الفصل22

الفصل 22

في اللحظة التي كانت تصرخ فيها بصوت مرتفع، كان راكان يشعر بأن هناك شيء يضرب قلبه، كانه صياط من الوجع تجلده..

لا يدرك أن تلك المسكينة تعاني الأمرين تتخبط بين الموت والحياة

حاول التواصل معها ولكنه لم يستطع..

راكان: لمَ صوفيا تفعلين بنا هذا؟ ألا يكفيك ما أعانيه من عذاب الفراق؟ لتضيفي عليه عذاب القلق! أين أنت الآن؟

لكنه لم يحصل على رد، تحرك إلى تلك اللوحة التي رسمها برادلي، ينظر لها بعمق، وكأنه يشبع عينه منها، هناك شيء معه يذكره بها، لكن هل تكفي صورتها او تغني عنها ..

وقف إيوان بالباب يستمع إلى همسه، شعر بالعذاب من أجله، ولكنه بعد أن طال الصمت، ولم يشعر به راكان الذي كان في عالم مختلف،...

همس بصوت يحمل من بين نبراته الوجع، على صديقه ورفيقه، وهو يقول:

_إطمئن عليها، ستكون بخير.

إلتفت له وهو ينظر بعدم تصديق..

إيوان: صدقني؛ ستكون بخير لقد إستطاعت أن تهرب منك، ومنا جميعاً لقد قضينا أكثر من شهر كامل نتتبع أثرها ولم نحصل على شيء، رغم كل حواسنا القوية..

_ هذا ما يخيفني.

_ لمَ؟!

_أن حدث لها شيء، لن أستطيع أن أصل إليها في الوقت المناسب.

_ لا تستبق الأحداث راكان؛ رفيقتك ليست ضعيفة، هي فقط خائفة دعها وسوف تعود إليك بأرادتها..

_ هل تظن ذلك؟!

_ بالطبع، ولكني أريدك في شيء أخر، أن لويس لم يتحرك بمفرده، وأنت تعلم ذلك؟!

_ هل تريد مني أن أرد الآن، على ذلك اللعين، لن أفعل شئ قبل أن إطمئن علي صوفيا..

_ أعلم أن الإنتقام طبق يؤكل بارداً، ولكنه أنفق بسخاء من اجل ان يحصل عليها، ومما فهمته انه لا يريد قتلها، اذا عليك ان تجهز ردا قوي

_ لو تعلم ما أفكر فيه من أجله لاشفقت عليه، ولكني الآن لا أستطيع أن افعل أي شيء قبل أن أصل إليها أو أعرف اين هي...

_ سنحاول

_ لقد حاولت من قبل، ولم تستطع أن تصل، إلا في الوقت الذي وصلوا فيه إليها..

_ لا تلوم عليا صديقي.

_ لا ألوم عليك إيوان؛ ولكني أعلم أن الزمن يلاعبني، لا أستطيع أن أفقدها ولا أستطيع أن أقترب منها، أشعر أنها لعنة أقوى من تلك اللعنة التي ألقيت علي..

_ اهدأ يا صديقي، هناك أشياء كثيرة لا يجب أن يعرفها من حولك..

_مثل ماذا ؟!

_الكثير، أهمها عذابك، انا أعرف إنك لا تظهر مشاعرك الا أمامي ولكني أريدك أن تبقى جامداً كعادتك..

نظر له ولم يعقب..

بينما هناك كانت تتخبط تصارع الموت، وتصارع تلك الهاوية التي تسحب فيها..

في اللحظة التي هبت لتجلس على الفراش، وكأنها كانت تغرق، اخذت تتلفت حولها تبحث عن ذلك الذئب الأسود

ذو الأنياب البارزة والمخالب القوية تبحث عن تلك الدماء، التي تسيل من رقبتها وكتفها، ولكنها لم تجد شيء..

وجدت بعض قطرات من العرق فقط

صوفيا: يا إلهي هل كنت أحلم مرة أخرى..

اخذت تلتفت حولها لتتأكد، وبعدها صفعت نفسها لتزداد تأكيد، وهي تقول:

_ اللعنة على الأحلام أن كانت بهذا الشكل..
اخذت تنظر أمامها بشرود، كأنها لا تصدق أنها لا زالت على قيد الحياة، وهي تبحث عن أي رائحة، وهنا تذكرت كلمة رائحة وقول ذلك الذئب

« لقد تتبعت رائحتك»

صوفيا: لم يكن هو الوحيد من قالها، هل كان هذا الحلم لينبهني؟! علي أن أغير رائحتي! علي أن أتخفى..

هبت واقفة من فراشها، تتحرك إلى الحمام، تبحث عني عطر مختلف، وجدت بعض المنظفات والعطور التي توضع في الفنادق عادة..

إبتسمت وهي تجد شيء مختلف عن ما تستعمله، خلعت ملابسها ووقفت تحت رزاز الماء، لفتره طويلة تغسل جسدها مرة بعد أخرى

وكأنها تنظفه من شيء وهمي لا تعرفه، وهي تفكر في شيء اخر، سوف تفعله غدا، سوف تقوم بتغيير شعرها

صوفيا: سوف أغير شكل شعري أقصره او أصبغه أوأفعل أي شيء قد يجعلني مختلفة..

ما أن أنتهت من أخذ حمام طويل، كانت تخرج إلى الغرفة تلف جسدها براوب الحمام، وتجلس على ذلك المقعد..

تنظر أمامها وكأنها ترتب حياتها القادمة، عليها أن تتواصل مع راكان ولكن هل تستطيع؟ يأبى كبريائها أن تطلب منه المساعدة.

صوفيا: لن أفعل لن أسمح له بأن يرآ ضعفي مرة أخرى، يكفي ما فعله من قبل، لقد كان هو سبب في هذه المأساة

صمتت لحظة ورجعت لتقول..

_ لن أشركه في حياتي القادمة، لقد إتفقت معه ولن اتراجع..

سكتت وكأنها إكتفت من الكلام بصوت مرتفع، كانه يسمعها ولكنه ليس هو السبب بمفرده..

صوفيا: أنت أيضا كنت سبب في كل ما حدث لك، لقد ابتعدتِ عن العالم لما سمحت لاحدهم بالدخول الى بيتك..

رجعت لتقول:

_ وهل كان جرماً انا أستضفته لقد كان تائه ضائع يبحث عن مأوى ولقد قدمت له المأوى وكان النتيجة إنك الآن بلا مأوى، ولا مكان تستطيع اللجوء إليه..

فكر لحظات ورجعت لتقول:

_ من قال ذلك، أستطيع أن أخرج من هذه الدولة لأذهب إلى دولة أخرى ألد طفلي هناك...

أخذت ترتب أفكارها وخط حياتها القادم، وعقلها يأتي ويذهب، بين هذا وذاك...

بينما هو وجد نفسه يفكر في شيء واحد، أن من يستطيع أن يساعده في هذه المشكلة هي تلك العرافة اللعينة..

ولكن هل يستطيع أن يفعلها؟ هل يستطيع أن يرفض كل العلم الذي يؤمن به؟ ويلجأ إلى ذلك السحر؟!

من أجل أن يعرف اين هي صوفيا، أتاه صوت إيوان وهو يقول:

_ الضرورات تبيح المحظورات..

_ هل تسمع افكاري يا ايوان؟!

_ لا تنسى ذلك الرابط بيننا الفا، انا البيتا خاصتك، واسمع ما تفكر فيه، ولهذا انصحك بان تتبع هذا الخط حتى نصل إليها...

_وبعد أن نصل لها

_ وقتها افعل ما تشاء، أن أردت حتى أن تطردها من القطيع، فلن يلوم عليك أحد.

_كيف سيكون لي عين لأطردها وأنا من إستعنت بها؟! أنا من أعلنت عجزي وعدم قدرتي، على الوصول لرفيقتي؛ واستعنت بها!

_ لقد قلت لك من قبل، أنه أمر ضروري، لقد فعلنا كل ما نستطيع عليه، ولكنها تتبع أسلوب غريب في الهرب..

راكان: سوف أحاول اولا، أن لم أستطيع..

_ وقتها ربما قد يكون الأواني قد فات يا راكان.

_ لمَ ترعبني؟ لمَ تحاول أن تؤلمني إيوان..

_ لأني مرأتك ومن ترى فيها نفسك، لا يجب عليك ان تعاند قلبك، من اجلي مظهرك الخارجي..

_انت تعلم أن الأمر لا يخص مظهري، وكل ما يهمني إن قراري سيترتب عليه اشياء أخرى، انا من منعتها من تداول السحر في المملكة، ألجأ إليها من اجل أن اصل لحبيبتي..

_ أنها تحمل طفلك راكان..

أخذ أنفاسه بعمق، شق سكون قلبه ليرتجف، من الشوق إضافة للقلق والخوف، هو في هذه اللحظة يريدها ليس فقط في قربه بل في حضنه وعلي فراشه...

في الصباح كانت صوفيا تضع نظارة تخفي نصف وجهها، وهي تتحرك الى ذلك الصالون الخاص بالتجميل، داخل الفندق..

نظرت لها الموظفة بابتسامة وهي تدعوها بالجلوس

چانيت: تفضلي أنسة بماذا أستطيع أن أخدمك..

صوفيا: أريد أن أغير شعري..

_ولكني أرآه جميلاً

نظرت لها صافيا بأستفسار، ماذا تعني الموظفة فردت چانيت

_ أقصد أن الشعر الأسود ليس دارج في هذه المنطقة وهو طويل بشكل ملفت، بالاضافه الى انه صحي..

_أعلم ذلك، لكن أريد أن اغير لونه..

_ كما تريدي، رغم إني من حقي أن أنصحك أن تحتفظي به..

_ لكني لا أريد الاحتفاظ به، أريد أن أقصه..
_ماذا؟! هل انت واعية لما تطلبين سيدتي؟!
_ أنت لا تريدين أن تعملي؟

_ لمَ تقولي ذلك؟

_ لإنك ترفضين أن تفعلي ما أريد..

_ ليس رفضاً، مجرد نصيحة أنا لو أملك مثل هذا ما كنت فعلت هذه الجريمة...

لكنها لم تتلقي رد من الصوفيا التي يبدوا وجهه جامدا وهي تتذكر احداث اليوم الماضي واحلام الليلة الماضية...

چانيت: ما رأيك ببعض خصلات فقط واترك الباقي بنفس اللون..

_ لا، أريد أن تغير اللون، إلى اللون الاصهب..

چانيت: سوف أفعل ما تريدين انستي، تفضلي..

بعد وقت كانت صوفيا تخرج بشكل مختلف، شعرها قصير ذو تدريجه جميلة، لونه احمر ناري، كما أنها صبغت لون حواجبها هي الاخرى..

مع ميك آب مختلف كل الإختلاف، عن ما كانت تستعمل من قبل، جعلها شخص آخر..

دخلت إلى أحد المحلات لتشتري بعض الملابس، وبعض العطور وها هي تغرق نفسها بعطر لم تكن لتستعمله من قبل..

لقد إعطاء الحلم الحل، فالذئب يتتبع الرائحة، اذا ستكون شكلاً مختلف ورائحة مختلفة وفي مكان مختلف لن تبقى في مكان واحد فترة طويلة.

الآن هي تفكر في شيء آخر، وضعت يدها على ذلك الصغير في احشائها، وهي تقول:

_ أنت أهم من خصلات شعري يبدوا اني تعلقت بك واصبحت أهم من اي شيء حتى من نفسي،

تحرك في بطنها مما جعلها تقول:

_ لا تخف صغيري سوف أحافظ عليك، لتكون صديقي لتكون رفيقي، وابني سوف نهرب معا، ونكمل حياتنا بجوار بعضنا وسانسى كل ما كان حتى ذلك الذي كان سببا في وجودك..

بينما هي تتحرك داخل الفندق لتتجه الى المطعم تتناول طعامها

تقابلت صدفة مع الطبيبة مريان التي كانت تتكلم في هاتفها، مرت بجبارها في اللحظة التي توقفت فيها ماريان وتوقف فيها عقل صوفيا عن التفكير..

كادت ان تهرب او تفر، ولكن هل ستعرفها مريان بعد كل هذا التنكر؟!

وإن عرفتها مريان بسهولة، سيكون من السهل أن يعرفها الذئاب البشرية، يستطيعون الوصول اليها..

مريان: لو سمحتي انسة..

تجمدت صوفيا مكانها، وهي لا تعرف ماذا عليها ان تفعل..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي