الفصـل الثاني عشر

الفصـل الثاني عشر
فتح باب المنزل بصوت ارتطام أزعج الجميع، وبعدها استمعو لصوت خطوات وكانها طرق للطبول، نظر "أحمد" فوجد أمامهم رجلا ما، هيبة الطلعة وجهه ينم على أنه عربي الأصل والنشأة، يرتدي ملابس عصرية من الجينز، لديه لحية قد زادته وقارا وهيبة، تتدرج ألوانها ما بين الأبيض والأسود، وزادته رونقا وبهاء.

لم يستطع "أحمد" أن ينزل نظره فتبسم له ذلك الرجل، لكن كانت عيناه تنم على الذكاء الخارق وبعض اللؤم، فتحدث سابقا الجميع وهو ينظر إلى "أحمد" :

- كتبت لها أيضا يا "أحمد"، تركت لك قلبي وروحي ودموعي، يا من وعدتيني بالحب، واطفات شموعي، تطيب لك الحياة وروحي تصرخ بحبك، أتسمعين في الليل صدى صرختي، أم أنني كنت مجرد لحظة عابرة وثانيه، أم لم تسمعي إلى صوت ضميرك، وتسمعي إلى صوت صرختي، أم كان قتلك لي شيئا عاديا،

وقد ادعيت الحب لي وأنت خاوية منه، تدعين أنك مبتلية بحبي، وما عرفت الحب لقلبك الخاوي أبدا، تبكي الآن وتقول لي ابتعد، لقد أهلكتني وأدميت قلبي، وسأرد عليك والرد سيكون قريبا، فانتظريه منى، أليس تلك هي كلماتك لها.

- كيف عرفت ذلك ؟
- عرفتهم، وكان ينقله لي ذلك الثرثار الذي بجانبك.
- من ؟ ليس بجانبك أحد.

- قرينك أيها الذكي، يا من قرأت من الكتب الكثير والكثير، كنت تعتبر نفسك قد قرأت جميع الكتب وفهمت ما بها، وقرأت في سحر الفراعنة وكنت تشرح لابنتك ما فيه، لكنك كنت تحكي لها القصص، هي قصص ليست أكثر ولا أقل، وأنا أعلم أنك كنت تعلم أن ابنتك مميزة، فابنتك تشاهدهم وتشعر بهم وأنت تعلم بذلك، وقد حاولت طمس هويتها لكن حدث ما لم يكن في حسبانك، وذلك بسبب إهمالك وغرورك في آن واحد، أليس كذلك يا "لميعة".

- نعم هو كذلك يا "كهلان"، لذلك حاولت أن أضع أنفه في التراب، حتى أشعره أنه ليس مميزا، وانه حاول أن يكون مثلنا لكنه لم يعرف الطريق الصحيح.

صرخ "أحمد" : - لا لم أكن أريد أن أكون مثلكم، لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن امتهن السحر أو أقوم على فعله، أعلم أن له أضرارا كثيرة وهو كفر.
- شاهدت يا "كهلان" وأنت من بعثت لي أن أرأف به قليلا، ما زال الطريق أمامنا طويل يا هذا، وساهذب نفسك وسأذيب ذلك الغرور الذي يملأ قلبك ليس لشيء، إلا لأنك تعتقد أنك تفعل الصواب دائما لكنك لم تفعله، أنت تفعل الصواب من وجهة نظرك. ما هذه الأحاديث التي كنت تقولها لابنتك، هل هذا هو سحر، هل هذا ما سيحميها لا، من كان يحميها ذلك الذي معها، ولن أخبرك باسمه هو لا يريد، ابنتك هي من ستخبرك باسمه.

- ابنتي! وهل ابنتي تحدثت معه وكيف ؟

جلس "كهلان" بجانب "أحمد"، بعدما قام بالسلام على مايكل وزوجته كاترين، التي ذهبت إلى المطبخ لتحضر بعض المرطبات من الثلاجة، التفت بعدها "كهلان" إلى "أحمد"، الذي كان ينظر إليه في غضبك :

- نعم ابنتك، ألم تكن لك "لميعة" أن تلك الفتاة الجميلة تستمع إلينا وتشاهدنا، وأنها محبوسة ومربوطة في مكان ما، لكن من معها يقوم على حمايتها، أنت لا تعرف ماذا فعلت بها "أولاشي" لم تسلط عليها نوعا واحدا فقط من السحر، إنما سلطت عدة أنواع أيضا، كلفت عدة أنواع من الجن،

حتى يتشكلون لها ويقومون على إرهابها وتخويفها حتى ترضخ أخيرا لطلباتها، أنت تعتقد أن ابنتك صغيرة وهذا السن نعم هي ما زالت فتاة صغيرة، لكنها بلغت، هذا أولا،

وثانيا هي تفهم كل شيء وأنت تعلم أن في بلادنا العربية تنضج الفتاة سريعا، وقد نضجت ابنتك، وفهمت كل شيء ساعدها في ذلك تفتح عقل والدتها أليست والدتها من رومانيا.

- نعم هذا صحيح، لا أريد شيئا إلا أن تفيق ابنتي من هذا المرض الذي ألم بها أو من هذا السحر، وأريد أن أخذها بعد ذلك وارحل بها من هنا، وسأعطيكم كل ما تريده من أموال. وهنا نظرت إليه "لميعة" وهي ممسكة بيد "ريتال"، التي كانت عيناها تنظر إليهم يمينا ويسارا :

- ابنتك تستمع إلينا، لكن ليست هي من تنظر إلينا الآن، هذا واحد من تلك الشياطين التي سلطتها عليها، "أولاشي" لقد علمت "أولاشي" منذ الوقت الذي نظرت إليها والصغيرة تنظر من الصور الواقع ما بين حديقتكم وحديقتها، أن تلك الفتاة مميزة ومختلفة، لقد ضعف سحر "أولاشي".

لأنها كانت تستخدم ابنها وابنتها وزوجاتهم في اسحارها، لقد جعلتهم محملين بأنواع مختلفة من الجان، منهم من رفض يخرج من أجسادهم، لذلك فكرت أن تلجأ إلى ابنتك، لأنها قوية ولن يسمح ذلك الأمير الذي يتواجد معها، على أن يتلبس جسدها أحد ما، فقامت بخدعة وقد أفادته كثيرا وأنت كنت غبي. أكمل "كهلان" عنها الكلام :

- نعم كنت غبي، قرينك يخبرني أنك كنت لا تضع في القمامة أي أشياء خاصة بابنتك، لكنك نسيت أن ابنتك قد بلغت، وأنها تستخدم تلك الفوط الصحية التي تستعمل لمرة واحدة وترمي، وهذا ما استخدمته "أولاشي" التي كانت تراقبكم الليل النهارا حتى تخطئ في شيء ما، وذهبت إلى صندوق القمامة الواقع أمام منزلكم.

ولم تفعل شيئا غير أنها قامت بمد يدها في ذلك ذلك الصندوق، وأخرجت تلك الفوطة الملطخة بدماء ابنتك، وقد استخدمته في عمل السحر، وبالتأكيد أنت تعلم أن هذه الدماء تستخدم في السحر الأسود، وقد فأدتها كثيرا ولم تجلب شيطان واحد، بل جلبت عده شياطين كلفت كل منها بوظيفة معينة حتى تجعل ابنتك هكذا، ولكي تفهم لقد غادرت إلى بلدها، لأنها علمت أنك ستحتاجها وستذهب إليها هناك وتتوسل إليها. انتظر يا "كهلان"، سأخبره أنا بالباقي لذلك المغرور :

- أتعلم إن اتباعها ينقلون لها هذا الحديث الدائر بيننا ينقلون الكلام فقط، لكنهم لا يستطيعون التواجد، لكنهم يتواجدون في جسد ابنتك وأنا لم أقم على أذيتهم بسببها، حتى يحضر "كهلان" ونستطيع سويا أن نحرقهم في حالة عدم خروجهم لكي تفيق ابنتك.

ثم إن "أولاشي" كانت تنتظرك هناك لكي تستأثر بتلك الفتاة لنفسها، كانت ستقوم على تعليمها جميع أنواع السحر، ولعلمك ولكي تعرف أنا سأقوم بذلك، لا أعلم لماذا ؟

ولكن هناك من أخبرني أن أقوم بذلك.

- لا أريد لابنتي أن تقوم على أذية أي إنسان.

- هذا يعتمد عليها ولا يعتمد عليه أو على "كهلان"، ما أمرت به أن أقوم على تعليمها ولا أعلم الهدف، لكن ما أعلمه أن هناك ثأر ما بين من قالت لي أن افعل ذلك وبين أحد ما، ستقف ابنتك في وجهه في المستقبل، وستقوم على الثأر منه ولا أعلم من إلى الآن ؟

ولتعلم هو ليس ذلك الدرويش الذي استخدمته في سحر حبيبتك، لا ابنتك ستقف أمام كيان من تلك الكيانات الشيطانية الكبيرة، وللآن لا أعلم اسمه أو اسمها، لقد خبأته دهيبا بنت ساهف عني. وفي منزل "أحمد"، جلست "شارلوت" تبكي لوالدتها.

- لقد أخذ ابنتي يا أمي، أريد أن أعرف أين هي ؟ أنا لم أنجب غيرها وأنا أريدها، أنها خاصتي لا يحق له أخذها ولا أعرف أين ذهب بها ؟


ردت عليها والدتها "صوفي" وهي تربت على كتف ابنتها :

- هل تعتقدين أنه أخذها إلى بلده، لكن كيف سيقوم بترتيبات السفر بكل هذه السرعة، كما أنه لا يستطيع حجز تذكرة طيران بنفس السرعة.

ردت عليها ابنتها "لورا"، التي كانت تقوم بعدة اتصالات هاتفية مع أصدقائها، ليبحثوا معها عن ريتا حبيبتها، فطالما جلست معها بمفردها في هذا المنزل، عندما كان "أحمد" يقوم برحلاته الخاصة مع زوجته "شارلوت" :

- لا يا أمي إنهم داخل البلاد لم يغادروها، لكن لقد قال لك "أحمد" على ما اعتقد، أنه سيأخذها إلى أحد ما يقوم على شفائها، لقد سمعته لكن كنت تبكين، وأنت تمسكين بيدها وهي نائمة في المشفى، وأنا أعتقد أنه أخذها إلى أحد السكان الأصليين، واعتقد أيضا أن "أحمد" لديه عذر، أنت تعرفينه لن يتغير معك بين ليلى وضحاها.

- أنا لم أقل إنه تغير معي، أنا لا أشك فيه، لكن لقد أخذ ابنتي وأنا أريدها. نظرت الأم "صوفي" إلى زوجها جيمس، الذي كان يجلس بجانب النافذة، ينظر إلى المنزل المجاور منزل "أولاشي" وقال لهم :

- انتظروا أنا أراقب ذلك المنزل المجاور منذ الصباح، أين ساكنين أين كوامي وكوفيّ وكيماني والنساء "نايو" و"نيزنغا"، وأما عادة ما كانت "أموي" تخرج في ذلك الوقت لتشتري البقالة، أين هي كما أن صندوق القمامة الذي أمام منزلهم، أعتقده خاويا أين قاطيني ذلك المنزل ؟

وهل ما أحل "بريتا"، هم السبب في مثلما قال لي "أحمد" في المشفى، أن يعلم بالتأكيد أن تلك البغيضة "أولاشي" تقوم بأعمال السحر، لقد شاهدت ذلك بأم عيني وقد سمعت من عدة أشخاص في المنطقة أنها امرأة كريهة، هناك من كان يشاهدها في تلك المقابر القديمة بالقرب من الغابة ردت عليه ابنته "لورا" :

- وأنا أعتقد ذلك يا أبي، أن أمي لا تعتقد في أعمال السحر، لكني شاهدت ما كان يحدث ل ريتا عندما كنت أبيت معها، وأنت يا "شارلوت" كنت تتنزهين مع زوجك، كانت الفتاة تجلس في سريرها وهي تبكي وتضع الغطاء على رأسها، وتقول إنهم متواجدين في غرفتها، في البداية لم أكن اصدقها، اعتقدت أنهم أصدقائها الخياليون،

لكنها كبيرة على ذلك لقد أتتها دورتها الشهرية فهي ناضجة كبيرة، لكني كنت أواسيها ولا أعلم ما بها، في البداية اعتقدت أنها أفكار وخيالات أتتها عندما ذهبت إلى بلد أبيها، لكني أقسم لكم أنني خرجت لأحضر لها الماء، وعندما دخلت وجدت خيالات سوداء تجري على الحائط، وعندما دققت النظر اختفت فوجدت جسدي وكان به تيار كهربائي، لم تكن تكذب فيما كانت تقول:

- نعم قال لي "أحمد" ذلك، ومنذ ذلك الوقت ونحن لا نخرج ونتركها بمفردها، ونستمر معها وهو يجلس بجانبها يقرأ لها أشياء كثيرة لا أعلم ما هي، ويحتضنها ولا يتركها بمفردها، وأوقات كثيرة كان ينام بحجرتها على الأريكة المقابلة لسريرها،

حتى منعت أنا من ذلك وقلت له أن الفتاة كبرت وتحتاج لحرية، حتى ذلك اليوم الذي قال لي إن ذلك قد فعلته "أولاشي".

وذهب إليها، وكنت أنظر وهو يتحدث إليها عبر النافذة، وبعدها بفترة قصيرة انتهت تلك الخيالات التي كانت تأتي لابنتي، وقد نسينا الأمر ومرت الأيام واعتقدت أنه يعقد معها اتفاق الماء أو
تصالح معها، حتى حدث ما حدث لكنني ومع كل ذلك أريد ابنتي، أو أريد أن أعرف أين هي واطمئن عليها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي