الفصل الثلاثون

الفصل الثلاثون
-مرت السنوات وأصبحت جميلة عندما أتممت 16 كان يأتيني خطابا كثيرون، وكانت جلنار من صغرها تستهزئ بي، وتقوم على تقطيع أشيائي الخاصة، لذلك لم أخرج أشيائي أو لعبي أو أي شيء خاص بي من حجرتنا، التي بالحديقة الحجرة الداخلية لأبي وأمي، وأصبحت أنا أنام بها مع والدتي وأبي ينام على الأريكة بالقرب من باب الرئيسي للحجرتين، استيقظ فأجري بين الظهور وانظر إلى القصر، أجدها تقف تنظر إليه وتعض على يديها، وأتساءل لماذا تكرهني؟ أنا لم افعل لها.

- صحيح أنت لم تفعلي لها شيئا، كما أنني لم افعل شيئا ل"نغم" أو "شغف".

-قالت لي يوما أنني سرقت منها حب والدتها، لأنها الابنة الوحيدة هي من تستحق ذلك الحب، ومع الوقت أصبح زوج السيدة "كريمة" يتجنبني إرضاء لأبنته، وبعد سنوات طويلة أصبحت السيدة "كريمة" أيضا تتجنبني وتنظر إلى من بعيد، لكن كانت عينها تفيض بالحب الذي لا أستطيع أن اوصفه لك. ومرضت أمي وماتت ولم أتزوج سريعا، فأنا ابنة خادم وأعيش معه وأقوم على خدمته، لم يرد أبي أن يتزوج، كان يحب أمي حبا شديدا، وبعدها بعدة سنوات مات أبي أيضا.

-كنت يتيمه.

-أصبحت يتيمة، لا سيما أن السيدة "كريمة" تتجنبني هي وزوجها، لكنها كانت ترسل مع الخادمات الكثير من الطعام والأموال، التي قالت إن أبي كان يقوم على ادخارها ليه مع زوجها، وقالت إنها ستزوجني في تلك الفترة أتى ابن أختها ابن أخت السيدة "كريمة"، الذي كان يتعلم في بلد بعيد تدعى مصر، أسمعتي عنها؟

- نعم بالتأكيد سمعت عنها أنها تقع في قارة أفريقيا، أو على الأصح في الشمال الشرقي لأفريقيا. ضحكت "حليمة"،
بسبب تلك الفتاة الجميلة والنبيهه.

-لم أكن اعلم وقتها أين تقع، عندما أتى جذبه جمالي والهدوء الشديد، كنت أساعد لكن لم تعتقدني يوما السيدة "كريمة" أنني من الخادمات، من ينظر إلى معاملتها لي يعتقدني أحد الأقرباء لها من الجانب الفقير، نعم كانت تعاملني على هذا الأساس وكأنني قريبة لها، حتى أنها تكريما لي لم تجعلني بعد وفاة أبي أنام في الغرفتين التي في الحديقة، بل فوجئت يوما أنها تنظف هي والخادمات حجره كبيرة،

وأتى العمال واستقطعوا جزءا في هذه الحجرة وصنعوا دورة مياه صغيرة شبيهة بدورة المياه الخاصة بهم كانت من الرخام، كانت تلك الحجرة الكبيرة بجانب السلم الذي يؤدي إلى الطابق الثاني والثالث، أي أنها كانت في الطابق الأول.

- هل جعلتك تنامين بها؟
- قامت على فرشها، وكأنها حجرة لابنتها كانت جميلة اهتمت بكل تفصيلة من تفاصيل تلك الحفرة الكبيرة، كل شيء حتى المناشف الجديدة قد وضعتها وفراشتها بسرير يكفي فرضا، لكنه كان جميل وأريكة صغيرة ومنضدة وسراحه صغيرة لي بها مرأة وبعض الملابس،

ومع ذلك لم تكن تجلس معي وتتحدث طويلا حتى لا تغضب ابنتها، ومع ذلك كرهتني ولا أعلم لماذا، فوالدتها لم تكن تحدثني كثيرا.

- نعم لم تكن تحدثك كثيرا لكنها كانت تعطيك كامل الاهتمام، وأعتقد أن اهتمام والدتي هو ما جعل "نغم" و"شغف" يفعلان بذلك أليس كذلك.

-نعم الاهتمام، وكنت اسمعها دائما تقوم على الشجار مع والدتها وتتطاول عليها، بل وفي بعض الأوقات سمعتها تدعو عليها بأقبح الدعوات، بعدها أصبحت السيدة "كريمة" تمرض كثيرا بسبب ابنتها، نعم الحزن يمرض يمرض القلب أولا ثم الجسد، وأتى "حسين"

نعم كان اسمه "حسين"، كانت السيدة "كريمة" تريد تزويجه من ابنتها فهو ابن أختها الوحيد، لكنه كان ينظر لي كثيرا، وكنت أشاهد "جلنار" وهي تستشاط غضبا، كان يعطيني بعضا من اهتمامه، وعندما كان يحضر بعض الهدايا كان لا ينساني، مع أنه كان لا يتحدث معي أيضا.


- هل تزوج منك؟

-بالطبع لا تزوج من "جلنار"، بالطبع فهي ابنة خالته.
-وأنت؟
- أنا ماذا لا بالتأكيد لا يجوز، كيف الإنسان في مثل مستواه أن يقلل من شأنه يتزوجني، لقد تزوجت هي قبل مني بعام وتزوجت في نفس المنزل، لكنها أصرت أن أخرج منه، نعم أتذكر السيدة "كريمة" وهي تبكي وهي تتحدث معي،

أنها لم تستطع أن تقنعهم، لقد وقفت "جلنار" تتحدى والدتها وقد وافق والدها لأنها الابنة الوحيدة، وتزوجت معهم ورجعت أنا مرة أخرى إلى تلك الحجرة، أو كما أقول لك الحجرتين التي ولدت بها، في البداية كنت أتذكر أبي وأمي وابكي طوال الليل، أما هي فكانت فرحة وكانها استعادت مكانتها، وأصبحت أنا من أقوم على المساعدة في العناية بالحديقة،

ولم تسمح لي أن أساعد في المنزل ممنوع منعا باتا أن اقترب من المنزل، لا سيما وزوجها متواجد ولذلك أتى لي زوج السيدة "كريمة" بشخص طيب كنت أعرفه، نعم كان يأتي أوقات كثيرة يساعد والدي، لم أعلم أنهم قاموا بالبحث عنه، لأنهم انتقلوا إلى مدينة أخرى لأنهم يعرفون عنه الصدق والأمانة، فجلبه زوج السيدة "كريمة" مرة أخرى،

وأقنعه بالراتب المرتفع، بل وبالزواج مني وتزوجت وأنا صامتة وصارحني في أول ليلة لنا أنه أحبني منذ صغري، لكنه لم يستطع أن يتحدث لم يستطع أن يتزوج لأنه لم يكن يملك المال، وكان الله قد جعل خطانا تلتقي بتلك الطريقة وتزوجته، وبعدها بتسعة أشهر جلبت إلى هذه الدنيا فتى وفتاة، أسميته الفتاة فرحه،

أما الفتى فاسماه والده "حافظ"، على اسم زوج السيدة "كريمة".

- وماذا حدث أيضا، وماذا حدث ل"رحمه" تلك العروس.

-مرت السنوات سريعا، لكن لم تنجب "جلنار" لزوجها، واشتعلت الغيرة مرة أخرى في قلبها، هي لم تنجب خافت أن يتزوج زوجها من أخرى، ففكرت في فكره وقد نجحت أن تجلب أحد أبناء ابنة خالتها التي هي أخت زوجها، كان يستمع لكلام أخته تلك،

وأقنعتها بأنها ستأخذ أحد أبنائها تقوم على تربيته بل وتعليمه في أرقى الجامعات، وبالفعل أتى ذلك الصغير ولأنها لم تعتد على الاهتمام بالأطفال كانت تعطيه لي والدته لا تعلم، لكنني أنا من اهتممت به من رأيته منذ اليوم الأول لقدومه إلى ذلك المنزل، كان فتى جميلا بهية الطلعة كريما، وكأنه أخذ من السيدة "كريمة"، التي هي أخت جدته الكثير من الصفات.
-وأين هي السيدة "كريمة"؟

-كانت قد توفيت هي وزوجها، وقد حزنت حزنا شديدا عليهم، بعد وفاتهم جلبتني ابنتهم إلى حجرة المكتب الخاصة بوالدها، وكأنها تريد الشماتة في، نعم لقد رأيت نظره الشماتة والحقد، لم تحزن على أبيها أو ولدتها كما حزنت أنا، ولم أجد مكانا آخر ارحل إليه أنا أو زوجي،

عندما كنت اقنع زوجي بالابتعاد فلنعمل بعيدا عنهم بعيدا عن تلك المرأة الحقودة، كان زوجها يقنعه بالمال، ولم أكن أعرف بماذا أتحدث أقول لزوجي أنها تغار مني، أم أن زوجها كان ينظر لي نظرات مختلفة، وهذا ما كان سيشعل الأمر بيننا.

واتت خادمه لا أعلم من أين جلبتها، وكأن قبيلة من قد دخلت معها إلى ذلك المنزل، لم تكن خادمه عادية بل كانت تمتهن السحر هي ووالدتها، واتت طمعا في أموال "جلنار"، كانت تجلس لأوقات طويلة تقرأ لها الفنجان، وتقرا لها الطالع وأقرأ لها الأوراق والكف، وجعلت "جلنار" لا تفعل شيئا إلا بعد موافقتها وكبر الصغير "طاهر" …

قامت "لميعة" من مكانها وكأنها أدركت شيئا، نظرت يمينا ويسارا والسيدة "حليمة" تبتسم لها وتقول :
- نعم أنا كذلك.

وبخطوتين اثنين كانت "لميعة" تحتضن والدتها خائفة، نعم فكرت أن السيدة "حليمة" ليست من البشر.

- هل أنت كيف؟
- قلت لك منذ البداية لا تخافي أنا أحميك منها.
- من ماذا؟

وهنا استمعت "لميعة" إلى صرخات عالية، تلك الصرخات التي استمعت إليها في الليلة الماضية، وبعدها بلحظة كان هناك من يحاول الدخول إلى الغرفة، وتعالى الصوت من الخارج.

- أريدها فلتعطيها لي، أريد أن أتغذى على ذلك الظلام الذي ينمو بداخلها.

ارتعدت "لميعة" ونظرت إلى "حليمة" التي ضحكت وقالت :

- لن تستطيع الدخول إلى هنا وأنا متواجدة يا "دينارة".

لم تنتهي روايتنا، فكونو بالقرب أعزائي القراء …
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي