البارت الثاني خداع

ذَبُلت ملامح وجهها لتردف بخوف " كان وعدي ليك اني عمري ما هكون لغيرك "

اجابها بفتور " كويس انك فاكرة بصراحة خيبتي ظني بعد ما عرفت ال بينك وبين يوسف قولت انك نسيتي بس ياريتك فعلا نسيتي "

صرخت هي بعصبية " سيف انت اكيد اتجننت ايه الهبل ده احنا كنا صغيرين أطفال ي بابا اطفااال وطبيعي لما نكبر مشاعرنا تتغير ونحب ناس ونكره ناس زي ما انا حبيت يوسف وهو كمان بيحبني ارجوك بقا سيبنا ف حالنا "

تلك الفتاه الساذجة لقد صبت الزيت علي الحريق لتزيد اشتعاله بكلماتها اللاذعة نظرت له بخوف لتري هدوئه المريب ، لم تنكر انها كانت تستعد لما سيصدر منه في اي لحظة ليرفع عينه بهدوء لتري هي بداخلها طوفان من دماء لا حصر لها ، لم تكن تفسر اهو غاضب منها ام يغار عليها ، تشنج جسده وبروز عروقه
ابتلعت ريقها بصعوبه لتبلل حلقها الجاف استعدادا لما سيصدر منها ، استجمعت شتات نفسها كما استدعت شجاعتها الكاذبة وهي تقول " سيف اهدي شوية عشان نعرف نحلها بص بقا نتفق اتفاق انت تسيبني امشي وارجع لأهلي وانا مش هجبلهم سيرة عنك وترجع لحياتي كصديق قديم وانا هنسي كل الليلة دي واحاول كمان اعرفك علي يوسف صدقني هتحبه اووي "

ينطبق علي هذه الساذجة مثل مصري أصيل وهو " جات تكحلها عمتها "

كور سيف قبضة يده ليغرس تلك الأظافر بداخله ، تقطرت بعض الدماء الخفيفة التي غابت عن نظرها لينفجر فيها هادرا بقسوة قد اعتادها " انتي ايه غبية هااا يوسف يوسف يوسف ده كل اللي هامك الظاهر مش مصدقاني انا سيف الجبلاوي ي أحلام ... انت يازفت "

دخل حارس ذو ملابس رسمية مسرعا وهو يجيب " تحت امرك ي باشا "

نظر لها بقسوة وهو يزمجر للحارس " تجبلي ازفت يوسف ده من تحت الارض دلوقتي حالا غوور "

أجاب الحارس قبل خروجه مهرولا " تحت امرك ي باشا "

أبتسم سيف بسخرية وهو يقول " ارتحتي كده هندفنه انهاردة والبركة فيكي ي أحلام " ....................

في منزل عزيز .......
لطمت نعمات علي وجهها بيداها قائلة " يعني ايه مش لاقينها "

اردف يوسف بحزن " للأسف يطنت زي ما بقول لحضرتك كل صحباتها مشافوهاش انهاردة ولا حد يعرف عنها حاجة وانا والشباب دورنا ف كل المولات والمحلات ال بتروحها والنوادي والكافيهات ملهاش أثر وكأنها فص ملح وداب محدش شافها خالص "

قاطعهم دخول عزيز المنزل وعلامات الاعياء واضحة عليه ليردف بتعب " نعمة ي نعمة الحقيني بالدوا بتاعي "
نهض يوسف ومن معه من شباب يافع ليساعدوه علي الجلوس الي ان أتت زوجته تحمل له ادويته وكوب من الماء ليتناوله مسرعا وينتظر بضع لحظات الي ان تلين تشنجات وجهه المتعبة قليلا

اردفت زوجته بلهفة " عملت ايه ي عزيز لقيتها هي فين "

تحول وجهه للاحمر لتتجمع دموعه في مقلتيها وهو يقول " انا قلبت الدنيا عليها وكل ال اعرفهم دوروا بس ملهاش أثر ولما حسيت ان مفيش فايدة قدمت بلاغ "

" البت ضاعت مليش غيرها وراحت ضنايا ضاعت كله بسببي ياريتني ما طلعتها انا السبب " ظلت تصرخ وتلطم نفسها مرارا وتكرارا لينهض عزيز ويحتضنها بقوة وهو يذرف الدماء لا الدموع ، فقد خاب أمله في نفسه كثيرا لانه لم يستطع حماية صغيرته الوحيدة ......... .................

عودة للقصر مرة اخري..........

دخل الحارس بعد مرور ساعة من الوقت المهدر بينهم ، ليردف بجمود " جبناه ي باشا اي أوامر تاني تحب تؤمرني بيها "

اردف سيف بحماس وشر واضح " لاء ارموه في المخزن وانا جاي وراكم براحة عليه عشان التقيل عليا "

أجاب الحارس بهدوء وهو خارج " تحت امرك ي باشا "

أخذ لها سيف قبل ان يخرج نظره خاطفه لتنهض هي علي ركبتيها بضعف وتزحف قليلا للأمام تنظر له بترجي بعد ان زرفت الكثير من الدموع حزنا وخوفا " سيف عشان خاطري لو لسه ليا عندك خاطر عشان الأيام الحلوة ال عشناها سوا عشان العيش والملح ال كلناه مع بعض متأذهوش متخلنيش اكرهك ي سيف ارجوك "

لم ينكر شعوره بالأسف حيال ما وصلت اليه من ذل وكسرة نفس ، لقد تمزق قلبه من تلك النظرات الضعيفه والتي كان هو سببا فيها ولكن كرامته وغروره وعشقه لها كان لهم رأي آخر ، ليخرج بصمت تحت بكائها الشديد ..............

تقدم سيف بخطوات ثابته أمام ذلك المرتعد المقيد بكرسي خشبي صغير " سبونا لوحدنا " ، رفع يوسف رأسه ناحية مصدر الصوت ليجد رجلا ضخما قد غطت القسوة ملامحه

ابتلع ريقه بصعوبه وهو يقول بخوف " انت مين وعاوز ايه جايبني ليه هنا "

لم يتوقف سيف عن الدوران حوله كي يفقد الطرف الآخر تركيزه ويبث الرعب بداخله " انا مين همممم ، انا ال خطفت احلام وعاوز ايه، عاوز روحك تطلع عشان مصدعني "

صمت يوسف برهه من صدمته ليعاود الرد مسرعا بعد ان تملك الخوف جسده " احلام معاك ، انت ال خطفتها طب ليه ، وانا عملت ايه عشان تخطفني انا معرفكش و "

ليهدر سيف بقسوة جلجلت المكان حوله " بس تعرف احلام وأحلام دي تخصني لوحدي وبما انك تعرفها فده بحد ذاته تعدي على ممتلكاتي الخاصة "

صمت يوسف مرة آخري ليفكر جيدا كيف سيخرج من هذا المأزق ، عاود النظر اليه مرة اخري وهو يقول بثبات " انا مش عاوزها اشبع بيها بس ابوس ايدك سبني وانا والمصحف هختفي ومش هتشوف وشي تاني ولا حتي هجيب سيرة لحد كأني فص ملح وداب "

سخر سيف من ردة فعله فقد التمس من تمسك صغيرته بذلك المغفل بأنه لربما يكون شهما شجاعا وخَيِّر يكن لها الحب الصادق فتلك الصفات التي كانت تجذب انتباها كثيرا ، نعم هو يحفظها ويقرأ أفكارها قبل ان تنطق بها ولكن يبدوا ان شئ ما خاطئ هل خدعها ، رد عليه ببرود تام " هه كنت فاكرك هتدافع عنها تفضلها عن روحك تتمسك بيها بما انكم تعرفوا بعض من ٣ سنين واكتر علاما اعتقد "

اجابه يوسف بتفكير وتردد " هي لا اول واحدة ولا آخر واحدة اعرفها ، انا مشيت معاها بس عشان خاطر فلوسها انا يتيم وهي مريشة وبتصرف عليا وعلي اخواتي البنات وكملت معاها ٣ سنين عشان مستفاد مش اكتر "

لم يعرف ايسعد بهذا الحديث لانه انتصر في النهاية ام يحزن لما مرت بيه تلك الساذجة من احلام وعهود كاذبة ولكنها تستحق ذلك " وس*خ يعني " اقترب منه وانهال عليه بالضرب المبرح الي ان شوة وجهه وادخله في حالة إغماء " ابن ***** كان بيضحك عليها وهي من غبائها صدقته عشان غبية بس تستاهل جبته لنفسها ، كده اللعب احلو ي أحلام ماشي " خرج سيف خارج المخزن ليقف بجوار حراسه ويردف بهدوء " خلو بالكم منه ولو فكر يلعب بس بديله علموه الأدب "

رد الحارس بطاعة " تحت امرك ي باشا اطمن حضرتك " ..................

في القصر تجلس احلام علي الأرضية الصلبه وهي تدعوا من الله ان ينجي يوسف من هذا كله وتخرج هي من هنا لتعود لأحضان والداها تختبئ فيها من قسوة الجو وقسوة الزمان ، لم يكن في حسبانها ان يعود الماضي من جديد وليته عاد كما كان بل عاد شخص غريب التمست منه البرود والغرور والقسوة ليس هذا ما عهدته من رفيقها سيف ، اردفت بحزن " يارب نجيه من ده كله هو ملهوش ذنب ولا انا ليا ذنب يارب انت القادر "

اردف بسخرية وهو يدخل " طب ادعيلي شوية يمكن ربنا يهديني عليكي من ال جاي ي أحلام "

اجابته بتقزز وهي تشيح نظرها من عليه " ربنا ياخدك ويريح الناس من شرك "

قهقه عاليا وهو يردف " ربنا ميحرمنيش من دعواتك الحلوة ليا ايوة كده حاجة تفتح النفس لاني مش هموت غير لما اتأكد انك موتي ، مش هتكوني لحد غيري ي أحلام "

قالت بعصبية وصوت مرتفع نسبيا " ربنا ياخدها احلام عشان ترتاح انت مريض غبي مش بتفهم ليه تعمل فينا كده واحدة مش بتحبك ياخي ايه هو بالغصب ، لااا انت اكيد مريض مش طبيعي "

اقترب قليلا وهو يبتسم بشر لينحني علي ركبته أمامها وهو يقول " اه مريض بيكي ثانيا هتحبيني ورجلك فوق رقبتك ثالثا بقا وده الأهم عندي ليكي خبرين واحد وحش والتاني اوحش بردو تحبي تسمعي انهي الأول ، انا شخصيا متشوق اسمعك الاتنين مع بعض "

انقبض قلبها أثر ابتسامته الشيطانية لتعلم انه فعل مالا تريده هي لتردف بفزع وشحوب وجهها " عملت ايه ف يوسف ي سيييف اوعي "

رد بسخرية يقاطعها " علي مهلك ليطقلك عرق اطمني يوسف عايش وده الخبر الوحش اما الاوحش جاي ..... دخلوه "

دخل من باب الغرفه حارسان ممسكان بيوسف الذي لم تحمله قدماه ليجرانه خلفهما وكأنه جثة هامدة تنزف الدماء من جميع جسده كما يتضح عليه أنه ليس بوعيه الي ان وصلا امام سيف والقيا به تحت قدمه ليسقط كالجليد علي الارض ، نهضت احلام بفزع وركضت تجاهه لتجلس أمامه وتميل عليه وتهمس بقلب مفطور ودموع لا حصر لها وشهقات متتالية " ي يوس..
ف ي يوسف انت ك كويس رد عليا "

باغتها سيف بقبضة يده التي حاوطت زراعها بقوة ليسحبها بعيدا عنه وهو يقول " لو فعلا باقية علي حياته يبقي تخرسي تسمعي الكلمتين ال جاي يقولهم ليكي عشان يروح علي رجله ولا انتي عاوزة غير كده " هزت رأسها بخوف وهي تنظر له بترجي ألا يفعل ذلك

بأشارة من سيف كان الحارسان قد ساعدا يوسف علي الاستقامة نسبيا في جلسته لينظر بعيون دامية تجاه احلام ومن ثم سيف ليردف بكلمات متقطعة " ا احلام انا كنت عاوز اقولك كلمتين .... انا عمري ما حبيتك انا كنت ماشي معاكي عشان يستفاد من وراكي يبت الناس انتي ال كنتي بتصرفي عليا وعلي اخواتي البنات وانتي مش اول بنت ولا آخر بنت ف حياتي انا اعرف كتير عليكي سامحيني انا اسف على كل حاجة كان غصب عني "

شعرت بدوار بسيط كادت ان تفقد توازنها أثر كلامه اللاذع ليقف سيف خلفها فتسند هي ظهرها علي قدمه لتستعيد كل الذكريات التي مرت بها وكل الأحلام والعهود التي وعدها بها وكل الحب والغرام الذي كان بينهما لم تتخيل يوما ان كل هذا كذب، اردفت بضعف وصوت مبحوح " قول ... قول ان سيف هددك بيا عشان تقول الكلام ده قول انه استغل نقطة ضعفك (عيلتك) عشان تجرحني كده ، يوسف ارجوك قول كلام غير كده انت عارف انا بحبك قد ايه "

نظر يوسف لسيف ورأي سواد عينه ليبتلع ريقه بخوف وهو يقول بعصبية مصطنعة " فوقي بقا انتي ال بتدفعي ف كل الخروجات وانتي ال بتجيبي الهدايا وانتي ال بتصرفي علي اخواتي البنات مش حاسة اني يستغلك ، هل ف مرة عملتلك حفلة عيد ميلاد، صحابك كانو بيعملوها وانا بس بتفرج وف الاخر يوسف عمل كل ده عشان يفاجئك مكنوش عاوزين يجرحوكي بس انتي ال غبية مبتفهميش "

لكمه سيف بقوة ليسقط يوسف أرضا " اتكلم كويس ي***** انت عارف بتكلم مين "

نظر يوسف لسيف بخوف وهو يقول بندم " سامحني ي باشا مكنتش اقصد "

نظر سيف لحراسه وهو يقول " خدوه تاني لمكانه لحد ما افكر هعمل فيه ايه "

امسكه الحارسان بقوه ليسحبانه للخارج تحت صراخه وهو يقول " ليه ي باشا انا قولت كل حاجة مش هتسيبني امشي وشرفي ما هجيب سيرة لحد ي باااشا "

ظل يصرخ ويردد بنفس الكلمات الي ان اختفي عن مرأى ومسمع احلام التي يتضح انها مغيبه في عالم آخر وهي تنظر لمكان رحيله ودموعها فقط هي من تشرح ما بداخلها عكس تعابير وجهها الباهته ، اقترب سيف منها وهو يقول " ايه عجبك المشهد ده ، ولسة الايام ال جايه مليانه مفاجئات واخبار انتي بس شدي حيلك عشان تكملي معايا للآخر "

لم يجد منها ردا ولا حتي التفتت له هي كما هي جامدة وعيناها تذرف الدموع وكذلك قلبها يذرف الدماء ولكن عقلها لم يستوعب ما حدث الآن ، فار دمه ليجلس أمامها ويمسكها بقسوة من كتفاها ويهزها بقوه وهو يصرخ " ليه ليه طلع واطي ووس*خ وبيستغلك انتي بردو زعلانه عليه لييييه "

وأخيرا هذا الجبل البارد التفت له لتضحك عاليا وبقوة وكأنها رأت مشهدا كوميدي لم تراه بحياتها ليسحب يده بقلق وهو يتابعها الي ان هدأت مرة واحدة ونظرت له بشرود وضعف وذل واضح " مبروك عليك ي سيف بوظت حياتي ، مبروك عليك كسرتني، مبروك عليك خسرت كل حاجة حلوة ليك كنت لآخر لحظة محتفظة بيها ليك عندي بجد مبروك عليك خسارتك ليا ، لو هو وس*خ عشان كان بيلعب بيا ف انت او*سخ انسان شفته ف حياتي " انهت جملتها وهي تبزق علي وجهه

لم يتمالك لنفسه ليصفعها بقوه لتسقط أرضا ، فيمسك شعرها بقوة ويعيد اجلاسها أمامه بالقوة " انتو كده كلكم واطييين مستعدين تدوسوا علي اي حد عشان خاطر نفسكم "

هز صراخها القصر لتركض كبيرة الخدم لتلك الغرفة المشؤمة ولكنها لم تستطع ان تخطوا داخلها بدون أذنه، كم تقطع فؤادها علي تلك الصغيرة فهي تعرفها حق المعرفة كما أيضا تعرفه هو _ سيف _الماضي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي