تلامس وجهه بلطف " مش مشكله احنا لسة مطولين الزينه مخلصتش والمعازيم لسه مجوش ده حتي مي لسه مع صحباتها وقالو قدامهم ساعتين ابقي طمني عليك وسلميلي علي سيف "


بادلها الابتسامة بفرح " حاضر ي قلبي "
احتضنها بقوة وهو يشكرها ليتركها ويفر هاربا كي لا يتأخر .............

صَفَّ سيارته أمام قصره ليترجل منها مسرعا للداخل ، فيقف بمنتصف عرينه ليهدر صارخا " احساااان "

أتت اليه راكضة وهي تجيب بقلق " تحت امرك ي فندم "

نظر اليها بجمود وهو يقول " انهاردة تجهزيلي احلام هتتعشي معايا سامعه "

هزت راسها وهي تقول " حاضر ي فندم تحت امرك اي أوامر حضرتك تأمر بيها تاني "

رد مقتضبا " لاء روحي "

تحركت بهدوء للمطبخ لأمر الخادمات بترك كل شئ والذهاب خلفها .......

في مكتب القصر يجلس سيف علي كرسي اسفنجي مريح واضعا قدميه علي طاولة الزجاجية التي أمامه ، ينفث عن غضبه سيجارته الغاليه وهو شارد ، طرقت الخادمة الباب ليأذن لها بالدخول
" فؤاد باشا وصل ي فندم ومعاه حد تاني "

اردف ببرود وهو ينظر أمامه " دخليهم "

اومأت برأسها " تحت امرك ي فندم " ......

دخل فؤاد وذلك الأجنبي مكتب سيف كانت تعبير وجه فؤاد تدل علي مدي تذمره، بعكس تعابير وجه ذلك الأجنبي الذي تبدوا عليه الدهشة والذهول وهو يتفحص ذلك المكان التراثي يبدو أن الأثاث الخاص بيه من امريكا الجنوبية انه اثاث كلاسيكي قديم الطراز ولكن في غاية الرقي ، يسيطر اللون البني الغامق علي اغلب الأثاث ولكن ما اذهله حقا هو تلك اللوحة الغريبة فيظهر امرأة من العصور الوسطي ، يتضح من ملابسها انها تنتمي لبلاد اليونان القديمة تجلس علي صخور حادة وهي تحتضن ذئب صغير ترضعه وحولها ذئاب يافعه تحرسها وكأن الخطر ليس منهم بل خارج عنهم ، جلس فؤاد أمام سيف وبجانبه الأجنبي ليردف اخيرا " خير ي سيف جابيني علي ملا وشي وانت عارف ال فيها ليه بتعمل كده "

اعتدل سيف في جلسته ليخرج هاتفه من جيب بنطاله ويفتحه ثم يناوله لذلك الأجنبي قائلا بأمر " انا عاوزك تحزف اي خبر زي ده واي صورة للبت دي علي اي موقع او وسائل التواصل الاجتماعي ولو حد صمم هكرله حسابه واقفله، وابقي افشل عشان تسلملي علي جدك " وأشار بيده لفوق

ليهز الأجنبي رأسه بعد ان ابتلع ريقه بصعوبه وهو يقول " حسنا سيف باشا تحت امرك "

شاور له سيف بالانصراف " يلا مع السلامه " نهض ذلك الأجنبي بهدوء وخرج .....

سأله فؤاد باستغراب " مين دي ي سيف واحدة من إياهم ولا اي اوعا تكون ماتت منك ، انا قولتلك قبل كده الطريق ده مسيره هيوديك ف داهية سيييف رد عليا انا بكلم نفسي "

تنهد سيف بهدوء وهو ينظر له والسعادة ترتسم بعينه " دي احلام ي فؤاد احلام "

نظر فؤاد له بصدمة ليعيد ما قاله مرة أخري حتي تتأكد أذناه ما سمعه توا " ايه احلام مش معقول لقيتها انت متأكد ... سيف بتكلم جد "

أبتسم سيف بهدوء وهو يهز راسه " ايوة هي ي فؤاد لقيتها "

قفز فؤاد وهو يصيح " اخيرا اخيرا لقيتها لقيت ال ضيعت ١٥سنة من عمرك عشانها ، بس انا مش ........سيف انت خاطفها "

صمت سيف قليلا ليرد ببرود " حاجة متخصكش "

تحول وجه فؤاد للون قاتم وهو يقول " يبقا عملتها ي سيف ليه ياخي انت مفروض تستغل الفرصة دي وتقابلها ف بيت أهلها وتطلبها من بباها واكيد هيوافق وهي كمان لانها بتحبك لكن انا عارف طريقتك دي دبش بس مش كده ي سيف انت حابسها ف اوضتك"

لم يجيبه ولكن تحولت عيناه للون الأسود ، علم فؤاد بفعلة صديقه ليشحب لون وجهه " انت ... انت عملت فيها ايه "
بلع فؤاد ريقه ليذهب راكضا للخارج ، ولكن كان سيف الأسرع لينقض عليه مقيدا إياه بقوة " سيبني ي سيييف حرام عليك عملت فيها ايه ياخي افتكر العيش والملح ال كلتوه سوا "

برزت عروقه أيخاف عليها أكثر منه ، لا ..لا أحد يحبها ويخاف عليها مثله لقد احبها حبا عجز والداها ان يحباها مثله ، لم يشعر سوا بغليان الدماء بجسده ليصبح كالفحم المتجمهر يزيد ضغطا علي فؤاد ليصرخ بألم " سيييف دراعي حاسب "

آفاق سيف من وهمه ليترك فؤاد بروية ، امسك فؤاد بكتفه وظل يفركه لعله يهدئ الألم " سيف انت حالتك بقت صعبه انا عارف انت كنت بتفكر ف ايه ، انا مش خايف عليها قد ما خايف عليك ، بطريقتك دي هتضيعها من ايدك ونهائي كمان واظن انك مش عاوز ده يحصل ، خلي بالك من نفسك ي سيف لان نفسك هي ال هتكون السبب ف ده "

خرج فؤاد خارج القصر تاركا ذلك الطفل الصغير متعلقا بتلك التهديدات الواضحة ................
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي