الفصل الثامـن عشر

الفصل الثامن عشر:
- "كهلان" ماذا تقول ؟ هل هي تعويذة "ابراكدابرا" ؟

- نعم يا "أحمد"، هي أن لها قدرة على إمتصاص الطاقات السلبية، مع أن الكثير من الأفلام قد جعلتها ووضعها في شكل فانتازيا خيال، إلا أنها لها قوة كبيرة في الشفاء من الأمراض عندما أستخدم كتعويذة.

- نعم لقد قرأت عنها في كتاب تحدث عن القرن الثالث الميلادي، عن طبيب روماني يدعى "بكوبنتوس سيرنكوس سامونيكوس"، وهو طبيب الإمبراطور الروماني "كاراكلا"، أعتقد أنه كتب أن تلك التعويذة، قد كتبت على شكل ورقة مثلثة الشكل تحتوي على تلك الكلمة أبرا كدابرا، حيث يحذف آخر حرف منها في كل مرة حتى يتبقى منها حرف واحد فقط، ويدل ذلك على الإختفاء البطيء للشيطان من خلال تلك التعويذة.

- نعم يا "أحمد"، لكنني قد جلبتها من الأشياء الخاصة "لميعة"، بالفعل كما تشاهد هي قلادة على شكل هرمي لكنها من النحاس، وقد كتبت على الخلفية أسم التعويذة أبرا كدابرا لكن يتم نطقها خطأ، هناك حرف الهاء التي لا يقولها أحد هذا أولاً، أما في الخلفية الأخرى للهرم النحاسي الصغيرة هذا هناك أحرف كتبت، كل حرف يتحدث عن تعويذة معينة، أما الحرف المتواجد كما تشاهد في الأعلى هو حرف الألف أنه سيد الحروف له قوة خاصة.

- لكن كيف سيؤثر ذلك في ابنتي؟

- أولاً إبعاد الطاقة السلبية المتمثلة في الجان الذي يحاوطها من كل اتجاه، بالتأكيد باستثناء الطاقة الإيجابية الوحيدة التي تحتضنها في الداخل هذا أولاً، ثم ثانيا سأقوم بعمل تعويذات أخرى حتى أضعف ذلك الكاهن الذي تجلس معه الآن أولاشي، هي تجلس معه منذ أن غادرت البلاد هنا، هذا الكاهن لا يرتدي أي ملابس وإنما وشم على جسده، وشم قد غطى جميع أجزاء جسده وهو الآن يقوم على وشم جسد "أولاشي"، لكن وكأنه يقوم على ترقيتها أو إهدائها هدية ما أو معرفة معينة جديدة، وعلى ما أعتقد أنه قد تم قدمت قربان، وأعتقد أنه كان قربانا بشريةً.

- وماذا ستفعل أنت؟

- سأستعين حكماء الجن وهم كثيرون، لكنني أعرف منهم ثلاثة "أبي يزيد الحكيم" يأتى من جبل "قاف"، والحكيم "فقطش"، والحكيم "يوناس".

_ وهل سننجح في ذلك؟

- لا تقلق يا "أحمد"، ستخرج إبنتك من هذه الدائرة التي تحاوطها، ليست الدائرة التي وضعها كيوان، وإنما الدائرة الشيطانية الأكبر التي تحتوي تلك الدائرة الصغيرة ذات الطاقة الإيجابية.

- فهمتك.

- لا تقلق يا "أحمد"، ولا تعتقد أن إستخدامي أبرا كدابرا هو نوع من الشعوذة إنه عالم كبير، أتعلم أنه في لندن عندما انتشر الطاعون عام 1665 كانوا يستخدمونه هناك صلبانا وأوراق بها بعض الكلمات، والأوراق كتبوا فيها تلك الكلمة لقد كان الناس في ذلك الزمان يستخدمون السحر في علاج مرضهم، ولا تنسى أن تلك التعويذة مرتبطةً بعلم الأرقام، كما أنها كلمة من اللغة الآرامية، بمعنى أصنع وأنا أتكلم، ولها معاني أخرى في بعض اللغات القديمة، مثل كلمة براشه وتعني مباركة وتبريكات ودبره بمعنى قل تبريكات …
وكما قلت لك أن ذلك المثلث الذي على هيئة قلادة يحتوي على تلك التعويذات القديمة، التي كانت في عقيدة القبالة وهي تتلاشى شيئا فشيئا باتجاه قمة المثلث، وعند كل سطر وستشاهد بعينك إنقاص حرف من هذه الكلمة في كل سطر نحو الأعلى، ويرمز ذلك إلى الاختفاء البطيء للشيطان من خلال قوة التعويذة هذه، وكما قلت لك القلادة مصنوعةً من البراز، بمعنى مزيج من النحاس والزنك.

-نعم فهمتك وأنا أطمئن لك لا، أسالك لأني لا أثق بك لكن أريد أن أعرف لا أكثر، لقد مللت من الجلوس هنا، كما أن لا أعلم ماذا حدث للجميع أشعر بملل رهيب، كما أني أتذكر أشياء قديمة بها بعض الأشياء التي لا أريد أن أتذكرها، أشياء كثيرةً لا أعلم كيف ولماذا تأتي على صورة ذكريات مؤلمة، كما أني شاهدت "مايكل" وكتر أيضا يجلسون وكأنهم أحزانه ولا يتحدثون، يجلس "مايكل" في الخلفية الآن بمفرده وقال لي أنه يريد أن يجلس ولا يريد أحدا معه، أما "كاترين" فقد صعدت إلى الأعلى وأغلقت الغرفة التي بجانب حجرتي، أما "لميعة" فقد إختفت في تلك الحجرة التي في الأعلى، لكني أسمع بين الحين والحين بكاء شديد وكأنها تتألم أو تنجد بأحد ما، ولا أعلم ماذا أفعل؟

- لا تقلق بشأن "لميعة" أو "مايكل" و"كاترين" وخصوصا "لميعة"، اتركها حتى وإن سمعتها تدوم أو تستنجد، هناك أشياء يجب أن يمر الإنسان بها لهدف ما حتى هو لا يعرفها.

- لكن هل أنت تعرف ذلك السبب، الذي من أجله نمر بتلك التجربة؟

- صراحة من جعلني افعل ذلك قوى أكبر مني وأكبر منك، قوه قديمه تحكم العالم من قبل أن يحكمها الإنسان، ولا أستطيع أن أتحدث معك أكثر من ذلك، ولكن لابنتك دورا مهما في محاربة شخص وشيطان وكأنهما في حرب ما، وابنتك هي المقاتل الجديد الذي سيقاتل تلك الفئة، غير ذلك لا أعلم حتى لو حاولت الرفض، لقد تم وضع ابنتك كمقاتلة لديهم لكن ليس مقاتلاً بالسلاح، إنما مقاتلاً بهيئة مختلفة وستكون "لميعة" هي معلمتها، لذلك كان يجب وضع "لميعة" في ذلك الاختبار الذي هي متواجدة فيه الآن، وأنا أيضا سأساعد "لميعة" فلا تقلق على ابنتك،

أنت أردت لها منذ فترة طويلة أن تدافع عن نفسها وتتعلم السحر، هل تنقذ بذلك يا "أحمد" هل تنكر أنك كتبت معلومات كثيرةً وتعاويذ كثيرةً فرعونيةً، وقد وضعتها في كتاب لديك في مكتبة المنزل الخاص بك، نحن نعلم الكثير يا "أحمد"، وكما أنك أردت مساعدتنا لإخراج ابنتك مما هي فيه هناك ثمن لذلك، أما الآن فلا تحمل ابنتك معك إلى تلك الحجرة التي تحدثت معك عنها.

- لقد كنا بالأعلى منذ قليل، وأنت من ناديتنا وأنزلنا إليك، والآن تقول احمل ابنتك مرةً أخرى.

- فلتصمت يا "أحمد" ولنستمع إلى كلامي، أن هذه التعويذة التي تم تكليفي بإلقائها على "لميعة"، يجب أن تعلم أننا جميعا قد تأثرنا بها وليست لميعة فقط، كل فرد منكم بقدر معين، لذلك فلا تتركني الآن وتصعد إلى الأعلى.

- حسنا سأصعد الآن، أريد إطعامي فتاتي وتغيير ملابسها.

- حسنا فلتفعل ما شئت، ستجد في الأعلى الآن ملابس جديدةً، لماذا تنظر لها هكذا أنك تتعجب، أنت لا تعرف حجم قدراتي إلى الآن، لكن عندما تصعد ستجد أطعمةً وفواكه وكثير من العصائر لتلك الفتاة الجميلة وملابس جديدة، اهتمي بها فإنها غالية لدينا جميعا.

ما زالت "لميعة" تبكي وتستنجد، وكأنها تريد أن تغير واقعها ما تم حدوثه منذ سنوات طويلة، تبكي وتندب أن ما حدث غيرها وكأنها أصبحت إنسانة أخرى، من لميعة الفتاة الهادئة الخجولة الطيبة إلى "لميعة" ثانيةً لا يحبها أحد، حتى من كانوا يتفاخرون بجمالها صمت، والسبب قلوب غادرةً.

- كيف يا أمي استأمنته على بنتك حبيبتك، أعلم أنك تتواجدين معي طوال اليوم، لكن ألم تلاحظي كرههم لي منذ ولادتي وهم يعاملوني معاملة سيئةً، اضرب وأنهر لأقلّ الأسباب، نظرات مليئةً بالكره وأنت دائما مبتسمةً لا تشاهدين ذلك،

تقابلينه وكأنه شيء مسلم به، تتفاخرين بشعري وجماليّ ولون بشرتي وأنفي وفمي أمامهم، مما يزيدهم غلا وحقدا، مقارنتك الدائمة بجمالي وجمالهم بشعري، هو ما جعلهم يكيدون لي مثلما كاد أخوه يوسف له،

لكنه نبي وربه أنقذه وغير مسار حياته، ووجوده من وجدوه وتغير تغير واقعه للأفضل، أما أنا إنسانة تافهة من يحن على، من سيرأف بحالي؟
لا يوجد أحد لم يراه أحدا بحالي.

تجلس والده "لميعة" تبكي ابنتها، بعدما أخبرها الطبيب أن ابنتها في أولى مراحل مرض الجدري، أقنعتها "نغم" و"شغف" أن عددا من الأطفال في مناطق كثيرة قد أتاهم نفس المرض، وكأنه مرض منتشر في تلك الآونة، ولا تقلقي يا أمي ستشفى الابنة الحبيبة بعد عدة أيام،

لكن الأم كانت تشعر وكأن وضع على قلبها جبل من الهم والغم لا تعرف من أين أتى، لذلك كانت تبكي كثيرا ولا تعلم السبب.

دخلت "نغم" حجرة أختها الصغيرة، وجدت والدتها وكان آثار البكاء ما زال يملا وجهها، لم تحزن لحزن أمها بل امتلأ الكره قلبها:

- لماذا تحزن أمي على تلك الكئيبة، ولماذا تكن لها ذلك الحب الرهيب ولا تحبني، كل هذا الحب أو جزء منه وتلقي على طوال اليوم أوامر عليا طول اليوم، نعم قولي ل"شغف" أن تذهب وتحضر الخضروات،

وأنت نظفي البيت وأعيدي الطعام وقومي بغسل الملابس وتنظيف المنزل، أوامر أوامر لم أتلقى منها منذ صغرى غير الأوامر، وحجتها الوحيدة أنها تريد أن تجعلني أعتمد على نفسي وأنا في بيت زوجي لا أتذكر أنها جلست تلاعبني مثلما تلاعب تلك الكئيبة المريضة ولا أعلم السبب لذلك



كانت تتحدث لنفسها، لكن الغريب أن لميعة التي تجلس بجانب قدم والدتها تبكي وتندب حظها وما كان وما سيكون، إستمعت لذلك الضمير الأسود الذي يتحدث.

- أمي فلتقومي وأجلس أنا بدلاً منك، ولا تقلقي لن أجعلها تقوم بحكي وجهها أو أي جزء من جسدها لا تقلقي سأفعل كما قلت لنا عندما مرضت حفصة.

- بالفعل لقد تعبت من كثرة الجلوس وأنا مستيقظة منذ يومين، أريد أن أنام قليلاً حتى اجلس بجانبها وأراعيها، إجعلي "شغف" تحضر لها دجاجه وتقوم على سلقها،

وإجعليها تضع بعضا من الخضروات معها وهي توها، وأن أستيقظ بعد ذلك وأقوم على إطعامها، نعم إنها أمانة في رقبتك لا تغفلي عنها يا حبيبتي، لا أريد لها أن يحدث أي شيء، أنها فتاة وليست فتى، الفتاة لا يشاهد منها أحد غير جمالها، راعيها كما راعيتك أنا وأنت مريضة منذ سنوات، وكأنك تتدربين على الأمومة يا حبيبتي.

- حسنا يا أمي لا تقلقي أنها أمانة في عنقي.

قامت الأم مما كانها وجلست "نغم" تنظر بحقد كبير إلى "لميعة" وهي نائمة، أما "لميعة" الكبيرة جالسةً في الأرض تبكي تنظر إلى "نغم"، وتحاول أن تمسك بها لكنها لم تستطع، وكأن ما تشاهده مجرد رؤية ثلاثية الأبعاد في فيلم سينمائي.

- تقول لأمي أني أمانة في رقبتك، تلك الأمانة التي ستغادرين بها بعد قليل، تلك الأمانة التي ظللت لسنوات كثيرة تقولين لها يا وجه القنفذ ولا يعلم أحد أنك السبب، لم يصدقني أحد حتى أمي لم تصدقني أنك السبب في ذلك، لم أكن أعلم علمت عندما كبرت وعندما سرت في ذلك الطريق الذي سرت فيه وأصبحت تعايريني،

لكنني قد كويت قلبك مثلما كويت قلب أمي علي، ومثلما جعلتيني أضحوكةً لك ولصديقاتك طوال حياتي.

- أمي أنني عطشه، أريد شربة ماء.

- أنا من اجلس هنا لقد ذهبت أمي للنوم، قالت لي إنها تعبت من الجلوس معك وأرادت أن ترتاح.

- نعم أريد شربة ماء، ثم هل تقومين على وضع الدواء لي على وجهي هنا، على خدي الأيمن من فوق الحاجب حتى أسفل ذقني، إني أشعر بالحكاك الشديد بها، عندما أشعر بذلك تضع لي أمي قليلاً من ذلك الدواء الوردي اللون، الذي عندما تضعه أشعر وكأنها وضعت كثير من النعناع على وجهي، فلم أشعر بعد ذلك بالحكة أبدا.

وكأن الفكرة أتت ل"نغم" في لحظة واحدة.

- حسنا سأضع لك أنا الدواء.

ثم أمسكت بزجاجة الدواء وضعت قليلاً منها على يدها اليمنى، واقتربت من أختها لكن "لميعة" قالت لها : - إن أمي تضع القليل منه على قطعة من القطن حتى لا تحرق وجهي .

- أنا أعلم ماذا أصنع لا تقلقي أنت تريدين أن لا تشعري بالحكاك مرةً ثانيا وأنا سأضع لك هذا الدواء لا تقلقي .

اقتربت من لميعة وابتدأت تضع ذلك الدواء الوردي، ولكنها وهي تضعه تقوم على خدش تلك الحبوب التي تملأ وجه "لميعة" بأظافرها، مما جعل تلك الجيوب المليئة بالماء تنفجر مرةً واحدةً، جعلت جميع البثور الناتجة عن الجدري في تلك المنطقة تنفجر مما أدى إلى صراخ لميعة،

لكن لم يسمعها أحد استمرت "نغم" تفعل ذلك لكن فتح الباب مرةً واحدةً تراجعت "نغم" إلى الخلف بعد من سكب الدواء منها على الأرض لكنها وجدتها "شغف"، التي دخلت بسرعة وأغلقت الباب خلفها.

- ماذا حدث لماذا تصرخ تلك الفتاة تبكي هكذا ؟ ردت عليها "نغم" :

- لا أعلم يا "شغف" قالت لي أن وجهها به حكاك شديد وأرادت أن أضع لها ذلك الدواء على وجهها وقد فعلت ما أرادت لكنني وأنا أضعه جعلت تصرخ هكذا ولا أدري السبب ! أما "لميعة" فكانت تبكي بكاءً شديدا :

- لأنك قمتي على خدشي بتلك الأظافر بشدة أنا أشعر الآن وكأنه هناك حريق شديد في وجهي لماذا فعلت ذلك قلت لك أن والدتي تضع الدواء في قطعة صغيرة من القطن ثم نضعها برفقه على وجهي وأنت قمت بخدشي بهذه الأظافر الطويلة .

نظرت "نغم" إلى "شغف" ففهمت "شغف" ما حدث لكن الزجاجة ملقاة في الأرض .
فتكلمت "شغف" بسرعة حتى لا يكتشف أحد ما فعلته أختها "نغم" :

- أنا سأذهب بسرعة إلى تلك الصيدلية التي كانت وصفتها سابقا لي والده حفصة واحضر واحدةً أخرى وأنت قومي على إلقاء تلك الزجاجة بعيدا عن البيت الأرض ولا تنظفي الأرض جيدا وقد وضعت الآن تلك الدجاجة في قدر على الموقد سأذهب سريعا وأحضر ولن تكتشف أمي ذلك وأنت أيتها الصغيرة الكريهة لو قلت لوالدتي ما حدث الآن سأقوم على إحراقك فهمتي .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي