الفص9

أن فصل 9

بعض الأشياء قد تحتاج لوقت لتعتادها، لكن شهر كامل لم يغير فيما تشعر به شيئا، سوى أعياؤها النفسي والجسدي، ذلك الوهن الذي يغزو قلبها وجسدها.

ولا تعرف ماهيته، ربما لأنها إلى الآن لا تعرف أنها تحمل في أحشائها طفل، لا تعرف سبب إلتهاب ذلك الجرح فوق رقبتها، الذي يلتهب كلما فكرت في راكان

وكلما رفعت ذلك الحجر الماسي لتقربه منها، كأن هناك علاقة وطيدة بين الجرح وحجر الماس!

ما أن أنتهي الشهر ولم يأتي رغم أنها تنتظره، على أمل أن يوفي بالوعده، ولكن يبدو أن وعده سراب..

نهرت نفسها وهي تقول:

_ كفي صوفيا لقد رحل من حيث أتى عليك أن تعيشي كما كنتي من قبل، عليك أن تنسي كل ما مضى..

رجعت لتنظر لنفسها لذلك الجرح على رقبتها، الذي يأخذ شكل غريب كأنه ختم مختوم به الجلد، يتوهج في بعض الأحيان ويبهت في أحيان اخرى وهي تقول:

_هل هذا ما بقى لي منك؟ ذكرى جرح لا أعلم كيف وصلت إلى؟!

أخرجت أنفاسها ورجعت لتقول:
_ عليك أن تعود لينتهي هذا الألم، عليك أن تعود وقتها لن أسمح لك بالذهاب..

بضع أيام أخرى وكانت تستيقظ من نومها لتسقط أرضا، أخذتها غيبوبة لا تعرف ماهيتها، أحلامها يتخللها ذئب أسود ضخم كالذي رأته من قبل..

الخوف الذي شعرت به، وهي تسرع في حلمها، كأنها تتخبط في موج لا نهاية له، وأمل في أن تصل إلى اليقظة وأخيرا أستيقظت لتقول:

_ يا إلهي هل ستظل تلاحقني إيها الذئب اللعين..

ولكن مع من تتكلم؟ همت أن تقف شعرت بأن الدنيا تدور بها، هنا أدركت أنها أصابها الوهن ربما قلة الطعام وربما عدم قبيلاتها على الحياة وكأنها رجعت لتلك الأيام التي رحل فيها والديها..

لذا تحركت إلى غرفتها أخذت حمام دافئ، وهي تقول:

_ إلى هنا وكفى، لن يعود أنه وعد قطعه ليريح به ضميره، ويشعرني بأنني مهمة ولكنه لم يهتم بي، لو كان يهتم لما كان رحل دون ان يخبرني..

مشطت شعرها ورفعته عن وجهها، وهي تتحرك لترتدي ملابس أنيقه لا تناسب الغابة التي تعيش فيها، وها هي تتحرك إلى خلف الكوخ..

او بمعني أصح إلى حيث تلك السيارة الجيب، المتوارية في ذلك الجراج الملحق بالمكان، قامت بتنظيفها وهي تقول:
_عليا أن أعلم مما أعاني أن ما أشعر به يعني شيء واحد، ارجو أن لا أكون..
ولكنها صمتت فماذا تقول؟! أرجو أن لا أكون حامل!

_ارجوا أن لا أحمل طفلا لا أعرف أين أبوه؟! لا أعرف عنه سوى أسمه الأول وأسم والده، لا اعرف مكانه ولا حتى بلده وكأنني..

صمتت مرة أخرى وتحركت بسيارتها تخرج من بين الأشجار، إلى ذلك الطريق خلف البيت،..

وها هي تصل إلى المدينة وقفت أمام أحد ماكينات الصرف الآلي تسحب مبلغ من المال..

فهي لا تأتي إلى هنا إلا كل بضعة أشهر تسحب المال وتأتي ببعض مشترياتها، التي قد تحتاجها هناك، وتعود إلى وكرها الأمن بعيد عن البشر..

الذين يسعون خلفها كانها فريسة، فهم يفكرون في شيء واحد، ذلك المال الذي تملكه، تلك الشركات التي تملك أسهم كثيرة فيها..

وضعت على وجهها نظارة شمسية، تخفي جزء كبير منها، علها تواري تلك الهالات السوداء، وهي تقول:

_ الآن عليا أن إطمئن وأن أعرف ما هذا الذي أصابني؟! وأن كان ما أشك فيه صحيح؟ ماذا علي ان افعل؟!

وضعت يدها على بطنها المسطح، دون أن تشعر وهنا شعرت بومضة غريبة في أحشائها وكأنه إجابة لتساؤلها..

_ أجل أنه هنا طفل ينمو هنا

صوفيا: يا إلهي أي لعنة أوقعت نفسي بها
تحركت إلى تلك الطبيبة، التي تواصلت معها من قبل..

وها هي تنتظر أن يأتي عليها الدور، كانت تتحرك بآلية لا تحاول ان تتكلم مع أحد.

تتوارى خلف نظاراتها الشمسية، فهي الوحيدة في تلك العيادة النسائية التي لا يوجد معها شريك يدعمها...

أجرت عليها الطبيبة الفحص المبدئي، وما الحركة جهاز الأشعة التلفزيونية على بطنها، حتى قالت..

مريان: أجل عزيزتي، انت حامل ومما أرى أمامي يبدو أنه مر شهرين على الحمل..
صوفيا: ماذا هل أنت متاكدة؟

مريان: أجل لمَ تبدو الدهشة على وجهك مدام؟ ألم تتوقعي أن يحدث الحمل؟

صوفيا: هناك أشياء كثيرة لم أتوقعها ولكن لا بأس، هل هو بخير؟

مريان: أجل هل والده خارج البلاد؟

هزت صوفيا رأسها بموافقة فماذا تقول لها؟ أنا لا أعرف شيئا عن والده، لقد رحل وتركني، دون كلمة توضح وجهته! لا أعلم إن كان في داخل البلاد أو خارجها..

ولكنها أستمعت إلى تعليمات الطبيبة وهي تخبرها بأن تجري بعض التحاليل والأشاعات وأشياء أخرى..

نهضت من الفراش وهي ترفع شعرها علها ترتبه، ولكنها كانت مخطئة هنا ألتفتت لها الطبيبة بدهشة تنظر إلى ذلك الجرح في رقبتها..

وهي تقرب عدسة مكبرة لتتأكد مما تظنه، هل ما ترآه حقيقياً؟ هل هناك بالفعل مستذئبين في عالمهم البشري؟

كل ما فكرت فيه "ماريان" كان واضحاً تحركت إلى المكتب بهدوء، وهي تقول:

_من أين حصلت على هذا الجرح؟

صوفيا: لمَ؟!

ماريان: لا شيء، أريد أن أتأكد من شيء ما.

القلق الظاهر على وجهي الطبيبة، جعل صوفيا تتردد في أخبارها، وهي تقول:

_ لا أدري

_ حقاً لا تدري؟!

_ماذا تعني؟ أنا لا أفهم أيتها الطبيبة عن ماذا تلمحي بالتحديد؟!

نظرت لها "مريان" بثبات وهدوء وهي تقول:
_ هناك شيء أريد أن أعرفه؛ هل تعرفي ماهية ما على كتفك ام لا؟!

_ماذا تعني؟ انا لا أفهم! انه مجرد جرح.
_ حتى لو كان مجرد جرح من أين حصلت عليه؟
_ لمَ أنت مهتمة إلى هذه الدرجة؟

_ ولمَ لا تريدي أن تقولي إنك تعرضتي..

_ لماذا؟!

_ للعض لقد عضك مستذئب.

_ماذا؟ أي لعنة تتكلمي عنها ؛ لا يوجد شيء مما تقولين!

نظرت لها "مريان" وهي تقول:

_ حقا! لا يوجد شيء مما أقول؟ هل تعرفي أن ذلك الجرح على كتفك أو في موضع النبض في رقبتك، هو وسم للمستذئبين؟! هل أنت بشريه؟

_ نعم، هل جننتي أيتها الطبيبة ما الذي تقولينه، انا بالطبع بشرية أي هراء هذا الذي تهرتلين به، سوف أرحل الآن.

_هل تظن انني سوف أتركك ترحلي؟

_ ما الذي تقولي بحق الجحيم، اي هراء هذا، بالطبع ساذهب هل تظني انك ستمنعينني؟ من أنت؟ أنت مجرد طبيبة أتيت لأكشف لديها!

ماريان: أنت لا تعرفي شيء، أن كنت تعرضتي للعض والوسم من مستذئب فإنك قد تصابي بالعدوى، قد يتحول جسدك في أيام القمر!

_ يتحول إلى ماذا؟!

_إلى ذئب!

_أي هراء هذا الذي تقوليه،إن ما على كتفي؛ ليس له علاقة بما تقولي أنه..

ولكنها صمتت، أنه ماذا؟! هي لا تذكر كيف أصيبت بالجرح، لقد أخبرها أنه لم يستطيع السيطرة على مشاعره..

لكنها الآن تدرك أن كل ما رأته في الأيام الماضية، كان يعني شيئا واحد.

رجعت تسأل نفسها "هل كلام الطبيبة صحيح؟" هل من الممكن أن يكون مستذئب؟! هل ذلك الذئب الذي رأته في غرفتها لم يكن حلم؟! يا إلهي! جلست على مقعدها

تنظر للطبيبة وعلى وجهها علامات الصدمة والخوف، وأشياء كثيرة لم تقدر على البوح بها..

مريان: عليك أن تصارحيني مدام، كيف حدث لك هذا؟ ومن هو والد طفلك؟ هل تعرفيه؟!

_ هل جننتي؟! بالطبع أعرفه.

_هل حصلت على هذا الجرح قبل أن.

_ قبل أن ماذا؟!

_قبل أن تحملي في هذا الجنين؟

لم تعرف كيف تجاوب؟ هي لا تعرف شيء! ان كلام الطبيبة يشير إلى شيء واحد..

أنها حامل من مستذئب! وأنها قد تتعرض لتحول إلى ذئب وإن هذا كله من وجهة نظرها ما هو إلا هراء..

قربت حقيبتها منها، وهي تنظر إلى الطبيبة التي أخذت تخبرها

_إن كنتِ تعرضت لإصابة، عليكي ان تبقى في الحظر الصحي؛ ليعرفوا إن كان الطفل هو الآخر مصاب بالعدوي أم لا..

هنا أدركت صوفيا أن هناك حوار طويل، قد يجري عليها تجارب وأبحاث، ستكون كأنها حيوان غريب، يقومون بتشريحه، وإجراء التجارب عليه...

ستكون كأنها لعنة أو مرض، يخشي منها المجتمع؛ لذا عليها أن تفعل شيء واحد قبل كل هذا..

عليها أن تفر، قبل أن تستطيع تلك الطبيبة أن تمنعها من الخروج..

صوفيا: سوف أخبرك كل شيء

مريان: أنا أستمع إليك أخبريني قد أستطيع مساعدتك..

_ حسنا ولكن هل أنت متاكدة حقاً أن هذا الجرح يخص ما قلتي عليهم؟!

_ إسمهم المستذئبون.

_ لا يهم ما أسمهم ولا يهم أي لعنة هم، كل ما يهمني هل أنت متاكدة أن هذا الجرح في رقبتي سببه مستذئب؟

_ ربما لا تصدقي ولكني متأكدة من كلامي، لقد درست أحد الأساطير التي تقول هذا...

_نعم هل تتحدثين عن أسطورة؟ هل تحاولي أن تطبقيها في الواقع؟ ربما يكون مجرد وشم!

_هل تعرضت للوشم دون ان تعرفي؟

_ ماذا؟

_ لمَ تحاولي أن تخفي الحقيقة؟ اخبريني قد أساعدك.

_ لمَ لا تخبريني أنت؛ ما الذي تعرفيه عن هذه الوشوم؟

_ كل ما قرأته عنهم موجوداً على الإنترنت؛ هناك أشياء كثيرة مكتوبة عن المستذئبين، تؤكد ان هناك الكثير منهم يعيشون بيننا..

_كيف ذلك؟!

_كأنهم بشر عاديون، لا تستطيعي أن تميزيهم عناَ، لكن أعينهم تختلف في بعض الأحيان...

إذدردت صوفيا لعابها، وهي تستمع إلى مريان في صمت، وما أن نظرت لها مريان بأستفسار حتى قالت..

صوفيا: وماذا بعد؟

_أن هذا الجرح في رقبتك هو وسم من مستذئب، أي انك زوجته رفيقته وأن كان ملك فأنت اللونا خاصته وهذا يعني أنه سيعود

_ال ماذا؟!

_اللونا لقب سيدة القطيع الأولي، ولكن أريد أن أعرف أين قابلتيه؟!

صوفيا: أريد كوب ماء.

مريان : دقيقة واحدة

تحركت لتحضر لها الماء، لم تغب إلا دقيقة واحدة ولكن حينما عادت لم تجدها، اخذت تبحث عنها في الغرفة

خرجت لتسأل الممرضة التي أخبرتها

_ لقد خرجت مسرعة منذ لحظة، هل قلت لها شيء ازعجها ايتها الطبيبة؟!

_ لم اقل لها شيء يزعجها! ولكنها أجابت على سؤالي دون أن تشعر، أكدت لي ما أريد

الممرضة: لم افهم ...

الطبيبة: لايهم أن تفهمي ڤيكي ولكن أحضري لي بيناتها في مكتبي..

أما صوفيا كانت دموعها تنهمر وهي تتذكر كل شى مر بينهما..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي