الفصل السابع عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل السابع عشر

البشر ليسوا بلعبة ليتلاعب بها الأخرون، فجميعنا مخلوقون من قبل خالق واحد أحد.. والمساوات أمامه وبيننا متواجدة وهي فطرة مخلوقون بها، فالإنسان يعشق المساوات يرى فيها العدل لإننا لم نخلق مشابهون لبعضنا فالأنانية، وحب التملك، حتى الرغبة في السلطة كل هذا متواجد بطريقة نسبية بين أحد وأخر، ولا أحد يعلم ما في قلب الأخر إلا إذا فعل أمامه ما يجعله يستنبط هذا الأمر، حتى إن هذه الأشياء لم تأتى مرة واحدة فهي تأتي بالتدريج أو بالأحرى تُكشف بالتدريج للأشخاص التي توجد من حولنا أو للذي أمامنا أو ما يشعر بالظلم يرى كل هذا في من جار على حقه.. فالظلم يقهر والفقر في جميع أنحاء العالم وعلى مر العصور من أول أنواع الظلم وما يترتب عليه تطلع الممتلكون بالمال إلى كل تلك الخصال بل والتمادِ فيها فالطمع كالبحر يحتاج للمزيد دائما..

عاد كريشنا بصحبه بريا إلى المنزل ليجدوا الجده قد أعدت لهم الغداء ولكنها لم تكن تجلس بمفردها فهناك صديقتها التي تنتمي لموطنها الاصلي الهند، هذا الموطن المحبب لقلب سونيا؛
ولذلك قامت بصحبتها لتشعر بجوارها انها في بلدها الحبيب وهذا ما يجعلها نوعا ما تتقبل الإقامة في هذا البلد، تحدثت سونيا لتقول بترحاب:
- تقدموا يا أطفالي فاريد ان اعرفكم على صديقتي.. لحظه لحظه انتم تعرفونها فقد تقابلتم منذ عدة أشهر اليس كذلك.
تقدمت بريا ببسمه متسعة لتقول بترحاب:
-نعم نعم إنها الخاله بارفاتي.. كيف حالك يا خاله.
بادلتها السلام لتجيب بارفاتي:
- بريا ابنتي كيف حالك علمت ةنك سترزقين بطفل في القريب العاجل، مبارك لكِ اتمنى ان يحفظك الرب ويولد الطفل بخير وسلام.
اماءت مجيبة بقولها:
-اشكرك يا خاله.
نظرت بريا إلى كريشنا لتقول:
-كريشنا ألم تتذكر الخالة تلك التي تقيم في المقاطعة التي تلينا.
رحب بها كريشنا بخجل ليقول:
-مرحبا بكِ يا خاله أشعر بالسعاده كونك معنا، انتظريني سأقوم بتبديل ملابسي ومن ثم سنتناول الغداء سويا. لكنها اعترضت بقولها:
لا بني لا أريد فالوقت قد تأخر وعلي أن أعود سريعاً فلدي الكثير من الأعمال.
نظرت إلى سونيا لتكمل بقولها:
-تعلمين سونيا أن أحفادي سيأتوا إلي في المساء، وعلي أن أقوم بتجهيز كل ما يلزم لإستقبالهم.
لتقول سونيا:
-حسنا.. اتمنى أن تعيدي هذه الزياره مرة ثانية ولا تنسي تحياتي لزوجك وأولادك واحفادك ايضا.
ضحكت لتجيب وهي ذاهبة:
-حسنا سونيا أراك لاحقا إلى اللقاء أحبابي سررت بلقائكم اليوم.
ليجيب كلا من كريشنا وبريا بصوت واحد ليقولوا:
- ونحن ايضا.
اغلقت الباب خلفها لينظر كريشنا لسونيا التي ما إن نظر لها كريشنا حيث قالت:
-لماذا أتيت مبكراً ولدي؟ هل هناك شيء ما ليس على ما يرام؟.
حركه رأسه بالنفي ليجيب:
- لا شيء جدتي لا تقلقي، سأقوم بتبديل ملابسي ومن بعدها سآتي لنتناول الغداء سويا.
لتميل الجدة براسها بالموافقه، أما بريا فما إن ذهب كريشنا حتى قالت للجدة:
-اخبريني جدتي هل تناولتي دوائك؟.
اماءت بهدوء لتقول:
-لا تقلقي ابنتي فأنا اعتني بذاتي وأنتِ عليكِ ان تعتني بذاتك، ولكن اخبريني لماذا وجهك باهت لتلك الدرجه. وبتلقائية تحسست وجهها ومن ثم قالت:
- لا تقلقي جدتي فالامر كما تعلمي، ارغب في المكوث في المنزل عدة أيام لعلي ارتاح قليلاً.
تنهدت الجدة لتقول:
-ألم أقل لكِ هذا ولكنك ضربتي بكلامي عرض الحائط وذهبتِ الى العمل.
جلست بريا بتعب لتقول لها شاكية:
- ماذا افعل جدتي فهذا واجبي وضميري يؤنبني كثيراً عندما لا أرغب في الذهاب في هذه الحالة، الأوضاء مضطربة بسبب ما يحدث في البلاد ليس في بلادنا  فقط، ولكن في البلاد المجاورات أيضا، حركات الجدة رأسها باسف لتقول:
-الرب قادر على حمايتنا من هذه الامراض المماثله.
اماءت لها فقررت أن تنهض لتذهب إلى زوجها، دلفت بريا لتجد كريشنا قد قام بالاستحمام ولكنه الآن متواجداً امامها عاريه الصدر يضع منشفه فقط على خصه يكون يجفيف خصلاته وهو ينظر إلى المرأة شارداً كالمعتاد. تقدمت بريا بخطوات هادئه لتنظر لوجهه الموجه للمرأه، برغم تواجدها خلفه ظلت متأمل اياه، وما ان استفاق حتى تبسم لها بالمرأه لينظل لها ملتفتا فيقون متسائلاً:
- لماذا تنظرين إلي هكذا؟.
تحدثت بريا بقولها:
- لا اعلم ماذا بك، ولكن هل مازلت تتبع هذا الرجل لتكشف سره؟.
نظر للاسفل ومن ثم حرك رأسه بنفي ليقول بهدوء:
- لا.. لم افعل لا تقلقي فأنا منذ تلك المرة لم اقترب منه، ولكن بريا اشعر بإنني مقيد، لا أعلم ماذا علي فعله؟ هل أقوم بإثبات ما قمت بكشفه عند الشرطه؟ أم أظل شيطان ابكم؟.
لا تجيبه لكنه قالت في النهاية بحيرة:
- لا اعلم كريشنا ولكن كل ما عليك فعله هو السير بجوار الحائط، فنحن لسنا قادرون على هذا آريا هو قادرا على ان يحقنا بهذا الفيروس.
تعجب كريشنا من قولها ليسألها:
-لماذا أنتِ سلبيه بهذا الطريقة للمرة الأولى اشعر وكأنكِ يائسه لا تحبين الحق او انك تخافين من شيء فأنت لست بريا التي رأيتها منذ عدة أشهر ووجدت فيها صفات النبل والصفات الحسنة التي تجعلها قادرة على الوقوف بوجه الظلم.
امسكت بريا بكف كريشنا ومن ثم وضعته على موضع جنينها لتقول:
- اشعر كريشنا اشعر فقط باننا في مرحلة جديدة، ولسنا بمفردنا بل لدينا طفل يرغب بالنجاح، والحياة السوية، وعدم الاذى.. تلك الامور التي قد تأذيت بها من قبل.
نظر لها بتساؤل لتكمل هي بقولها:
- كريشنا اذا فعلت شيء سيموت ابننا وستُفسد سعادتنا.. عليك ألا تقترب من هذا الأمر ابدا، اعدني بذلك كريشنا ابتعد عنها كريشنا والتفت لها ليوليها ظهره فقال:
- لم استطيع وعدك بريا، فالأمر قد تعدى مرحله الخوف على الذات، ليصبح ذات خوف على الأطفال جميعا.. فتخيلي لو أن طفلنا هو المتواجد بين هذه الأطفال هل ستفعلين كل ذلك هل ستتحملين جلسة الأم منتظره ولدها أن يحيى ولا تعلم ماذا به؟ ولا تستطيع ان تخفف عن الالم.
لا تعلم ماذا تجيب ولكنها وضعت رأسها على كتفه مقتربه منه تغمض عينها لتقول:
-نعم أنت على حق ولكني ايضا على حق أنا لا أريد ان افقدك، فانت من اعدتني ألي الحياة من جديد، لذلك طلبت منك ان تعدني بهذا الأمر.
ضمها إليه مجيبا:
-انا لم اتركك ولم يحدث لي شيئا سأكون فقط بفعل الشيء الذي يمليه علي ضميري، ودون ان يراني هذا آريا  ابعتد عنها ونظر لها بمشاكسه ليقول:
- ارى انك في ارتياح تام هكذا.
ضحكت في حماس لتقول وكأنها فازة في مسابقه ما: -نعم فأنا من فزت للمره الثانية.
لا يعلم ماذا تقصد وبماذا فازت لتقول باعتراف:
- هل تعلم انني كنت خائفه وقلت في ذاتي انك ستقوم بالابتعاد عني والتقليل من حبك لي، والاهتمام بي.
مال يرمق ززجته بنظرات لتكمل بقولها:
فالجميع يقول أن الاستمتاع في الشهور الأولي، "الحلو هذه بدايه أي علاقة فقط ولا حلو بعدها بل الواقع الأليم"  تلك المقوله تقال في جميع العلاقات المتواجده من حولي لذلك اشعر وكأنك مثل بقيه الرجال.
ابتعد عنها وهو يضم يده الى صدره متسائلا:
-ماذا تقصدين بانني لست مثل بقيه الرجال.
لتضحك مره ثانية وهي تقول بفخر:
- انت بريء، عيونك يملؤها الحب، لا تُخفي شيئا في قلبك، والخبث ليس من صفاتك.. اشعر وكأن جدتك كانت على حق عندما عزلت عن العالم، فهذا عالم مهلك وهذه الطريقه الوحيده للفرار والنجاة منه.
تبسم لها ليجلس على الفراش فقال:
-استمعِ لي بريا جيدا، علي أن اقول لكِ شيئا هاما.
نظرت له بجديه ومن بعدها حملت ذاتها تجلس على طرف السرير بجواره نظر لها ومن ثم قال بصوت هامس ضئيل:
- انا اقوم بمساعده الاطفال المصابين فقط ولا أريدك ان تخبرِ جدتي، حتى لا تعلم إذا اصبت ان هذا هو السبب. نظرت له تشعر إنها لا تفهم شيء فتقول بتساؤل:
- كيف كريشنا تساعد هؤلاء الاطفال؟ انا لا افهم شيء. وقبل ان يجيبها كانت جدتهم تهدف باسمائهم لكي يذهبوا اليها على عجله وما ان نظر لما تريدهم به ابعد كريشنا عينه وكأنه قد كُشف، لتقول الجده بتعاطف:
- كم هو ملاك لطيف يقوم بمساعده الاطفال.. اعتقد انه ليس من البشر لو كان بشريا لكان خاف من ان ينتقل له المرض.
لينظر كريشنا للتلفاز بصدمه ومن ثم للارض وهو يدعو الرب ألا يكشف.

قرر كريشنا أن يدلف للغرفة سريعا حتى لا يكشف ذاته أمامها.
دلفت بريا خلفه لتقول له بصدمة:
-كريشنا؟ أنت من كان بالتلفاز أليس كذلك؟.
أماء لها بهدوء وهو يجلس على طرف الفراش يفكر في طريقة تجعله يبتعد عن ذلك آريا الذي من الأكيد يعلم من هو.
تحدث أخيرا وبريا كانت تقف منتظرة اياه ليقول:
-كنت أرغب في مساعدتهم.
جلست جواره لتقول بهدوء:
-أنا لم أعاتبك، لكنني كنت اقول لك منذ قليل إنني خائفة من هذا آريا.
تنهد بقوله:
-كنت أفكر كثيرا في الذهاب إلى الشرطة لكني مراقب.
قطبت بريا حاجبيها لتسأل بتعجب:
-من الأكيد إنك لم تهبط من المنزل وأنت متنكر عكذا أليس كذلك؟.
حرك رأسه بالنفي مجيباً:
-كنت أختفي عن الأنظار حتى أرتدي هذا القناع.
عانقته لتقول:
-لا تخف وأفعل ما يحلو لك.. وانا معك اسندك في كل وقت كان.
ابتسم ليبادلها العناق..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي