الفصل السادسِ كيوان يناشدها التذكرُ

الفصل السادسِ : "كيوان" يناشدها التذكرُ.

- "كيوان" تريدُ أنْ تعرفَ منْ أنا، أنا تلكَ التي تحاربُ انطفاءَ روحها بالتمسكِ بكَ، وكأنكَ فرصتي الوحيدةَ للنجاةِ، والاستمرارِ في الحياةِ لأنكَ أنتَ الحياةُ .

- لماذا توقفتْ الآنِ عنْ التذكرِ ؟ ولماذا انتبهتْ إلى تلكَ النوارسِ التي تطيرُ هناكَ ؟ أتذكركُ بوالدكَ ؟


-"كيوان" أنا لا أريدُ التذكرُ، كلَ الأشياءِ التي سأذكرها الآنَ، مهلكةً للنفسِ أشياءَ لا أعلمُ كيفَ مررتُ بها أشباحا أشاهدها في كلِ مكانِ عندما أنظرُ يمينا أوْ يسارا، عندما أغمضُ عيني أشاهدهمْ أنها لعنتي الخاصةُ، التي أتتْ إلى تصفيةِ حسابٍ معَ والذي أوْ لنقلْ أنهُ دينٌ كانَ يستحقُ السدادُ، وأنا منْ قمتُ على دفعِ تلكَ الفاتورةِ.

-قلتْ لكَ كثيرا، إنَ ما أنتَ فيهِ نعمةٌ وليسَ نقمةً، لماذا دائما تنظرينَ إلى الجانبِ السيئِ؟ ألمٌ تتذكرينَ احتضاني لكَ، منذُ صغركَ منذُ ذلكَ اليومِ الذي تتذكرينهُ الآنُ، و تقصينهُ على صديقتكَ.


-صديقتي، ها قدْ أتينا لذكرها، لماذا تصرُ أنْ أخبرها بكلِ شيءٍ عنيَ؟ لماذا تريدُ أنْ يعرفَ أحدا آخرَ ذلكَ الصندوقِ الأسودِ؟ المليءِ بالأشياءِ التي أستحي أنْ أتذكرها، نعمْ لمْ أفعلْ تلكَ الأشياءِ أنا، لكني علمتْ بها والأقصرُ.

والمؤلمِ أنهمْ جعلوني أشاهد ذلكَ، أشاهدُ ذكرياتهمْ، ثمَ ذلكَ الوشمِ الذي على كتفي الذي وشمتهُ على كتفي، وجهَ القنفذِ، هلْ هوَ لحمايتي هكذا قالتْ، انظرْ للأشياءِ الآنَ بشكلٍ مختلفٍ ثمَ تأتي أنتَ الآنَ في ذلكَ الشكلِ المحببِ، وتجلسُ بجانبيْ الشخصِ الوحيدِ الذي أعطاني منْ الحبِ والمشاعرِ وطيبةَ القلبَ، الكثيرَ ألا تخافَ أنْ يشاهدكَ أحدٌ كانَ يعرفهُ في الماضي.

-أخافَ منْ ماذا؟ لمْ يشاهدني أحدٌ غيركَ، هذا أولاً ثمَ إنني أتيتُ لكَ بهذا الشكلِ، وهذا الوجهُ المحببُ إليكَ حتى تهدئَ منْ روعكَ، صدقيني ينتظركَ الكثيرُ هناكَ يجبُ أنْ تصفيَ تلكَ الذاكرةِ، ويجبُ أنْ تعلميَ "مليكة" عنها،ف "مليكهُ" أيضا لديها قدراتٌ لا تعلمُ عنها شيئا، ولا أعلمُ أيضا هلْ سيخبرونها هناكَ؟ أمْ لا وهلْ ستخبرينها أنتَ؟

أنكَ تعرفينَ منْ والدكَ، لاحظي أنها أكبرُ منكَ سنا، وقدْ شاهدَ والدكَ ذلكَ اليومِ الذي أتى فيهِ والدها ووالدتها منْ الصعيدِ، يحملونها ولمْ تكنْ والدتها تحملُ طفلاً في بطنها، قبلَ ذلكَ إذا فوالدكَ يعلمُ علمَ اليقينِ، أنها ليستْ ابنتهما وانهَ قدْ اكتشفَ منْ هيَ والدتها،وما هيَ القدراتُ التي تستطيعُ القيامَ بها ولا تعلمُ عنها شيئا.


أنا أريدُك أن تخبريها بما شاهدتهُ و مررتُ بهِ.

-ولماذا أن معظمُ تلكَ الأشياءِ ليستْ خاصتي؟

-يجبُ أنْ تقصيها حتى تتذكريها ، تتذكريها في ذلكَ السنِ، بعد ان اعتدتُ أنْ تشاهديهما في كلِ مكانِ، هناكَ منْ يبدلكَ منهمْ، وهناكَ منْ يريدُ الفتكُ بكَ، ولاحظي تلكَ الكلمةِ واحفظيها جيدا هناكَ منْ يريدُ الفتكُ بكَ، هلْ يستطيعُ يا"ريتال" في حالةٍ واحدةٍ وهيَ عدمُ معرفةِ قدراتكَ أنتَ أيضا، أنتِ تعرفينها وقدْ مررتْ بالكثيرِ، لاحظي أنَ "وجهَ القنفذِ" اتخذتكَ ابنهُ لها حتى "كهلان"، أحبكُ مسلمةً يحبُ الأبُ ابنتهُ ودافعَ عنكَ حتى قتلٍ.

- نعمْ "كهلان"، عندما أتذكره ابكي كثيرا سأقصُ عليها الآنَ، ما حدثَ في ذلكَ اليومِ، عندما وقعتْ مغمى علي في المتحفِ وكيفَ أنَ "مايكل"، صديقهُ والذي ومعَ اختلافِ ثقافتنا وجنسيتنا إلا أنهُ كانَ وما يزالُ الصديقُ الوفيُ لأبي، اليومَ الأولَ الذي أتى فيهِ إلى أستراليا هاربا .

وكما ظهرَ "كيوان"، فجأةِ اختفى أيضا فجأةِ نظرتْ بجانبها في تلكَ البقعةِ، التي كانَ يجلسُ فيها، وامتلأتْ عيناها بالدموعِ أصبحتْ وحيدةً مرةً أخرى، في هذا العالمِ إلا أنها استمعتْ إلى صوتهِ المحببِ، الذي حفظتهُ عنْ ظهرِ قلبٍ.

- لما الدموع أنا معكَ دائما، لمْ أترككُ منذُ اليومِ الأول لولادتكَ، هلْ سأترككُ الآنَ تعقلي إمْ سأقولُ لكَ تعقلي أيتها المجنونةِ المتسرعةِ، ما زلتْ بجانبكَ، وسأظلُ بجانبكَ حتى وإنْ حاولوا إبعادي عنكَ، سأقاتلُ كما قاتلتْ في السابقِ، وأظلُ بجانبكَ.

تنفستْ الصعداءُ، بعدما ابتسمتْ، وأراحتْ ظهرها إلى الوراءِ قليلاً، ساندهُ على ذلكَ الكرسيِ الخشبيِ، الذي تجلسُ عليهِ، وتنظرُ إلى ذلكَ المحيطِ المحببِ إلى قلبها الذي يمتلئُ بتلكَ الحيتانِ الجميلةِ، ستظلُ تشكرُ والدها حتى بعدِ وفاتهِ.

أنهُ عندما أرادَ الهروبُ أتى إلى هنا، آتي إلى تلقى البقعةَ التي يجلسُ فيها الإنسانُ ويقومُ بإلقاءِ همومهِ، في ذلكَ المحيطِ لتأكلها، تلكَ الحيتانِ التي أرادتْ أنْ تكونَ واحدةً، منْ ذلكَ السربِ الذي يتواجدُ هناكَ ما اجملهمْ، عندما يرتفعونَ في الفضاءِ خارجينَ عنْ المياهِ لكيْ يتنفسوا، ثمَ يهبطوا إلى الأسفلِ كمْ تمنتْ أنْ تكونَ واحدةً منهمْ، أمٍ تهبطُ إلى الأسفلِ ما زالَ هذا الحلمِ يراودها.

- قرأتْ قصةَ "يونسْ" النبيِ وما مرَ بهِ منْ صعبٍ، وكيفَ أنقذهُ ربهُ عندما تمَ لفظهُ إلى العراءِ، منْ جوفِ الحوتِ لكني أتمنى أنْ أكونَ مكانهُ، أنَ اجلسْ داخلَ جوفِ الحوتِ وارددْ تعبتْ يا إلهيٌ حزينةٍ، منْ داخليٍ كسرني العالمُ خذلني الجميعُ ليسَ لي أحدِ "كيوان"، معي لكني لا أستطيعُ لمسهُ لا يستطيعُ احتضاني، لا أستطيعُ أنْ أضعَ رأسي على صدرهِ، أنْ يحتضننيَ.


ويخبرني منْ العالمِ أنْ يظهرَ للجميعِ، هوَ يظهرُ لي أنا فقطْ معي يرشدني لكنني أردتُ دائما قلبا محبا، دعيتْ كثيرا أنْ أرزقَ بالحبِ واستجابتْ دعوتي لكنني نسيتُ، عندما أدعو أنْ أرزقَ أيضا بمنْ يحبني لا أنْ أرزقَ الحبُ، وأكون أنا دائما الطرفُ المحبُ وددتُ إما أنْ أكونَ داخلَ جوفِ الحوتِ، أوْ أكون حوتا.

ولم لا وارحلْ بعيدا، عنْ أيِ شاطئِ منْ الشواطئِ لا أريدُ أنْ أشاهدَ بشرا، لا أريدُ أنْ أشاهدَ فردا آخر منْ قطيعيْ أريدُ أنْ أجلسَ بمفردي، أنَ ارحلْ منْ مكانٍ إلى آخرَ ومعي وحدتيْ، وذكرياتي وتلكَ الندباتُ التي ملأتْ قلبيٍ وذلكَ الوشمُ الذي وشمتْ بهِ كعلامةٍ، على تعلمِ سحرِ الفودو، وأعاهدُ نفسيٌ وأعاهدُ نفسيٌ أنني لنْ أستخدمهُ أبدا، ضدَ أيِ إنسانٍ لا أريدُ أنْ يحدثَ معي مثلٍ ما حدثَ معَ وجهِ القنفذِ، أوْ حتى "كهلان" الطيبَ أوْ ما حدثَ معَ والدي و "مايكل" :

- النجدةُ "وهابْ" أينَ أنتَ؟ لقدْ كنتُ تقفُ هنا الآنِ.

التفتَ "أحمد" سريعا فوجدَ ابنتهُ ملقاةً على الأرضِ، ويحاولُ "مايكل" إفاقتها تركَ ما بيدهِ بسرعةِ جرى ناحيةِ تلكَ الصغيرةِ، التي انتابتها حالةٌ وكأنها حالةُ صرعِ "أحمد" :

-ابنتي أفيقي، ماذا حدثَ لكَ؟

هبط بجانبها على الأرضِ وأخذَ فيهِ محاولةُ إفاقتها، بشتى الطرقِ فحملها وفتحٌ لهُ "مايكل" البابِ، وهبطَ سريعا وورائهِ "مايكل" ذلكَ الرجلِ الطيبِ، الذي حرمَ منْ نعمةِ الإنجابِ هوَ وحبيبتهُ "كاترين"، كانَ يبكي دونَ صوتٌ لكنَ الدموعَ قدْ أغرقتْ وجههُ فتلكَ الصغيرةُ، منذُ عدةِ سنواتٍ وهوَ يعتبرها ابنهُ لهُ ومنْ شدةِ ارتباطهِ ب"أحمد" وبعائلتهِ هوَ، و"كاترين" امتلكوا منزلٌ صغيرٌ بالقربِ منهمْ يفصلُ بينهمْ ثلاثةُ منازلَ لا أكثرَ "مايكل" :

- انتظرَ هنا وسأحضرُ السيارةَ سريعا، حتى ننقلها إلى المشفى الكبيرِ.

وبعدَ حواليْ ساعةٍ كانَ الطبيبُ قدْ أجرى عدةَ فحوصاتٍ، على الصغيرةِ "ريتال" لكنهُ خرجَ ل "أحمد" وصديقهُ، وقدْ لحقتهمْ "شارلوتْ" و"صوفي" و"لورا"، حتى الجدِ "جيمسْ" والجميلةَ "كاترين" يقفونَ في قلقٍ بالغٍ للاطمئنانِ، عليها حتى بعدِ أنْ انباهمْ الطبيبُ أنها ليستْ مريضةً ولا يعرفُ سببَ تلكَ الإغماءِ، تلكَ التشنجاتِ وطلبَ منهمْ أنْ تظلَ في المشفى عدةَ أيامٍ".

- ستظلُ معنا هنا في المشفى، عدةَ أيامٍ للاطمئنانِ على حالتها وسنقومُ بعملِ رسمِ مخٍ لكيْ نعرفَ، هلْ هناكَ كهرباءُ زائدةٌ، لديها أمْ لا أما باقي جسدها فكلَ أعضائها سليمةً، ليسَ بها أيُ مرضِ ما، واطمئنَ بعدَ الكشوفاتِ اللازمةِ سنعرفُ ما بها.
ونعرفُ تلكَ الحالةِ التي دخلتْ فيها "شارلوتْ" :

- أيُ حالةٍ أنا لا أفهمُ الطبيبُ :
- لقدْ أفاقتْ ابنتكَ منذُ قليلٍ لكنها في حالةِ ذهولٍ لا تتكلمُ، وأعتقد أنها لا تعرفُ أينَ هيَ إنما تدورُ برأسها يمينا ويسارا، وكأنها في حالةِ ذهانٍ.

عندَ تلكَ الكلمةِ نظرَ "أحمد" إلى "مايكل"، يتساءلُ ما معنى ذلكَ لكنهُ لمْ يتكلمْ إنما فهمهُ "مايكل"، بنظرةِ عينيهِ فهمَ أصدقاءٍ، بلْ أخوهُ منذُ اليومِ الأولَ الذي عملَ فيهِ "أحمد" في المتحفِ، هرعَ الجميعَ إلى الداخلِ لكيْ يطمئنوا عليها، واعتقدتْ والدتها وخالتها أنها تعرفهمْ حينَ تشاهدهمْ لكنَ الغريبَ أنها لمْ تعرفْ أحدا منهمْ، حتى أباها لمْ تعرفهُ إنما هيَ كانتْ في عالمٍ آخرَ، تشاهدهمْ وتنادي عليهمْ لكنهمْ لمْ يسمعوها.

-أبي أنا هنا، أنا أتكلمُ لكني لا اسمعْ الكلامَ وهوَ يخرجُ منْ فمي، ولا أعرفُ منْ يحللُ لكَ يدي أنا أيضا لستَ متواجدةً هناكَ، أنا هنا يا أبي في تلكَ الحفرةِ الكبيرةِ المظلمةِ لكني أشهدكمْ، وكأني أشاهدُ فيلما سينمائيا في شاشةٍ كبيرةٍ وأشاهدُ نفسي منْ عيني، منْ تلكَ التي ترفعُ يدها منْ تلكَ التي تحركَ رأسها، يمينا ويسارا أبي أرجوكُ اسمعني أنا أتكلمُ وهنا أتاها صوتٌ طالما سمعتهَ كثيرا، في أحلامها.

-لا تخافي أنا متواجدٌ هنا أنا أقومُ على حمايتكَ منهمْ، لكنْ أريدُ منكَ أنَ لا تخافي مهما نظرتْ وشاهدتيْ وانْ لا تهربي، يجبُ أنْ تضعيَ الشجاعةُ في قلبكَ ولا تخافي وحينما تشاهدينَ أحدا منهمْ يقتربُ منكَ، ضعي يديكَ على عينيكَ وقومي بغلقها وأنا معكَ لا تخافي، انتبهتْ لذلكَ الصوتِ أخذتْ تنادي.

-منْ أنتَ؟ أنا أعرفُ صوتكَ، لكنْ منْ أنتَ، وأينْ أنا؟ هلْ احلمْ نعمَ نعمْ بالتأكيدِ هذا حلمٌ، أريدُ أنْ استيقظَ الآنِ، أرجوكُ أريدُ أنْ أستيقظَ، أنا أقومُ بقرصٍ نفسيٍ وضربٍ نفسيٍ، وشدٍ شعريٍ حتى لكني لا أقومُ منْ النومِ أرجوكُ أريدُ أنْ استيقظَ.

بعدها استمعتْ الأصواتُ كثيرةً، وكأنها حيواناتُ حيواناتِ المفترسةِ بجانبها دخلتْ في الشجارِ معَ أحدهمْ معَ صاحبِ الصوتِ الذي سمعتهُ، الذي يطمئنها هلْ يدافعُ عنها نعمَ إنها تسمعُ تلكَ اللعناتِ والشتائمِ، التي يطلقها على تلكَ الحيواناتِ التي لا تشاهدهمْ.

-قومي الآنِ بإغلاقِ عينكَ، لا أريدكُ أنْ تشاهديها، ومهما سمعتْ لا تنظري أخذتْ "ريتال" وهيَ تجلسُ على الأرضِ في دائرةٍ صغيرةٍ مضيئةٍ تبكي، وتتوسلُ وتصرخُ وتنادي على أباها ووالدتها أنْ يشعروا بها، ويسمعوا صوتها وصوتَ تلكَ الحربِ التي تدورُ بجانبها وحولها في كلِ اتجاهٍ .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي