الفصل الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثامن

أهل السوء بالطبع ناجحون.. يتلونون بعدة ألوان كالحرباء، قليلا منهم ما يرجعون عما هم به يتعظون من أمر ما قد حدث معهم بالمستقبل، وأكثرهم مستمرون رغم الكثير والكثير من المواعظ التي حولهم لكن قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة؛ فنضطر لإنتظار العقاب الأمثل الذي يأتي من القوة الإلهية وحجم العقاب يختلف حسب الجرم المرتكب...

ركض خلفه سريعا كي لا يفلت منه لكن شعر أن قدميه لم تسعفه ليلتفت يمينا ويسارا يرى الطرقات فارغة ليقوم سريعا بالطيران ويتتبعه من فوق وهو في الأسفل، وما إن رأه اطمئن من عدم وجوده توقف هذا الشخص يلتقط أنفاسه ليهبط كريشنا فجأة ليفزع هذا المحتال، أمسكه من تلابيبه وكاد هذا الرجل أن يلكم كريشنا لكنه تفادى هذا الأمر ليلكمه هو بقوة وفي الوقت ذاته يأخذ منه هذه المادة التي كانت بحوذته فمن الظاهر إنه لم يكمل حقنه للطفل ليظل منها القليل، ليلفت نظر كريشنا هذا الرجل وأثناء شرود كريشنا هرب سريعا.
تذكر هذا الرجل الذي هاجمه فهو نظر له قبل أن يغفل؛ فكانت الرؤية مشوشة لذلك لم يذكره من قبل وعندما رأه تذكر سريعا.
نظر كريشنا للذي في يده ويكاد يجزم أنه فيروس خطير.

عاد لبريا ليجد ان الاسعاف قامت بنقل الطفل أما هي فكانت تنتظره وما إن أتى ركضت إليه فقالت بفزع:
-أين كنت؟.
نظر حوله ومن ثم اصطحبها لبعيد قائلا:
-علينا الذهاب للمنزل أولا حتى أقوم بشرح الأمر.
كان في تلك الأثناء يخبأ هذا السم حتى لا يراه أحد.

مرأت لحظات ومن بعدها دلفوا للمنزل لتقع قلوبهم ما إن وجدوا سونيا تفترش بجسدها الأرض ليهرول إليها كريشنا جالسا أرضا، يحاول أن يوقظها.. أميك يديها يربط عليها، حتى وجهها فحاول أن يجعلها تستفيق.. تقدمت بريا بالجهاز الذي يقيس ضغط الدم وكذلك يقيس السكر في الجسم لترى ماذا هناك.
فعلت اللازم لتقول بريا سريعا:
-كريشنا! إنها غيبوبة السكر علينا أن ننقلها للمشفى حتى يفعلوا اللازم.

بالفعل قام بحملها ليذهب راكضا حيث المشفى لعله ينقذها وتذهب بريا خلفه والخوف يملأ قلبها.


دقائق فقد وصل كريشنا ومعه بري الى المشفى التي تعمل بها بريا ليستطيعون ان يضعوها على فراش متحرك حتى يفعلوا الاطباء ما هو اللازم.

كان ينتظر كريشنا امام غرفه جدته وهو جالسا على المقعد يسند راسه على الجدران الذي خلفه تقدمت بريه لتجلس بجانبه واضعه يدها على كتفه تحاول مواساته لتقول بهدوء:
-لا تقلق كريشنا فالامر سهل للغايه لا يحتمل القلق وهي ستستفيق بعد دقائق من الآن.
نظر لها كريشنا وهو يقول بتاثر:
- لقد اهملت في جدتي كثيرا كان يجب علي ان اجلس بجوارها اليوم فكنت اشعر عندما اتيت للمنزل منذ قليل انها ليست على ما يرام؛ فانا وجدتها نائمه على غير العاده وعندما نهضت كانت عيونها ووجهها الشاحب لا يبشر بالخير ولكني صدقت انه ارهاق من اعمال المنزل..
نظر للأعلى بقوله:
- ارجوك جدتي لا تتركيني فانا في حاجه لك.

كادت بريا ان تقول شيئا آخر لكن الطبيب خرج من غرفه المريضه ليقول موجها الحديث ل بريا وكريشنا:
- كانت غيبوبه وتم عمل اللازم ويجب عليها الراحه التامة وعدم الإرهاق والحركة الزائدة، بالاضافه إلى الاهتمام بالماكولات والمشروبات التي تتناولها ولذلك قمت بإعداد قائمه طعام خاصه بها لابد من اتباعها بعنايه وما ان تستفيق سأقوم بالاطمئنان عليها وإذا أصبح الامر على ما يرام فستعود معكم إلى المنزل، وإذا لازم الامر ورأيت انها ما زالت متعبه.. ستظل معنا حتى الصباح.
أماء كريشنا بهدوء ومن ثم قال لهم:
-إذا اردتم شيئا فعليكم ان تاتوا لي باي وقت إلى المكتب الخاص بي.
لتشكره بريا ومن ثم نظرت لكريشنا فقالت:
-أسمعت؟ إن الأمر بسيط.. هيا دعنا نطمئن عليها.
اماء لها ليدلفوا إليها فوجدوها نائمة، جلس أمامها وبريا أيضا.
ظل ناظرا إليها لا تقول شئ.. تنهد قليلا وكأنه تذكر شئ، ليقوم بأخذ بريا لركن بعيد عن مسامع جدته فقال:
-بريا عليكِ فعل شئ.
قطبت حاجبيها منتظره ليخرج لها تلك المادة ليقول لها بهدوء:
-هذا الشئ كان بصحبة الرجل الذي رأيناه يحقن بها الطفل الأخير الذي نقل إلى المشفى.
لكن بريا لا تفهم شئ فقالت:
-انتظر.. هل تقصد أن هذا الشئ وجدته بحوزة أحدهم؟!.

أماء بهدوء لتغمض عيونها ومن ثم قالن:
-اجلس مع جدتي وأنا سأقوم بفحص تلك العينة.
أماء لها لتذهب سريعا، أما هو فجلس كما كان ممسكا بيد جدته يحدثها فقال:
-كيف حالك الآن؟ من المفترض أن تنهضي الآن.
لا يجد منها رد ليكمل:
-بريا كانت قلقة عليكِ للغاية.. تلك الفتاة التي أختارها قلبي هي ذاتها التي أخترتيها أنتِ ما إن قابلتيها للمرة الأولى..
تذكر ما حدث منذ أشهر

عودة للماضي
أتى الصباح لتدلف بريا لغرفة سونيا، فهي اليون ستخرج من المشفى لتقول بريا ببسمة صباحية:
-صباح الخير جدتي.
أجابتها الجدة بفرحة فقالت:
-بالفعل هو صباح خير ما إن أتيتي إلينا.
تقدمت منها لتقول بريا بأسف:
-أعلم إنني علي أن أفرح لانكِ شُفيتي.. لكنني حزينة لأنني سأفتقدك كثيراً.
فتحت أذرعها لتحتوى الطبيبة الجميلة بقولها:
-لا تقلقي يا صغيرتي.. فأنا سأًجاهد لكي أحصل عليكِ زوجة لحفيدي الغالي.
أبتعدت عنها لتنظر لها بخجل، ضحكت الجدة ومن ثم قالت:
-والآن أعطيني رقم الهاتف الخاص بشقيقتك.
تبدلت ملامح بريا لتقول بخوف:
-فالحقيقة جدتي.. أنا لا أمن ردة فعلها، فأنا لم أعطيها لمحة عن الموضوع لانني بكل بساطة لا أحدثها منذ مدة ليست بصغيرة.

تبسمت سونيا ببساطة لتمسد على خصلاتها فقالت:
-لا تقلقي.. أتركي الأمر لتلك العجوز التي أمامك.. آلا تثفين يا فتاة.
اماءت لها بكل تأكيد ليدلف كريشنا، وما إن دلف حتى قال ببسمة صباحية جميلة:
-ماذا يحدث من خلف ظهري يا فتاياتي الجميلات.
ضحكن لتقول سونيا:
-لم أكن أتخيل أبدا أن حفيدي لطيف لتلك الدرجة.. ليتني أعلمتك أن هناك فتايات فاتنات على هذا الكوكب.. بالطبع كنت سأكتشف الأمر.
ليضحكوا جميعا.

مرءت عدة أيام ليقرروا أن يذهبوا للهند عائدين للوطن الحبيب.
تقدموا جميعا لمنزل السيدة سالوني شقيقة بريا.
كان الوطن يظهر جمال طبيعته وهم يمرون بالكثير من المظاهر الطبيعية التي تشعرهم بالحنين، مرءت بريا أمام منزل والديها ليدب الدمع مقلتيها؛ فهي اشتاقت لم كثيرا.
نظر لها كريشنة الذي كان يجلس جوارها في الحافلة ليقول:
-لماذا تبكين؟.
نظرت له ثم للمنزل فقالت:
-هذا منزل والدي.. كنت أقول ليتني لم أُسافر وأتركهم، ليتني كنت أمليت عيوني من رؤيتهم حتى لا أفتقدهم لتلك الدرجة.
شرد كريشنا ليقول صوته الداخلي:
-عبرات بريا وكلماتها القليلة أشعرتني ماذا تعني كلمة الأب والأم التي لم استشعرها يوما.. اتسائل كيف الحياة بجوارهم، في ظلهم؟ بالطبع ستكون أجمل، دافئة، وبكل تأكيد ستصبح سعيدة غير ناقصة.

استفاق على صوت بريا التي تقول:
-أعتذر كريشنا لم أكن أقصد في جرحك قط.
تبدلت ملامحه سريعا ليبتسم بحب قائلاً:
-لم أُجرح، وإذا أتيتِ بخنجر لتطعنيني في منتصف قلبي لم أُجرح ولم أرى فيكي أي شئ سوا السعادة.
تبسمت له بامتنان لتجد ذاتهة تتأبط ذراعه ومن ثم تضع رأسها عليه مغمضة عيونها والبسمة تزين محياها محاولة أن تستمتع، تطمئن.. تأمن به وبوجوده، وبرائحته.
اما سونيا فاصرارها على أن تجلس في الخلف كان من أجل أن تقربهم من بعضهم.

نظرت في سماء الهند لتقول:
-ياالله.. أعلم إنني أخطأت لكنك تغلم ما السر وراء ذلك؛ فأنا خسرت ولدي ولا أريد أن أخسر ولده.. ولكن ماذا إن علم ما أُخفيه أنا؟!.
لتظل شارده في هذا الأمر حتى هبطوا ثلاثتهم من الحافلة.
ظلت بريا ناظرة للمنزل.. تفكر كيف ستواجه أختها، تعلم إنها لا تطيق أن تراها فهي تحملها كل ما حدث مع والديهم.
تقدم منها كريشنا واضعا يده على كتفها فقال:
-لماذا توقفتي؟.
نظرت له بخوف فقالت:
-لا أملك الجراءة.
تنهد بقوله:
-أعلم ذلك ولكنني معك لا تخافي.
اماءت ومن ثم قالت الجدة:
-هل تعلمي أن الأكبر سنا في بلدنا الحبيب لديه الكلمة الأولى والأخيرة، غير إنني سأقوم أولا بتصفيه الأمور فيما بينكم أولا.
-جدتي! انتي لطيفة للغاية.. اتسال لماذا تستحملين كل تلك المشقة والسفر من أجل أمر كهذا يصيب الشخص بالدوار والتعب أيضا، أرى في ذلك تعب لي قبل منك.
أمسكت الجدة بيديها فقالت:
-لم أقل لكِ إنني أفعل ذلك من أجل كريشنا، لان ببساطة هو لم يطلب مني هذا الأمر؛ لكنني أراكِ أبنتي التي كنت أتمنى أن أرزق بها.
احتضنتها بريا بقوة ومن ثم ابتعدت لتقول سونيا:
-الآن يا صغار عليكم أن تدعوني لأتقدم حتى أعالج الموضوع بحكمة.
اماءوا له ليزيحوا ذاتهم جانبا.. دقت الباب لتتقدم إليها الفتاة التي تشبه بريا تماما، صدم كريشنا من الشبه ولكن المختلف أن سالوني هندية كجدته أما بريا فلم يعهد مثيل لها من قبل.
تحدثت سالوني بقولها:
-تفضلي جدتي ماذا تريدين؟.
كانت لا ترى بريا ولكن الجدة ما إن لفتت إنتباهها حتي نظرت سالوني بصدمه فهي تعرفت عليها سريعا.. ظلت ناظرة إليها لتقول بقوة:
-ماذا تريدين يا قاتلة والدي؟.
لتصدم بريا من هذا النعت وكذلك كريشنا والجدة، فمن الظاهر أن بريا غير مرغوب بها على الاطلاق.. ولكن الجدة ذات العقل الرجح لديها طريقتها أيضا..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي