الفصل25

الفصل 25

لم يفهم أيوان ماذا يعني ولكنه تساءل:

_ ماذا تقصد ألفا؟ عن أي مكان تتكلم أنا في...

_أتكلم عن ذلك المطعم الذي تجلس على أحد الموائدة القريبة من الباب.

_ هل ترآني؟!

_ ولست أنا فقط من يرآك؛ صوفيا أيضا ولكنها ترددت في النزول..

_من الأفضل أن لا تنزل فلست بمفردي سوف تاتي الطبيبة مريان بعد قليل..

_ هل هناك شيء لا أعرفه؟

_ ماذا تعني؟ لم أفهم!

_ هل هناك شيء بينك وبين مريان؟

_ لا اعتقد الفا! حتى لو..

_حتى لو ماذا؟!

_ لو أعجبتني؛ لن أستطيع أن أبوح لها بماهيتي، لن أستطيع أن أعيش نفس الوجع الذي تعيشه الآن..

رغم ما يشعر به، راكان من وجع وإن كلام إيوان يعني شيء حقيقي، إلا أنه لم يعقب، إبتلع الوجع في قلبه، ولكن في اللحظة التي أوقفت فيها صوفيا سيارتها ونزلت بكل ثقة..

وكأنها لم تعد تهتم لشيء، وهي تمر أمام ايوان الذي لم يعرفها، تحركت إلى مائدة بعيدة عنه، وهي تجلس بثقة..

بينما راكان ينظر لها بإبتسامة وفخر وهو لا يعرف، أن كان عليه أن ينزل من سيارته، أم يبقى فيها...

هو لن يغامر بأن يجعلها تخاف وتلوم نفسها بعد أن شعرت بجرأة وثقة لن يستطيع هو أن يكسرها...

عليها أن تكمل طعامها بأستمتاع..

بينما هو ينتظرها تلاقت عين إيوان براكان على بعدي عشرات الامتار ولكنه، فهم أن إيوان يسال:

_ماذا عليه أن أفعل

_ لا تفعل شيء؛ أبقى كما أنت تناول طعامك دون أن تلتفت، تكلم مع تلك البشرية كما تريد، ولكن عليك ان تهدأ

_ حسنا كما تريد.

بعد قليل دفعت الحساب وخرجت من المطعم، في اللحظة التي كانت تدخل فيها مريان، تلاقت معه على الباب، ولكن مريان لم تعرفها

وكذلك إيوان لم يعرفها، مما جعل إبتسامتها تتسع، وهي تلتفت لتنظر له من خلف نظارتها الشمسية، وتكمل سيرها بثقه، إلى سيارتها الرياضية..

عن طريق الرابط بينهم همس راكان:

_ أنها أمامك، وتنظر لك..

إيوان: مستحيل راكان، هل حقاً هي من خرجت الآن من المطعم..

_ أجل هي!

في اللحظة التي وقفت أمامه ماريان، وقف بإبتسامة ليرحب بها

إيوان: أهلا بك دكتورة

ماريان: أهلا بك يا دكتور إيوان، أخيرا تقابلنا منذ تلك المرة التي أتيت إلى عيادتي لم أرآك، ولم استطع ان أسالك؟!

_عن ماذا تريدي أن تسألي؟

_عن صوفيا، هناك سؤال يشغل عقلي منذ ذهبت، كيف عرفت عن حالة صوفيا؟!

_لم تكون الوحيدة

_ ماذا تعني؟ هل هناك أخرى؟!

_أجل، اجلسي لمَ أنت واقفة؟ سوف نتكلم في هذا الأمر وغيره، أمامنا الكثير من الوقت لنتكلم دكتورة

_ يمكنك أن تناديني مريان.

_ شرف كبير لي مريان، تفضلي..

بينما راكان يستمع إلى ذلك الحوار، يشعر بوجع صديقه، الذي أحب بشرية هو الآخر، كأنه مكتوب عليه نفس العذاب الذي عاشه راكان..

ولكن من منا ينكر أن الحب عذاب ممتع، فعذابه سر متعته..

تحرك ليتبع صوفيا، التي دخلت لتشتري بعض الاشياء، رغم أنه يتمنى أن يدفعه هو، يتمنى أن ينتقي معها ما تريد لطفلهما...

إلا أنه بقى في مكانه، يشعر بالخوف من المغامرة، فقد تذهب إلى آخر الدنيا، كما فعلت في نفسها..

هو نفسه لو لذلك الرابط بينهما، ما كان يعرف، هذه الجميلة الفاتنة التي تتحرك برقي ورِقة تختلف كل الإختلاف، عن تلك الجميلة التي شاركته كل شيء في الكوخ...

تختلف عن صوفيا المنطلقة التلقائية التي تفتحت بين يديه، كانها زهرة تتعطش للحب...

بينما هي تنتقي ما تريد وتشتريه، كان هو ينهي أتصالات العمل، يفعل اشياء كثيرة...

عينه عليها وعقله في مكان آخر، قلبه يسير خلفها، بينما أفكاره تنهي مشاكل شركات باثره...

مرت الأيام ما بين هذا وذاك، عرف درغان ان لويس إنضم إلى صف راكان...

الثورة التي شعر بها درغان، وهو يقول لكيڤن:

_ هل تصدق ذلك اللعين لويس قائد المرتزقة، يتأمر مع راكان، يتفق معه.

_ما الذي تقوله؟ من أين عرفت هذا الكلام؟!

_ أحد رجاله أتى إليا؛ ليخبرني ان لويس يسير كأنه جرو خلف قطيع الذئاب النارية..

_ حقاً؟!

_ أجل بالإضافة إلى أن وجهه أصبح مشوه هو الآخر

الصدمة على وجه كيڤن جعل درغان يكمل:

_ لكني سوف أريه، كيف يتأمر مع عدوي؟!

_هل تلومه؟ ربما فعلها مضطر.

_ لقد أخذ مني المال

_ وكان ثمنه أن شوه راكان وجهه

_ إذا عليه أن ينتقم منه؛ لا أن يعمل معه، يسير خلف قطيعه كأنه جرو مدلل..

_ربما يفكر بمكر، ربما يريد أن ينتهز الفرصة المناسبة

_هل تظن أنه بعد أن علم راكان بما يفعله، سيتركه ليفعل ذلك؟!

_ لا أعرف!

_إذا عليك أن تعرف؛ عليك أن تحضر لي ذلك اللعين، أو تحضر لي جثته.

_ سوف أفعل ما تريد، ولكن الآن لدينا بعض المشاكل، لا يوجد في خزينة القطيع مالاً

_لقد أخذ لويس كل شيء، ولم يعطيني شيء أتفوض به مع راكان، عليك أن تأتي لي برقبته.

_ رقبته لن تحل المشكلة، الآن نريد مالاً

_ سوف نحصل علي المال..

_ من أين؟!

_ سوف أخبرك..

_هل تفكر في..؟!

_ أجل، سوف نغير على بعض البشر نأخذ بعض المال، نشتري ما نحتاجه بالإضافة لأننا سنغير على أحد القطعان الضعيفة، لناخذ ما نحتاجه من حزين، يكفي هذا البرد القارص.

_ إذا يكفي ما سناخذه من خزين، لنترك البشر لحالهم، لا تنسى ان هناك بعض صيادين، يبحثون عن الذئاب البشرية

_ عليهم أن يأتوا إلينا لأبيدهم

_لمَ لا تستمع بعقل لمَ تثور وتتكلم بصوت مرتفع درغان ماذا بعد ان يأتوا الينا؟!

_لم افهمك كيڤن؟!

_ إني أتكلم في مشكلة كبيرة تواجهنا، البرد يقترب والشتاء اتي بقوته، بينما أنت تريد أن تخوض حرب ضد الصيادين وتخوض حرب ضد القطعان وضد راكان علينا أن نهدأ..

_ لن أهدأ قبل أن أصل إلى لى تلك البشرية؛ قبل أن اضع رأسه تحت قدمي؛ قبل أن أجعله يخضع لي ويفعل ما أريد..

نظر له مطولا وهو يقول:

_ لنحل مشكلة الطعام اولاً ثم نبحث عن ثغرة في دفاع راكان، هو يعيش في قلعة، لا يهاجمه البرد وإن هاجمه سيجد تكييف مركزي يدفئ جسده

_ وهذه أحد الأسباب التي تجعلني أريد ان أنتقم منه

_ لمَ راكان بالتحديد؟! لقد عشنا حياتنا الماضية ننتقل من شارع لاخر ومن خرابة لأخرى، إلى أن اصبح معنا عدد كبير من الذئاب الشاردة، وأصبحنا قطيع..

_ماذا تعني؟!

_ اعني هل الأمر شخصي إلى هذه الدرجة؟!

_شخصي؟!

_ انت تضع راكان امام عينك وتريد أن تحاربه، رغم انه يوجد قطيع الذئاب الذهبية وقطيع الذئاب الرمادي وقطيع الذئاب الفضي هناك 100 قطيع للذئاب البشرية لمَ قطيع الذئاب النارية فقط

_انها المرة الأولى التي تتكلم معي بهذه الطريقه كيڤن؟ ماذا حدث لك؟

_ لقد مات بعض أطفال القطيع ونحن نفكر في راكان، لقد ماتت أم وطفلتها ونحن نفكر في حربنا، لقد مات بعض الجنود في الحرب ونحن نفكر في راكان..

درغان: حسناً كيڤن سوف نفعل ما ترآه مناسباً

_ أن كل ما في الأمر، أنا أريد أن أعرف ماذا هناك؟ ما السبب الذي يجعلك تختار راكان بالتحديد؟

_ ليس الآن كيڤن مرة أخرى قد استطيع أن أحكي لك..

_ هناك سبب، إذا الأمر شخصي..

غير درغان الكلام وهو يقول:

_حسناً متى نحصل على الطعام؟

_هل تغير موضوع، لا تريد أن تتكلم عن راكان؟

_بالطبع علي أن اغيره، حتى لا يحدث مشاكل بيننا، لا أريد أن أنفعل عليك، لا أريد أن اسمع صوتك يرتفع مرة أخرى

_حسناً ألفا كما تريد..

_ سنغير في الليل، نأخذ نصف ما لديهم، ونترك لهم النصف..

_هذا جيد سأخبر قائد الجيش ونستعد للغارة..

كان الليل حافلاً هجوم ضاري من قطيع الذئاب الشاردة، على مخزون الذئاب الذهبية، اخذوا ما يستطيعون حمله.

ما يكفيهم من طعام بشري، وطعام للمستذئبين، أخذوا بعض المواد التي تساعدهم في أشعال نار بسهولة لان المطر سيكون غزير..

اخذوا بعض الاشياء ليفرشوها، بعض المال...

نظر درغان إلى كيڤن وهو يقول: أمتلئت الخزينة

كيڤن: أجل ألفا لقد أمتلئت

_ هل هناك شيء آخر؟ تريد أن تقوله.

_ لا شيء..

_حسناً أرسل لي داروس، أريد أن يعجل في صنع ذلك الدواء، لأني لن أستطيع السير بهذا الوجه طويلاً

_ كما تريد ألفا..

تحرك درغان إلى الكهف يلقي بنفسه على فراشه..

أما هناك كانت تتحرك في جناحها، ترتشف ذلك المشروب الدافئ، وهي تتابع أحد البرامج على شاشه التلفزيون...

يدها تتحرك على بطنها البارز، تشعر بحركة جنينها الذي يتجاوب مع حركة يدها، بينما هو يكاد يموت من الشوق..

وهو يدعي أن تنام الآن، هو يريد ان يقترب منها، أن يراه بعينه ان يستنشق نفس الهواء، لكن يبدو أنها تفكر في الرحيل...

لكن هل سيسمح لها؟ بأن ترحل وتتركه بعد وقت كانت تغفو مكانها، اخذها النوم وصوت التلفزيون مرتفع، استعمل كل حواسه ليتاكد من نومها ومن خلال الشرفة دخل مرة اخرى..

وجد نفسه يقترب منها يحملها بين ذراعيه، غمغت بصوت بين النوم واليقظة...

وكأنها تطالبه بأن يتركها تنام..

راكان: بالطبع سوف تنامين حبيبتي.

همست بصوت رقيقة عذب يحمل شوق بين نبراته:

_ راكان

كاد قلبه أن يرقص بين ضلوعه، وهو يتزوق همسها باسمه، بكل هذا الدفء أقترب من خدها يمسه برقة..

وهو يمنع نفسه قصراً من أن يقبل شفتيها بشوق، عينه تنتقل على وجهها، وهو لا يريد ان يتركها من بين ذراعيه...

لا يريد أن يضعها على الفراش، يريد أن يستشعر قربها منه، أكبر فترة ممكنة...

جلس على فراشها وظل يضمها بين ذراعيه، يقبل مفرق الشعر في راسها، عينه تآكل تفاصيلها، ودون أن يشعر وجد نفسه يقترب

من شفتيها يقبلها بشغف وهو يمتص شهد شفتيها كأن الحياة تبعث من بينهم...

صوفيا بهمس: راكان..

راكان: قلبي اشتقت إليكي..

ولم يكمل كلامه، لانه فقد السيطرة علي نفسه، وهو ينجرف معها في دوامة العشق القوية...

إلى أن فتحت عينها تنظر له بمزيج من الدهشة والصدمة والخوف..

وما أن همت أن تتراجع حتي كان

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي