البارت السادس عشر والدته والماضي سويا

ركضت للاعلي تسبقه وهي تبتسم بمكر , ظن في البداية انها تفر هاربة من ذلك المكان لكن عندما وجدها تدلف للداخل وتغلق الباب بقوة أسرع اليها وهو يصيح " احلااام افتحي ميبقاش عقلك صغير بقا "
ردت عليه بنبرة متعالية ممزوجة بأبتسامة الانتصار " شوف مين بيتكلم هه خليك شوية لحد ما تتربي هبقي اخرجك "
طرق بعصبية علي الباب الحديدي وهو يصرخ " ماشي ي احلام جبتيه لنفسك "
صعدت للأعلي تحت اعين الخادمات الصامته لتقابلها احسان متسائلة بفضول " انتي خرجتي لوحدك "
ردت احلام بضيق " ده بدل انتي كويسة طمنيني "
توترت احسان وهي تجيب " انا اسفة بس يعني سيف فين اصله نبه محدش يهوب ناحية القبو وانتي اكيد مخرجتيش لوحدك "
ردت بثبات انفعالي " احم سيف مخنوق شوية وقرر انه يفضل لوحده ومحد"
زمجر بصوت مرتفع " احلااام "
نظرت بخوف لباب القصر فتجده يقف محدقاً بها يعلو صدره ويهبط في ضيق واضح تكاد عيناه ان تطلقا شرارا كافي لحرق مدينة كاملة تراجعت بقلق وهي تبتسم بوجه شاحب " اسستهدي بالله انت عارف انا مكنش قصدي اعااااا "
ركضت للأعلي وهي تصرخ بخوف خشية من ان يمسكها بعدما قرر اللحاق بها , نجح في ذلك قبل الوصول لغرفتها ليصبح شعرها اول ما يصل اليه " مسكتك "
ردت بألم وهي تتراجع معه للخلف " سيف استهدي بالله انا معملتش معاك ربع ال عملته معايا سيب شعري بقا "
ضمها اليه بقوة يستنشق عبير شعرها وهو يتمتم بكلمات هائمة " اهدي بقا انا مستني اللحظة دي من زمان "
ردت عليه بضيق وهي تحاول الابتعاد " انت صدقت ولا ايه سيف جوازنا باطل عشان كان غصب عني وانا مش موافقة "
ابتعد قليلا وهو يترك خصلات شعرها بهدوء ويعيد ترتيبها مرة اخري " بس سمعت من حد موثوق انك كنتي موافقة من جواكي بس حبيتي تتمردي "
هربت بعينها وهي تجيب " حد مين انا محكتش لحد حاجة "
رد بخبث وهو يقترب من جديد " هممم يعني افهم من كدة انك كنتي موافقة "
ابتعدت اكثر وهي تقول بتوتر " انا بكرهك هتجوز ازاي واحد بكرهه "
اجابها وهو يهمس في اذنها " جاوبي بقا بنفسك ازاي "
دفعته بضيق وهي تصيح " كفاية كدة لحد كدة واتفضل لبرة "
نظر لها ببرود وهو يطيع اؤامرها بدون عصيان " ياريت متلبسيش حجاب تاني عشان كل ما هشوفك بيه ف القصر هقلعهولك بنفسي ي مرتي "
صفقت الباب بقوة خلفه وهي تقول بتحدٍ " عجبك شعري ي سيف حاضر ".....................................................

صباح اليوم التالي
امام مرآته يقف بغرور معتاد وهو يربط ربطة عنقه جيدا ثم تأكد من تسريحة شعره المموج وخرج بهدوء ليقف امام باب غرفتها ويطرقه مرات متتالية وثم فتحه دون أذن منها , ليجدها خارجة من دورة المياة محدقة به بجمود يظهر علي عينها المنتفخة ووجهها الوردي البكاء المرير ولكن؟!........لقد قصت شعرها , اتجه اليها بغضب وهو يقبض علي زراعها بقوة ليصيح عاليا " لييييية قصتيه ليييه انا بحبه كده وبحبك بيه كدة "
ردت بفتور وهي تبعد يده عنها " اي حاجة فيا هتعجبك ي سيف متلزمنيش انا بكرهك وبقرف منك ابعد "
ودَّ للحظة ان يشقها لنصفين نصف يحتفظ به ونصف يدفنه لاجل حرمة الميت ولكنه تنهد بهدوء وهو يجمع تركيزه فهذا ما تريده , تريد ان تراه وحشا حتي لا تعطي له فرصه لتقبل حبه , غمز لها بعينه وهو يبتسم بخبث " بس كلك علي بعضك كدة تعجبيني انا بحبك مهما عملتي ف شكلك حتي لو كركبتي , بعد اول عيل بحبك وبعد العاشر كمان بحبك "
نظرت له بضيق لتدفعه عن طريقها وتنزل للأسفل وهي تصيح " ي نينة ي نينة "
خرجت احسان من مكان الخدم علي اثر صوتها المتغير لتذهب اليها عند طرف السلم وهي ترد قائلة " نعم ي بنتي اجهزلك فطار "
ردت احلام بفتور وهي تقول " لاء فطار ايه انا معدتي قالبة ومصدعة وزوري واجعني "
اجابتها احسان بهدوء " يبقا خدتي نزلة برد تعالي كدة "
اقتربت احسان منها تتحسس وجهها لتجده فاتر " ايوة خدتي نزلة برد اطلعي لسريرك وانا اجبلك الدوا واجي "
ضحك سيف بشماته وهو يمر من جانبها " احسن عشان منشفة ريقي ده ذنبي شيلي بقا "
ردت بعصبية " ياخي انت السبب حسبي الله ونعم الوكيل "
رد بنبرة جامدة " انا جوزك مش اخوكي اطلعي علي اوضك ومتنزليش تاني "
عقدت يدها بضيق وهي ترد " مش طالعة "
رد بخبث وهو يبتسم " لو مطلعتيش لفوق هشيلك بنفسي وانسي ان ورايا شغل وافضالك "
نظرت بتوتر لنظراته الجريئة لتدب بقدمها الارض اعتراضا وتصعد للأعلي وهي تتمتم بكلام غير مفهوم , نظر لأحسان التي تنظر له بعتاب " ايييه معملتش حاجة "
ردت بضيق " انت زودتها احلام خدت دور برد بسببك "
رد بتشفي " بيني وبينك تستاهل "
اجابته بجمود " تؤمرني بحاجة تاني ي فندم "
اجابها بضيق " لاء اتفضلي "
صعدت احسان للأعلي ليخرج هو بضيق وكأن الذنب ذنبه
طرقت احسان الباب وهي تدخل لغرفتها مبتسمة " تحبي اجبلك رز مع الشوربة باللمون "
ردت احلام بإحباط " احساان حد يفطر شوربة ورز "
هاتفتها قائلة " اه العيانين بيفطروا شوربة باللمون و"
قطع حديثها صوت صياح سيف بالاسفل لتنهض احلام فزعة وهي تسأل بأستغراب " مين مع سيف تحت "
ردت احسان بقلق " مش عارفة اديني نازلة اشوف بيتخانق مع مين علي اول الصبح "
تمتمت احلام وهي ترتدي اسدال الصلاة " الناس تصحي تقول ياصبح صبح وهو يصحي يتخانق مع دبان وشه "
ارتدت حجابها بإحكام وهرولت للأسفل وراء احسان
امام باب القصر الداخلي يقف سيف وهو يصيح ويلعن بعصبية لتلك العجوز التي تترجاه ان يستمع اليها , دققت احلام في ملامحها من وراء سيف لتجحظ بعيناها وهي تشهق بقوة " هاااا دي مامت سيف "
اكمل سيف بعصبية وصياح مدوي " انتي راجعة لييييه ها راجعة عشان تخربي حياتي تاني , استخسرتي فيا اليومين الحلوين ال عايشهم دلوقتي , انت يازفت ارمي الست دي برة الجزيرة وإياك اشوفها هنا تاني هطير رقابكم "
انحنت عن يده محاولة تقبيلها " يبني ابوس ايدك اسمع"
دفعها بقوة وهو يصيح " انا مش عاوز اسمع حاجة انا بكرهك غوري من حياتي "

ركضت اليها احلام وفؤاد ليساعداها في النهوض من الارض " انتي كويسة ي طنت ماجدة "
نظرت لها تلك العجوز بدموع وهي تقول " مين انتي "
ردت احلام بدموع " انا احلام بنت عزيز "

صاح سيف بها " احلااام غوري جوة والا وربي وما اعبد لحطك في نص الغابة "
نظرت له بعصبية وهي تصيح عاليا " سيف انا ممكن اتغاضي عن اي حاجة الا عقوق الوالدين دي مامتك متستحقش منك كل دة "

لوح بيده في عصبية لم تراها من قبل وهو يقول بصوت مكتوم " دي مش امي عمرها ما كنت ولا هتكون امي دي واحدة انانية بتحب نفسها وبس فضلت رغباتها علي عيالها سابتنا وقت ضعفنا وشدة احتياجنا ليها وهربت مع حبيب القلب "
امسكت احلام زراعه وهي تترجاه " خلاص بقا ي سيف ده كان زمان سامحها عشان خاطري عندك "
رد بقسوة " زمان ده ال مخليني عايش دلوقتي , بسببك ي مجدة بنتك ماتت بسببك انتي وانا عايش عشان انتقم "
رد فؤاد بعصبية " سيف ملهاش ذنب وانت عارف كدة ال حصل ده قضاء وقدر وهي جات برجلها عشان تسامحها وتمشي تاني مكان ما جات مش عاوزة منك حاجة "
نظر له سيف بنظرات قاتله وهو يهدر بوعيد " مش قولت وراك مصيبة ي فؤاد بتغدر بيا وترجعني للماضي بإيدك "
رد فؤاد بحزن " انا عمري ما غدرت ولا هغدر بيك ي صحبي انا شايف انك بتدمر حياتك بإيدك وانا مش هقف اتفرج "
اتجه سيف لأحلام واقبض علي زراعها بقوة وذهب بها لداخل القصر " سيف اسمعني ده غلط دي امك ربنا هيحاسبك هيترد ف عيالك "
اغلق الباب عليها من الخارج وعاد لهم مرة آخري وهو يصيح " ياريتك سبتني ف حالي ي فؤاد , انت من انهاردة غريب مشوفكش ف طريقي صدقني هفرمك ي فؤاد هعاملك زي الغريب واكتر هوريك وشي التاني وسهمك ف الشركه هتتنازل عليه بالرضي والمبلغ ال تعوزه طبعا او بالغصب وانت فاهم قصدي, وانتي لازم تفهمي ان انا كان ممكن اسامحك علي اي حاجة لكن موت رودي لاء , انتو ي بهايم خدو الاتنين دول خرجهم برا الجزيرة ومحدش منهم يهوب ناحيتها تاني " , تركهم وعاد مرة أخري للقصر
عاد الخدم لعملهم فور دخوله مع احسان , وجد الرواق خالٍ ليعلم انها صعدت لغرفتها " احسان تابعي معاها واديها علاجها ولو حصل اي زفت قوليلي "
كان مثل بركان ثائر ردت احسان بهدوء " تحت امرك ي فندم "

صعد للأعلي بخطوات مسرعة تجاه غرفته ليصفع الباب بقوة هزت القصر كله ورائه , صوت تحطيم تكسير صياح ولكن لم يستطع احد الاقتراب ناحية الدرج اكتفوا فقط بالاستماع والهمهمات حول ما حدث , خرجت احلام بعد عشر دقائق واتجهت لغرفته , تنفست قليلا بهدوء وهو تطرق الباب , أتاها الصوت هادراً " مش رايح زفت انهاردة قوليلهم يلغو كل الاجتماعات ي احسان " , فتحت احلام الباب بهدوء وهي تنظر له بحزن ,
ادار رأسه ليجدها بجانب الباب اتجه اليها بعصبية وسحبها للداخل واغلق الباب " ايه ي احلام شمتانة مش كدة فاكرة اني ضعفت صح "
ردت بحزن " ليه هو كل الناس وحشة وقاسية زيك "
ابتعد وهو يبتسم بكسرة نفس " جلدتي قبل ما تسمعي , انا مش وِحِش , انا وَحْش وكله ده بسبب الظروف ال اتحطيت فيها , موت بابا وتخلي امي عننا وانتو كمان , حتي رودي مفيش حوليا غير اعدائي واقف بواجه لوحدي مستنياني اكون اييييه غير وحش "
تركها وذهب للشرفها يهدء من حاله قليلا فالآن اصبح جسده جمرة من نار إما ان يقتل احدا ان يبكي بحرقة وهو لا يفضل اياً منهما امامها
ترددت قليلا ولكن كلامه قد فطر فؤادها لتعلم انه يتألم بمفرده ليس في هذه اللحظة بل منذ خمسة عشر عاما , ذهبت اليه لترفع يدها وتضعها علي كتفه وهي تقول " سيف انا اس"
ادار جسده لها ليحتضنها بقوة وهو يبكي كطفل صغير ويشهق كثيرا وهو يقول " هي راجعة ليييه دلوقتي , راجعة بعد ما عرفت اني كبرت وبقيت بعتمد علي نفسي راجعة بعد ما اتحرمت من كل حاجة حلوة بسبب اني شلت مسؤلية لوحدي , رودي كانت ديما بتعيط من الوحدة رغم ان معاها اصحاب كتير بس كانت محتجاها كلنا كنا محتاجينها كانت فين ف الوقت ده "
بللت دموعه الفاترة وانفاسه الحارقة رقبتها لتحيط هي رأسه بزراعيها لعلها تخفف عنه او تشاركه همومه لم تكن تعلم لماذا هي تفعل ذلك لكن كل ما تعلمه ان قلبها يتمزق حزنا علي حاله , قطع انغماسهما بالحزن صوت طلقة نارية لترتجف هي بخوف أثر رجفة سيف الشديدة , ابتعد قليلا ليمسك وجهها بكفيه وهو يلهث " احلام انا فعلا بحبك ارجوكي متسبنيش "
امسكت يده وهي تقول " متقلقش مش هس ..سييييييف "

صرخت بقوة وهي تراه يسقط ارضا لتنساب الدماء حوله بغزارة تحت نظراتها المرتعبة
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي