الفصل الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثاني عشر

البشر كالسفن الموجودة أعلى اسطح البحار تسير مع الأمواج وليست كما تشتهي هي، فالحياة هي من تفعل بالأُناس هكذا ولا رغبة في تقديم العدالة، لكن العدالة الإلهية متواجدة وحتما ستنصر من يستحق النصر...

لفت نظر كريشنا شئ ما، وإذا بفيديو متواجد على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي الا وهو " الفيس بوك "، ويحتوي هذا الفيديو على فتى قد رأه من قبل يتحدث عن ذلك الرجل صاحب القناع الذي انقذه من الموت والجميع يكذبه عن طريق التعليقات، لكنه يقسم للجميع إنه ليس كاذب وفي يوم ما سيثبت ذلك.

تحدثت بريا بقولها الغير مصدق:
ان هذا الفيديو تصدر جميع مواقع التواصل الاجتماعي ويمتلك أكثر من مليون مشاهدة في يومين فقط، والاراء ما بين المصدقة والكاذبة؛ لكن ثقه ذلك الفتى تؤكد لي إنه صادق وفي يوم ما صاحب القناع هذا سينصر هذا الصبي..
صمتت ومن ثم نظرت له لتقول متسائلة:
-ألم ترى هذا الفيديو من قبل كريشنا؟.
ليجيبها بقوله بعدما حاول ان يخرج من شروده وصدمته فقال:
-لا لم اراه من قبل.
ليتركها دالفا إلى المحرحاض، نظر إلى المرأة المتواجدة أمامه وهو يحاول أن يستوعب ما قراه الفتى؛ فهو لا يحب أن يعلم أحد عن هويتهم لطالما يشعر إنه مختلف لديه ما يميزه؛ ولكنه من الممكن أن يتعرض للكثير من الانتقادات، ليس من الممكن بل الأكيد علاوه على ذلك إنه دائما كان وحيداً لا أحد حوله ولا احد يعلمعن ماهيته ولا عن ما يمتلكه؛ ولذلك اعتاد هذا الأمر.. امسك بخصلاته التي استطالت قليلا ليحاول أن يعيدها للوراء بعيدا عن جبهته ليهدئ من ذاته ومن ثم قرر ان يتناسى هذا الامر ليستعد للاستحمام.


عودة الى جدتهم التي كانت تفكر ملياً في طريقة تخبر بها حفيدها عما تخبئه في جوفها من سر بل اسرار تخصهم وتخص والديه خاصه والدته، توقفت عن التفكير ما إن وجدت بريا تتقدم منها لتقول بتعجب:
-لماذا تجلسين في هذه الظلمه الكحيله جدتي، هل أنتِ متعبة؟.
اجابتها وهي تهدئ من ذاتها:
-أردت أن أًريح عيني من الضوء لذلك هدأت من قوة الضوء قليلاً، والآن أخبريني كيف حالك الآن؟.
جلست بجوارها قائلة ببسمة لطيفة:
-بخير لا تقلقي لكنك تعلمين أن هذا الشعور بالغثيان أسوأ شعور في العالم، وهو ما يتعبني لا أكثر.
ازدادت بسمة الجدة لتقول وكأن الأمر معتادا:
-هذا طبيعي وستخوضين تلك التجربه لعدة شهور.
أماءت بريا برأسها قائله بأسف:
-نعم اعلم ذلك.. أربعه أشهر الأولى تقريبا ولكني ماذا افعل علي أن اصبر و اتحمل لاستقبل صغيري الذي ادعو الرب أن ياتي بخير في القريب العاجل.
لتقول جملتها الاخيره وهي تضع يدها على موضع جنينها الذي يكمن بين أحشائها.
شردت واكلناها تستشعر وجوده ولا تصدق إنها ستصبح أُُما عاجلاً أم آجلاً.
ضحكت الجده وهي تقول متذكره ماضيها:
-لقد ذكرتيني عندما كنت أحمل ولدي في أحشائي منذ زمن بعيد.
تنهدت ومن ثم صمتت قليلا ثم قالت وهي تنطق اسمه بحسرة:
-موهيت لقد اشتقت لك يا عزيزي.. كان أفضل شعور في الحياه عندما رأيته لأول مره وحملته بين يدي، حتى أول ضمة وأول مرة أطعمته.. أول يوم استطاع أن يسير على قدميه دون مساعدتي يتعثر ويسقط ثم يعود ويقف من جديد، أول مرة ينطق بها كلمة أمي.. ياالهي شعور لا يمكن نسيانه.
صمتت مرة أخرى والدمع يتلألأ في عينيها وهي تكمل بقوله:
ولا تُنسى أيضا أسوء شعور في العالم أسوء شئ مررت به ألا وهو ذهابه عني، لا أرى شيئا يدفعني أن أعيش في هذا العالم دون ولدي ولكن كريشنا هو الشئ الوحيد الذي أعيش لأجله.. لم يرضى ولدي أن يتركني لأعاني وحسدة هكذا.. لقد ترك لي قطعه منه نسخة طبق الاصل منه وكأنه يقول لي لا تقلقي يا أمي انا بجوارك أشعر بك ووجوده كأنه هو متواجد.. الوجه نفسه والقلب ايضا نفسه.
نظرت بريا للاسفل بأسف وهي لا تعلم ماذا تقول لكنها شعرت ان الفضول يلح عليها بأن تسال سونيا عن شيء ما، ترددت قليلاً أتسال أم إنها ستفتح وتُعيد جراحها من جديد.. لكن الجدة قرأت ما في عقلها لتقول تُريح إياها: -هل تريدين أن تسالي عن شيء؟.
نظرت لها برهه لتتفوهه بقولها:
-نعم.. كنت أُريد أن أعرف كيف مات ولدك؟ فكريشنا لم يخبرني ولم يحدث عن والديه من قبل.
تنهدت بقولها المتحير:
-لا أعرف ماذا أقول لك يا ابنتي؛ لكن الأمر كبير للغايه لدرجه إنني لا أعرف كيف اتحدث مع كريشنا في هذا الأمر.. حتى إن قلت عما بداخلي لا أعلم ردة فعله، يكفي إنني جرحته وحرمته وأشعر بالذنب والسوء من نفسي إنني حرمته تلك الحياة، لكني حاولت جاهدة أن أجعله سعيدا طلباته جميعا ملبية.. علمته بنفسي كل شئ عن الحياة، أمورها من الصغيره إلى الكبيرة.
نظرت لها بريا تحاول أن تفهم ماذا تقول الجده، تشعر بإرتباكها.. تشعر بأن لديها الكثير ولكن للاسف سيجرح زوجها كريشنا، ترغب بأن تُخرج ما في قلبها، تشعر إنها قادرة على مساعدتها.. لا تعلم كيف لكن عقلها يقظ وقادرة على مشاركتها الأفكار، للحظه شكت أن مرضها هذا سببه هو التفكير هذا، وهذا الحمل الذي تحمله منذ زمن لا تعلم كم هو.. ولكن هذا الفكر ترى إنه منذ قريب منذ أن شعرت بأن كريشنا أصبح كبير، ناضجا، يعلم عن الحياه كثيراً قادراً على مواجهتها بمرها قبل حلوها خاصه عندما علمت بإنه سيرزق بولد.. تشعر بالجدة وتعلم كم التخبط الذي تمر به ورغم خبرتها في هذه الحياة وكبر سنها إلا إنها توقفت عند أمر كهذا ولإنه يخصها ويعز عليها فهو يلجمها لإنه يخص كريشنا لا أحد غيره.

غريب هذا الإنسان.. يؤذي نفسه كثيرا سواء مادياً أو معنوياً لكنه لا يتألم ولا يتوجع، ولكن عندما يتعلم الأمر بمن يخصه وحتى لو شئ بسيط فهذا قادراً على توقف حياة هذا الشخص.. ليس من العجاب هذا لأن ببساطة المرء عندما يُحب يفعل الكثير ولا يرغب بمطالبة المقابل، يؤغب في تقديم كل شئ دون أم يطلب المحبب له.. قادراً على أن يدعس على ذاته ويتخلى عن أحلامه في سبيل رؤية المحب في سعادة.. يوجعه وجعه، يسعده فرحته.. يشاركه شعوره دون أن يشعر، وكأن الفؤاد واحد والروح واحدة حتى الشعور واحدة وما يختلف هو الاسم فقط..
ولكن لحظة.. هل الأمر متبادل؟ يا الهي فهذه مسألة كبيرة ونسبية للغاية.. فكلما كان المرء قريب من الأخر في صلة الدم كلما كان أقرب إليه.
ليجيب شخص أخر بداخل بريا وكأنها في صراع داخلي، نعم إنه نقاش بسيط لكنه حتما سيصبح صراع.. فقال الطرف الأخر أن هناك الكثير يقربوننا دماً لكنهم في الوجدان بُعاد كل البعد.. إنها مسألة كبيرة لا علم لها إلى أين ستصل ياترى، لكنها حتما ستصل لنتيجة مرضية لذاتها أولا..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي