الفصل24

الفصل 24

كان يجلس في ذلك المقعد يملئ عينه منها، ويشعر بالرفض لذلك التغير الذي طرأ عليها...

شعرها الطويل الأسود، أصبح بلون فاتح يشبه الثلج، قصير يصل لكتفيها، عطرها ثقيل من توليفة خاصة، من الزيوت العطرية، حتي الفراش تنثر عليه العطر.

تلك الوشوم المرسومة علي عنقها وكتفيها، وكأنها جناحي فراشة عملاقة تقف علي زهرة تتسلق رقبتها

تخفي بها موضع الوشم ومن الواضع انها وشوم جاهزة فعلتها لنفسها..

ومع كل ذلك يستمتع، بأن يسمع لهمس أنفاسها، يتذوق نفس الهواء الذي تتنفسه..

عينه لا تغفل وهو يأكل تفاصيلها، التي اختلفت كليا ولكنها لازلت تاثره، وهو يجلس علي نفس المقعد منذ ساعات..

ولكنه لم يمل هو فقط يقاوم شوقه بأن ينضم لها في الفراش يشبعها حبا ويشبع منها ومن عشقه لها..

ولكنه يعرف أنه أفعل، سوف تثور وتفور وتتركه إلى الأبد؛ لذا قليل منها يكفيه، قربه الي هذا الحد يرضي عقله، ولكن ماذا عن رجولته المكبوته؟!

تقلبت على الجهة الأخرى فأبتسم وهو يقول:

_ أخيراً حبيبتي، أنا معك في نفس المكان، أخيرا صوفيا نتشارك الهواء نفسه، لو تدركي كيف مر علي الوقت وأنا أتمنى هذه اللحظة، ما كنت تركتني لاتعذب...

رفع رأسه لينظر وهو يقول:

_واتمنى أن تبقى نائمة حتى لا أفقد هذا النعيم ..

بعد وقت كان يتحرك في الغرفه التي تقيم فيها، في احد الفنادق الفاخرة، وتحرك ليذهب الى غرفته المجاورة لها، عن طريق الشرفة التي تعد علي علو شاهق...

إستيقظت صوفيا، تشعر بالارق كأن هناك شيء يقلقها، رائحة مختلفة تفوح حولها، ولكن لا تعرف مصدرها..

اخذت تبحث في الغرفة فلم تجد شيء، لكن تلك النافذة الخاصة بالشرفو مفتوحة على مصراعيها،

صوفيا: كيف ذلك؟! لقد أغلقتها قبل أن أنام..

أخذت تفكر لكنها لم تتذكر أن كانت أغلقتها فعلا أم لا..

تحركت إلى هناك لتغلق النافذة، لكنها لا تعلم لمَ خرجت إلى الشرفة تنظر إلى المدينة، حيث يلفها الظلام، ونور شحيح يداعب الأفق..

وكأنه يشق ظلام الليل، ويخترقه ليبدده، أبتسامة حالمة على وجهها وهي تقول:

_ ما أجمل سكون الليل ما أجمل الهدوء، الذي أشعر به! ولكني أعلم عليا أن أرحل مرة أخرى..

اخذت انفاسها بقوة؛ لتستنشق تلك الرائحة مرة أخري، كأنها منتشرة في الهواء، لا تعرف لم شعرت بالإطمئنان، لذا أكملت كلامها مع نفسها وقالت:

_ لكن ليس الغد سابقى هناأسبوع آخر أو ربما أكثر، فانا منذ فترة لا أشعر بوجود تهديد علي..

كان يستمع إلى همسها وأبتسامة ترسم على وجهه، وهو يقول في نفسه:

_ حبيبتي؛ عليك أن تبقي في نفس المكان، فلا أريد أن أبحث عن غرفة مجاورة لغرفتك مرة أخرى، أبقي هنا صوفيا أبقي من أجلي حبيبتي.

بعد قليل رجعت إلى فراشها، وهي تحاول أن تعود إلى النوم مرة أخرى، بينما هو قرر أن يغفو لبعض الوقت، فلقد اطمئن عليها..

وتأكد من أنها لن تذهب، وحتى لو ذهبت فتلك العرافة علمته كيف يصل إليها، كيف يتخاطر مع ابنه ويعرف المكان..

لأول مرة يشعر بالراحة، لأول مرة ينام قرر العين، منذ فترة طويلة ربما منذ أن علمت...

همس لتلك الصورة الموضوعة أمامه والتي لا تفارق عينه، منذ أن رسمها برادلي

راكان: تصبحين على خير حبيبتي..

لم يتلقى رد، ولم ينتظر أن يتلقى، في اليوم التالي كانت في المطعم تتناول أفطارها وأبتسامة على وجهها، بينما يدها تداعب بطنها وكانها تتواصل معها جنينها...

وهي تفكر في الاسم المناسب، كم مرة تطلق عليه اسم لتتراجع تراه غير مناسب له خاصة وهي تتخيل شكله الذي قد يكون بشكل راكان..

بعد وقت كانت في تلك العيادة تستمع إلى كلام الطبيبة، وهي تجري عليها الكشف الدوري، وبعده كانت تكتب لصوفيا بعض الادوية التي قد لا تحتاجها..

فهي لا تشعر بوهن أو الم وحتى ابنها نموه أكثر من طبيعي

آن: سوف اكتب لكِ بعض المكملات الغذائية..
بينما هو يجلس في سيارته، بالقرب من تلك العيادة، يستعمل كل حواسه ليستمع الى ما تقوله الطبيبة، إبتسامة على وجهه وهو يستمع الى كل ما قالته...

ولكنه لم يجرء أن يصعد معها، لم يجرء أن يريها وجهه حتى لا تعاود الفرار مرة أخرى..

ولكنه يتمنى تلك اللحظة التي سوف يأخذها فيها بين ذراعيه، يضمها إلى قلبه يريها كم يحبها ويعشقها وكم يريدها في أحضانه وعلي فراشة ل...

أخرجه مما يفكر فيه، ومن أفكاره التي كادت أن تصبح أكثر جموحاً صوت الطبيبة

آن: عليك أن ترتاحي من أجل الطفل

صوفيا: سوف أفعل أي شيء من أجل طفلي، هل هو بخير؟

_ أجل إطمئني؛ لكني أرى أنه ينمو بقوة!

_ هذا جيد.

_ربما مدام صوفيا، ولكني لا أعرف؛ هل أنت مستعدة لأن تلدي في الشهر السابع؟!

_لا أعرف ولكن أنا مستعده لأي وقت يأتي فيه، عليك ان تفعلي كل شيء من أجل طفلي..

_حسناً، أنت تهتمين بصحتك وتاكلين جيداً، عليك أن ترتاحي وتنامي لفترة كافية، كل ذلك يساعد في أن يأتي ابنك سليماً معافى..

_سوف أفعل كل ما تقولي..

بعد وقت كانت تنزل إلى سيارتها الرياضية، السريعة المختلفة كل الإختلاف عن تلك المرتفعة ذات قوة الدفع الربَعي، لقد غيرتها كما غيرت كل شيء..

إبتسامته وهو ينظر لها من خلف الزجاج المعتم، يأكل تفاصيلها وهي تتحرك أمامه، تتحسس بطنها وهي تفتح باب السيارة؛ لتقودها إلى أحد المطاعم الفارهة...

وجد نفسه يتبعها، في الوقت الذي أتصل به إيوان وهو يقول:

_أين أنت ألفا؟!

_ لمَ إيوان لمَ تسال؟!

_ ليس لشيء؛ لكني علمت إنك تركت القطيع، وأتيت إلى المدينة، ومع ذلك تأتي إلى البيت حيث نحن، لا اعرف أين أنت؟!

_ أنا مع صوفيا

_حقاً، هل علمت مكانها؟

_ أجل علمت مكانها؛ واقيم معها في نفس المكان.

_ حقا! أنا سعيد من أجلك؛ هل تصالحت معها؟! هل اقتنعت بكلامك وسامحتك؟!

_ لم اتكلم معها من الأساس.

_ وكيف تعيش معها؛ في نفس المكان؟

_ ليس في نفس المكان بنفس الصورة؛ التي تخيلتها! أنا اعيش في الغرفة المجاورة لها في نفس الفندق.

_ وكيف وصلت لها؟!

_ عن طريق أولفا.

_حقاَ؟!

_أجل لقد مللت من الإنتظار ومن القلق والخوف، أنا الآن مطمئن عليها بيني وبينها جدار واحد، أتسلل إلى غرفتها وأقضي الليل في غرفتها دون أن تشعر

إيوان بصوت مرتفع وهو يقول:

_ حقا هل تتسلل إلى غرفتها دون أن تعلم أو تشعر بك؟!

_ ربما تشك؛ ولكنها لا زالت باقية في نفس المكان؛ اعتقد أنها ستستمر فيه اسبوع آخر

_وأنت ماذا ستفعل؟!

_ ساكون بجوارها هذا الأسبوع ثم أرحل إلى نفس المكان، الذي ترحل إليه..

_ أنت مجنون يا راكان..

راكان: مجنون بها، أعشقها إلى حد الجحيم، لكني لا استطيع ان اريها وجهي

_لم يا راكان هي تحبك وسوف تغفر لك إنك لم تخبرها ..

_ هل تظن ذلك لكن بأي وجه قد اظهر لها

_هل هي علي نفس الشكل، الذي رايناها عليه أمام الشركة

_لا، شعرها مختلف ترسم الوشوم على كتفيها ورقبتها تستعمل عطر ثقيلاَ ولكنها لا زالت جميلة تأثر القلب وتخطف الروح ذلك الرابط يقوي بيننا..

_اريد أن أرى وجهك وأنت تتكلم.

_ عليك أن تغلق الأتصال، فانا اسير خلفها بسيارتي، حتى إطمئن عليها، لقد كانت عند الطبيبة وأخبرتها أن كل شيء جيد، وقد تلد في الشهر السابع..

_أتمنى أن تعطيك فرصة وتستمع إليك..

_ وأنا أيضا اتمني ذلك، لكني لا يفرق معي الآن سواء أن أطمئن عليها، وانها بخير وأستطيع أن أرآها حتى لو دون أن تشعر بي..

_ وماذا ستعطي أولڤا في المقابل؟!

_ لست أدري ما الذي قد اعطيه لها ولكنها لم تطلب شئ إلى الأن، ومع ذلك نبهتني أنها سوف تطلب خدمة، يبدو انها ستطلب الكثير..

_أنت تعلم ذلك جيدا راكان، ان تلك العرافة لن تفعل شيء دون مقابل، وكما يقولون «لا يوجد عشاء مجاني»..

_ أعلم ذلك إيوان..

أغلق الخط، وهو ينظر إلى صوفيا التي كادت سيارتها أن تضيع منه وسط الزحام، إلى أنه لمحها تصف سيارتها

ولكنها تراجعت، وهي تنظر الي ذلك الجالس، علي احد الموائد القريبة من الباب وشعر بترددها..

راكان: لمَ أنت هنا ؟!

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي