الفصل27

الفصل 27

كان إيوان ينهي الإتصال وهو يسأل نفسه بصوت مسموع:

_ لمَ تسرع لمَ سمحت لقلبك أن يقود الحوار، لمَ أعترفت بمشاعر لن استطيع ان أكملها أو اعيشها...

صمت وهو يفكر، لمَ عليه ان يعيش هذا العذاب، يتحمل كل هذا الالم، هو يعرف جيدا أنها اول من سيرفضه، ان علمت حقيقته..

هي من تحارب المستذئبين، وتسعى في تأكيد وجودهم، وإن علم غيرها بوجودهم، قد تكون نهاية حياته وحياة قطيعه...

أم هناك في ذلك الجناح كانت تطالبه بأن يرحل، أن أراد منها أن تبقى في نفس المكان، عليه ان يبقى في جناحه، ولا يجرء بالدخول إلى جناحها مرة اخرى...

نظر لها وهو يقول:

_ وهل ستوفي بالوعد؟ هل ستبقي بمكانك؟

_ماذا تعني؟!

_ أعلم جيداً ما تفكرين فيه، اعلم انك سوف تنتظري أن أدير لك ظهري حتى تفري مرة أخرى..

الصدمة علي وجهها كانت واضحة وهي تنظر له فقال:

_ ساخبرك بشيء، ولكن عليك أن تستمعي إلي جيداً

أنتظر منه أن يكمل

راكان: عليك أن تعلمي أنه لم يعلم أحد بتغيير رائحتك، ولا حتى أنا ولن يستطيع أحد ان يتتبع تلك الرائحة لذا لست مضطرة لأن تفعلي شيئا اخر في شعرك...

صوفيا:هل تقول الحقيقة؟!

راكان: أجل حبيبتي عليك ان تعلمي إني لا أريد إلا حمايتك أن كنت ترفضين قربي، سابتعد ولكن ابقي أمام عيني ابقي في نفس المكان، لا تجعليني ابحث عنك مرة أخرى...

وجدت الفضول يتملكها وهي تسأل:
_هل مللت؟!

_بالطبع لا، لكن أمامي الكثير لأفعله.

_ مثل ماذا؟!

_مثل هذا العمل المتراكم فوق رأسي، مثل هذه الشركات التي يجب علي إدارتها، مثل ذلك القطيع الذي تخافي منه، ومع ذلك كل مهمة القطيع أن يحميك فانت اللونا خاصته...

_ لا تخبرني بذلك راكان انا لست لونا.

_ بل انت هي صوفيا ملكة القطيع وملكة قلبي..

_ ملكة القطيع

_اجل صوفيا القطيع وانا قائد ذلك القطيع نحن قبيله نملك وقوة خاصة نستطيع أن نتحول إلى أحد الكائنات الحية..

_ تقصد الذئاب..

_ اعلم انك تعلمين ولولا ذلك اللعين، الذي كتب ذلك المقال عنا...

_هل هو منكم؟

_اجل هو ايضا مستذئب.

_يا إلهي لا اصدق..!

_عليك ان تصدقي، لولاه ما كان أحد عرف ولكن عليك أن تعرفي أن هناك صيادون يتربصوا بنا، وهناك بشر سيعتبروننا فأران تجارب...

اذدردت لعابها فكلامه حقيقي ولذا اكمل..

_ هناك قطيع آخر يطمع فيما نملك عليك أن تعرفي إنك نقطة ضعفي، لا تحاولي ان تخدعين، ي لا تحاولي أن تفري مرة أخرى وتتركيني لاتعذب..

_ لكنك أستطعت الوصول إلى..

_لم يكن الأمر هين، ولكن سوف أصل إليك مرة أخرى..

_ كيف تصل إلى راكان..

_ ذلك الرابط بيننا يوصلني حتي ان إيوان لم يعرفك بالامس الا بعد ان اخبرته ..

_ بالأمس

_لقد. كنت اقود سيارتي خلفك، إلى الطبيبة والمطعم ورأيت التردد حتي اني تواصلت معه واخبرني أن مريان سوف تحضر، كنت اشعر بالخوف عليك، لدرجة انني فكرت بالدخول، لتناول طعامي معك..

_ولم تفعل..

_كنت أشعر بالخوف من رد فعلك حتي اني لم اتناول شئ إلى المساء، ومع ذلك لا شئ يهم سوي ان تكوني في أمان...

_ سوف أرحل

_أعلم إنك تفكرين في ذلك، لكن ارجوكي اعتبريني مجرد حارس لك.

_ وهل ستترك كل شيء؛ لتحرسني!

_ سوف أترك الدنيا أن امرتي حبيبتي

_حبيبتك؟!

_ تعلمين انك حبيبتي زوجتي رفيقتي، تعلمين إنك نصفي الآخر، ولكني سوف التزم باتفاقنا..

نظرت له بحاجب مرفوع..

_ما حدث بالأمس كان لاني لم أتمالك نفسي أثرني الشوق، ملكني العشق وكنت أريد حبك لو كان الموت ينتظرني بعدها...

كاد أن يسترسل بكلامه، ولكن في لحظة توقف وهو يطالبها بالصمت، يرهف السمع الى ذلك الذي يتكلم في الممر، وهو يقول:

_هل حقا تتبعت الرائحة هل هناك مستذئب؟!

_ اجل لقد تتبعت الرائحة أنها نفس الرائحه النتنا، لكنها رائحه مميزة وايضا هناك رائحة بشرية كأنها تحالف معه أو..

_ او ماذا؟!

_ على ما أعتقد أن ذلك المستذئب متزوج من بشرية...

_ يا إلهي أي لعنة هذا؟!

_سوف نقتلهم الاثنين...


كما أستمع راكان أستمعت هي الأخرى، ذلك الحوار بين صيادين يتامرون على أن يقتل راكان ومن معه...

نظرت له بخوف، وهي لا تعرف ماذا عليها ان تفعل؟! هل تخرج لهم لتخبرهم أنها ضحية؟!

ام تهرب منهم؟ وتلجا إليه؟

رجع الصوت ليتكلم مرة أخرى:

_ علينا ان ننتظر بعض الوقت

_ لمَ

_ لنطمئن انهم نيام

_أن الوقت متأخر بالفعل قد يكونو نيام
_علينا تأمين المكان، حتي لا يعرف أحد ما ننوي فعله، وايضا التخلص من كاميرات المراقبة...

_أعتقد أن كلامك صحيح، سوف نذهب الآن إلى مركز المراقبة، نقوم بالتشويش على تلك الكاميرا

_ما رايك أن تذهب انت، بينما أبقى أنا لأحرس المكان..

_ أن كلامك صحيح، لكن أن ظللت واقفاً هنا، أن حدث شيء سوف يقرنوا الامر بمواصفاتك عليك ان تتحرك في الجهة المقابلة وقتها سوف نكشف الباب ولا نسمح لاحد بالخروج منه..

_حسنا غرفة 1155 تاكد إنك توقف الكاميرا المناسبة..

_ سوف أفعل، جهز ادواتك وذلك الغاز، وتلك الرصاصات الممزوجة ب«عشبة الراهب»

_ يبدوا أن الصيد ثمين، وإلا ما فرطت في هذا السلاح القوي..

_ان تلك العشبة سوف تتخلل دمه ستجعل قلبه يصاب بالتهاب قوي ويتوقف عن النبض في لحظة.

_ انا معك، ولكن ماذا عن البشرية؟!

_ إن كانت بشرية!

_ ماذا تعني بإن كانت؟

_ قد تكون متحولة، أو قام بعضها أو وَسمها.

_ماذا؟

_.كما سمعت..

تحرك خطوة من أمام الباب، وهو يتكلم مع زميله..

بينما هي تنظر إلى راكان، وكادت أن تتكلم في اللحظة التي اقترب منها هو يقول بهمس بجوار أذنها لا يسمعه أحد إلا هي:

_اهدئي؛ كلمة واحدة تعني موتنا، نحن الإثنين..

بعد لحظة كان يرهف السمع؛ ليتأكد من أن الممر خالي، لا يوجد به أحد اقترب منها وهو يجذبها باتجاه الشرفة وهو يقول:

_ عليك أن تثقي بي.

_ كيف سنخرج من هنا؟

_سوف أخبرك.

_تجبرني ماذا؟ سنموت!

_لا تخافي حبيبتي، لن اسمح لأحد بأن يمس شعرة منك.

_ كيف ذلك؟ هو يتكلم عن عشبة الراهب، ما هي عشبة الراهب؟

_ أنه سم قوي للمستذئبين، يستطيع أن يقتلني بقوة وسرعة ويضعف قوتي بسهولة..

_ يا إلهي! وماذا عني؟

_عليك أن تهربي بالورث

كادت ان يتكلم لكنها قالت:

_ علينا أن نفر الآن.

_هل ستحاربين في جبهتي؟

_أنا أعلم إنك الوحيد الذي تستطيع حمايتي..

_ ولذا تحركي..

_ هل نخرج من الباب؟

_ بالتأكيد لا.

_إذا من أين؟

_ من الشرفة.

_ ما الذي تهرتل به؟ أي شرفة التي تريد مني أن أخرج منها؟ اننا على إرتفاع شاهق!

_ هل تثقين بي؟

_بالتأكيد لا، لا اثق بك راكان.

_لكن عليك الآن أن تضعي كل ثقتك بي، عليك الآن أن تدركي أننا فريق واحد، أن ما تحمليه يعني حياتي، انت تعني حياتي صوفيا سوف أحارب من أجلك إلى آخر قطرة في دمي..

_ ومن الذي وضعني في هذا الوضع راكان؟ ليس انت؟

_هل الحب ذنب صوفيا؟ هل تحمليني ذنب انني عشقتك؟

_ اجل ذنب راكان، عندما تعشق من ليست على شاكلتك، كان عليك ان تتزوج من مستذئبة مثلك...

_وهل تظنين ان بيدي الاختيار؟

_ أتعني أنه لو بيدك ما كنت أخترتني؟

_بالطبع، ما كنت اخترت عذابي بيدك ولكن الآن علي أن اساعدك لتفري وقتها أفعلي ما تريدين، إن أردت الفرار مرة اخرى ولكن اضمني لي ان تكوني بخير، انت وطفلي..

_ وكيف ذلك، لقد كنت في فندق على افخر ما يكون، وأتاني المتربصون بك..

_ولقد حذرتك، والان لا وقت الكلام، بضع دقائق وسيكونون هنا..

_ ماذا تفعل؟

تحرك بها الى الشرفة وهو يحيطها بذراع واحد، ويمسك القضبان الحديدية بالآخر، كادت ان تصرخ فضمها إلى صدره وهو يقول:

_اهدئي سوف تجعليهم يقتلون.

_ وكيف سنخرج من غرفتك؟

_ لا تخافي أن جناحي له باب آخر، غير الذي يجاورك..

_ هل تعني أننا سنتحرك من شرفة الى شرفة أخرى..

_ لا، إطمئني صوفيا، سوف أخرجك بأمان، لكن اهدئي..

كادت قدمه أن تزل ويسقطها من على إرتفاع شاهق، وفي اللحظه التي كانت فيها تفقد الوعي، كان هو يقفز إلى تلك الشرفة، دون ان يحدث له شيء...

وكأن ما فعله من مجهود، لا يؤثر عليه في اللحظة التي كان فيها يتكلم عبر الرابط الخاص به، يتواصل مع إيوان؛ ليعلم بما حدث..

وهو يحاول إنعاشها:

_صوفيا ارجوك حبيبتي ليس وقته الان، عليك ان تستعيدي وعيك، بضع لحظات، قد نفقد الحياة نحن الإثنين، وإن خيروني على الحياة بدونك والموت معك سأموت معك ولكني اريدك أن تحيي...

كانت تستمع إلى كلامه بصدمة ما الذي يقوله هذا المجنون!

راكان: هل تسمعيني؟!

صوفيا: أسمعك

_ حسنا عليك ان تبتعدي عن الباب، ادخلي إلى حمام أستعملي كل العطور الموجودة به...

_ وأين ستذهب انت؟

_ سأذهب إلى جناحك، اخفي كل شيء قد يوصلهم إليك..

_لا، عليك ان تبقي سوف يحدث لك شى..

_انا استطيع أن أتصرف، وإن حدث لي شيء، عليك ان تهربي..

_ لا لن يحدث لك شيء، لن تتركني.

النظرة التي كانت في عينه، كانت تعني أنه ملك الدنيا باثرها، اقترب منها وهو ينظر في عمق عينها، قبل مفرق الشعر في جبينها، وهو يقترب من شفتيها..

ليقبلها بخفة وهو يقول:

_سوف أعود من أجلك ومن أجل طفلنا، ولكن عليك أن تفعلي ما أقول.

_ حسناً، لكني أشعر بالخوف

_الخوف إحساس فطري يا عزيزتي، بضع دقائق وساكون هنا..

وبالفعل لم ينتظر منها رد وهو يتحرك من الشرفة إلى الاخرى، بمرونة وقوة وكأنه يمارس الألعاب البهلوانية طول حياته..

بضع لحظات في جناحها، جمع تلك الأشياء التي تخصها ملابسها أوراقها أشياء كثيرة بالإضافة إلى ذلك المعطر الذي اخذ ينثره في كل مكان..

جمع كل ما يخصها وفتح الباب بخفة، وتحرك إلى الشرفة التي أغلقها قبل أن يقفز إلى شرفته...

حتى لا يستطيع أحد أن يفكر أنهم في الجناح المجاور، وقبل أن يقفز إلى جناحه..
استمع إلى خطوات في الممر...

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي