الفصل الخامس

الفصل الخامسِ:
-يا أبي قصةً عجيبةً وغريبةً، أتمنى أنْ أصاحبَ إحداهنَ تكون طيبةً معي، تلعبَ معي عندما أكونُ وحيدهُ وتدافع عني عنْ الذينَ يأتونَ ويجلسونَ بجانبيْ ليلاً، أخافَ منهمْ أعلمُ أنكَ قمتُ على طردهمْ يا والدي عندما ذهبتْ لهؤلاءِ الأشخاصِ غريبٌ الهيئةِ والمنظرِ الذينَ يسكنونَ بالقربِ منا إلا أنني مازلتُ خائفةً اسمعْ همساتٍ يا والدي لكني أقوم بوضعِ يدي على تلقى القلادةَ،

التي أعطيتها لي لقدْ قلتُ لي أنَ بها تميمةً منْ عهدِ القدماءِ "المصريين"، تقومَ على حمايتي، وأيضا اقرأْ تلكَ السورِ القرآنيةِ، التي قامتْ جدتي على تحفيظها ليَ فيبتعدونَ مباشرةً، إلا ذلكَ الصوتِ الذي يناديني صوتٌ محببٌ يا أبي إلى وكأنني سمعتهِ أوْ أعرفهُ منذُ سنواتٍ طويلةٍ وأنا ما زلتْ صغيرةً .

-لا أعلمُ يا ابنتي لكنَ طالما، أنَ ذلكَ الصوتِ لا يقومُ على إيذاءكَ، فلا تسمعيهِ لا ضررِ منهُ حتى الآنَ لذلكَ أريدكُ أنْ تكونيَ قويةً سأشرحُ لكَ كلِ شيءٍ عنْ السحرِ، سحرُ الفراعنةِ كما درستهُ أنا منْ تلكَ الكتبِ الكثيرةِ، التي هنا وقدْ جمعتْ لكَ كلِ ما استطعتُ في ذلكَ الكتابِ، الذي بالمنزلِ وعندما اعلمْ معلومةً جديدةً تقومُ على كتابتها ليلاً في البيتِ في حجرةِ المكتبةِ الخاصةِ بي، أنا سعيدٌ أنَ عقلكَ أكبرَ منْ سنكَ لذلكَ .

سأقصُ عليكَ باقي القصةِ، كيفَ أنَ ملوكَ مصرِ القدامى عاشوا في مدنٍ عملاقةٍ، أتعلمينَ أقاموها على ضفتينِ النيلَ وقدْ قاموا بتحصينٍ بطلاسمَ مدمرةٍ للعدوِ، كانوا يقولونَ أنَ هناكَ قصةٌ مثيرةٌ عنْ أبي الهولِ والذي إلى الآنَ لا يعرفُ أحدٌ متى تمَ بناؤهُ، ولأيِ غرضٍ وهلْ كانَ يمثلُ شخصيةَ الملكِ خوفو صاحبُ الهرمِ الأكبرِ أمْ أنَ وراءهُ سرا آخرَ خفيٍ لا يعلمهُ أحدُ .

-أتمنى يا أبي، أنْ أعرفَ جميعُ تلكَ الأسرارِ .


-يجبَ أولاً أنْ تدرسيَ، وتعلميٌ كلَ هذهِ المعلوماتِ وبعدها لتتخصصي، في أيِ شيءِ عندما تكبرينَ وتقومينَ أنتي باختيارِ تلكَ الكليةِ التي ستذهبينَ إليها، في جميعِ الكلياتِ الكبيرةِ هناكَ قسمٌ للمصرياتِ حضارتنا عريقةً بها كثيرٌ منْ الخفايا، التي لمْ يعلمها أحدٌ حتى الآنَ . -أكملَ يا أبي، أريدُ أنْ أعرفَ منْ هوَ أبو الهولِ .

-حسنا يا جميلتي في الكتبِ القديمةِ، يقولونَ أنَ " أبو الهولِ " بنا في عهدٍ قديمٍ جدا كانَ حمايةَ مدخلِ مدينةٍ تدعى منفْ حمايتها منْ الأعداءِ، والعواصفُ الرمليةُ، يقال أنَ لهُ قدرةٌ على النطقِ فكانَ ينبئُ "المصريين" عنْ قدومِ جيشِ الأعداءِ، أوْ العاصفةِ، أوْ الطوفانِ، أوْ الوباءِ، وقالوا أيضا أنَ هناكَ ساحرةُ عجوزٍ تدعى " دلوكهْ "،

وأنَ لها الطلاسمُ حتى أنَ " المقريزي "، كانَ يقولُ إنَ ثمةَ عجوزُ ساحرهِ يقالُ لها " دلوكة " وكانتْ الساحرةُ عظيمةً في علمها وثقافتها وسحرها وأنَ لها طلاسمُ وتعاويذُ كثيرةٌ، كانتْ تكتبُ بالحبرِ الأحمرِ بحروفٍ غيرِ واضحةٍ وكانتْ تستدعي قوى خفيةً منْ جميعِ أنحاءِ الكرةِ الأرضيةِ ومنها تعويذةٌ تدعى تعويذةُ أبو الهولِ .

-أكانَ ينطقُ يا أبيٌ ؟ أ ل " أبو الهولِ " تعويذةً خاصةً بهِ !

-نعمْ يا ابنتي يقولونَ ذلكَ، قالوا أنَ القدماءُ استطاعوا استجلابُ قوهْ خفيهِ، توجد حولنا وفي الأشياءِ وفي الفضاءِ وكانوا يتحكمونَ بالقوةِ الطبيعيةِ، ولمْ يكنْ أيُ شخصٍ يستطيعُ ذلكَ أوْ يتعلمهُ وإنما كانوا ينطقونَ ذلكَ الشخصِ الذينَ يعطونهُ علمهمْ وهناكَ شروطٌ لانتقاءِ السحرةِ لكنَ معلوماتي أنهمْ جميعا كانوا منْ كهانِ المعابدِ .

أريدُ أنْ أتحدثَ، عنْ شيءٍ يجبُ أنْ تستمعيَ إليهِ جيدا : ثمَ صمتِ مناظرةٍ إليها وتذكرُ تلكَ الفترةِ، التي كانتْ مقيدةً وقتها بسحرِ " الفودو " سحرِ الدميةِ، والتي يتمُ تصميمها لكيْ تشبهَ شخصا معينا، يريدونَ إلقاءُ السحرِ والتعاويذِ عليهِ لإيذائهِ لكنْ ليسَ إزاءهُ مباشرةَ إنما إيذاءهُ عنْ طريقِ تلكَ الدميةِ التي تتشبهُ بهِ وفي العصورِ القديمةِ كانتْ تلكَ الدمى الخاصةِ ب " الفودو " توضع بشكلٍ خاصٍ في المقابرِ والمنازلِ والأراضي الرطبةِ،

والأماكنُ المقدسةُ، هناكَ فيلسوفٌ أعتقدُ أنني ذكرتهُ عدةُ مراتٍ، هوَ منْ مدينةِ أثينا يدعى " أفلاطونْ " ذكرَ " أفلاطونْ " أنَ الدمى عرضتْ في نقاطِ التقاءِ ثلاثةِ طرقٍ وعلى الأبوابِ وعلى القبورِ غالبا ما كانتْ الدمى مرتبطةً بأقراصِ لعنهِ بمعنى أنها كانتْ تكتبُ باسمِ ضحيةِ ما بلعنهُ معينةً،

وعادةُ ما كانوا يصورونَ شكلُ تلكَ الدنيا أما مقيدةٌ أوْ ملتويةٍ أوْ يتمُ وضعها في مواقفَ عنيفةٍ أوْ يقومونَ بتغريزْ بعضَ الإبرِ بيها .

-شيءٌ بشعٌ يا أبيٌ، كيفَ يفعلُ شخصَ بشخصِ آخرٍ ذلكَ ؟ -أنهُ الكرهُ يا ابنتي سمعتْ عنْ أشخاصِ منْ عائلةٍ واحدةٍ، يقومونَ بصنعِ تلكَ الأسحارِ لقريب لهمْ لمجردِ أنهمْ مميزٌ في شيءِ ما أوْ حتى أنَ الناسَ يحبونهُ، تتخيلينَ ذلكَ في أوقاتٍ كثيرةٍ يكونُ السحرُ ليسَ لأنَ المسحورَ ظالما وإنما لأنهُ أفضلُ 100 مرةٍ،

منْ الأشخاصِ الذينَ في قلوبهمْ غلْ وحقدٌ، حتى أنَ سحرَ الدميةِ كانَ يستخدمُ عند "المصريين" القدماءِ يقومُ الساحرُ، إذا أرادَ أنْ يؤذيَ شخصا ما بصنعِ دميةِ تشبههِ وبعدَ ذلكَ يقومُ بوخزها بالإبرِ أوْ إحراقها أوْ وخزِ عينِ الدميةِ بإبرةِ حتى يشعرَ منْ يريدُ إيذاءهُ بأنهُ وكأنهُ تمَ وخزهُ حقيقةً، ووردْ في النصوصِ المصريةِ القديمةِ، أنَ بعضَ السحرةِ أجروا سحرهمْ على الملكِ " رمسيسْ الثالثْ " إلا أنَ أمرهمْ قدْ اكتشفَ وتمَ القبضُ عليهمْ . قامتْ "ريتال" بالتصفيقِ، وكأنها كانتْ تشاهدُ ذلكَ بعينها، وأنها تشاهدُ فيلما سينمائيا .

-كلُ ما أقصهُ عليكَ يا ابنتي، لا أقصدُ بهِ قضاءَ الوقتِ أوْ حكاياتِ ما أقولهُ حقائقَ متواجدةً منذُ آلافِ السنينَ كانَ هناكَ شابٌ قدْ اكتشفَ خيانةَ زوجتهِ معَ شابٍ آخرَ، ما كانَ منهُ إلا أنَ قامَ بصنعِ تمساحٍ صغيرٍ منْ الشمعِ وانتظرَ حتى نزلَ الشابُ إلى النيلِ ليغتسلَ،

فألقى الشابُ الأولُ وقدْ كانَ كاهنُ ذلكَ التمساحِ في النيلِ وقرأَ عليهِ تلكَ التعاويذِ السحريةِ، يقال إنَ التمثالَ الشمعيَ حولَ إلى تمساحٍ مفترسٍ قامَ بالفتكِ بالفتى العاشقِ .

-لمْ أكنْ أعلمُ أنَ "المصريين" القدماءَ يا والدي كانوا يستخدمونَ ذلكَ ؟ اعتقدتْ أنهمْ كانوا يلقونَ تعويذْ لا أكثر .

-ليسَ القدماءُ "المصريين" فقطْ، لقدْ تمَ اكتشافُ دميةٍ " الفودو " في العصرِ الرومانيِ، أيْ أنَ ذلكَ السحرِ متواجدٍ لا يرتبطُ بحضارةِ ما هوَ دائما الوجودُ، وجدوا في محافظةٍ تدعى " المنيا " وهيَ محافظةٌ في صعيدِ " مصرَ " دميةً في قارورةٍ رومانيةٍ عاريةٍ،

وقدْ تمَ وضعها في وضعِ الركوعِ مربوطةً ومثقوبهْ ب 11 دبوس تمَ وضعُ التمثالِ في إناءٍ منْ الفخارِ معَ لفافةٍ منْ الرصاصِ تحتوي على تعويذةٍ لا يستطيعُ أحدٌ أنْ يقومَ على فكها، وهيَ منْ تلكَ التعاويذِ الخاصةِ بتعاويذِ الحبِ لكنَ مكتوبةً باللغةِ اليونانيةِ تمَ اكتشافها في منطقةٍ تدعى " الشيخَ عبادهُ " وقدْ اشتراها متحفُ " اللوفر بفرنسا " عامَ 1911 منْ تاجرِ آثارٍ ويرجعُ تاريخُ تلكَ الدميةِ إلى القرنِ الرابعِ .

-كتبتْ باليونانيةِ، وليسَ الهيروغليفيةَ لغةَ القدماءِ "المصريين"

-نعمَ فكما قلتْ لكَ هذا سحرُ منذُ قديمٍ الأزلِ، توارثتهُ الحضاراتُ، وهناكَ تعويذةُ الاستدعاءِ التي يقولونَ إنها تجمعَ أرواحَ الموتى وقدْ كتبَ في بعضِ الكتبِ القديمةِ، أنَ امرأةَ بطليموسْ قدْ ربطتْ لحبِ رجلِ لها منعها منْ الأكلِ والنومِ أوْ حتى مغادرةِ منزلها، كانتْ أيضا لا يصنعونَ الدمى لغرضِ الانتقامِ إنما لغرضِ ربطهمْ بحبيبِ ما .

وهنا دخلَ "مايكل" مساعدُ والدها :

-"وهاب" هكذا يطلقونَ عليهِ هنا في المتحفِ .

-لقدْ تسرعتْ، وبدأتْ تحكي لها قصصُ القدماءِ "المصريين"، وأنتَ تعلمُ أنني انتظرَ تلكَ الحكاياتِ كلَ يومٍ لماذا لمْ تناديَ عليهِ منْ سيقولُ لي الآنِ تلكَ الحكاياتِ، التي سبقَ أنَ حكيتها لها منذُ قليلٍ.
ضحكتْ "ريتال"، أوْ كما يطلقونَ عليها هنا "ريتا"، بصوتِ عالي وكأنها تقومُ على إغاظتهِ، فهذا والدها لها هيَ فقطْ فهيَ الابنةُ الوحيدةُ ووالدها هوَ ملكيةٌ خاصةٌ لها .

-اتقومينْ على اغاظتي، أنا أتواجدُ هنا معَ والدكَ طوالَ اليومِ وقدْ كلنا أمسِ مشغولينَ بقطعةٍ منْ الفخارِ، ما تسدُ حلقها بقطعةٍ منْ الفضةِ منقوشٌ عليها بعضِ النقوشاتِ الصعبةِ، والتي قالَ لي والدكَ أنها لعنةٌ منْ لعناتِ القدماءِ "المصريين" وأنهُ لا يجبُ لنا فتحُ تلكَ القارورةِ الفخاريةِ، بلْ نعرضها كما هيَ لأنَ بها رصدُ وهوَ نوعٌ منْ التحذيرِ،

والهدفُ منهُ حمايةَ تلكَ القطعِ الأثريةِ بالغةً الأهميةِ . وقالَ لي أنهُ توجدُ بمقابرَ في منطقةٍ تدعى "سقارة"، وهناكَ نقوشُ وكتاباتُ هيروغليفيةٌ تتضمنُ لعناتٍ وتهديداتٍ على جدرانِ تلكَ المقابرِ، ومداخلها وقدْ كتبتْ هذهِ اللعناتِ رغبةً منْ الشخصِ الذي تمَ دفنهُ في لإبعادِ اللصوصِ عنْ تلكَ المقبرةِ الخاصةِ بهِ، حفاظا على جسدهِ المحنطِ،

وعلى تلكَ الأشياءِ التي معهُ حتى تتعرفَ عليهِ روحهُ الجديدةَ في العالمِ الآخرِ فكانَ السحرُ وسيلةً دفاعيةً للحفاظِ على مقابرِ القدماءِ، "المصريين" وقدْ اكتشفَ أحدُ الأشخاصِ مقبرةَ داخلَ مقابرِ العمالِ بناةَ الأهرامِ وفي مقصورةِ هناكَ في تلكَ المقبرةِ مبنيةً بالطوبِ الذي يدعى الطوبُ اللبنُ،

يوجد نقشانِ سحريانِ مختلفانِ واحدٌ لشخصٍ يدعى تيتي والآخرُ لزوجتهِ وقدْ كتبَ عليهما يا كلّ الناسِ كاهنَ الإلهةِ "حاتحور" سيضربُ كل منْ يدخلُ هذهِ المقبرةِ تمسها بضرٍ، وكلَ منْ يفعلُ شيئا ضدها سوفَ تلتهمهُ التماسيحُ وتفترسهُ أفراسُ النهرِ في المياهِ والثعابينِ والأسودِ في الأرضِ .

أيضا أنَ هناكَ مقابرُ أخرى بمنطقةٍ تدعى "سقارة"، نقشٌ على مدخلها قولَ لصاحبها قالَ في كلٍ منْ يمسُ مقبرتيْ بسوءٍ، سوفَ انتزعَ رقبتهُ مثلٌ رقبةِ الإوزةِ ومنْ أجملَ ما عثرَ عليهِ في مقبرةٍ، ما عثرَ على شخصٍ واقفٍ وفي يدهِ عصا كبيرةً وكأنهُ يقومُ بضربِ أيِ شخصٍ يدخلُ إلى تلكَ المقبرةِ .

-لمْ تستطيعَ اغاظتي، لأنَ والدي أمسِ في المنزلِ قدْ حكى لي، تلكَ الحكايةِ أتعتقدُ أنَ والدي منْ الممكنِ أنْ يقصَ عليكَ شيئا، ولا يقصها علي أنا، أنا ريتا حبيبتهُ .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي