الفصل الثالث عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثالث عشر

الصراع مازال قائما في نفسها لتحزمه بقولها الداخلي " كفا.. البعيد عن العين بعيد عن القلب، وليس بالضروري القريب دماً قريب قلباً، حتى أن القريب قلباً واردا بل المتعارف عليه هو الذي يختاره القلب وخاصة من الغرباء الذين يصبحون رققة وأصدقاء.. حتى الأن لا أستطيع أن أصف القرب والمقربون ولا أجد أدق من ذلك وصفا وكفا. "
استفاقت على هزات الجدة وهي تقول:
-ما الذي يجعلك شاردة كل هذا؟.
حركت رأسها تحاول أن تنفض تلك الأفكار من عقلها لتقول ببسمة متناسة هذا الصراع النفسى:
-لا شئ جدتي.. لكنني أرغب في مساعدتك لذلك أريد أن أعلم ما الأمر؟.
فكرت الجدة قليلا، أتقول لها أم لا ولكنها استسلمت لتقول متنهدة:
-اقتربي.. سأسرد عليكِ ما حدث.
لتفعل ذلك وهي ذات آذان صاغية.

عودة للداخل
حيث وجود كريشنا الذي يتسطح على الفراش مفكرا في عدة أشياء يتذكر ذلك الفتى جيدا عندما افلت يده عن قصد بعدما علم هويته، فهو من الاشخاص الذين تعدوا عليه في إحدى المرات.

عودة للماضي

بعدما تعرض هو وبريا لهذا الهجوم في إحدى الشوارع النائيه، حرص على ألا يترك بريا تذهب بمفردها في أي مكان ليصبح قلق عليها، يشعر وكأن الأمر متعلقا بما تم اكتشافه.. ليقوم سريعا بالرغبه في الإبلاغ عن الطبيب آريا مستخدما هذا الفيديو الذي قام بتسجيله.. قرر هذا الأمر دون الرجوع إلى أحد ولا حتى بريا تقدم إلى قسم الشرطة ولكنه قبل ان يدلف تم اختطافه من قبل سياره سوداء لا يعلم من اين اتت، تم وضع غمامه سوداء على عينيه ومن ثم تم تخديره.. مرء من الوقت ما مرء لا يعلم كم هو لكن ما إن استيقظ حتى وجد نفسه مقيد ولا أحد امامه، تطلع يمينا ويسارا يستكشف المكان ويتفحصه جيداً، حاول أن يحرر ذاته لكنه فشل ليقرر أن ينتظر تطلع للمكان وللتفاصيل الصغيره التي من الممكن أى احد أخر أن يتجاهلها مثل كاميرات المراقبه التي لاحظها.. لحظات وآتى اثنين يرتدون الاسود وما إن تقدما حتى صمت كريشنا ولم يفكر في التحدث لكن أحدهم قال: -هل أنت من تفعل كل ذلك؟.
لم يجيبه كريشنا ليكمل الاخر بقوله:
-لا تظن إنك ناجِ حتما ستقع فريسه بين أنياب الأسد. ضحك كريشنا بسخريه ليقول:
-ومن هو الأسد يا ترى؟.. الطبيب آريا!
تعجب الاخرين من ذكائه في التحدث ليقول أحدهم محاولاً أن يجاريه:
ألم تشعر بالخوف؟
قال الأخر وكأنه يحاول أن يخيفه:
-الآن سيشعر لا تقلق.
ليزيد كريشنا في ضحكته فقال محاولا يهدئ ضحكاته:
-لا أشعر ولا سوف أشعر والخوف ليس في قاموسي. اقترب منه أحدهم ليلكمه دون مقدمات فقال بقوة:
-لماذا كنت ذاهبا لقسم الشرطه؟.
لم يجيب كريشنا ليلكمه مره أخرى حتى نزف الدماء من جانب فمه.
نظر له كريشنا وهو يجيب:
-لماذا ساخبرك ومن أنتم.. هل أنتم ضمن العصابة التي يمتلكها آريا؟ انتبهوا فيوما ما ستكونون الضحيه.
كاد أن يضربه مرة ثالثة لكن الاخر منعه بقوله:
-لا تفعل سيأتي الزعيم بعد قليل وهو من سيحل الأمر معه.
كادوا أن يرحلوا ليقول كريشنا مستفزا اياهم:
-أياكم ان تتاخروا فلدي موعد في القسم وعاجراً أم أجلاً سأذهب إليه وأنتم ستاتون خلفي ولكن لا تستعجلوا.
لم يجيبون منفذين الأوامر من كبيرهم ليذهبوا تاركين اياه يفكر في طريقه ليخرج بها من هنا سريعا، ولكنه استشعر ان هاتفه ليس معه ليعلم إنه قد كُشف ومن لمؤكد تم حذف الفيديو، والآن كيف سيذهب يا ترى؟. ظل كذلك لعدة ساعات لا يعلم عددها ليُفتح الباب مرة ثانية لتتم المواجهه أخيراً فما هو سوى آريا الذي ما إن آتى حتى جلس على مقعد أمامه والحراس من خلفه واضعا قادما على أخرى يقول بتعالي:
-من بعثك إلي؟.
لم يجيب كريشنا ليكمل هذا آريا بقوله:
-عليك أن تتحدث فهذا ليس بصالحك.
تبسم كريشنا بلا مبالاه فقال:
-لم يبعثني أحد، ولا اعمل لصالح أحد؛ فأنا أعمل لصالح ذاتي، وأعمل ما أراه مناسب، وما يريحني ويرضي ضميري الذي لا تعرف عنه شيئا فالضمير شيء سمين لا يوجد.. الذي لا يوجد عند امثالك.
ارتفع حاجب آريا بتعجب من هذا الصبي فاقترب منه بقوله:
-ما رايك بالعمل معي.
نعم قد تبدلت نبرته، لكن كريشنا ضحك بسخريه مجيبا: -هذا أخر شيء كنت اتوقعه منك أنت، وهل ضاقت الدنيا لكي اعمل معك؟.. من أنت ومن أين كسبت أموالك الطائله تلك لتصبح في هذه المكانه؟ وهل فعلا أنت طبيب بالفعل أم قمت بسرقه هذا المجهود ايضا؟.
صمت كريشنا للحظات ثم قال:
-إذا كنت رجل فقم وحدثني رجلاً لرجل.
نهض اريا وهو يفكر في الأمر ومن ثم أمر الحراس أن يحلوا وثاقه وما إن حل وثاقه حتى أمر آريا الحرس أن يذهبوا من هذه الغرفه، التفت له آريا وقال وهو يقدم له هاتفه:
-الان تراني رجل اليس كذلك؟.
ليجيب كريشنا:
-لا ولم أراك ما دمت تفعل ما تفعله.. ما الذي تستفيده من موت الأناس؟.
بالطبع فعل ذلك لكي يعلم أخر ما توصل له كريشنا. ضحك آريا بسخريه وهو يجلس واضعا قدما على أخرى فقال:
-أنت لا تفهم شيء ولا ستفهم، وإن فهمت يوما فعليك أن تقول لي.. ولكنك للاسف لن تجد فرصه لكي تفهم لإنك ستصبح في حوزتي حتى تختار ما بين العمل معي والانتماء لي والاخلاص في عملك معي أم الموت ولا يوجد خيار ثالث.
نظر كريشنا للاسفل ومن ثم للاعلى ليجد أن الغرفه التي يتواجد بها لا سقف لها نهض آريا وطاف في الغرفه وقبل أن يلتفت كان كريشنا قد طار مرتفعاً للاعلى مختفياً من الغرفه.
التفت آريا لينصدم ما إن وجد الغرفه فارغه، قد جنى جنونه يقوم بالصراخ على الحرس قائلا بصوت مرتفع: -أين هو؟ عليكم أن تجدوه لي على الفور.
ليسرع الحرس وهو يقول أحدهم وهو لا يفهم شئ:
-أين ذهب هذا الشخص؟
ليقون الأخر متعجباً:
-لا علم لي.
ليعود الأول قائلاً:
-هل هو شبح لكي يختفي هكذا؟.
فأجابه أخر غيره مقبلاً عليه:
-لا تتحدث فقد يسمعنا وهو الآن قد جن بالفعل.. عليك أن تستمع لما يقول وتنفذه دون حديث حتى لا تؤذى من قبل هذا الطبيب.
ليستمع له بالفعل ليقوم بالتنفيذ فانقلبب الدنيا رأساً على عقب وهو لا أثر له، فقد خرج من المكان بالفعل ومن ثم ذهب الى بريا، وما إن دق بابها حتى فتحت له ليدخل ويغلق الباب خلفه، تنهد بقوة وضربات قلبه سريعه ويخفض بقوه، صُدمت بريا من وجوده ومن حالته أيضا لتقول بصدمه وخوف:
-ماذا حدث لك كريشنا.. لماذا أنت بهذه الحاله؟
أجابها بقوله:
-عليكِ أن تاتيني بكوب من الماء سريعا وأولا.
لتستجيب له فأتت بكوب من الماء المثلج وقدمته له وهو يجلس على أقرب اريكه متواجده بجانب الباب المنزل، وما إن احتسى منه الكثير حتى أرتوى قال:
-قد تم اختطافي من قبل آريا ورجاله، وقد علم إنني كشفته في هذا الأمر.
فزعت من ما قال لتقول بفزع:
-ماذا حدث بعد ذلك؟.
اجابه وهو ينظل إلى الأعلى مبتسما فقال:
-لقد نجوت بالطبع.
تذكرت ما فعله عندما تم الهجوم عليهم لتقول بعدم تصديق:
-أنا لا أصدق كيف أنت تطير هكذا؟.
قال لها متناهدا:
-كنتِ تريني في بادئ الأمر اركض بين الجبال فقط ولم تري إنني استطيع أن اطير وأشياء أخرى لا تعلميها، لكن هذا الأمر سر ولا أحد يعلم عنه شيء وأرجوكِ لا تخبري جدتي.
نظرت له بهدوء ومن ثم قالت:
-وماذا ستفعل الآن؟.
تنهد وهو يفكر صامتا ثم قالاً:
-علي أن انتقل الى مدينة أخرى.
لكنها منعته عن ذلك بقولها:
- لا تفعل ذلك.. حتما يعلمون إنك خائفا لكنهم الآن خائفون أيضا وأكثر من ذي قبل بعد فرارك منهم.
فتح هاتفه وتفحصه ليجد انهم ازالوا الفيديو فهو لا يعلم إن أحدهم وشى بيه، لكنهم أن لديه نسخ أخرى ولم يستطيعوا أن يكشفوا هذا الأمر ليشكر الله في سره ومن ثم قال:
-أنا لم اظهر لهم بعد الان.. حتى في العمل سأتركه.
لكن بريا قالت معترضة:
- لا كريشنا عليك أن تذهب فإنك ستشكل تهديدا عليهم. قال لها لم اذهب غدا وسأرى ماذا سيفعل.
تنهدت ومن ثم قالت:
-حسنا.. انتظرني سأبدل ثيابي ومن ثم سنذهب إلى الجده في المشفى.
امال لها براسي موافقا ودعها تذهب ألى غرفتها تبدل ملابسها، بعد دقائق قد استعدت ليذهبوا إلى الجده
اثناء سيرهم في الطريق تحدث كريشنا ليقول:
-لقد حدثتني جدتي وقالت إننا علينا أن نُسافر إلى الهند في الأسبوع المقبل.
نظرت له بريا في تعجب لتقول:
-كيف هذا كرشنا؟ فالامر ليس بهذه السرعه.
نظر لها ببسمه مفعمه بالحب ليقول:
ألم تجدي في بعادك لي مشقه؟.
تعجبت من قوله لتقول:
-ومنذ متى وأنت جريء في التعبير عن مشاعرك بكل تلك الدرجه يا كريشنا!.
نظرا للاسفل بخجل ليقول مبتسما:
-جدتي هي سر قوتي، وهي من شجعتني على ذلك وأرى في ذلك الصالح والمناسب ولا خجل في ذلك، واستطيع أن أقول للجميع إنني احبك ولا اخجل من هذا ابدا. صدمت من صراحته بل وذهلت كثيرا:
-لتقول حسنا حسنا.. لقد فهمت، علي بطلب الاجازه من العمل ومن ثم سنحدد معاً اليوم المناسب في الأسبوع المقبل.
ليقول هو متحمساً:
-سيكون الأمر مختلف فريد من نوعه.
لتميل برأسها دون ان تجيب تعجب من صمتها لينظر لها بقوله:
-ماذا بك بريا.
قالت له والهم يملأ عيونها ونبره صوتها:
-خائفة كثيراً من رد فعل شقيقتي.
ليقول لها مجيبا وهو يحاول أن يطمئنها:
-لا تخافي فأنا بجوارك.. وحتى جدتي فأنا أثق إنها ستحل هذا الموضوع بحكمة فهي كبيرة بالعمر وأكثر خبره مني ومنك في هذه الامور، أنا اعلم ذلك.
قالت له مجيبة:
-لا أخاف لكنني منذ أخر مرة تحدثت فيها مع أختي وأنا أخاف أن اعيد هذا الامر من جديد.. لا تعلم كريشنا ما هو شعوري، فأنا اشعر باليتم حقا.. تعلم إن كانت تتقبلني عندها كنت سأعوض بها عن والدي المفقودين وسأشعر
إنني بخير ولا ينقصني شيء، وانها ما دامت معي ستصبح الحياه أجمل بكثير؛ لكنني الآن او قبل أن تأتي أنت كنت أرى ذاتي وحيده في الغربه، لا اهل لي، ولا شقيقه، ولا حتى بلاد ووطن.
امسك كريشنا بيدها محاولاً أن يطمئنها فقال:
-اعلم أن جدتي ستبذل كثيراً من الجهد لكي تقنع شقيقتك بأهميه وجودها في حياتك ووجودك في حياتها هي وعائلتها واذا لم تقتنع فسأصبح لك الأب والأم والوطن والشقيقه، أما الحبيب والزوج فبالتأكيد أنا كذلك.
ضحكت بخجل وهي تنظر إلى الاسفل وتضع يدها على فمها ومن ثم نزعت يدها الأخرى من قبضته لتقول بعدم تصديق:
- لا انت الان وبعدما خُطفت اصبحت مختلفا كثيراً، ليتك خطفت منذ زمن وقتها كنت سأعتاد هذا الأمر وهذا الكلام اللذيذ.
نظر لها بتعجبه فقال:
-هل أنا لذيذ حقا.. اتمنى لو تريني لطيفا حقا.
لتقول بغضب:
-لماذا وافقت على الزواج يا رجل؟ اتراني حمقاء لكي أوافق على شخص لا اراه لطيفا فأنت ذكي حقا.
ضحك ولم يعبر ولكن ما أوقفهم عن الحديث هو هاتفه الذي دقه ليجيبه سريعا فقال:
-مرحبا!.
ليأتيه صوت يقول بنبرة مهددة:
-ان قمت بأي شيء يهدد مصلحتي سأُنهيك أنت وعائلتك، أنت تحت مراقبتي وأنا اتتبعك خطوه بخطوه فاحذر يا فتى.
لتستمع بريا ما قيل، ومن ثم قالت:
-لا تقلق هو لم يفعل لك شيئا بعد تلك المكالمه لكنه ينتظر ان تفعل شيء آخر، فإن كان يفكر في فعل شئ كنت ستقتل هناك حتما، فلا تقلق..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي