البارت السابع وعشرون

بعد ساعة كاملة من الإنتظار الشاق لمن تنقذها من هذه القذارة سمعت أخيرا طرقات الباب القوية تعلن عن امتلاك صاحبها صحة وفيرة لتنهض أحلام من الأرض بقلق وتتجه الي الباب وهي تضع أذنها عليه لتسمع صوت مرتفع قليلا " يالي جوااا أنتي ي ست "

انزلت أحلام وشاح وجهها وهي تفتح الباب بسعادة " أيوة أنتي ال الحج محمد باعتك "

أجابت بسعادة والأبتسامة تغمر وجهها " أيوة أنا ي حبيبتي دخليني عشان نلحق نخلص قبل العشية "

ردت بهدوء وهي تدخلها " أتفضلي "

نزعت المرأة صاحبة الخمس وثلاثون عبائتها الحالكة لتظهر أخري مشابهة ولكن فاقعة اللون تميل للخضار مليئة بالزهور الصفراء رغم أنها قديمة بعض الشئ ولكنها مازالت تحتفظ برونقها الخاص , تفحصت أحلام ملامحها لتجد أنها تمتلك عينان زرقاء وبشرة ناصعة البياض او كانت وذلك لتعرضها الدائم لحرارة الشمس جعلها تكتسب اللون الخمري بل أفتح قليلا , لم تكن السيدة عابئة بنظرات تلك التي تختبئ خلف وشاحها بل كانت تتفحص المنزل بأشتياق واضح تتنهد من لحظة لأخري وهي تستمجمع ما بقي في ذاكرتها منه لتردف بحماس " هااا يست الستات تحبي تحبي نفوت أوضة النوم وأنضفهالك الأول "

أجابت أحلام بهدوء " آه ياريت لو سمحتي "

أقتربت منها ووضعت يدها في خصرها لتردف مازحة " ومالك مغطية وشك ليه أحنا ستات مع بعضينا خدي راحتك هنه مفيش حد بيفوت غير لما يستأذن "

ترددت احلام قليلا لترفع الوشاح بتوتر ملحوظ , .....جحظت السيدة بعيناها بصدمة وهي تقول " يمصبتي أنتي لساتك صغيرة إيه ال مبهدلك كده يبنيتي "

أجابت أحلام بدموع " الظروف ي طنت "

أحتضنتها وهي تربت علي ظهرها بحزن " يبنتي أهدي بس شوية وفكري زين مهما حصل لازم ترجعي لأهلك وناسك هيزعلو شوية بس بعد كده هيسامحوكي وال عمل فيكي كده مش راح يسيبوه "

أبتعدت أحلام وهي تنظر لها بدهشة " أنتي عرفتي أزي بالكلام ده "

ردت بحزن " يبتي مهو أي واحدة مكانك بتبقا هربانه من أهلها عشان كده , أنتي غلطانة بس لكل غلط وليه حاجة تصلحه المهم أنك تتوبي وتستغفري عشان ربنا يسامحك ومتعوديش ترجعي للعمل فيكي كده واصل ولا تكرري غلطتك وصدقيني ربنا هيكرمك "

أجابت أحلام بضيق بعد أن فهمت ما تقصده لترد مدافعة عن برائتها " لاء أستني حضرتك لحظة بس أنا متجوزة وأختلفنا أنا وجوزي فحبيت أغيب فترة لحد ما يهدي أعصابه شوية بعدين نشوف هنعمل إيه "

نظرت لها بأستنكار وهي تقول " ومروحتيش ليه لناسك يبتي بدل البهدلة دي أنتي عارفة مينفعش بنت زي الورد كده تقعد لحالها "

اجابت احلام بضيق " أنا يتيمه ومحدش هيهمه أنا بتبهدل ولا لاء فبحب أخلص كل أموري لوحدي وربنا يحلها من عنده "

أردفت السيدة بصدق " معلش ي بتي هو اليتيم كده بيتبهدل ف الدنيا بس ربنا بيعوضه ف الآخره حسبي الله ونعم الوكيل ف كل ظالم "

أشارت أحلام الي غرفة النوم وهي تقول " الحمد لله علي كل شئ , أهي غرفة النوم "

دخلت تلك السيدة بخطوات ثابته لتبدء في عملها المعتاد بنشاط واضح , بينما تجلس أحلام بردهة المنزل تضع يدها علي حقيبة السفر وهي تفكر أين ستخبأ كل هذه الأموال ...........فلاش باك قبل 12 ساعة

بأحد الأماكن عامة توجهت أحلام تتلفت يمينا ويسارا الي أن وصلت للصايغ المعروف بالمنطقة بأنه متزعزع اليقين ليس له ملة أنه عديم الضمير لم يكن من السهل العثور عليه كلفها الأمر بعض الأموال القليلة ليتحدث أحدهم عن مكانه , دخلت بقلق وخوف في هذا المكان الفخم يحيط بها كل ما هو لامع وله بريق يعيق نظرها عن التفحص في ماهيته وخصوصا هذه الألواح الزجاجية النظيفة ورائحة المكان القوية وكأنها داخل غرفة العمليات بالمشفي أنها رائحة مطهرات متنوعة قد خالطتها بالكحول لتسعل قليلا فور استشاقها هذه الرائحة الفذة سمعت صوت هادئ يقول " أتفضلي ي مدام "

نظرت له من خلف تلك الطاولة الزجاجية المرتفعة لتقترب بقلق وهي ترى رجل مسن متوسط البنية أصلع قليلا يضع الكثير من الكحول علي يده وهو يطالعها بعدم أهتمام" لو سمحت أنا معايا عقد وعاوزه أبيعه "

برقت عيناه بوميض غريب لترتفع شفتاه في أبتسامة زائفة وهو يجيب " تحت أمرك ي مدام "

فتحت احلام حقيبتها وأخرجت عقدا متوسط الحجم مرصع بالفصوص الآمعة لتناوله أياه بحذر وهي تجيب " يكلف كام ده "

تصبب عرقا بعد أن أمسكه ليتغير لون وجهه للأحمر وهو يضعه علي الطاولة بحذر ليقول " ده الماظ حقيقي "

أجابت بتوتر غير متأكدة " أكيد "

أخرج مسرعا عدسته زجاجية بمقبض معدني مصنوع من الذهب الخالص من أحد الأدراج ليتفحص بها العقد , وبعد دقيقتين من الوقوف خوفا من أن يتصرف بتصرف لا تحمد عقباه تحدث بلؤم وهو يمسك العقد " جبتيه منين حاجة زي كدة مش سهل تتسرق "

أردفت بخوف " ده بتاعي جوزي أدهولي هدية ولو مش مصدق تقدر حضرتك تكلمه "

ضحك ساخرا وهو يسأل بفضول " جوزك ويطلع مين جوزك ده "

ردت بتوتر " سيف أحمد الجبلاوي ودي صورة من قسيمة الجواز حضرتك لو مش هتبيع يبقي تديني العقد "

صعق علي أثر حديثها ليتفحص قسيمة الزواج بتدقيق وهو يقول " حضرتك أ أأنا بس ......أكيد زوج حضرتك هيوصلي ده الأستاذ سيف الجبلاوي مش هقدر أتفضلي "

ردت بنبرة تحذيرية وهي تقول " حضرتك أنا ال شكلي هستعمل معاك أسلوب مش هيعجبك لو مخدتش العقد ده صدقني هخلي سيف بنفسه يتأكد ان المكان ده يبقي ملهوش اثر "
أبتلع ريقه وهو يجفف حبات العرق المتساقطة علي جبينه بمنديله الخاص ليقول بتوتر " لاء ي فندم أنتي فهمتيني غلط أنا كل ال طالبه بس الفاتورة بتاعت العقد مش أكتر "

أردفت بصرامة " ضاعت "

أبتسم بخوف ليصبح وجهه شاحبا وهو يجيب " مش مشكلة ي فندم فداكي أنا هقدره وأقول لحضرتك التمن "

طالع بعض الأوراق الخاصة وبعد ذلك تفحص العقد جيدا وزنه أكثر من أربع مرات متتاليه ثم أتي بقلم وورقة بيضاء والآلة الحاسبة ليبدء في حساباته الدقيقة ............

مر أكثر من ربع ساعة أخري لتتضجر أحلام بقلق وهي تقول " ي أستاذ أنا مستعجلة "

نزع نظارته وهو يتنهد ليجيب " خلاص حضرتك خلصت الحسبة كلها مليون ونص "

صمتت للحظة لا تريد أن تبدي علامات الدهشة من هذا الثمن حتي لا يعود للشك من جديد لتقول بنبرة هادئة " تمم أنا هاخد نص مليون وسيف هيجي بعد يومين هياخد الباقي "

أردف بأستغراب " طيب حضرتك متاخديش المبلغ كله ليه "

أجابت بجمود " اظن دي حاجة متخصش حضرتك "

أجاب بتوتر وهو يخرج دفتر إصال فارغ وهو يقول " سامحيني حضرتك أهو "

قاطعته قائلة " عوزاهم كاش "
.............................................. عودة للحاضر

وضعت يدها علي حقيبة الملابس وهي تتمتم بحيرة " هشيل الفلوس دي فين دلوقتي "

توالت الطرقات القوية علي باب منزلها من لتقف بخوف فهي لا تنتظر أحدا من عساه الطارق أنزلت وشاحها تخبئ وجهها من جديد , خرجت تلك السيدة بإستغراب وهي تراه تقف جامدة مستترة الوجه لتقول " مفتحتيش ليه تلاقيها أم مصطفي مرات أخويا محمد أصلها قالت هتيقي تشوق عليكي "

فتحت السيدة الباب وهي تقول " أهلا ي بسمة تعالي علي مهلك "

دخلت سيدة أخري شديدة البنية ممتلئة الجسد ناصعة البياض في بداية عمرها الثلاثين يظهر علي ملامحه السعادة وهي تحمل صينية متوسطة كبيرة نسبيا تغطيها بقطعة قماش نظيفة لتحمل عنها السيدة الأخري وهي تقول " علي مهلك ي بسمة تسلم ايدك ي مرات أخويا"

أعتدلت بسمة وهي تقول " بردو ده كلام ي عوالي دي ضيفتنا وذمانها علي لحم بطنها أزيك ي ست الستات حمدلله بسلامتك ي قمر أنسي ونورتي ي حبيبتي حقك عليا مقدرتش أجي بدري عن كده لأني أول ما عرفت أتلهيت ف تحضير الوكل ليكي طبختلك مخصوص ي حبيبتي "

ردت أحلام براحة وسعادة نسبية وهي تحتضنها " الله يسلمك ي طنت تسلميلي مكنش ينفع حضرتك تتعبي نفسك أنا اصلا مش جعانة "
أغلقت عوالي الباب وهي تقول " معندناش الكلام ده يست البنات الضيف يتضايف وتبقي عيبة ف حقه لو رفض حاجة مننا احنا صعايدة وانتي هنه تمشي علي قوانينا "

نزعت وشاحها تضحك بلطف " خلاص حاضر هسمع الكلام "

نظرت لها بسمة بصدمة وهي تراها فتاة صغيرة مقبلة حديثا علي حياتها ولكن سرعان ما دارت صدمتها بأبتسامة قائلة " أقعدي ي حبيبتي أتغدي انتي وعوالي مش عاوزة أرجع الآقي حاجة ف الصنية صدقيني راح أفضل وراكي لحد ما تخلصيها "

هزت أحلام رأسها مستجيبة وذلك لانها ان لم تأكل ستفقد وعيها قريبا " حاضر "

ردت بسعادة " تحضري ي قمر يست البنات أنا ساكنة هنه جارك لو عوزتي أي حاجة عيطي عليا "

عقدت أحلام حاجبها بأستغراب وهي تقول " أعيط ليه عليكي أنتي كويسة فيكي حاجة "

لم تفهم في بداية الأمر لتقاطعهما عوالي ضاحكة " يبت البندر أنتي شكلك هتتعبينا معاكي عيطي يعني نادي عليها مش تبكي "

ضحكت أحلام وبسمة بشدة لتفهم أنها ستدخل أجواء لم تعشها من قبل , خرجت بسمة مودعة كلتاهما لتغلق عوالي الباب وتذهب مسرعة تجلس في الأرض بجانب الطعام تكشفه ليظهر الكثير من الأصناف " تعالي ي بنتي رمي عضمك "

جلست أحلام وهي تنظر لكل هذا الطعام من حمام محشي وكذلك الفراخ واللحوم لتقول " لمين الأكل ده كله "

ضحت عوالي وهي تناولها خبز بلدي " مش بقولك أحنا بنضايف الضيف ودي ضيافتك ي ست البنات صدقيني أن كانت حالتنا تسمح أكتر من كده كنا دبحنا خروف لكن منين ربنا يعلم "

علمت أن هذا يسمي الكرم الذ لطلما كانت تسمع عنه أعتقدت أنها قد رأته ولكن في الحقيقة هي لم تراه سوى هنا حيث أن أهل الصعيد يخرجون كل ما يملكونه من قوتهم لأجل ضيافة الغريب

تحدثت عوالي وهي تأكل " الله قوليلي أسمك إيه ي ست البنات "

ردت أحلام بهدوء " أسمي أ..أنغام "

باغتتها بسؤال آخر " متشتكيش ليه ي أنغام جوزك للمحكمة وهيجيبوا حقك لتحت رجلك "

أجابت احلام بحزن " الفلوس والسلطة بتمشي علي القانون نفسه ف أي مكان "

صمتت عوالي بعد أن شاهدت أحمرار وجهها حزننا لتتنهد بهدوء وهي تكمل تناول الطعام صامتة .........

بعد العشاء دق باب المنزل لتنهض أحلام وتقف خلفه " مين بيخبط "

أجابت بسمة بصوت مرتفع " أنا بسمة أفتحي "

فتحت أحلام الباب لتجدها تحمل صنية أخري من الطعام علي رأسها تنهدت بحزن وهي تقول راجية " أبوس إيدك أنا مش قادرة أتنفس من ال قبلها "

دخلت بسمة ضاحكة وهي تغلق الباب بيدها الأخري " ده كان قبل العصرية معقول مجوعتيش ده أنتي حتي مكلتيش علي الغدا "

وضعت الطعام علي الأرض وهي تتفحص المكان لتقول " حلو مش بطال بسمة نضفتهولك وخلته زي زمان خدت كام ي أحلام "

أجابت بلا مبالاه " 300 جنية "

ضربت بيدها علي صدرها وهي تقول صارخة " كاااام تولتوميت جني ليييه "

أجابت أحلام بأستغراب " عشان تعبت أنتي مش شايفة البيت نضيف أزي والله كتر خيرها أنا لو مكنتش تعبانة كنت ساعدتها لكن مش قادرة أقف علي رجلي "

لوت فمها بعدم رضا وهي تقول بصوت اشبه للهمس " يبت خليكي ناصحة أحنا مطولين سوا هقولك ال بتخدم هنه لو نضفت سرايا من ايام الأحتلال متنضفتش مش هتاخد الفلوس دي هي أستغلت أنك متعرفيش حاجة وخدت منك الفلوس أنا هفوت عليها أجبلك حقك "

قاطعتها أحلام برفض " لاء سبيها أنا مسامحة فيهم عشان خاطري متكلمهاش عشان متتحرجش "

نظرت لها بسمة وهي تهز راسها حزنا علي عقلها الساذج لتقول " لاه ده أنتي لو فضلتي علي الحال ده هتروحي ف الرجلين اسمعي ي أنغام أحنا يعتبر من سن بعض وانتي باين عليكي بنت بهوات وطيبة رغم أني مصدقتش ال قولتيه ل عوالي ولا هي كمان صدقت بس هقولهالك العيشة هنه صعبة الناس طيبة آه بس بتغير ولما بتغير بتحقد وقلوبها بتسود من جوة وكمان مبتشبعش عشان جعانة والفقر مكتوب عليها ولو لقيوا أنهم مستفادين منك مش هيسيبوكي ف حالك وزي ما المثل بيقول ال واخد علي أكلك كل ما يشوفك يجوع , وأنتي يبنت الناس لو معاكي حاجة الحقي شيليها ولو متين جني الدنيا مش أمان وعوالي مش هتسكت أنا عارفة لسانها مبيتبلش ف بقها فولة ويومين بالكتير هتلاقي الكل بيتقرب منك "

زاغت أحلام بعينيها وهي تفكر في حديثها (أين ستخبئ المال ) كان هذا كل همها , عرفت بسمة ما تفكر به لتقول بهمس " طب أسمعي لما كنت ببيع بيض جوز حمام أيام مكنت هنه عشان أجيب بتمنه خلقة لأي عيل من عيالي أصل معايا خمسة يشيل عنهم العين كنت بحفر ف كان محدش يخطي عليه وألفهم ف قماشة وأدسهم وأحط عليهم التراب واداريهم بالحصير أعملي كده وأنا يستي هجبلك حصير تنامي عليه وتدسيه تحتيه "

أجابت أحلام برفض " حصير إيه أنا محتاجة أعمل محارة وبياض وسراميك وعفش وأجهزة و "

قاطعتها وهي تقرصها بضيق في قدمها " وطي صوتك لحد يسمعك "

وضعت أحلام يدها علي قدمها متبرمة " يعني أنا قولت حاجة غلط "

لوت فمها بقلة حيلة مصدرة صوت غريب لتقول بعده " مش بقولك غلبانة شوف أنا بحكي ف إيه وهي بتقول إيه , معني كده أنك معاكي ألوف يست البنات صلي علي النبي لو عاوزة تكملي هنا عايشة أسمعي ال بقلك عليه , أنا هجبلك محار آه بس بالليل كده عشان محدش يدري ولا يحس يضربلك الحيطان وش واحد خلال ساعتين يكون خلص عشان المحارة القديمة متقعش عليكي لكن البلاط بلاش منه هتفرشي حصير وفوقيها موكت وهجبلك سرير صغير ودولاب صغير بردو وبتوجاز علي قدك وتلاجة صغيرة وهركبلك مروحة ف أوضة النوم وأسكتي "

أجابت أحلام بضيق " ي سلام وباقي الأجهزة يعني أنا ممكن أأخر فكرة البلاط لكن البياض أنا حاسة أني قاعدة ف كهف "

ضحكت بترنم وهي تضع يدها علي فمها " أصبري كمان شوية وأضربي وش جير لبني وأصفر وأحمر بس أصبري لازم تباني أنك كحيانة "

أقتنعت أحلام قليلا بما حدثته بها جارتها لتقول " خلاص حاضر طيب أمتي هنجيب الحاجة ,أجابت بهدوء وهي تقف " للصباح رباح ي ست البنات أنا كمان 3 ساعات كده بالكتير هجيلك أنا وأبو محمد والصنايعي يمحرلك الشقة وبكرة تشق الشمس ونروح نجيب حاجتك من البلد ال جنبنا وأقفلي شباك الصالة كويس عشان واطي وعلي شارع متحكيش مع حد ومتفتحيش لراجل غريب "

أجابت أحلام بخوف " حاضر هكون في أنتظاركم أن شاء الله "

ودعتها بسمة وهي تخرج " أن شاء الله ي حبيبتي "

اغلقت أحلام الباب جيدا وهي تفكر فيما ستفعله لقد أثارت بسمة ريبتها وحذرها بما قالته " ده لو حد يعرف ان معايا المبلغ ده هيقتلني ويخفي جثتي ويبقا علي قلبه زي العسل " ........

في أحد الكافيهات الهادئة يجلس سيف ومعه فؤاد يفكران سويا في طريقة لإيجادها ليقول فؤاد بتوتر " سيف مفيش حل غير أننا ننشر صورتها ونعلن عن جايزة مالية كبيرة لليعرف حاجة عنها "

نظر له سيف بحدة ليعتذر فؤاد متراجعا " آسف ولا كأني قولت حاجة "

هتف سيف بنبرة جافة " هندور عليها لحد ما نلاقيها محدش ينام خلال 24 ساعة تكونوا وصلتوا لحاجة فاهم "

تنهد فؤاد بهدوء " ماشي ي سيف "

في صباح اليوم التالي .......

أستيقظت أحلام بتعب وتثاقل لتفرك عيناها بنعس شديد وهي تنهض من علي فراش الأرض واضعة يدها خلف ظهرها تمدده بقوة وهي تقول " آآآآآآآآه إيه العذاب ده أنا مش هقدر أتحمل أكتر من كدة "

قاطع حديثها طرقات الباب القوية لتقول بضيق " مين ال بيخبط كده دلوقتي "

أتجهت للباب وهي تقول " مين "

صاحت بسمة بصوت مرتفع " أنا بسمة ليا ساعة "

فتحت أحلام الباب لتدخلها وتغلقه مرة أخري " إيه ي أم محمد وطي صوتك شوية الناس نايمة "

ضحكت وهي تجيب " صح النوم ي قشطاية صباحك زي الورد بس مفيش غيرك ف البلد كلياتها ال قاعدة نايمة للعان "

أردفت أحلام بأستغراب " أرجوكي كلميني عربي "

ضحكت وهي تقول " أقصد أن أنتي الوحيدة ال نايمة ف حتتنا الناس هنا بتقوم من الفجرية تعزق زرعها تفطر بهايمها وتشوف أكل عيشها وبعد العشية تلاقيهم شربوا الشاي بعد ما صلوا وناموا ي قمر"

تثائبت أحلام وهي تقول " أنا بنام لحد الضهر "

ردت بدهشة " لحد الضهر تبقي خايبة ومين يفطر جوزك طيب لما يرجع علي لحم بطنه من الشغل مين يجهزله لقمة تسنده "

ردت أحلام بأبتسامة " أكيد الخدم " ...............

في لبنان بمنزل عزيز .........

تراجعت أحوال عزيز الصحية , يستلقي علي فراشه بتعب يستمد قوته من المحاليل المركبة كما يستنشق هوائه من أنابيب الأوكسجين الطبية لينزع الكمامة من علي فمه ويقول " فينها ي نعمة "

نظرت له نعمة بحزن وهي تفكر إلى متي ستظل تكذب عليه وحالته الصحية تتدهور بسبب غياب صغيرته عنه , أردفت بحزن " أحلام متجوزة ي عزيز ومشغوله مع جوزها وأنا مش عاوزة أقلقها "

رد بعصبية قليلة وهو يسعل " كح كح , كفاية ي نعمة وقوليلي فين بنتي احلام "

أجابت بصدق " أقسم بالله أتجوزت ي عزيز وهي دلوقتي ف مصر عشان كدة مبتجيش "

سألها بتعب " أتجوزت مين وأمتي وازاي وأنا فين من ده كله "

ربتت علي كتفه وهي تقول بخوف وندم عن أخباره بالحقيقة " أهدي بس هفهمك كل الحكاية أنك بسبب العملية مش فاكر حاجة لكن أحلام أتجوزت السنة ال فاتت وعملنا فرح كبير وأنت عزمت كل صحابك مع لوقت هتفتكر صدقني "

سألها بفضول " أتجوزت مين "

أجابت بشرود " أبن صديق عمرك أل غربتنا بسببه سيف أحمد الجبلاوي "

تنهد براحة وسعادة وهو يبتسم " كنت عارف أنه هيلاقينا وهتكون من نصيبه عشان كده برفض العرسان وبساند رأيها لانهم أتخلقوا لبعض وربنا جمعهم تاني أنا مكنتش هطمن علي أحلام ولو أتجوزت رئيس وزرا لان محدش هيخاف عليها ويحبها زي سيف وطلما سيف رجع كدة أنا أطمنت عليكم ولو حصلتلي حاجة صدقيني هكون مرتاح "

أحتضنت رأسه تقبلها ببكاء وهي تقول " بعد الشر عليك ي حبيبي وتسبني لوحدي هو أنا ليا غيرك ي زيزو "

ضحك بتعب " كبرنا ي نعمة وبنتنا أتجوزت "

قالت مداعبة " كبرنا ف عينك أنت كبرت أما أنا لسة قاعدة شباب ي حبيبي "

أبتسم بسعادة " ربنا يخليكي ليا ي حبيبتي " ...........

عودة لمصر مرة أخري ......

تمشي أحلام بحذر حتي لا تسقط أو تتزحلق أو تدعس ما لا تريد رؤيته لتقول " هو ليه ميعملوش طريق للمواشي وحدها عشان بوظت الطريق ال الناس بتمشي فيه "

ردت بسمة بضحك " الناس هنا بتنام مع المواشي يختي طيب هقولك عارفة أل أنتي خايفة تدوسي عليه برجلك ده العيال بيتحنوا بيه "

عقدت أحلام حاجبيها من أسفل الوشاح وهي تقول " إيه علاقة الحنة بالفضلات "

أجابتها بضحك قائلة " اللون مش لون الختا لاء اللون ال يسيبه لو فضل ف إيدك يتبقا حمرة زيه زي الحنا يعني ده غير أن هتلاقي الناس الغلبانة بيعملوا منه طباعة يحطوا عليها عيش الخبيز او بنحطه ف الفرن الوقيد "

أردفت أحلام بنبره خافته وهي علي وشك الغثيان " اععع إيه الأرف ده يجماعة ده بيجيب أمراض , لاء أمراض إيه ده ممكن ميلحقوش المستشفي فين التوعية "

وقفت أخيرا أمام محل صغير قليلا وهي تقول ساخرة " توعية هه لاه متقلقيش معدت الغلابة تطحن الحجارة , صباح الخير ي حج صبحي "

خرج رجل مسن من محله الصغير الخاص بأدوات السباكة البسيطة " صباح النور ي أم محمد كيفك وكيف الولاد "

أجابت بأبتسامة " الحمد لله بخير بقولك ي حج محتاجين شوية أجهزة كهربية وحجات سباكة بسيطة بما إنك يعني معاك عربية وبتجيب الحجات دي من المحافظة نفسها "

أجاب بهدوء " وأنا تحت أمرك ي أم محمد قولي يست الستات "

تحدثت أحلام قبلها " لو سمحت محتاجة بتوجاز بالفرن بتاعته يكون 4 شعلة صغير بس نوع نضيف وكمان خلاط بالكبة وتلاجة 8 قدم وسخان مية وأنبوبه للبتوجاز وواحدة تاني أحتياطي ومروحتين واحدة للسقف والتانية متحركة و "

قاطعتها بسمة وهي تنكزها " وبس يحج صبحي عشان ممعناش فلوس لأكتر من كده والله البيت علي ترابه الفلوس هتقسطهالك عشان هي يتيمة ملهاش حد ومرتبها يدوبك يكفيها أكل وشرب ف أصبر شوية وهي أن شاء الله أول ما اخد نصيبها ف الورث أخوها هيجي يسدد كل حاجة "

أجاب صبحي بسعادة " تؤمريني ي ام محمد أنا عيني ليكم بردو ده كلام أنهاردة العصر بالكتير أن شاء الله كل حاجة هتكون موجودة عندك بس محتاج علي الأقل مقدم "

أخرجت مبلغا صغيرا من ملابسها وهي تقول " خد ي حج صبحي دول 800 جنية تمن فردة حلق باعتها أصل الفردة التانية ضاعت منها "

أجاب بسعادة " ربنا يعوضها بغيرها أن شاء الله خلاص حاضر أنهادرة أن شاء الله قبل المغربية تكون الحجة أشتغلت علي الحاجة "

أجابت نعمة وهي تاركه أياه " أن شاء الله سلام عليكو "

رد بنبرة عالية " مع ألف سلامة "

أبتعدت قليلا مع أحلام لتقول " دلوقتي نروح نجيب الموكت "

سألت أحلام بفضول " يعني ايه موكت "

ردت بسمة بدهشة " متعرفش الموكيت يبنت البهوات .........ال بيفرشوه علي الأرض بيبقا زي "

أردفت أحلام بفهم " آه خلاص فهمت السجاد وده هنقسطه بردو "

ردت بسمة " أكيد وهنسده مرة واحدة بحجة الورث بتاعك ..... سلام عليكو هبة "

ردت فتاة صاحبة السبعة عشر من عمرها وهي تنهض من علي مكتبها الصغير " وعليكم السلام أتفضلي "

دخلت بسمة ومعها أحلام محل متوسط الحجم ملئ بالسجاد المتواضع وهي تتلفت متسائلة " أيه ي أنغام هتفرشي الأوضة أيه "

أجابت أحلام بهدوء قائلة " هفرش البيت كله أكيد يعني بقولك ي هبة في .....كان اسمها إيه ي أم محمد ال بتتحط تحت السجاد مش فاكرة اسمها "

ردت بسمة بذكاء " هاتي أربع حصاير كبار وأتنين صغيرين ي هبة , هتفرشي أتنين ي أنغام واحدة تحت الموكيت ال ف الأوضة وواحدة تحت ال ف الصالة وتخلي أتنين نضاف تبدلي بيهم نقي يلا السجاد "

بعد أن أنهيا شراء المستلزمات رجعت أحلام لا تحمل سوا الطعام المعلب وبعض الخبز والعصائر المصنعة من السوبر ماركت " ي بسمة السجاد والفرش مين هيجيبه "

أجابت بسمة بدهاء " هيجيبه الحج صبحي معاه حتي حاجة الحمام وحوض المطبخ كله هيتربط ف عرابية واحدة أومال عاوزة زفة قدام البيت عربية رايحة وعربية جاية وعين الجيران هتسيبك ده أنتي تروحي وتشغلي الراديوا ال هبعتهولك مع محمد علي أزاعة القرآن الكريم عشان تشيلي العين فاهمة "

أجابت أحلام بضيق " لا حول ولا قوة إلا بالله حاضر , صح نسينا الاطباق والحجات ال هعمل فيها الأكل "

أجابت بهدوء " متقلقيش معايا حجات كنت حطاها جهاز للبت جديدة ف كرتونتها بس عرفت انها موضة وبتتغير مع الزمن وأنا بنتي لسة ف الأبتدائي خديها ومن لسعتها يعدلها ربنا "

أردفت أحلام بدهشة " ف الإبتدائي وبتجهزيها أوعي لتكوني ناوية تجوزيها قاصر "

أجابت بضحك " أنا آه مدخلتش الأعدادية وأتجوزت لما كان عندي 12 سنة بس مش هظلم بتي زي ما أنا أتظلمت هخليها تكمل علامها وأبن الحلال لو زين يستني لو مش عاوز يجي غيره عشرة أنا بنتي مش قليلة "

خالج حديثها مشاعر أحلام ليستيقظ داخلها الأشتياق لوالديها والحنين لهما لتدعوا الله أن يجمعها بهم عاجلا وليس آجلا ....... ,,,,, ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي