الفصل الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الخامس

تعجبت بريا بل وزُهلت مما قيل فهي لا تصدق أن هذا آريا هو ذاته ذلك الخبيث، فهي كانت تعلم من البقية أنه شخص خير ذوو خلق ومبادئ، ىا علم لها بصحة هذا الكلام ولم تفكر به علي الاطلاق من قبل.. فمالها ومال صاحب المشفي الذي تعمل بها وهي لا تراه من الأساس.

مسحت على وجهها ومن ثم قالت:
-حسنا سأذهب الآن وعندكا أعود سنجد حلاً.
لتذهب بالفعل تاركة أياه يفكر.. وجد أن لا سبيل له سوى جدته ليذهب إليها.

تقدم منها وهي نائمة بهدوء لا تعي شئ، جلس بجوارها على المقعد وأمسك بيدها يحكي لها ما يريد قوله:
-جدتي! لا أصدق إنكِ أمامي الآن. لقد اشتقت لكِ كثيراً.. تعلمين انني كنت أنوي الذهاب إليك في القريب العاجل لكن القدر شاء تأتي إلي أنتي ولست أنا.
تنهد بتعب ولكنه ضحك بخفة فقال:
-كنت أظن إنكِ قمتِ بخداعي؛ لكنني كنت مخطئ فكونك خائفة علي من سوء الحياة جعلكِ تفعلين كل هذا.. لقد ظلمتك، رغبت لو أخذتك من يدك وعدنا من حيث أتينا؛ لكن لا باليد حيلة أراني في مهمة من القدير أتيت من أجلها إلى هنا لكي أنقذ من أستطيع أنقاذه من البشر.

صمت للحظة ومن ثم تبدلت لهجته فقال:
-أما الطبيبة فهي أول من دلفت لقلبي من بعدك.. لكنها دلفت بحب أخر وطريقة أُخرى، تعلمينها هذه هي الفتاة التي ذهبت من أجلها أرغب في الزواج منها، فقد أيقينت إنني أعشقها.
نظر للأسفل بخجل مصاحباً بضحكة خجوله فأكمل وهو لا يصدق ما يقول:
-لا أصدق إنني أقول كل هذا.. لم أكن أعلم أن هناك تلك الكلمات من الأساس.
أماء برأسه محاولاً ألا يفكر في هذه الأمور من جديد.
شعر بجدته تحرك أنامله بين يديه، نظر لها لتفتح عيونها التي تمتلئ بالدموع لتتفوه بصوت متحشرج فقالت:
-سامحني يابني.. كنت أرى في هذا العمل الحماية لك من العالم وشره، لكنني قد نسيت أنك انسان ذوو اراده وشخصية قادر على اتخاذ قرارك.

حرك رأسه بلا فقال كريشنا:
-لا عليكِ.. أتمنى أن نبدأ من جديد، ولكن هنا على تلك الأرض.
نظرت سونيا للأسفل ومن ثُم إليه فقالت:
-يعز علي يا ولدي أن أترك بلدي ودياري وأخطو خطوة خارجها؛ ولكن لا يوجد من هو أعز منك لأسفر إليه بلاد.

لم يفعل شئ سوى أنه احتضنها بقوة وهو يبكي نادماً علي جرحها.

أما عند بريا
فقد كانت في قاعة المؤتمرات تستمع لكلماته وهي لا تطيق ذلك؛ فهي الآن تعلم وجهه الحقيقي لكنها لا ترغب في ذلك دون دليل قوي معها.
تتسائل كيف لم تتعرف عليه منذ الوهلة الأولى، فهي رأته في الفيديو الذي سجله كريشنا لكنه كان من الأعلي وكان مخبئاً لوجهه بالقناع الطبي.

جعلت صوت أفكارها يصمت قليلا ما إن وجدته يقول:
-لماذا لا تقوموا بنزع الاجهزه ممن لا يمتلكون الأمل ليستمروا على قيد الحياة؟ أعتقد أن هذا مفيد أكتر وأكثر سلامة وفائدة لأشخاص تريد تلك الأجهزة أكثر.
تعجبت ليكمل آريا:
-لما الحرب مع من لا يستحق! أرى هذا أنانية.
اتسعت مقلتيها ونظرت لصديقتها التي بجانبها لتقول:
-ماذا يقول هذا؟ هذا ليس ضمن أخلاقيات المهنة.
كادت أن تنهض لتتحدث لكن هذه الصديقة منعتها بقولها:
-لا بريا لا تفعلي ذلك.. فهو لم يقدر هذا.
-لا مشكلة لدي لكن علي أن أحدثه.
ولم تعطي الفرصة لصديقتها لكي توقفها من جديد فقالت بعدما نهضت:
-سيدي!.
نظر لها باهتمام ليقول ببسمة بشوشة:
-تفضلي.
اخذت نفسا عميق ومن ثم قالت:
-أعتقد هذا ليس مما اقسمنا به اليمين في مهنتنا العريقة.
لم يجيب وهذا جعلها تتشجع فقالت:
-من اخلاقياتنا أن تفعل ما بوسعنا حتي ننقذ هذا الشخص الذي يمتلك الروح من الرب، وهو الرب ذاته الذي يعطينا الروح والجهد للسعي خلف ذلك.. تخيل أن تكون سيادتك مكان هذا الشخص ماذا ستتمني؟!.
تبسم وبصدر رحب فقال:
-سأُريح ذاتي وآمر أي ممرضة أو طبيب أن يقتلني فوراً.
تعجبت من حديثه ولم تعقب فلا فائدة من ذلك، جلست أما هو فقد وضع عليها دائرة حمراء في عقله.

عند كريشنا
فقد انهي لجدته كل ما حث معه منذ شهر تقريبا، وبكل تأكيد لم يقول لها الجانب السيئ من الأمور.
وجد بريا تأتي إليه لتبتسم بريا رغماً عنها فقالت:
-كيف حالك الآن جدتي؟.
بادلتها البسمة لتجيب قائلة:
-بأفضل حال بفضل القدير ثم فضلك.
تبسمت بريا وهي تفحصها لتطمئن عليها فقالت:
-لا تقولي هذا جدتي فكل بفضل حفيدك كريشنا.. هو من سعي لتقومي بالعمليه دون أن يعرف هويتك من الأساس، هو من يوجب عليه الشكر.
القت سونيا عليه نظرة ثم على بريا دون حديث ليقول كريشنا ببعض الخجل البادِ عليه:
-لا تستمعي منها جدتي فهي مخادعة وهي من جعلتني أعرف كل هذا لذلك لولا لم أقم بالتوقيع على التقرير.
نظرت له بغضب لتقول:
-ماذا؟ هل أنا مخادعة؟!.
أجابها بكل تأكيد:
-نعم وسارقة أيضا.
تعجبت أكثر لتقول:
-ماذا سرقت منك سيد كريشنا؟.
أجابها بجراءة واضحة فقال:
-ألم تعلمي إنك سرقتي قلبي من التظرة الأولى.
اتسعت مقلتيها ومن ثم نظرت بخجل للأسفل ولم تعقب، شعر بما تفوه وفعل مثلها لتنظر سونيا لها تارة وله تارة أخرى فقالت ضاحكة:
-حسنا يا أطفالي.. علي أن ابارك زواجكما.
تفاجأت بريا وكذلك كريشنا ليتفوها معا بصدمه قائلين:
-ماذا!.
قالت سونيا:
-نعم.. والآن وبعد أن أخرج من المشفى علي أن أذهب إلى بيتك لمقابلة عائلتك.
نظرت لهما بحزن بادِ على وجهها فقالت:
-ليس لدي عائلة.
نظر كريشنا لجدته بعتاب ومن ثم بريا بحزن لتكمل وقد حاولت أن تكبت عبراتها:
-والدي قد وافتهم المنية السنة الماضية في حادث سير.. أم شقيقتي فقد تزوجت بالسنه الماضية أيضا لكنها بالهند ولا أعلم عنها أي شئ.
أشارت لها الجده حتى تقدمت منها بريا لتحتضنها بحنان قائلة:
-لا تحزني طفلتي.. فنحن عائلتك، أنا مثل والدتك وجدتك أما كريشنا فسيكون كل شئ الأب والأخ والزوج والحبيب وأعلمي ان لا أحد كقلبه.
اماءت له بتأكيد إنها تعلم ذلك لتقول الجدة:
-أزيحي عبراتك واعطيني رقم الهاتف الخاص بشقيقتك.. سأقوم بمهاتفتها.
تبسمت بخجل وحياء أما كريشنا فسعادته لا توصف.

خرجا من غرفة الجدة لينظر وليها كريشنا بقوله:
-هل أنتِ سعيدة؟.
القت عليه نظرة ومن ثم أماءت بتأكيد وخجل فقالت:
-هل تشك في ذلك؟.
حرك رأسه بالنفي ليقول بعدما القى نظرة على باب الغرفة الخاص بجدته فقال:
-لم أكن أعلم إنها ستتصرف بتلك السرعة، لم أكن خجل من قبل مثل هذا الخجل.
اجابته بكل تأكيد فقالت:
-وأنا بكل تأكيد.. كريشنا!.
اتسعت ابتسامته فقال:
-أشعر وكأنني اسمع اسم غير اسمي.. وكأنه بمذاق أخر.
قالت بخحل وانفعال تخفي خلفه استحائها:
-كريشنا لا تخجلني أكثر يكفي ما فعلته جدتي.
حاول كبت ضحكاته فقال:
-حسنا حسنا توقفت.
تبدلت ملامحها لتقول:
-كريشنا! هذا آريا لم أستطيع أن أفكر إنه طبيب أبدا.
قطب حاجبيه قائلا بتساؤل:
-لماذا؟ ماذا فعل؟!.
تنهدت بقوة فقالت؛
-يقول أشياء غريبة تحثنا نحن الأطبتء على عدم الرحمة.
نظر في نقطة واهية فقال:
-أتوقع ذلك.
-لكنني لم أصمت.
نظر بترقب لما قالت لتكمل:
-قلت أن هذا ليس من الأخلاقيات الخاصه بالمهنة.
اغمض عينه بأسف فقال:
-لماذا بريا.. فسيضع خطٌ عليك وسيدقق الملاحظة معك وكن الممكن أن يمنعك من العمل ويؤذيكِ.
أجابته بجراءة فقالت:
-لا يهمني كريشنا.. فهذا مبدأ والصامت عن الحق شيطان بالطبع أبكم بكل تأكيد.

تنهد كريشنا ولم يعقب، أما هي فقالت:
-اليوم كان طويلا علي الذهاب إلى المنزل.
-سأقوم بتوصيلك.
تبسمت له ومن ثم ذهبت لتبدل ملابسها.
لحظات وقامت بالتقدم منه لكي يرغبا بالسير معا.
كانت تتأبطه ويتسايرا ولكن في طريق ما نائي بعض الشئ، وكان الهواء كالنسمات اللطيفة فيما بينهم، يتبسمان تارة ويضحكان تارة ثانية ويخجلان ثالثا.. وفي النهاية أتى من يعكر صفوهم.
توقفا كا إن وجد شخص يعترض طريقهم وبيده سكين.. مد كريشنا ذراعه الأيمن أمام بريا كدليل علي حمايتها، أما هي فتشبثت به برجفة..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي