الفصل6

صراع البقاء

(6)

الصدمة في عيني "جاك" كانت واضحة وهو يعيد ما قاله والده في عقله، مرة أخرى ثم قال:
_ هل تمزح أبي؟ إن الوقت ليس مناسبا للمزاح.

_ من قال لك ذلك؟ أنا لا أمزح؛ لن تستطيع أن تمر من خلالهم دون خسائر، ولن أغامر بأن أفقدك لذا عليك أن تتحول إلى بشري!

_وبعد ذلك؟!
_سوف أرسل طائرة تأتي بك.
_ حقا.. هل تمزح؟
_لمَ تظن ذلك؟!
_ لمَ لم ترسلها من قبل؟ لقد قطعت الآف الكيلومترات كنت أركض منذ عدة ساعات بأقصى سرعة ممكنة!

_وهل كنت تريد مني أن أرسل طائرة تحضرك من هناك؟ هل كنت تريد مني أن أخترق حدود دولة أخرى؟!

_ماذا؟

_هل نسيت؟ لقد كنت في دولة غير دولتنا، وإن كنا نعيش في هوة بعيد عن عالم البشر، إلا أننا ننتمي لهم! لا تنسى ذلك، وإن أرسلت طائرة لدولة أخرى؛ سأكون أخترقت الحدود أو أن أنتظر الإجراءات، ولا يوجد وقت لذلك! فلم أفعل

_ أجل ابي، لقد نسيت!

_ وأيضا لم أرد أن أثير جلبة وأظهر مكان وجود..

_خوفاً علي؟

_ خوفاً على قلبك!

_قلبي؟!

_أجل قلبك.. أم نسيت تلك البشرية التي وقعت في عشقها؟!

أبتسم جاك فظهرت أنيابه البارزة وسال لعابه، وهو يقف مكانه، ينتظر ما يقوله والده..

_ سوف أخبرك ماذا ستفعل؟ ستبقى على حالتك، حتى تأتي الطائرة وتقترب منك.

_حسناً

_ وقتها سوف ينزلون لك بملابس ترتديها، ملابس تليق بك وبمكانتك يا "الفا راكان".

_حسنا أبي فهمت.. بعد أن أتحول إلى بشري، أرتدي الملابس، وأصعد إلى الطائرة وكأني كنت في نزهة!

_ هذا بالظبط ما أريدك أن تفعله.

_ حسناً ولكن أخبرني آخر التطورات عندك ماذا يحدث؟

_ لا يوجد ما يستحق القلق، كل ما في الأمر أنني أعرف أن الجيش بحاجة لك، قوتنا تكمن بوجودك "ألفا راكان".
_شهاده أعتز بها "ألفا جانو".

لحظات وأستمع إلى صوت طائرة تهدر في السماء، تحرك الأشجار وكأنها تبعثرها، في لحظة وجد من ينزل أمامه يحمل حقيبة جلدية بها ملابس فارهة تليق به وبمكانته.

هدره بصوت ذئبه، وهو يعوي بخفة وكأنه يعلن الشكر، لذلك الذي أتى من أجله وها هو يتوارى خلف بعض الأشجار يتحول إلى بشري.

يقف عاريا يتلمس تلك الملابس يرتديها ويرجع إلى تلك الصورة التي كان بها مع صوفيا!

أسمها جلب إلى رأسه ذكريات عطره، لحظات من الدفء يريد إسترجاعها ولكن هل هذا وقته؟!

نفض رأسه وتحرك إلى الطائرة الفضية، التي يحمل ذيلها علامة ذئب كناية عن اسم الشركة الخاصة بهم! حيث لا زالت الطائرة تهدر في السماء كما يهدر قلبه منذ أن تذكر حبيبته..

وها هي تشق طريقها حتى مرت من فوق قطيع الذئاب الشاردة ،دون أن يسمعوا لها صوت، بينما هو يتابع من النافذة تحركاتهم الغير مدروسة!

كأنهم مجرد مشاغبون خارجون عن القانون، وهم بالفعل كذلك!

وصل إلى حدود قطيع الذئاب النارية، نزل بخفة وتحرك إلى حيث والده، الذي إندفع إليه على غير العادة..

أخذ يحرك يده على وجهه ينظر فيه؛ يبحث عن شيء، قد يعلن أذيته! لكنه وجد شيء واحد، وجد لهفة ودفء ومحبة تشع من عيني وحيده..

الذي كفله بالمملكه وهو يقول:

_ مرحبا بك "الفا راكان" لقد كنت أشعر بالخوف يعتصر قلبي، وأنا لا أعرف مكانك..

_ أعلم ابي اين امي؟

_في الحصن.

_هذا جيد.. ولكن كيف إلى الآن لم تعلم بوجودهم أن رائحتهم منفرة وظاهرة في المكان..

_ ربما لأن اللعنة سقطت من عليك.

_ اللعنة؟!

_ أجل لقد كانت سبب في قطع التواصل بيننا، ولولا إنك وجدت رفيقتك والمايا خاصتك، لذلك سقطت اللعنة عنك، وكان جسدك بالي، وكأنك جزع قطع من داخل شجرة كبيرة!

_ أجل أبي لقد كنت أشعر بالوهن والضعف، ولكني لا أعرف أن اللعنة سقطت بقربي من صوفيا!

_ أسمها صوفيا ؟!

_أجل أبي.. ولكن يبدو إنك مسترخي وكأننا لسنا على أبواب حرب..

_ أطمئننت في وجودك "راكان"؛ أعلم جيدا أن ابني قائد بالفطرة، يستطيع أن يفعل ما لا يفعله غيره.

ربت "راكان" على كتف والده، وتحرك إلى حيث غرفة المراقبة، وهنا نظر إلى قائد الجيش الذي قال:

_مرحبا بك الفا افتقدناك..

_ هل تمزح "كارزان"؟

_ بالطبع لا "الفا" لقد... ماذا تريد أن تقول؟!

_ لمَ إلى الآن لمْ تقم بالهجوم عليهم؟ لتشعرهم بخستهم، وتعرفهم مكانتهم جيدا؟!

_وهل كنت تريد أن نغامر في عدم وجودك؟، لقد كان "الالفا جانو" يطالبنا بالتريث والإستعداد فقط!

_ حسنا ها أنا عدت، عليك أن تنفذ ما أمرك به الآن، عليك أن تشعل الدنيا بالنور!

_ ولكننا في آخر الليل وكاد الفجر أن يشرق!

_هل تمزح للمرة الثانية؟! ألا توجد لدينا إضاءة قوية

_ بالطبع لدينا الفا

_حسنا

لم تكد تمر لحظة حتى أشتعلت الغابة بالأنوار القوية ، وكأن الشمس أشرقت قبل أوانها

الصدمة على وجه "درغان" كانت واضحة؛ وهو ينظر إلى البيتا خاصته، فما فعله قطيع الذئاب النارية كان يوضح لهم ، أن اللعنة انتهت وأنهم يعرفوا بوجودهم على بعد ثلاث كيلومترات!!

_ ماذا نفعل الفا هل نتراجع؟!
_ بهذه السهولة لا طبعا!

_ماذا تعني؟

_اعني أن ذلك الذئب العجوز لن يستطيع ان يفعل شيء دون وجود ابنه؟!
_ربما يكون قد عاد إلى المملكة!
_ وكيف ذلك؟ يجب عليه أن يمر من خلالنا، لن يستطيع أحد أن يخترق ممرات الغابة! وإلا كان مر علينا وكنت مزقت جسده بمخالبي.

_أجل أعلم ذلك جيدا الفا! ولكن ما الذي تظنه قد غير رأيه ؟! إن كان يعلم بوجودنا فنحن هنا منذ الصباح!

_ لا أعرف.. ولكن ربما اطمئن على ابنه أو...
_ أو ماذا ؟!
_أو فقده .. وتأكد من أنه فارق الحياه! ولم يعد لديه ما يخشى عليه؟

_لست أدري.. ربما يكون كلامك صحيح! ولكن لن نستسلم.

لم يكد ينهي الكلمة حتى كانت الأسهم تهبط عليهم؛ محملة بالفضة السائلة في بدايتها، وكأنها رصاصة بدائية الصنع، ولكنها تحمل خطر الموت لمن تخترق جلده من المستذئبين،لأنها تهددهم بأن يفقد قدرته على التحول لفترة .

بدأت تتساقط أمامه، ولم تصيبهم، الخوف على وجه "درغان" من أن يفقد حياته؛ جعلته يتراجع، نظر له كيفن بأستفسار؟!

ماذا عليه أن يفعل؟ هل يخوضوا في الحرب مع أناس متطورون إلى هذه الدرجة؟ أن كان ما يفعلونه الآن مجرد تنبيه وتهديد فقط، فماذا قد يفعلون إذا بدأت الحرب..

نظر له درغان بحده ويقول:

_ لن أستسلم أهجموا

ومع انتهاء كلمته؛ اندفع القطيع، بينما هو لا زال واقفا، ودفع بهم إلى الأمام، فاصيب البعض منهم، ولكن أوامره الحادة بأن يتقدموا ووعدهم بجنة زاهية!

فذلك الماس المدفون في أرض الذئاب نارية، يستحق ان يسعون من أجله، وها هم يسعون وأن تقدم احدهم وعبر مات الآخر!

في هذه اللحظة نظر"راكان" عبر الأجهزة المتطورة وقال بسخرية:
_ كفى دعهم يقتربون أكثر!

_ في ماذا تفكر الفا؟!

_لا شيء.. أريد أن اتواجه معه لن انسى ما فعله؟

_ يا الهي.. الالفا السابق لن يقبل!

_ وهل تظن أنني سانتظر أن آخذ الإذن؟!
عليك أن تستمع إلى ما أقول؛ أريد "درغان" أريده أن يأتي إلى هنا!

_ أنت تعلم أنه لن يستسلم، سيعاود المجيء مرة أخرى؟

_ لذا ساجعله يدرك ؛أن أرضي تعني له الموت، عليه أن لا يعيد الكارة، وأن لا يفكر بخوض معركة أخرى معنا!

_لا أعرف ماذا تعني ؟

_أعني عليه أن يعلم، أن الدخول إلى أرض النار؛ خسارة، وأن يدرك أن لقبنا (الذئاب النارية) لم ياتي من فراغ نحن نعيش على ارض بركانية، في لحظة قد تنقلب

_ أنه يطمع في الماس ؟

_'اذا عليه أن يعلم أنه لا يأتي بالساهل؛ وأن كان يطمع في الأرض فهي قبر لمن يدخلها.

كان "جانو" بالباب يستمع إلى كلام ابنه وهو يفتخر به:
_هذا هو ابني ، هذا هو الفا راكان، لهذا السبب تنازلت لك عن الحكم؛ وأنا أعرف أنك تستطيع أن تحمي أرضنا، ولكني لن اسمح لك بان تخوض هذه المعركة مع هذا الدنيئ!

_لم ابي هل تخشى علي منه ؟!

_ لن يبارزك بمهارة أو بصدق ونزاهه بل سيلجأ إلى الحيلة والخداع، سيحاول أن يصيبك في مقتل !

_وهل تظنه يستطع أبي؟ أنا "راكان جانو" قائد الذئاب النارية !
أنا من كبر مع هذا البركان، أنا من تحول لذئب على هذه الأرض لأول مرة،هل تظن أنني ساغفر له أنه استهان بي؟ وحاول استدراجي إلى خارج القطيع! وإن يخدعني عن طريق أحد الأصدقاء؟!

_المخطئ هو صديقك !

_ لكنه ضحي بنفسه من أجلي أبي!

_حتى لو.. لن اسامحه، كما لن أسمح لك بما تريد

_لا أبي لن أتركه؟

_ولكن..

_ سألقنه درسا لن ينساه

لم ينتظر أكثر.. وهو يتحرك إلى ساحة المعركة رغم إعتراض الجميع..

بينما وقف "درغان" يشعر بالصدمة ! من ما أن رآه يقف بكل قوة وكأنه ليس هو من ألقيت عليه اللعنة؛ التي المفروض أن تفقده حواسه وقدرته على المبارزة!

اللحظة التي وقف فيها "درغان" ينظر في عين "راكان" الذي تحول إلى ذئب وهو يحرك التراب تحت قدميه، وعينيه تطلق شرر من الجحيم!
مما جعل قلب "درغان" ينتفض وهو يتكلم مع تابعيه! عن طريق الرابط الخاص بهم يأمرهم بالهجوم عليه!

في حين كان "راكان" يأمر جنوده بالبقاء فقط بدون مشاركة!

في اللحظة التي كان "راكان" ينهي حياة من يقابله!
مما ارسل الرعب في قلوب قطيع الذئاب الشاردة وفي هذه اللحظة أخذ "راكان" يعوي، بصوت مرتفع وهو يطالب" درغان" بالاقتراب

في اللحظة التي تقدم فيها مضطر؛ كان راكان يكشر عن أنيابه، وهو يرفع قدميه ليقفز على "درغان" ويصيبة بجراح..

هنا أطمئن قلب" الفا جانو" وهو يرى ابنه يظهر قوة تكفي جيش! ولكن هل يستطيع أن يستمر بهذه القوة إلى النهاية؟

وهل سيتقبل "درغان" الهزيمة والانكسار؟

كان يعوي بصوت مرتفع، وهو يحاول إعادة الهجوم على "راكان" مستخدم الحيلة! يحركه الطمع وهو يرى الثراء الفاحش الذي يتمتع به راكان وقطيعه..
اخذ يتكلم بما يعتمل في داخله

_« انت تستحق الموت "راكان"؛ يكفي ما عشت فيه من بذخ طوال حياتك»

_ «ربما يكون كلامك صحيح! ولكنه حقي أنا؛ هنا نشأت، ولهذا قد أموت من أجل هذه الأرض!.

_ستموت..
_سنرى..

وها هو يتحرك بقوة؛ يحركه الغضب، بينما الآخر حاول ان يستفذه؛ لينفعل راكان وها هو ينفعل حقا !

وما أن كاد أن يقضي عليه!

أقترب "بيتا كيفين" ليساعد "درغان" وها هو يحاول أن يصيب "راكان" بانيابه البارزة! مما جعل "راكان" ينزف بغزاره وتحولت عينه لعين بشري بينما جسده ظل على حاله
في اللحظة التي تحول فيه "درغان" إلى بشري وهو يقرب نصل من الفضة إلى راكان! وبالفعل خدشه مما سبب له ألم مزري، فكشر "راكان" عن انيابه ليقوم بغرسها في رقبة" درغان" مما جعل جسده ينهار وعينه يتساقط منها الدمع!

لكنها لم تكن دموع بل دماء !
كل هذا كان في لحظة واحدة بينما هم الجميع بالتحرك !
كان "كيفين" يجذب جسد "درغان" المصاب والذي كاد ان يفارق الحياة؛ بعد ان أصابه راكان اصابة بالغة!

ولكن "درغان" كان يرفض الذهاب رفع نفسه ليتحول إلى ذئب مرة أخرى وهو يسرع إلى "راكان" ليمزق احشائه..

في اللحظة التي انتفض فيها قلب "صوفيا" وكأنها تستيقظ من كابوس
جسدها كان يرتجف ويبلله العرق! وهي تتلفت حولها تبحث عن "راكان" الذي كان في هذه اللحظة يواجه الموت
فهل سينجو... ام...؟؟!


يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي