الفصل4

الفصل 4

ما أن خرجت الكلمة من بين شفتيه وهو يهمس

راكان: أسف

حتى التفت لتنظر له حيث يقف بباب الغرفة، يتكئ عليه وهو ينظر لها بشغف وأسف، فهو يعلم أن موضع الوشم يألم وخاصة للبشر والذئاب أيام اكتمال القمر!.

_لمَ تشعر بالأسف؟!

 _إندفعت بمشاعري؛ ولم أقدر على أن  أسيطر على رد فعلي، وما أن وصلت لذروة الشبق حتى قست قبلاتي.

رغم موجة الخجل التي شعرت بها "صوفيا"، إلا أنها همست له:

_ لا عليك لم أغضب، ولكن كنت أشعر بالحيرة وأتسائل عن سبب تلك العلامة؟!

 عندها ابتسم على خجلها،  وهو يقود الحوار لجهة أخرى...

بعد وقت كانا يتحركان في الغابة، وهو يحاوط خصرها،ولكنها  شعرت بالخوف؛ عندما رأت ذلك الضبع الذي يأكل أحد الحيوانات النافقة!.

ولكن "راكان" أحاطها بذراعه يقربها منه وكان يطمئنها:

_لا تخافِ حبيبتي سوف يرحل.

كانت تزدرد لعابها بصمت وجسدها يرتجف، فنظر إلى ذلك الضبع بعينه التي تشع ضوءً غاضباً لم تره "صوفيا"، ولكن ذلك الضبع رآه؛  وهذا ما جعله يصدر عواء مكبوت؛ وكأنه يعتذر وهو يلتف عكس اتجاههم ليهرب.

صوفيا بتعجب:
_لقد رحل!.

_ لقد أخبرتك الضبع من الحيوانات الضارية، ولكنه أيضا يأكل  القمامة والجيفا فهو يقوم بتنظيف الطبيعة.

"صوفيا" نظرت له بدهشة ولكنه قبل جبينها وتحرك بها في إتجاه آخر.
ولكنه بينما يسير بها، طن في رأسه صوت يعرفه جيدا!.

ولكنه لم يكن صوت ذئبه المنتشي؛ بل صوت والده (الألفا) السابق للقطيع، أو بمعنى أدق صوت ذئب والده "دارك" وهو يقول:

«جاك هل أنت بخير»

ورغم أن "راكان" يستمع إلى الصوت ولكنه ترك "جاك" يرد على والده

جاك: «أجل أبي أطمئن لقد نجينا من موت محقق»

دارك: « لقد شعرت بالقلق عليك؛ ما أن أتانا خبر الخدعة، ولقد أرسلنا مجموعة من القطيع للبحث عنك»

جاك: «لقد أستطعت النجاة، ولكن "روفان" ما أن أدرك الخيانة التي وقعنا فيها؛ ضحى بنفسه لينقذني.»

دارك: :«أحسن صنعا؛ لأنه لو ظل على قيد الحياة  كنت قتلته بأبشع طريقة»

جاك : « إهدأ ألفا أنا بخير ولكني بعيد عن القطيع»

دارك :«أين أنت؟»

جاك :« في ضيافة بشرية».

دارك :« يا إلهي هل تعرف حقيقتك؟».

جاك :« لا».

دارك :« إذا عليك الرجوع».

جاك : «سوف أحاول ولكن عليّ أن أستعيد قوتي، وأيضا لا أعرف ماذا أقول لك! ولكنها مميزة».

دارك: «هل هي؟!».

جاك :«أجل رفيقتي»

دارك : « إي حظ هذا؟ هل أنت متأكد؟!».

جاك.: «أجل».

بينما راكان يتابع الحوار بين ذئبه وذئب والده شعر بيد "صوفي" تربت على كتفه لانه وقف مرة واحدة وكأنه فاقد للوعي.

_ فيما أنت شارد يا راكان؟

 استعاد راكان  السيطرة وقال:
_ ماذا كنت تقولين حبيبتي؟!

_ لا شئ لكن يبدو أنك تشتاق لأهلك وتريد العودة!

_ ليس الأمر بهذه الطريقة ولكني تذكرت أمرا هاما.

رغم أنها ابتسمت له إلا أنها تدرك أن الفراق يقترب، لأنها لا تريد أن تتكلم في الموضوع، تعلقت في ذراعه وهي تسير بجواره.

اما هو شعر بالحزن؛ لأنه مضطر لتركها، ان لم يكن الآن فسوف يكون في الغد..

لذا كان يحرص أن يكون قريب منها في كل لحظة، يقف معها في المطبخ، يشاركها في العمل رغم أنه في بيئته لا يفعل ذلك..

استمع إلى صوت "جاك" يهمس «لا تفكر في العودة "راكان" أنت لم تستعد قوتك بعد، وتحتاج إلى الراحة وأنا أيضا!»

راكان عن الطريق الرابط الفكري بينهم قال:

اعرف ذلك "جاك" وأعرف أنك رافض فكرة الفراق، وأن بعدنا عنها سوف يضعف قوتنا، ولكن هل أنت متخيل ماذا قد يحدث إن اطلنا البقاء؟

جاك : « لا أعرف معني كلامك؟!»

راكان: قد ترفضنا أن علمت الحقيقة؟

جاك شعر بالحزن وتقوقع في عقل "راكان" وهو يتذكر كلامها عن الذئاب.

في الوقت الذي رفعت فيه "صوفيا" الملعقة تقربها من فم "راكان" تطالبه بتذوق الطعام.

أبتسم لها وهو يلوك الطعام في فمه.

_ أنه شهي حبيبتي.

_ انها وصفة خاصة بعائلتي

_ لكنك شاركتيني الخطوات!

_ لم تعد غريبا، لقد شاركتك ما هو أكبر من وصفة الطعام المفضل لي، لقد شاركتك قلبي!

_حقا صوفيا؟!

_ أجل حبيبي، ولكن لا أعرف لمَ أر شك في عينيك؟! انت تدرك أني أعجبت بك منذ اللحظة الأولى!

جعد راكان وجهه، وهو يقترب منها يقبل خدها وقال:

_ لا أذكر ذلك، لقد أخبرتني أن عليّ الرحيل ما أن أنتهي من تناول الطعام.

_ لقد كنت أشعر بالخوف.

_ مني؟!

_ من الجميع ومن نفسي، لقد تركت كل شيء في حياتي لأفر إلى هذا الكوخ الذي نسيه الزمن.

_ لمَ؟!

_ أفضل أن لا أتحدث عن الموضوع خاصة الآن.

_  كما تريدين حبيبتي.

_هل غضبت؟!

_ لا ..لكل شخص مخاوفه، وأسراره، لمَ أطلب شيء قد يحزنك إذا ذكرتيه؟

_ هل تعرف "راكان" أني كل يوم أزيد حبا لك، وتعلق بك ورغبة في البقاء معك، وكأني لم أعرف غيرك، ولا أريد غيرك، ومع ذلك أدرك أنه لا بد من أن تأتي اللحظة التي تذهب فيها!

كاد أن يرد عليها عندما آتاه هاتفا في رأسه يخبره أن «كلامها صحيح».

دارك: « كلامها صحيح عليك أن تستعيد قواك وتعود، نحن بحاجة إليك لقد أرهقني خوفي عليك ولا زال هناك خطر على حياتك».

جاك :حسنا أبي سوف أحاول.

دارك :« أنت تعلم أكثر مني أنها لن تقبل بك لو علمت حقيقتك؟»

"جاك" استمع إلى كلام ""دارك" ذئب والده الألفا "جانو" ولم يقو على الرد...

وهنا نظرت له "صوفيا" وهي تقول:
_لم أنت شارد إنها ليست المرة الأولى؟!

_ أنا…

_ يجب أن ترحل!.

_ لا الأمر ليس كذلك ولكن أريد أن أسألك عن شيء؟

"صوفيا" أحاطت وجهه بكفها وهي تقول بهمس عاشق:
_ اسأل وأنا أجاوبك حبيبي.

_ هل ما تشعرين به لي قويا بما فيه الكفاية صوفيا؟ هل تستطيعين تحديد مكانتي في قلبك؟ هل ستقفِ معي في أي مكان وعلى أي شكل أنا عليه؟

_ما هذا السؤال الغريب راكان؟! لم أفهم ماذا تعني؟

_ما الغريب في سؤالي، أنا أريد أن أعرف إن كان ما بيننا قد يصمد أمام العقبات أم لا؟!

_أي عقبات، ماذا تريد أن تخبرني؟!

_ لا شيء حاليا، ولكن ما أريد أن أعرفه أن تغيرت وضعيا أو شكليا هل...؟

_ هل تظن أنه يفرق معي أن كنت ملكا أم لا؟

_ لا ليس هذا ما أريد أن أعرفه!

_ هل تخشى أن أرفض حبك لو تغير شكلك؟! ربما لا تعرفني بما فيه الكفاية ولكن لا يفرق معي  الا شىء واحد 

_ ما هو ؟!

_ لمَ لون عينك يتغير؟!
 
نظر لها وانفجر في الضحك، وهو يقول:

_ هل هذا يزعجك ؟!

_ماذا ترى؟ أنه شئ غريب عينك تختلف من وقت لآخر مرة داكنة! ومرة صافية! هناك شئ غريب فيها، فما هو؟!

_ لا أعرف!

_ حقا حبيبي لا تعرف اذا من يعرف؟

رفع عينه لينظر إلي السقف ولم يعد أمامه إلا أن يسال سؤال مباشر ولكن ماذا يتوقع منها

_ "صوفيا" أريد أن أسألك عن شئ هل لو اخبرتك اني لست بشر عادي، وطلبت منك الزواج هل توافقي؟

_ ماذا؟!نظرت له وهي لا تستوعب كلماته!
_ماذا تعني هل تمزح معي راكان؟

ما أن وجد الصدمة على وجهها واضحة، والخوف يظهر في عينيها! حتى اقترب منها يضمها وهو يمس جبينها..

_ماذا بك حبيبتي؟ لقد كنت امزح بالفعل.

_ حقا؟!

_أجل "صوفي" لقد شعرتي بالخوف من شئ عادي! هناك الكثير من البشر تتغير لون أعينهم، إن تغيرت حالتهم النفسية.

- ما الذي يغير حالتك؟ أنا لا افهم شيء!

_ لقد عشت معك الشغف، إحساسي بك يتغير كل يوم؛ وهذا ما يغير لون عيني، ما بين العشق والرغبة، ما بين اللهفة والقلق، إنه شيء عادي "صوفيا"! ولكنك تشعرين بالخوف.

_ هل أكذب عليك؟! أنا فعلا أشعر بالخوف من ما هو آت، لا ريد أن افقدك وأعرفك أنك قد تذهب في أي وقت !.

_ لكنني لازلت هنا !

فتح ذراعيه فألقت نفسها بين ذراعيه ، أسند راسه على شعرها الفحمي، وهو ينظر بعين مختلفة كل الاختلاف عن ما كانت منذ لحظات..

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي