23

شهيق هاديء طويل يدخل الهواء الي ذلك الأنف الصغير ذي ملامح الوجه اللطيفة، فتتراقص خصلات شعرها القصير الذي نمى من تحت القبعة ذات الطابع الطفولي لتقيها من حرارة الشمس، ابتسامة صغيرة ظهرت لرؤيتها مجموعة من الأطفال الذين في عمرها يلعبون و يضحكون مستمتعين برشف الماء علي بعضهم، فقط بدى الجو ساخن حتى الهواء يلسع قليلا ترفع رأسها ناحية الصوت الذي يحدثها

" صغيرتي أوري هل لا بأس أن حملتك "

فاجابت أوري بنبرة هادئة " لا بأس يمكنني ان امشي بسرعة إذا كنت ابطئك"

لتبتسم نتاشا و تقول بتوتر " فقط كنت افكر بأن الشمس ساخنة، قد يتعبك المشي و تخسرين الكثير من الماء"

فتحيبها أوري " لا تهتمي بذلك فأعتقد بأننا لن نمشي اليوم كله "

ابتسمت نتاشا بإحراج فقد كان عزرها غير مقنع بالنسبة لاوري فهي في الاس فقط أرادت حملها فنتاشا فتاة محبة للأطفال و محبة لاوري، تنتظر اليوم الذي ستكون فيه قريبة منها، لتخرج ضحكة مكتومة أثناء تفكيرها و نظرها لاوري فقد كانت تبدو لطيفة و هي تمشي بصورة سريعة و هي تتقدمها فقد حمسها هذا المنظر حقا علي أن تحملها و تعانقها فشكلها اللطيف قد جذبها، لتسرع نتاشا متجاهلة كلام أوري فتحملها و تعانقها و تقول بصوت مرتفع

" اوه أوري كيف تكونين لطيفة هكذا، انا حقا لا استطيع التحمل، لن اجعلك تفلتين مني"

تصعق أوري علي حركة نتاشا المفاجئة، فكيف لها أن تحملها و تعانقها و تعاملها هكذا من غير رسميات أو تحفظ، ما هذا كيف تسمح لنفسها هذه المرة الثالثة اليوم، أولها انها دخلت غرفتها من دون اذن و فتحت خزانتها و جففت شعري و الان قامت بحملي فتحتل أفكار أوري التساؤلات

( انا لم اسمح لها فكيف لها أن تتصرف بكل هذه العفوية معي فقط الان فكرة بأنه يجب علي أن اعطيه فرصة،. هل مجرد التفكير يسمح لها بفعل ذلك، هل قرأت أفكاري حتى)

لتقول نتاشا نازعة أوري من أفكارها " هل تعلمين أن رايز محظوظ، لطالما أردت أن يكون لي اخ او اخت صغيرة مثلك سابقا، لكني انا بحد نفسي لم أملك أسرة فكيف لي أن أملك اخ، كانت امنياتي في السابق دائما تتعلق بوجودي في منتصف عائلة لطيفة و محبة ، فكان هذا صعبا جدا في مثل العالم الذي عشت فيه لذى تخليت عن هذا الحلم بمرور الوقت، لكن بعد قدومكم رأيت شيء جميل يدور حولك و رابط قوي معك و اختك، أردت حقا تكوين رابط لطيف معك، فإذا لم يكن لديك مانع هل يمكن أن نصبح أصدقاء "

كانت أوري متمعنة في الحديث الذي تقوله نتاشا، لكنه لم ترفق اي كلمة مجيبة لها فتقول نتاشا مقللة التوتر" ليس عليك أن تجيبني الان فكري براحتك، فهل يمكن لنتاشا أن تصبح صديقة أوري الرائعة "

أنهت نتاشا حديثها بدون ان تنتظر من اوري إجابة أو كلمة، هي كانت تريد أكثر من ذلك  لكن كبداية يجب أن تبدأ بشيء بسيط يريحها.

٢_ اتخاذ رايز القرار
عند تلك الغرفة ذات الطابع البسيط، يحاول ملفوف الضماد ارتداء قميصه الأبيض بصعوبة، بعد عدة محاولات لإغلاق أزرار القميص التي اتعبته بسبب الألم اخيرا نجح بإغلاق آخر زرارة و هو يغمض عينيه بألم شديد يجلس على سريره بإرهاق ليخرج تنهيدة من بين شفتيه مفادها كأنه يقول اخير انتهيت.

يتجلى صوت طرقات خفيفة علي باب ليقول

"ادخل"
ليدخل الطارق بحلة مهندمة من طقم الجنز من بنطال و جاكيت أزرقان يحيط جاكيت الجنز بلاوز برقبة طويلة باللون النيل الفاتح ليسترق نظرة الي ذلك الشخص الذي سمح له بالدخول فيقول مع ابتسامة واسعة

"حقا رايز، يبدو أنك بحالة يرثى لها"

فينظر له رايز بنظرة استصغار و غيظ من ثم يقول بنبرة ساخرة " و يبدو لي بأنك سعيد برؤية منظري هكذا"

فيرسم علي وجهه علامة الحزن و الكئابة فيتحدث بنبرة حزينة " و ما الذي يجعلني سعيد برؤية صديقي العزيز بوضعه هكذا كأن مبنى وقع عليه"

ثم يضع يده علي وجهه مفكرا فيقول بإبتسامة و نبرة خبيثة " لكن اتعرف شيء انا سعيد برؤيتك ضعيفا هكذا، من ذا الذي كان يتفاخر سابقا، انظر الي نفسك انت طريح الفراش"

ليلقي عليه رايز نظراة اشمئزاز و تململ و يقول
" و بعد هذا الكلام هل علي حقا أن اعتقد بأني صديقك العزيز، ابتعد من ناظري "

فيرفع شعره لا مبالي و يجلس علي الاريكة التي تقابل السرير و يقول " من تخال نفسك لطردي "

فيتحدث رايز بحدة " صاحب هذه الغرفة الذي لا يريد رؤية وجهك القبيح"

يلمس الآخر وجهه بحركات درامية و يرد علي رايز " هل وجهي قبيح "

فيغير تعابير وجهه الدرامية الي أخرى ساخرة
" هراء انت تغار فقط، لا يسعك مقارنة وجهي الملائكي بوجهك الذي يشبه الغيلان"

ليقف رايز أخذا وسادة من سريره و يتجه نحوه ثم يقول " سأقتلك اليوم دانتي انتظر فقط "

فيقوم رايز بالهجوم علي دانتي بالوسادة متناسيا ألمه بينما دانتي يضحك بمرح ممزوج بسخرية و هو يصرخ قائلا

" ارجوك لا تقتلني بهذه الضربات التي تشبه ضرباات الفتيات "

فيواصل رايز منفعلا بينما دانتي مستمر بمرحه الساخر
" حقا سأموت بضربة فتاة، الوسادة الناعمة تؤلمني ارجوك توقف سأموت من الضحك فقط"

فيرمي رايز الوسادة أرضا بسبب تفاهة صديقه فيرفع شعره المتبعثر للأعلى ليتفت معطيا دانتي ظهره بلا مبالات لضحكه و سخريته فيتحدث دانتي مغيظا رايز

" هل الأميرة ارهقة من حمل الوسادة "


يتنهد رايز مخرجا الطاقة السلبية ثم يلتف بحركة سريعة ليلقي قبضته بصورة قوية نحو معدة دانتي ثم يبتسم بنصر و هو يقاوم ألمه الذي انتابه بسبب تحركه المفاجئ ليثبت بشجاعة عند سماع تأوه دانتي و تكوره من الألم فيقول

"كيف تبدو الأميرة الان"

ليرسم دانتي ابتسامة مصطنعة و يقول " ما ذالت ضعيفة لم تأثر علي حتى"

فيحرك رايز عينيه بتململ لعناد صاحبه و رفضه للاعتراف فيقول بسخرية

" من يحاول إقناع حمار بشيء يستنكره يصبح مثله"


فتحتد نظرات دانتي ثم يقول واقفا " من الحمار"

فيتجه رايز نحو مكتبه الصغير متجاهلا دانتي و يجلس بوقار علي الكرسي و يقول

" إذا أنهيت نهيقك الان ما رأيك أن تطالعني بجميع الأخبار"

تستولي إمارات الغضب علي وجه دانتي الذي تجعدة حاجبيه فيفتح فاهه ليخرج غضبه فيقاطعه رايز رادفا " انا اسف انه خطئي سأعوضك علي ما قلت بما تريد، إذا هل يمكنك أن تخبرني بجميع الأحداث"
فيبتسم رايز عند رؤية تغير ملامحه الغاضبة الي أخرى أخف، فيقول محدثا نفسه لقد اصطيدة السمكة.



نخترق الزمان و المكان، لنتجه متجولون حول تلك الأرض التي تتصف بأرض الدمار أو أنقاد العالم، كلمحة عامة لها من عدة قرون توالت عليها و علي أحداث الفاجعة من خراب بيئي يشمل انقراض سلالات مختلفة من الحيونات و النباتات ، لن أقول انقراض البشرية لكن لنقول انها كانت معرضة للانقراض لكنهم نجو بقوة إرادتهم و قدرتهم علي التكيف، و التكيف الطبيعي الذي حدث للبشرية هو كان تطور بعض الأشخاص يستطيعون التغلب علي التغيرات الجديدة التي أحدثها العالم من أمراض و غيرها.

و هنا ننظر الي ما الذي حدث بالظبط و نتسائل ما الذي أحدث كل هذا لتصبح البشرية هكذا في حالة فوضي فمنذ عهود غير معروفة وصلة البشرية قمة التطور كان بها كل شيء يحتاجه الفرد تطورا كان يجعلها أقرب للكمال فما الذي حدث ليصبح الوضع من بعد ذلك لانقاد، ليرجع الكل لحالتهم البدائية ما الذي جرى الكل لا يعلم السبب الحقيقي لذلك، فبعد تقبل النجاة للذي حدث و عيشهم من نقطة الصفر بدأ التقدم في مثيرة الحياة يحدث ببطء كما في السابق، الان أصبحنا نرى المركبات كأنها شيء غير طبيعي و مستحيل الحصول عليه ، و التي كانت سابقا شيء عادي الكل يستطيع ركوبه، الفرق بين تكنولوجيا العالم القديم و الآن فممكن أن نقول عليه كالفرق بين السماء و الأرض ما زال الاختلاف واضحا بين ما سبق و الآن و هو في الإنسانية التي انعدمت هل كانو سابقا يتنبؤون بحدوث هذا، و لو كانوا تنبؤو ألم سيكونو قد اخذو احتياط مناسبا، لما اسئل نفسي هذه الأسئلة و انا اعرف الإجابة عليها لكني أرفض كل ذلك.
تتوقف أفكاره مع أخذ تنهيدة طويلة و إطفاء السيجارة التي كانت بيده، بينما الهواء يداعب شعره الأسود فيقف متكأ علي السياج بقامته القصيرة الذي يفصله عن حافة المبنى بسنتمترين لإسقاطه من علو ارتفاع عشر طوابق تخرج ابتسامة متعجرفة من فمه هو يدخل يده داخل جيبه ليقول " لا أصدق بأنه تم خداعي، لا أصدق حتى أنني متسامح الي الان ماذا انتظر"


تخرج ضحكة مجنونة من فاهه لياخذ من بعدها نفسا طويلا من فمه مع تمرير يده علي وجهه فيخرج ذلك الزفير معه كل الضغوطات التي كانت في باله لكن ذلك لن يشفي قليله بعد ليركل السياج بقدمه بإنزعاج و يقول
" سحقا، سحقا، سأجعلكم تدفعون الثمن، هذا وعد مني مايكل لخيانتي فأحزر مني انت و أولئك الل*ناء"

ثم يقبض قبضته بقوة و يفكر محدثا نفسه
" لنتريس و لا نستبق الأحداث، سألعب بهم كالدمى عدة ساعات و تكتمل خطتي لتدمي الكشافين و W. B بحقك يا أبي سامحني فأنت من اجبرتني علي قيادة هذه المنظمة التي ستودي باسرتنا في الأرض آل ماركوس هلمو لتذهبو للجحيم، اسف لقد أخبرك ألكس بأني لست اهلا للثقة، انا طبيب فما الذي يربطتني بإدارة مثل هذه المنظمة، لطالما كرهت أعمالك و هذه الأشياء الورقية التي تقيدني، كنت أريد الحرية و فعل ما أريد لكن الحرية لن تأتي قريبا لنرى ماذا سأفعل بعد الآن "

يأخذ خطوات بطيئة متجه نحو السلالم لينزل بوجه هادئ رزين يغطي ذلك الغضب الذي ينتابه، بعد الوصول الي وجته المطلوبة و هو مكتبه يمسك مقبض الباب بنية الدخول ليوقفه صوت متمركزا في زهنه و الآن بات يشمئز منه

" كيف حالك آدم "

ليلتفت اليه آدم بعد أن أدار عينيه متململا فيقول " كما ترى"

يهمهم الآخر فيقول بصورة مباشرة " اريد اخذ عطلة لشهر، هنالك بعض الأشياء التي أريد فعلها"


ليميل آدم راسه مع القليل من ملامح الحيرة و يقول

" ما الاشياء الذي تجعلك تريد اخذ اجازة لشهر "


ليجيبه بنفس نبرته المعهودة لدى آدم " كما تعلم أشياء تخص الشركة لست مستعدا لكي اقول لك كل ما أفعله إذا كان في صالحنا نحن الاثنين"

ليبتسم آدم و يقول مفكرا (صالحنا ام صالحك لوحدك، منذ متى بدأ يستغبيني هذا الرجل) فيخرج آدم من فاهه بنبرة ساخرة" اني ارى انك الرئيس هنا مايكل"

فيقول مايكل " و ما الجديد في ما اقول انت دائما لا تسئلني في ما أفعله أو اقوله، ما الذي طرأ هذه المرة "

ليقهقه آدم و يقول " لا شيء جديد فقط كما تعلم اتغمس دور الرئيس"

ليوجه مايكل له بنظرة متسائلة ثم ياخذ رجليه و يرحل تاركا آدم الذي ابتسم و دخل مكتبه المهندم فيجلس علي كرسيه المريح ضاغطا احد الأزرار التي في جانب طاولة المكتب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي