الفصل11

الفصل 11

نظر "درغان" نظرة تنم عن إعجابه بحديث العجوز للحظة ولكن :
_ رغم إن كلامك يعجبني، إلا أنك لا فائدة منك، لم تفعل شيء من أجل القطيع..

_ لمَ تقول ذلك ألفا ألست أنا من ألقيت اللعنة على قطيع الذئاب النارية، وأنا من ألقيت اللعنة على ألفا راكان؟

_ وما النتيجة لقد استطاعوا أن ينتصروا علينا، بالإضافة إلى أن راكان تخلص من اللعنة، يبدو أن عقلك لم يعد كما كان..

_ بالطبع لا ألفا لازلت كما أنا ولكن ذلك القطيع يبحث عن علاج إلى الآن

كيڤن: هل تمزح داروس

_ لا، هم لا يؤمنون بالسحر حتى أنهم لا يستمعوا إلى تلك العرافة التي تعيش بينهم، يظنون أنها مدعية ولا تتنبأ بشيء

درغان: وراكان لقد أنتهت لعنتك!

أن هذا يدل على شيء، لعنتي لم تكن لتنتهي لولا حدوثه..

_هل تبرر فشلك؟!

_لا، لكن اللعنة تسقط إن وجد رفيقته.

التفت له درغان بصدمة وهو يقول:

قلت؟ هل وجد المايا خاصته؟

_وليس هذا فقط، بل تم الوشم واتم زواجه بها، وهي الآن تحمل طفل في احشائها..

_ ماذا تقول أيها الخرف؟ هل تخبرني أنه كان يعيش في سعادة بينما نظنه فارق الحياة؟!

تدخل كيڤن وهو يقول:
_لم رجع إلى القطيع، إن كان إستطاع أن يصل إلى رفيقته ؟! وكما تقول تم كل شيء وتحمل طفله لمَ تركها؟!

_ هل أنت متأكد؟

_ أجل ألفا متأكد

_إذا لقد وجدنا ثغرة ننفذ منها إليه، انتم تعلمون جيدا ان الذئب لا يستطيع أن يعيش دون وليفته؛ لذا علينا أن نصل اليها

كيڤن: ولكن أين هي؟!

داروس: عليك أن تتذكر أين كانت المعركة وتبحث في ذلك المكان، بالتأكيد هو لجأ إليها

_ يبدو أن عقلك لازال يعمل أيها العجوز، هيا..

كيڤن: ماذا تعني؟! إلى أين تريد الذهاب أنت مازلت مريضاً

_وسأظل مريضاً إن لم أرد له الصاع اثنين! لكنه لا زال مريضا لم يخرج من غيبوبته

_ هل أنت متأكد؟

_ أجل

_ إذا هذه فرصتنا لنتحرك

لم ينتظر منهم الموافقة فناوله ذلك العجوز بعض المقويات أدوية وأعشاب، تلك الطلاسم التي أخذ يرددها عليه، حتى يستعيد قوته نظر له وقال:

_ ألا يوجد لديك طلسم يواري هذا الجرح

_ولكنه سيضعفك

_ لا ليس الآن.. لا أحتاج إلى الضعف، أحتاج إلى كل قوتي.

وتحول إلى ذئب رمادي ضخم، وبعد ساعة من الركض، وصلوا إلى ذلك المكان منهكين، وهم يبحثون حولهم، لا يوجد في هذه المنطقة أي منازل، لا يوجد شيء إلا كوخان على مرمى البصر

أحدهما على اليمين والآخر على اليسار، والفرق بينهما عشرات الأميال، لم ينتظر درغان رأي أحد؛ وتحرك إلى ذلك الكوخ ،لكن وجد عجوز هرم يجلس بجوار مدفأة وهو يحرك كفه على ذلك الكلب بجواره.

أخذ درغان يستنشق المكان:

_ لقد مر من هنا فقط

بما أنك عرفت ما أقوله لم لم تقل؟ هل منعك أحد هيا بنا

وتحرك إلى الجهة الأخرى ذلك الكوخ الخالي الذي لا يوجد به أحد

_ ان رائحته النتنة تفوح من المكان

هو نفسه سمع الكذب في كلماته إن" راكان جانو" رائحته عطرة مختلفة عن باقي الذئاب؛ لذا هو المرشح ليقود وجميع القطعان، وهذا هو السبب الأساسي الذي جعل والده يتنازل له عن الحكم باكرا.

اقتحم الباب لم ينتظر أن يطرق أو يأتيه الرد، ولكنه أتى متاخرا لقد كانت "صوفيا" في مكان بعيد عن هنا .

_يا إلهي إن كلامك صحيح ايها العجوز لقد كان يطارحها الغرام هنا؛ هل تعرف انني استطيع ان اتصور ماذا كان يفعل ذلك المخنث

نظر له دروس دون أن يرد فماذا يقول «أنه جامح وليس مخنث لقد تراءت له بعض الصور»

نظرات عيني "درغان" وهي تستكشف المكان ويده التي تتحرك على أثر التراب على المائدة، وذلك المقعد الذي يبدو أنه لم يجلس عليه أحد من فتره، ذلك القيء على الأرض؛ أكد شيء واحد أن كلام "دروس" ليس كذبا!

ان تلك المراة تحمل طفل "راكان " في احشائها وهنا وضحت الصوره وهمس بصوت يشبه الفحيح:
_ بشرية

داروس: اجل

أخذ يضحك بهستيرية وهو يقول:

_ لقد أُصيب بما لم أصب به، لقد ظننت أنني أتألم، ولكن ذلك اللعين سيتألم باقي عمره؛ لقد أحب بشرية لا ذنب لها؛ أنها معأناة كيف استطاع أن يوشمها ؟!

_حتى لو وسمها هي لم تقوم بوشمه !

_إذا لا رابط بينهم !

كيڤين: ولكن ماذا تريد أن تفعل؟!

_ سنبحث عنها في كل مكان نقتفي أثرها.

أخذ يبحث في تلك الخزانة عن ملابسها، تلك القطع التي تعد فارهة لا تليق بالمكان، وقطع أخرى تعد مثيرة في بعض الاوقات، قرب أحدهما أخذ يشتمها، وهناك شيء ما يتحرك بداخله وهمس بصوت مختلف:

_لن اقتلك !

خرجت الكلمة من بين شفتيه نظر له كيڤن بصدمة وهو يقول:

_ ماذا تعني

_ سوف تعرف ولكن دعنا نرى الا يوجد لها صورة هنا؟

أخذ يبحث في تلك الأوراق ولكنه لم يفقه شئ ناوله إلى داروس وقال:
_ هل تستطيع أن تقرأ أيها العجوز

_ اجل الفا

_اذا أقراها لنا فأنت تعلم أننا تربينا في الشارع، لم ترسلنا عائلاتنا إلى الجامعات البشرية لنتعلم، فلم يكن لنا أهل من الأساس..

_ اعلم الفا

_ أجل تعلم ولكني أعلم ايضا أنك لا تستطيع أن تفتح فمك وإلا مزقتك بمخالبي أيها العجوز

_وأنا لن اغامر بأن تمزقني الفا

كيڤن: اقرا أيها العجوز ما هو مكتوب هنا…

_ أنه يخبرها بأنه مضطر ليذهب، يتكلم عن عشقه

هنا ضحك درغان بصوت مرتفع وهو يقول:

_أيها المخنث هل أنت هائم ببشرية

_لقد كتب ان أسمه راكان جانو ألفا مملكة… ولم يكمل

كيڤن: اذا هي لا تعرف أنه ذئب؟!

_ هذا جيد

الدهشة علي وجه داروس كانت واضحة وهو يقول

_هل أصابه الجنون؟ لقد ترك له تميمة الحظ خاصته، ترك لها حجر الماس الذي ألحت عليه العجوز بامتلاكه

_ أي عجوز ايها الخرف

_ جدته لأمه

كيڤن: العرافة قديمة

_ أجل حينما كانوا مثلنا ولكن ما أن شب راكان وكبر وتعلم في تلك الجامعات، تغير كل شيء..

درغان: هل تعاندني؟!

_ كيف؟ لا لكن ماذا تريد أن تفعل؟!

كيڤن: هل سوف تقتلها

_أن قتلتها سيضعف و سيموت بعدها

_ ولكني لن أقتلها سوف أمتلكها أولا

_ ماذا تقول ؟!

_كما سمعت "كيڤن "سوف استمتع بعذابه، اننا في الحرب والحرب خدعة؛ عليه أن يتذوق العذاب الذي لن يتحمله، لقد شوه وجهي! وأنا ساشو قلبه، سأمتلك زوجته بالاضافة إلى اني سوف اهدده بها

_ ماذا تعني "درغان" أنا لا أفهمك يا صديقي

_ عليه ان يتنازل لي عن الملك وإلا هو يعلم الباقي

_ يعلم ماذا؟!

_ ان قتلتها امام عينه؛ سيموت ذئبه الضعيف، على أي حال فهو لا وليفه له، ويتبعه هو بالموت بالإضافة إلى إني سوف اخيره بين أن أحرق قلبه أمام عينيه، أو عليه أن يرشحني في مجلس القطعان لأحل مكانه…

ازدرد كيڤن لعابه، أن ما يفكر فيه درغان خطة شيطانية، ولكن هل يستطيع ان ينتصر بها؟ هل يستطيعون ان يصلوا إلى تلك التي يتكلم عنها درغان وهم حتى لا يعرفوا شكلها لكن "درغان" سأل:

_ما أسمها؟؟

دروس: صوفيا

_ أسم جميل ولكن هل هي جميلة مثل أسمها

_ أنها بيضاء بنقاء الثلج، بشعر اسود غجري بسواد الليل قد يكون لونه كلون جاك ذئب الفا راكان

_ اياك ان تقول عليه الفا مرة اخرى ايها اللعين، لم يعد ألفا لقد امسكت بنقطة ضعفه الآن ابحثوا عنها في كل مكان، علينا أن نصل لها قبل أن يصل إليها ذلك اللعين، الذي لم يحم نقاط ضعفه، تركها في هذا المكان بمفردها..

كيڤن: ان كلامك صحيح تلك البشرية الضعيفة تحتاج لحماية بالتأكيد

_ ولكني لن ارحمها سوف اشبعها حبا لأجهض ذلك اللعين في أحشائها

بهت وجه داروس فما يقوله درغان خارج العرف وطبيعة الذئاب !

أما هناك كان راكان يصارع في غيبوبته، يحاولون أن ينقذه ألفا جونو

لكنها سئما من المحاولة ولكن لا جديد هو الآن يتواصل مع جاك الذي يشعر،بالاضطراب كأنه يعرف ان "درغان" وصل إلى مكان "صوفيا" وربما لأنه بدأ يستعيد قوته

لقد اعتكف الطبيب يذاكر على حالته؛ يحقن جسده بالأدوية لمدة أربعين يوم كاملة! ولكنه يحتاج إلى شئ قوي ليخرجه؛ ربما همسة حب من بين شفتي "صوفيا" الناعمة

أو خوفا عليها! أو حتي تعزيز الروابط بينهم أن أجتمع الوسم بالحجر ،ولكن هل تهتم صوفيا به وبما يعانيه…

في اللحظة التي كانت فيها "صوفيا" تجلس في ذلك المطبخ الذي لم تدخله منذ زمن، ربما منذ أن أقامت في ذلك الكوخ، هي هنا منذ أسبوع ولكنها لم تأخذ قرار بعد.

لا تفعل شئ سوى إجراء الأبحاث عن المستذئبين، هناك أشياء كثيرة مبشرة، وهناك أشياء كثيرة منفرة، وما بين هذا وذاك هي مشتتة إلى الآن

اصبحت تفكر بعقلها وليس قلبها الذي كان سبب لتلك الورطة التي هي فيها، رغم ما تشعر به من تشتت وضياع وضعت كفها على بطنها؛ كأنها تتواصل مع ذلك الجنين في أحشائها كأنها تخبره أنها تائهة..

تلك النبضه كانت رداً عليها، كأنه يقول لها

« انا حي بين أحشائك لم أعد مجرد علقة أو مضغة، لقد استطعت التواصل معك»

_لهذا لا أستطيع أن أقتله..

هل من السهل على أي أم أن تقتل طفلها ؟!
أن ما تشعر به "صوفيا" غريب، هي متعلقة بذلك الكائن في أحشائها أي أن كان، وفي نفس الوقت تخشى عليه من ذلك المجتمع، الذي هي فيه…

فإن تركته قد يجد نفسه مظلوما، في مجتمع يعاقب المختلف على إختلافه، وكأن الأمر بيده، وفي نفس الوقت هي عاجزة على ان تاخذ خطوة أو تظهر في العالم لكنها لديها اختيارات كثيرة

لأنها تملك من المال ما يكفي ويزيد، حتى تضع طفلها وتوفر له حياة كريمة فكرة الحت في عقلها وهي تقول:
«َلمَ لا؟ أستطيع أن أقوم بتربيته بمفردي، سأكون أم وحيدة لن اتكلم عن والده، لن اخبره شيء عنه، سيكون هذا جيد..»

«و قد أستطيع أن أترك بلدي وأسافر إلى فرع الشركة هناك، أو أمكث في مزرعتنا وقتها لن يعرف احد مكاني، ان المزرعه في دولة اخرى على أي حال..»

_هو لن يستطيع أن يقتفي أثري

كانت تتكلم بصوت مرتفع وكأنها تناقش نفسها وفي لحظة وجدت يدها تتحرك إلى ذلك الحجر الماسي، تقبض عليه بكفها وتقربه من وجهها وهي تقول:

_ لمَ فعلت بي كل هذا؟! لم انا دونا عن غيري؟ أدخلتني في عالمك الغريب والشاذ؟! ألم تفكر في؟!

أخرجت أنفاسها كأنها كانت تركض وهي تقول:

_ ألم أخبرك إني أكره الذئاب! كيف أدخلتني إلى عالمكم؟ كيف استطعت أن تكذب وأنت تجلس في وجهي؟! ولم تخبرني انك مستذئب! كيف احمل جنين قد يكون ذئبا؟!

صمتت لحظة ولكنها رجعت لتقول:

_ وقد يكون إنسان أن كل الخرافات التي لم أكن اؤمن بها حدثت لي؛ والسبب انني فتحت الباب لك، عليك اللعنة راكان، لا لا أريد أن العنك، ولكن أريد أن أنساك هل استطيع؟ اللعنه علي انا لازلت أحبك!..

«أي غباء هذا الذي افكر فيه، أي شخص هذا الذي احبه؟! انك لست إنسانا على أي حال!»
قربت الحجر من قلبها، وهذا كان يكفي؛ الرابط بين الوسم والطفل والحجر الماسي، كان كافيا ليخرجه من تلك الغيبوبة اللعينة التي أخذت منه 40 يوما

وجد نفسه يجلس في فراشه وهو يقول: صوفيا حبيبتي

بينما تمسك ذلك الحجر في كفها…

كان هو يمسك قلبه وعينيه لونها كلون الذهب…

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي