البارت السابع عشر يبدو أن الأمور تغيرت

لقد كان كابوسا يا الله , انها لم تكن انا لقد كان شيئا رغما عني وكأن هناك طاقة خفية اجبرتني علي ذلك , لم اعي ماذا افعل ولما افعله ولكن ما اتيقن منه انه ليس ذنبي ...........................

تداول الطلقات النارية القليلة بالاسفل لتسقط احلام بجانب سيف ممسكه رأسه بحذر وهي تصيح بكاء " سييييف انت سامعني , متسبنيش ي سيف "
دخلت احسان مسرعه اليهم ومعها القليل من الخدم واثنين من الحراس , لتجد الدماء تغطي ارضيه الشرفة وضعت كلتا يديها علي وجهها وهي تتمتم ببعض الكلمات الغير مفهومه " ي احسان اعملي حاجة بيموت مني ي احسااان "

اتجه الحارسان اليه لتبتعد احلام قليلا كي يحملاه بحذر للأسفل ......

في رواق المشفي تجلس احسان بجانب احلام التي تبكي بحرقة وهي تربت علي ظهرها بتماسك ودموع منسابة علي مقلتيها " هيبقي كويس ي احلام ادعيله "
لم تعرها اهتماما لتكمل حلقة بكائها المرير , نهضت احسان وابتعدت قليلا عنها وهي تخرج هاتفها التقليدي من حقيبتها الصغيرة وتهاتف احدهم بترقب شديد

علي الجهة المقابلة نظر فؤاد لهاتفه بضيق ليرميه علي الفراش وهو يأفُ ضجراً , اقتربت زوجته بهدوء لتضع يدها علي رأسه وتمسدها بلطف ليتخلل شعره بين اصابعها الناعمة وهي تقول " مش هترد "

نظر لها بغضب وضيق " لاء انا تعبت " , عاود الهاتف اصدار الضجيج مرة اخري لتميل هي اليه وتلتقطه وتنظر للمتصل وهي تقول " دي احسان "

لم يجيبها وهو يشيح بنظره لسقف الغرفة لتفتح هي المكالمة وترد بأدب " السلام عليكم "

ردت احسان بنبرة شبه باكية وهي تقول " وعليكم السلام فين فؤاد ي نهال "

نظرت نهال لزوجها لتجده يشير بيده انه بالمرحاض لتفهم هي مقصده فتعاود اجابتها بتوتر " هو ف دورة المية اول ما يطلع "
قاطعتها احسان بحزن وهي تقول " قولي لفؤاد سيف ف اوضة العمليات "

اعتدل بعصبية في جلسته وهو يسرق الهاتف من زوجته ليخاطبها بحدة " احسان سيف غلطان وانا مش هاجي اصالحه كل مرة لازم يحس بغلطه "

ردت بصوت مبحوح التمس فيه صدق ما ستقوله " سيف ف اوضة العمليات متتأخرش عشان محتاجينك ضروري "

اغلقت الهاتف بوجهه وهي تعاود النظر لاحلام فتجدها هادئة جامدة , اقتربت منها وجلست جوارها وهي تحتضن رأسها بحرقة " هيطلع متقلقيش سيف مر بالاصعب من كدة "

لم تكن تعلم ان تلك الجمله تسعدها ام تؤلم قلبها ولكن ما شعرته حقا ان البرودة بدأت في النيل من جسدها الهزيل كما ان ضربات قلبها اصبحت ابطئ يبدوا انها ستصاب بأغماء عما قريب ولكن خرجت ممرضة من غرفة العمليات وهي تركض لتنهض احسان تجاهها مسرعة وتمسكها من رسغها بترجي وهي تقول " طمنيني ماله "
ردت الممرضة بقلق وتعجل " محتاج نقل دم ضروري "
نهضت احلام بأمل وهي تقول " انا فصيلة دمي زيه هتبرعله "

لم تفكر الممرضة كثيرا لتذهب اليها وتمسكها من يدها بقوة وتسحبها للداخل , كانت الغرفة خالية ولكن بها سرير خاص بالعمليات المرضي وباب آخر تجهل هويته , استلقت احلام علي ذلك الفراش القاسي وهي تنظر للضوء الساطع فوقها بوهن حتي شعرت بنغز الابرة بزراعها الايسر لتبدأ عمليه استرداد ما هو ملكه من جديد , تركتها الممرضة وذهبت للباب المجهول لتفتحة وتدلف للداخل حتي تشاهد احلام جسده الممتد علي الفراش وحوله الاطباء يتهاتفون بعصبية وهم يحاولوا انقاذه , اغلق الباب لتعاود النظر للأعلي والدموع تنساب من مقلتيها بحرقة والم , بعد لحظات اشتد سطوع الضوء حولها لتفقد تدريجيا الاحساس بأطرافها الي ان اغمضت عينها بهدوء رغما عنها

وصل فؤاد للمشفي ليجد احسان تجول المكان ذهابا وايابا امام باب العمليات وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة , اقترب منها مسرعا وهو يقف امامها يتلهث " سيف ماله "

امسكت في زراعيه بقوة وهي تصيح " الاتنين هيضيعوا ي فؤاد سيف ف العمليات ومحتاج نقل دم واحلام هتتبرع "

رد بقلق " وايه المشكله "

قاطعته بصياح " احلام اساسا سيف اتبرعلها من اسبوعين او شهر ممكن يستغنوا عنها في مقابل انقاذ سيف الجبلاوي صاحب شركات ومصانع ميعرفوش انها حرم الباشا "

ادرك فؤاد ما تقصده ففي هذا العالم البقاء للأقوي ركض للداخل ليري ان احلام قد فقدت وعيها هرع اليها وهو يغلق الكالونا " انتي يااازفته "

خرجت الممرضة علي أثر صياحه لتركض له بخوف وهي تري حالة احلام " نعم ي فندم "

نهرها بعصبية وهو يقول " دلوقتي تجري تجيبي دم للاتنين حالا غوري "

ردت بقلق وهي تنظر لغرفة اجراء العمليات " بس سيف باشا "

قاطعها بعصبية " انتي هترغي اخلصي وهاتي زفته تاني معاكي دي مش مستشفي دي مخروبه بس مش وقته "
خرجت مسرعة دون الالتفات للخلف ليخرج فؤاد هاتفه ويهاتف احدهم بعصبية " لقيتوهم "

اجاب الحارس بقلق " ايوة ي فندم بس "

صاح فؤاد بعصبية " اوعي تقول بس مش عاوز غلطة "

تابع الحارس حديثة بقلة حيلة " هو واحد بس سعتك وولأسف لحد ما وصلنا ليه لقناه ميت "
مسح فؤاد يده علي وجهه بعصبية مغمضا العينين وهو يغلق هاتفه لينظر لاحلام قليلا ولغرفة اجراء العمليات كثيرا ..............

في مساء ذلك اليوم ...........

فتحت احلام عينها بصعوبه بسبب الضوء الساطع حولها لتبدأ تدريجيا في استيعادة وعيها الي ان شعرت بمن يبكي بصمت جانبها , ادارت رأسها تجاة الصوت لتجدها احسان , استرجعت ذااكرتها تدريجيا لتفهم سبب قدومها لهنا الي ان صاحت بضعف " احساااان بتعيطي ليه سيف كويس "

نظرت لها احسان بحزن لتردف بابتسامة كاذبة " اه الحمد لله انتي بقا شدي حيلك عشان نخرج قريب "

بهت وجهها لترتجف شفتيها الكرزتين وهي تقول " انا هقوم اطمن عليه "

نهضت بضعف وهي تشعر ان المكان حولها يدور كدوار الارض حول نفسها لتسندها احسان بقوة وهي تؤنبها " انتي لسة تعبانة استني تفوقي وبعدين نشوفه سوا "
نهضت احلام وهي تتكئ عليها بحذر " انا قولت هشوفه يعني هشوفه "

ردت احسان بدموع " مش هينفع عشان هو في العناية المركزة ممنوع الدخول عليه "

ردت احلام بألم " في العناية ليه مش قولتي انه كويس "

اجابتها احسان " الرصاصة كانت قريبة من القلب ذيادة "
لم تستمع لحديثها لتخرج عنوة عنها وهي تلامس جدران المشفي وتزحف بقدمها بصعوبه حتي لا تسقط ارضا , ليس اعياء جسدي ولكن فكرة انها يمكن ان تفقده مرة أخري قد ارهقت قواها الجسدية لتئن الما وهي تبكي كطفل فقد والدته , سمع فؤاد هذا الأنين الذي يصاحبه شهقات البكاء المرير لينظر خلفه فيجدها هي , وقف مسرعا واتجة اليها وهو يقول بقلق " احلام ايه قومك بس من سريرك "

ردت بصوت متقطع " ع عاوزة ارروح لسيف اشوفه عاوزة افضل جنبه مش عاوزة اسيبه لوحده تاني "
اجابها بحزن وتماسك " حاضر هخليكي تشوفيه بس متطوليش عشان جرحه "

هزت رأسها مرارا بالموافقة لتذهب خلفه بهدوء الي مكان العناية المركزة التي يتواجد بها وقف امام الباب ونظر لها " متطوليش ي احلام عشان صحته "

اجابته وهي تدلف للداخل " حااضر " , كانت الغرفة هادئة الاضاءة بل يتسلط الضوء فوقه فقط كما انها باردة نسبيا يتصدر صوت جهاز قياس ضربات القلب الاولوية للضجيج بالغرفة , اقتربت احلام ببطئ اليه لتجلس علي كرسي معدن نحيف وهي تنظر له باهتمام تتفحص ملامحه الزابلة وسكونه الغير معتاد , مدت كلتا كفيها الباردين لتحتضن يده بأنين وبكاء " سيف انا عارفة انك اقوي من كدة وهتقوم عشاني , صدقني هسمع الكلام وهنفذه بالحرف زي ما انت عاوز انت مش بتحب الشعر القصير هلبس بروكه لحد ما يطول بس متسبنيش , انا مش عارفة احنا ليه مش مكتوبين نعيش مع بعض مبسوطين كل ما نقرب القدر يفرق بينا , اللهم لا اعتراض اللهم اني لا اعترض يقوم بس وبعدين نفترق لكن انا مش عاوزه اخسره للأبد "

دخل فؤاد بهدوء ليهمس بصوت مسموع " احلام . احلام كفاية كدة عشان صحته يلا بقا "

نظرت له بأعين زابله " هيقعد هنا لوحده "

تنهد بالم وهو يجيب " لاء طبعا الدكاترة داخلين طالعين عليه وانتي ابقي تعالي ف وقت تاني عشان حالته متسمحش دلوقتي "

نهضت بجسد هامد لتخرج وهي تودعه بقلبها ليتيقن فؤاد بعشقها وتعلقها به انه العشق المخلد ولكن الغرور هو ما يرهقهما , نظرت له احلام وهي تقول بصوت مبحوح " فؤاد ممكن طلب "

اجابها بأدب وهو يتغاضي النظر بعينها " اتفضلي ي احلام "
اردفت بنبره راجية " ممكن تطمني علي بابا وماما ليا بدري معرفش اخبارهم "

اجابها بتوتر " بصراحة انا مقدرش اعمل كده من ورا سيف "

فهمت مقصده لتقاطعه بتعجل " لاء مش هشوفهم انا بس عاوزة اعرف اخبارهم "

تنهد براحه وهو يجيبها " حاضر عشر دقايق واكون وصلت لاخبارهم ارتاحي انتي دلوقتي "

خرج فؤاد الي حديقة المشفي ليقابل كبير حرس الجزيره " موصلتش لحاجة "

هز الحارس رأسه برفض ليبرر موقفه " للأسف ي بيه كل حاجة كانت معاه موصلتناش لاي جديد حتي موبايله انفجر لا ورق ولا اي اثبات شخصية بس ملامحه مش عربي "

اجابه فؤاد بعصبية " عشان انتو بهايم اسمع شدد الحراسه علي الجزيره مفش دبانه تدخل الا بأذني لحد ما الباشا يفوق فاهم "

حني الحارس رأسه وهو يجيب " تحت امرك ي بيه "...........

دخل فؤاد بعد ان طرق الباب لتأذن له احسان بالدخول وقفت احلام فور رؤيته وهي تقول " سيف فاق "

رد بحزن " لا لسة هيفوق قريب ان شاء الله , حبيت بس اطمنك علي والدك حالته مستقرة وخرج ليه 3 ايام وهو حاليا في البيت ومعاهم اسلام يعني مش وحدهم "

اجابته احلام براحة نسبية " الحمد لله , شكرا ي فؤاد "

اجابها بأدب " العفو بسيطة , استأذنكم عشان معايا مشوار ولو احتجتو حاجة رنو عليا مش هطول ساعة وراجع "

اردفت احسان بابتسامة " اذنك معاك يبني اتفضل " .............

في مكتبه الخاص يصيح بضيق في هاتفه " يعني ايه ملقتوش حاجة انتو مش عارفين تدوروا كويس "

اجابه الطرف الآخر بثبات " يفندم سيف الجبلاوي شغله كله نضيف معلهوش حتي قضايا "

صاح بغضب " اسمع انتو هدوروا لحد ما تجيبوا مصيبة من مصايبوا فاهم والا هيبقي ليا ردة فعل مش هتعجبكم "

اغلق هاتفه ليلقيه علي مكتبه بضيق ويجلس يقلب ببعض الاوراق الخاصة بسيف الجبلاوي بتركز للمرة السابعة عشر ليعود رنين الهاتف مرة اخري , امسكه بضيق وهو ينظر للمتصل حتي لانت ملامح وجهه الغاضب ورد بهدوء " السلام عليكم ازيك ي يارا "

اردفت يارا بأدب " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , رنيت عليا من شوية بس كنت مشغولة معلش مردتش "

اردف بهدوء " عادي مش مشكلة , انتي فاضية دلوقتي يعني ممكن نتقابل "

اجابته بتوتر " فيه اخبار عن احلام مش كدة "

اجابها بهدوء " اه عشان كدة محتاج اقابلك "

ردت بسعادة " اللهم لك الحمد لقيتها وصلت هي معاك عمو عزيز مقليش ولا هي رنت هي كويسة انا هروحلهم دلوقتي اطمن عليها "

قاطعها اسلام بحزن " يارا ممكن لا تتصلي ولا تجيبي سيرة لحد لغاية ما اشوفك هي لسة مرجعتش "

ردت يارا بحيرة وخوف " هي كويسة مش كده اوعي "

قاطعها بنبرة مطمئنة " متقلقيش هي بخير "

اجابته بثبات " تمم هتحرك دلوقتي واستأذن , هنتقابل ف الكافية ال جنب مكان شغلي جيت فيه مع احلام قبل كدة فاكره "

رد بهدوء " اه فاكره تمم انا ف مسافة السكه "

في الكافية ........

تجلس علي طاولتها تنتظره بفارغ الصبر الي ان رأته يدلف للداخل وهو يبحث عنها , رفعت يدها مشيره له ليراها ويتقدم ناحيتها مبتسما , صافحها وهو يسأل عن حالها لتجيبه هي بحماس وهي تجلس " الحمد لله طمني بس لقيتها فين وهي فين انا عاوزة اشوفها "

رد بهدوء " هتشوفيها بس اسمعيني للأخر " .......قص عليها ما حدث منذ البداية ليختم قوله " ومقدرتش اجيبها منه برضاها وانا عارف انها مغصوبه علي كل ده "

بكت يارا بحرقه وهي تخبئ وجهها بكفيها علي حال صديقتها , ليتحدث اسلام مرة اخري " يارا ارجوكي مش وقته اسمعيني انا محتاج منك تروحيلها "

رفعت رأسها وهي تمسح دموعها لتتماسك قليلا وهي تجيب بشهقات متقطعة " م مش ههيرضي "

اجابها بقلة حيلة " نجرب بس وانا اعتقد انه هيوافق اسمعي محتاج تجبيلي منها كل حاجة وايه ال حصل من البداية لحد ما تمشي من عندها "

ردت بحزم " خلاص تمم امتي هروح "

اجابها بجمود " هشوف وارد عليكي بس اوعي سيف يشم خبر ان انا بعتك وخلي بالك القصر كله كاميرات "

ردت بهدوء " حاضر متقلقش خير ان شاء الله "

في منزل عزيز.........................

سمع عزيز صوت بكاء زوجته الهادئ , لينادي عليها بتعب " نعمة ي نعمة "

سمعت ندائة لتهم اليه وهي تكفف دموعها المتساقطة , دخلت لغرفته مبتسمة وهي تجيبه " نعم ي حبيبي محتاج حاجة "

اجابها بهدوء " تعالي جنبي وحشتيني "

جلست جواره والدموع متجمعه في مقلتيها ولكن رغم ذلك مبتسمة الوجة , رأي الالم في عينها ليردف بحزن " بتعيطي ليه انا شايف الحزن ال ف عينك ونفسي تصارحيني ومتوجعيش قلبي اكتر من كدة "

ردت والدموع تنساب من عينها " سلامة قلبك ي حبيبي دي بس دموع فرح انك قومت بالسلامة ورجعت لبيتك تاني وسطنا "

هز رأسه بحزن وهو يقول " لاء ي نعمة انتي وبنتك مخبيين حاجة عليا انا متأكد لما ترجع من سفرها انا هعرف طلاما انتي مش هتقولي "

نهضت بحزن لتركض الي مطبخها تنتحب بصوت مكتوم بكاءا وقهرا علي صغيرتها التي ضاعت من بين ايديها رغما عنها ...

صباح اليوم التالي ...................

استيقظت احلام علي صوت فتح الباب لتجد احسان تغلقه بهدوء متجخة نحوها بأبتسامة بشوشة وهي تقول " صباح الخير عاملة ايه انهاردة "

اعتدلت احلام في جلستها وهي تجيب " صباح النور الحمد لله , سيف فاق "
هزت رأسها رفضا وهي تقول " لاء بس عدي مرحلة الخطر وهيتنقل لاوضة عادية كمان وان شاء الله انهاردة ممكن يفوق "

تنهدت احلام براحة نسبية وهي تشكر الله علي ان الامور باتت تكون ميسرة الان , جلست احسان جانبها واخرجت علبة طعام متوسطة الحجم لتفتحها وتقدمها لها وهي تقول " يلا قولي بسم الله وافطري "

هزت احلام رأسها رفضا وهي تقول " مش قادرة معدتي قالبة عليا "

عقدت احسان حاجبيها بضيق وهي تقول " عشان مكلتيش من بدري يلا ابدأي بساندوتش الجبنة دة عشان مش هتحركي من هنا غير وانتي فاطرة كويس ولا مش عاوزة تطمني علي سيف "

نظرت لها احسان بلؤم لتحمر وجنتي احلام خجلا وهي تخطف قطعة من الفواكة المقطعة لتتناولها بهدوء تحت نظرات احسان السعيدة , أنهت احلام جزء صغيرا من فطورها بسبب زن احسان المتواصل لتنهض بعد ان ارتشفت القليل من كوب العصير الذي أمامها وهي تقول " بس كدة لو كترت معدتي هتقلب عليا بجد , عاوزة اطمن علي سيف "

نظرت لها أحسان بأبتسامة وهي تقول " عارفة الطريق ولا أوصلك "

ردت أحلام بثبات وهي تغادر " لاء مش مشكلة عرفاه " , خرجت بهدوء منتبهة لخطواتها البطيئة وذلك بسبب الدوار الخفيف الذي يتوالي عليها من حين الي حين , وصلت أحلام الي العناية المركزة لتدخل دون وجود أحد حتي يلاحظها

وجدته كما هو ولكن وجهه يتضح عليه النضارة قليلا مقارنة بليلة أمس , قربت أحلام كرسيها الي جانبه لتمد يدها بحزن محتضنه كف يده اليمني , وضعتها علي وجهها تقبلها بحزن ودموع متسابقة في النزول لتقول بصوت مبحوح " فاكر لما كنت راجعة من المدرسة والدموع في عيني ووقتها كنت .............."

فلاش باك من 16 سنة

دخلت أحلام منزلها وهي تركض الي غرفتها دون ملاحظة وجوده مع والده , لاحظ والده كما لاحظ الجميع ذلك ليردف أحمد بهدوء " نعمة لسة بتشتري هدوم مع رودي "

رد عزيز بقلق علي صغيرته " آه هما في مسافة السكة "

أجابه أحمد بعذر " انا حاولت معاها وقولتلها ال عوزاه هيجي لحد عندك بس هي أول ما سمعت ان نعمة هتطلع تنقي براحتها مسكت فيها معلش ي عزيز "

رد عزيز بتأنيب " عيب ي أحمد رودينا بنتي زي أحلام بالضبط "

وقف سيف وهو يقول " طيب انا هروح اشوفها مالها لأن الواضح ان يومها كان صعب "

هز عزيز رأسه بالموافقة ليتجة سيف الي غرفتها ويطرق الباب بهدوء " أحلام ممكن أدخل "

ردت بعصبية " لأء متدخلش مش عاوزة أكلم حد "

أدار المقبض وهو يقول بتحذير " انا داخل اهو "

فتح الباب ليجدها تجلس علي فراشها وهي تحرك رجلها علي الأرض بعصبية للأمام وللخلف كما أن وجهها متذمر ليقترب بقلق وهو يسأل " مالك ي أحلام حد زعلك "

رفعت نظرها اليه وهي تقول بتوتر " هه لاء بس مجبتش درجة حلوة ف امتحان المس بتاعت الدراسات وعاقبتني "

رفع حاجبه بأستنكار " والله طيب هاتي الأمتحان نراجعوا سوا "

اجابته بقلق " قطعت الورقة "

رد بهدوء " خلاص هروح بكرة المدرسة وأشوفها وأقولها ليه عاقبتك واعملهم مشكلة هناك "

وقفت أحلام بخوف وهي تمسك زراعه بترجي " لاء متعملش كده "

نظر لوجهها الطفولي المتذمر وأعينها المتلألئة وضفائر شعرها المتراقص ليقول بشك " أحلام قوليلي الصراحة وانا مش هجيب سيرة لحد مين زعلك "

تراجعت بقلق وهي تجلس علي فراشها لتفرك يدها بقوة وهي تقول " هقول ....هو ولد أكبر مني مش عارفة ف سنة كام ضايقني هو وصحابه وحاولو يقصو شعري لكن المس بتاعت الدرسات لحقتني ووقتها عملت استدعاء ولي أمر وهما واتفصلو اسبوع , الكلام ده حصل امبارح لكن وانا راجعة انهاردة قابلوني ف الطريق وهما متوعدين ليا بس عرفت أهرب "

نظر لها بغضب شديد وعصبية وهو يقول " وكنت سعتك ناوية تقوليلي أمتي هاااا ليه خبيتي عليا ي أحلام مش احنا صحاب لما رجعتي مجبتليش سيرة ليه "

اجابته بخوف ودموع " خفت مش عارفة من أيه بس انا خفت "

فرك عينه بتماسك وهو يقول " أسمه ايه الولد ده "

ردت بقلق " سمير الوحش معروف ف المدرسة كلها "

خرج دون ان ينبث بكلمة أخري ...................

صباح اليوم التالي ذهب أحلام الي مدرستها وحضرت طابور الصباح ولكن ما لاحظته ان جميع الفتيان يتجنبون الأحتكاك بها بل يفرون هربا , وأعينهم مسلطة عليها لتدرك ان ثمة أمر قد حدث , قطع تفكريها بالموضوع صوت الناظر وهو يقول " كلنا ندعي للطالب سمير زميلكم بالشفاء العاجل وال حصله ده نتيجة مشاغبته عشان كده بحذركم اهو اي حد هيبقا مشاغب وتاعبنا زيه هيحصل فيه زي ما حصل ف سمير "

تداولت الهمهمات بالصفوف كلها ليرحلوا عائدين الي صفوفهم , ......

في وقت الغداء بالمدرسة تجلس أحلام بجانب الفتيات لتردف أحداهن بغيرة واضحة " مين ده ي أحلام ال ضرب سمير بيقولو انه تبعك لانه حذر كل اولاد المدرسة انهم يقربولك "

ردت احلام بتعالٍ " ده ملاكي الحارس انتو مش عندكم ملاك حارس زيي "

همهمت الفتيات بهيام " بجد اسمه ايه وهو معانا "

ردت احلام بفخر " اسمه سيف ابن صديق بابا وهو وعدني انه عمره ما هيسيبني ولا هيخلي حاجة تضرني طول ما هو عايش "

قطع حوارهم الهام صوت طفل أكبر منها قليلا ومعه بعض الصبيان " احلام ...انا بعتذر علي مدايقتنا ليكي وعمرنا ما هنعمل كده تاني سامحينا "

وضعت أحلام قدما علي الأخري وهي تقول " مسمحاكم بشرط انكم متضربوش حد تاني ضعيف عنكم "

رد الصبية بوعد وخوف " ماشي موافقين "

عودة من الماضي ..........

بكت احلام كثيرا وهي تقول " ملاكي الحارس انا كنت بستقوي بيك لو فاكر ان بعدي عنك ده هين يبقي غلطان , انا بعد ما سفرت روسيا دخلت ف حالة أكتئاب شديدة اتحجزت كتير ف المستشفي لاني كنت ديما بهرب من الواقع , ال فعلا مستغرباه هو ليه بابا بعدني عنك غصب أيوة كان غصب عني وعنه , كنت شايفة قد ايه بيموت وهو شايفني ف الحالة دي بس كان مقيد مش عارفة بإيه لكن هو مخبي عننا السبب ....... لما سمعت صوتك مكنش غريب بس انا كنت بكدب نفسي كنت بقول اوهام الماضي لكن طلع بجد , رجعتلي تاني ي سيف وفيت بوعدك وحبك وأنا كمان بحبك , ويوسف ده عمري ما كنت هتجوزه ولو كنت بحبه كان زمانا متجوزين , انا بس كنت عاوزة انسي الماضي بس مقدرتش فضل قلبي متعلق بيك رغم ان عقلي رافض لان دول 15 سنة ي سيف عمر بحاله ف أرجوك قوم نعيش ال باقيلنا من حياتنا سوي "

اجهشت في البكاء والأنين وهي تضع رأسها علي فراشه , يبنما هو في عالمه الخاص حيث لا وجود لأحد غيره وسط صحراء شاسعه ممتده الي جرف مرتفع لتظهر أحلام بعيدة عنه قليلا تمشي بهدوء أتجاه الجرف , صرخ بكل قوته لها لعلها تتوقف لكنها لم تعبأ حاول ملاحقتها ولكنه يشعر بمن يقيده يدب الأرض دبا ولكن لا يصل اليها , بدأ صوته في الأنخفاض رغم محاولاته اليائسة في رفعه ليجد كل ما حوله يتوقف فجأة , هدأت الرياح أوشكت الشمس خلفها علي الغروب عوت الذئاب ووصلت صغيرته الي حافة الجرف , مد زراعيه لها وهو يصرخ بصوت معدوم لا يسمع سوا دقات قلبه القويه لا يستطع التحرك اليها , دارت بهدوء وهي تنظر لوجه المتشنج لتقول بخفوت " سامحني "

بدأت دقات قلبه في الأسراع ونفسه يزيد , ارتعبت احلام لتقف بخوف وهي تمسك وجهه بهلع " سيييف في ايه انت سامعني دكتووور "

استيقظ هلعا وهو يصيح " احلااااام "

نظرت له للحظة غير مصدقة لتقترب من مسرعة بحذر شديد " انا هنا ي سيف مش هسيبك "

مد يده براحه ليمسك يدها ويقبلها بسعادة وهو يقول " الحمد لله أوعي ف مرة تسيبيني عمري عمري ما هسامحك "

ردت بخجل " حاضر ”

دخلت الطبيبة ومعها طاقم طبي كامل لتقول بحزم وهي تفحص الأجهزة بحذر " لو سمحتي اتفضلي برة عشان نشوف شغلنا "

رد سيف بعصبية " انتي ال برة المستشفي خالص انا محدش يبعد مراتي عني انا كويس اطلعو برة "


اجابت الطبيبة بتوتر " يفندم احنا محتاجين "

اجاب بجمود " انا محتاج راحة ايه مش بتفهمي غوري لبرة "

تغير لون وجهها غضبا من اسلوبه المتعجرف وأهانته لها , لتخرج بضيق وخلفها الطاقم الطبي الخاص بها , نظرت له أحلام بضيق وهي تقول " انت حرام فيك الخير اصلا "

رد بتمثيل " انا فعلا أتسرعت قلبي واجعني ي ي "

اقتربت بخوف وهي تنظر له مرتعبه " إيه فين هنادي عليهم لحظة "

امسك يدها بأحكام ليقربها منه وهو يبتسم بحب " استني انتي صدقتي انا بهزر "
نظرت له بضيق لتجلس بجانبه " سيف انا مرعوبه خلقة متعملش فيا حركاتك دي مش هتحمل وهروح فيها وتقعد لوحدك "

اردف بضيق " الف مليون بعد الشر عليكي متقوليش كده تاني عشان مزعلش "

ردت بأحراج وهي تشيح نظرها بعيدا عن عينه " حاضر "

اكمل بابتسامة جذابه وهو يغمز بعينه " الله حاضر طالعة عسل من بوقك أول مرة اعرف ان حاضر منك حلوة كده , ايه مالك وشك بقا احمر كده ليه هاااا "

ضربته بخفه علي يده وهي تقول بكسوف " سيييف متكسفنيش كده واتلم والا هضربك علي قلبك وأخليه يوجعك "

رد بهيام وهو يجذبها بقوة خفيفة نحوه من ذراعها " هو انا اطول ي قلب سيف اضربي براحتك "

نظرت له بتوتر وهي تحاول الأفلات منه عنوة عنه , لتلمع عينه بوميض لا يبشر بالخير مطلقا ففهمت محتواه القذر ورفعت يدها الأخري وصفعته بضيق وهي تنهض مبتعدة , تبلدت ملامح سيف للحظة ليقول بوعيد " ماشي يبنت المجنونه بتضربيني بالقلم ي أحلام طب ليه "

اجابته بضيق " ي سلام برئ مش عارف ليه انا هقولك عشان قليل الأدب ومشوفتش ربع ساعة رباية "
ضحك وهو يقول " ليه هو انا لحقت اعمل حاجة , بقولك تعالي نجيب تقي وحنين "

سألت بغباء واضح " تقي وحنين مين وهنجبهم منين "

رد بضحك " من مركز الاستيراد والتصدير للفتيات والبنين "

لتخرج بضيق من ضحكه علي سذاجتها وهي تصفع الباب خلفها بقوة , ضحك سيف بقوة واضعا يده علي جرحه بألم قليلا ليدخل فؤاد ويراه علي تلك الحاله " لا اله الا الله والله كنا بنحبك يسيف ربنا يرحمك يصحبي اهيي اهيي "

اجابه سيف بضيق " اسكت بوظت اللحظة "

غمز له صديقه بلؤم وهو يقترب منه " بس ايه الضحك ده معقول يسيف بتضحك كده قول مش هقول لحد سرك في بير "

نظر له سيف للحظة الي ان عادا الاثنين يضحكان بشده
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي