17

ضحكة ساخرة تخرج من فاه مايكل و هو ينظر نحو آدم ثم يردف من وسط ضحكته المستهزئة


" لحظة، لحظة دعني استوعب ما قلته"


فينظر إليه آدم متململا و هو يقلب عيناه بإنزعاج ثم يقول بنبرة ساخرة عندما لم يكف مايكل عن ضحكه

" و ها أنا اخيرا وجدت ما يضحكك ليحل محل ذلك الوجه الضاحك، ام انك ازلت قناعك الحقيقي اخيرا"

ختم ضحكه بإبتسامة ثم ادلف قائلا " وحدك من جعل نفسه أضحوكة، من تحدث كالفارس المغوار بأنه يتحدى كل شيء هيا اخبرني ماذا قلت عندما قلت لك لا تلعب بالنار"


لينظر له آدم بحدة فيقهقه مايكل و يردف" أين ذهبت ثقتك تلك، ألم احزرك هل علمت الان انه لا يمكنك مجابهة منظمة الفا، فقط اجلس في كرسيك و قود من مكتبك بحزر، انسى ذهابنا للمزاد و ما مررنا به و عش بسلام فهذا خارج عن استطاعتك فاوراق لعبنا كلها مكشوفة "

ابتسم مايكل بهدوء أو بالاحرى ابتسامة مبهمة ورائها الكثير و الكثير، ابتسامة لم تناسب ابدا تعابير وجهه العابث و المتهور ليقول مجيبا مايكل

" لقد أخطأت و تعلمت من خطئي و هذا المهم"

خرج مايكل بعد أن وجد ردا مبهما من آدم و هو يفكر هل قد اقتنع فعلا ام لديه شيء آخر بينما آدم ينظر في اتجاه مغادرة مايكل حتى يبدو له كالخيال، ليبتسم ابتسامة ماكرة بعد خروجه ليردف


" هكذا إذا"


أحببت أن اتعمق في خيال تلك الشخصية المتهورة التي اتسمت بحب التعزيب و الغضب السريع و أعمال متهورة من غير تفكير لندخل بين ثنيات تفكيره و هو يحاور نفسه.


آدم

لا أصدق اني وثقت بشخص مثله، إذا هو يريد منعي بكل طريقة لمثل تلك الأسباب من الشائع أن أتعرض للخيانة لكن لم اعتقد بأنها من شخص ذو مبدأ لا يهم، لكن سأدعك تفعل ما تريد و انا سأفعل ما أريد، لكن تمهل رويدا الي حين لقائنا الحاسم.



و ما كان لنا أن نعلم من وجهة نظر واحدة ما هو الذي يحدث و ما يدور و لكننا لكي نكمل المشهد علينا التوجه للشخصية الأخرى و نحكم عن كلا الطرفين لنتعمق نحو أفكار ذلك الشخص الفارع الطول ذو الوجه الهاديء الرزين.

مايكل


أخذت تنهيدة راحة علي ردة فعل ذلك المتهور الأحمق، خلت للحظة انه سيخرب كل المخططات التي رسمناها و مالنا من غيرها، كيف يجرأ للتفكير في شيء قد يودي بجميعنا للهلاك، منذ أن استلم أعمال الرئاسة بدل من والده لقد أدخل الكثير الأشياء التي تزعجنا، و ما كان لنا الا ان تستحمل، لوهلة عند حديثه خلته انه قد كان يكذب و انه يخطط لأفكار أخرى، اريد ان اشيد بغبائه لكن هذا ليس الوقت فقد يكون يخطط لشيء ما من وراء ظهري، يجب أن أواصل المراقبة في الوضع الراهن لنكمل خطتنا علي اكمل وجه.

هنالك في صالة القصر الكبيرة حيث تتواجد أصوات ضحكات طفلين و بينهما شخص بالغ ذو الشعر الأشقر و ملامح الوجه المرحة الذي ينظر لهما بكل ودية و هما يمرحان و يجريان وراء بعضهما البعض ليسرح بخياله نحو أفكاره حول ما يفعله رايز في هذا الوقت و كيف حال صديقه الذي لم يقابله و قد مضى علي رحيله ستة أيام، تقاطع أفكاره من قبل الطفلين ليخرجا من بين شفتيهما بنبرة طفولية

"العم سام"

"ابي"

ليبتسم لهما و يقول " ماذا هناك"

فتنظر أوري لذلك الفتى الذي في محاذات طولها ذو الأعين العشبية اللامعة و الشعر الأشقر الذي يماثل شعر والده ليبادلها النظر ثم يقول بصوت جاد

" ابي أخبر أوري اني أطول منها و أكبر أيضا، انا افوقها بعدة سنتيمترات "

لتقاطعه أوري لتقول بنبرة ساخرة " عدة سنتيمترات، فقط سنتيمترين أو أقل تقول عدة ثم انا افوقك بخمس سنوات"

ليقول الطفل بإنزعاج " هل رأيت ابي انظر انها تكذب، تقول انها أكبر مني، أخبرها"

لتظهر علامات التوتر علي وجه سام فماذا يقول في هذا الوقت لتقول

" لماذا اكذب حتي ثم أنني ساكمل العاشرة غدا، إذا أنا في الحادية عشر الا عدة ساعات تفصلنا عنه"

فيتحدث سام مندهش " حقا هل غدا عيد ميلادك هل غدا ستصبح أكبر بيوم "


لترد أوري مبتسمة" أجل، سأحتفل مع بابا كما نفعل دائما بصنع الكعكة التي نحبها "


تتغير معالم أوري للحزن عند تزكرها عدم تواجد اخاها معاها في يومها المميز، ليتحدث سام عند استشعاره لحزنها و يقول

" سيكون ممتعا بعمل حفل نستمتع به جميعا و نجلب الهداية لاوري الجميلة التي ستصبح في الحادية عشر، و أجمل شيء فيه سيكون بدخول البطل رايز الذي سيأتي اليوم"

تغيرت ملامح أوري قليلا فهي غير مقتنعة بقدوم أخيها فقد كانت تنتظر قدومه كل يوم ، ليكمل سام

" هل أوري تعتقد أن رايز مهمل لهذه الدرجة لكي لا يحضر لعيد ميلاد الجميلة أوري، هل لم تعودي تثقي فيه "

لتومأ أوري بالنفي، فيقوم سام بحملها و يضعها علي فخذه و يقول" إذا يجب عليك أن تؤمني بأخيك فهو كل ما يفعله من أجلكم لذلك توقفي عن الحزن فأنتي أصبحت في الحادية عشر أليس كذلك "


لتومأ أوري و تقول" أجل "


ليبتسم سام و يقول" إذا أوري أكبر الان و أعقل من ذلك المشاكس الصغير ليو"

فيقاطع ليو والديه قائلا " لست صغيرا و لست مشاكسا "

ليرفقه سام بنظرة هادئة فيعلم أن والده يطلب منه الصمت فيردف سام" إذا علي أوري أن تضع أفكار العاشرة للماضي و تنقي عقلها لتستقبل أفكار الحادية عشر العاقلة و تفكر أوري أن عليها أن تكون دعما لاخيها و لا تقلقه بتوترها و حزنها فهذا يأذي قلبه، أليست أوري مخزن الطاقة الإيجابية له، فيجب أن تظل هكذا دائما و تساند اخاها و تظل رائعة لامعة "

لتقول أوري بصوت حزين مخفضة رأسها" هل تعتقد اني مخطئة في ما أفعله "


ليضع سام يده علي زقنها و يرفع رأسها ثم يقول" لست مخطئة فمن حقك أن تحزني و من حقك أن تغضبي، لكن أليس الأفضل أن تأجل كلاهما في وقت آخر و ان لا نزيد الضغط علي من نحب في أوقاته العصبيه، انتي تعلمين أن لدى رايز هدف معينا لذلك يجب أن يتلقى ذلك الدعم من أحب الأشخاص إليه الست علي حق"

فتقول أوري بنبرة طفولية هادئة" انت علي حق "

ليعانقها سام و يقول" هذه أوري ذو الحادية عشر "


ينسدل ستار الليل معلنا جمال القمر الذي يحتل مساحة صغيرة فيها و هو يتألق بلونه الذي يزين السماء و حوله النجوم لتبدو السماء كبساط عليه لؤلؤ مدثور.

تتوالى النسمات التي تلعب بأغصان الأشجار و يجول الهدوء بين زوقاقات القصر و ممراته ، فهي عادة القصر يتزين بالهدوء ليلا و نهارا، ما عدا تلك الأوقات النادرة التي قدمها سام و ابنه.

تستلقي أوري علي سريرها الكبير لتتبعثر كل أفكارها التي قد دثرتها سابقا و لكنها اعتادة أن تضايقها عند صعودها لفراشها و هي تفكر في ما قاله لها سام سابقا فهل يجب أن تنسى و تبدأ صفحة جديدة و،تترك فكرة المقادرة و تتقبل تواجدها هنا، قد استقرت فترة طويلة و بدأت تتأقلم علي الوضع هنا لكن الفكرة التي لم تتأقلم معها هي عدم تواجد اخاها حولها.

تستدير أوري موجهة انظارها ناحية ذلك الباب الذي فتح و ادلف شخص من خلاله ليدخل غرفتها ليتحدث ذلك الشخص و هو ينظر لتلك النافذة المفتوحة "الجو بارد"

لم تتعرف أوري إليه بسبب الظلام الا بعد ان اخرج تلك الكلمات فتسارع لإشعال الإنارة التي قرب سريرها.

تساقطت دموعها تلقائيا عند رؤيته مرة ستة أيام لم تره فيها و قد غادر و هم في حالة عدم وفاق من دون أن يأخذ اعتبار أن يعتزر منها لكنها تناست كل ذلك كل غضبها و كل حزنها و ذلك ليس لأن سام أخبرها أن تفعل ذلك بل كان ذلك أنها اشتاقت لاخيها و جفئه و حنانه و الحديث معها و اهتمامه الفائق بها و حبه الذي لم تعده عند أحد ما، لماذا هي قد أحبت أخيها هكذا و قد أصبحت تعاني من عقدة الأخوة و لماذا هي لا تستطيع أن تفارق أفكارها وجوده، كل هذا إجابته تكون في أنها هو الشخص الوحيد الذي وجدته حولها هو الشخص الذي قدم لها كل شيء و قدم لها أهم شيء هي تبادله به الدفء العائلي الذي لن تجد مثله، كله قد جمع عند شخص واحد، هي لم تجد اب حولها، فقد كان هو الأب الذي يحميها و يساندها و يوجهها نحو الصحيح و يبعد عنها الخطأ و الشر و يتحمل مسؤوليتها لم تجد الأم الذي تمدها بالحنان و العطف و الرقة و التربية السليمة فكان هو من يمدها بكل هذا بل كان أيضا الأخ و الصديق الذي لن تجد مثله.
اقترب منها واضعا يديه برفق علي خديها ليقوم بمسح دموعها و يردف

" أوري انا اسف، اسف حقا لكل شيء"

لم تدعه أوري يكمل ما يريد قوله فتقول بنبرتها الطفولية الباكية

" لقد اشتقت لك اشتقت لك كثيرا"

ليقوم بمعانقتها و التمسيد علي شعرها فيقول

"و انا افتقد صغيرتي كثيرا جدا"

لتقول من بين شهقاتها " الي اي مدى قد افتقدتني"


يهمهم مبتسما ثم يقول" اعتقد انه مثل المسافة التي بين الأرض و السماء و أكثر من ذلك"

فتضحك أوري بخفة و تقول" بل أنا أكثر من ذلك بكثير، لدرجة اني اذا مددة كلمة كثير سينقطع نفسي و لن أكملها "

فيضع رايز أوري علي السرير و يقول و هو يدقدقها

" حقا هذا "
تضحك أوري مقاومة اخاها الذي يدقدقها لكن كيف لها أن تفلح ثم يردف رايز متنهدا بسعاده

" لن تصدقي كم اشتقت لضحكتك المرحة الجميلة "

ليوقف دقدقتها و يستلقي قربها و يوجه نظراته السعيدة ناحيتها ثم يردف

" لقد انزاح ذلك الهم الذي كان يثقل كاهلي"

تنهد قليلا ثم قال " اعتقدت بأنك سوف تكونين غاضبة"

فتقول أوري بعبوس طفولي و هي تنفخ خديها

" انا غاضبة "

يقهقه رايز و هو يقرص خديها المنتفخين ثم يقول

" انا لا ارى اي شيء"

لتعبس و تقول و هي تحاول أبعاد يديه " انه مخبأ هنا في قلبي "

فتنهي كلامها و هي تشير ناحيته، فيتجاهل رايز ذلك و يقول

" انتي تبدين لطيفة عندما تكونين غاضبة، خدين ممتلئين و محمرين شفتك السفلية بارزة، حقا انت تهدئين الأعصاب في كل حالاتك "

ليضحك رايز علي انزعاحها فقد آثار غضبها حقا ليقول قبل أن تنطق بشيء

" كل عام و صغيرتي أوري طفلة جميلة و لطيفة و رائعة"

تبتسم أوري علي تهنئة أخيها لها المتقدمة فتقول بنبرها الطفولية

" بل أريد أن أصبح امرأة ناضجة ادعم اخي، و بعدها نترك قصر نتاشا "


قهقه بهدوء ليقول " ما يهمك أن نترك قصر نتاشا"

تهمهم أوري باجل مأكدة ذلك شفويا، فيضحك رايز و يكملا نقاشهما الذي أخذ وقت طويلا الي أن ناما.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي