الفصل التاسع والعشرون

الفصل التاسع والعشرون
_ بالأمس عندما أخذتني الممرضة "هدى" قالت لي أن والدتي قد تعافت، لكنها ستتكلم بعد ذلك بطء شديد.
-نعم يجب أن تعلمي أن والدتك هذه ستبعدك عن أشياء كثيرة، أشياء من شأنها أن تجعل قلبك مثل قلب أخواتك، وأرجو منك الاستماع إليها لا تستمعي لعقلك الذي يريد الانتقام، بل استمعي لقلب والدتك.

-كيف ذلك؟ أنت لا تعلمين ماذا فعلت معي "نغم"، والأكثر ما سمعته بعد ذلك ولا أستطيع أن أتحدث به، شيء لا يوصف لقد سمعت "نغم" وهي تتحدث مع "شغف" وتلومها على شيء، فاقتربت من المطبخ وكان يعتقدان أنني نائمة بجانب والدتي، لكنني استمعت ل"شغف" وهي تعاتبها وتقول لها عندما أحضرت لها العدوى من عند حفصة،

أردت فقط أن أمرضها قليلا ليس أن تقومي أنت على تشويه وجهها، وبعدها سمعت "نغم" وهي تنهرها نهرا شديدا، وقالت إنها ستنكر ذلك وستستطيع أن تثبت لوالدتنا أنها ذهبت لحفصة، وان هناك مفرش ما أو غطاء لا أعلم، قد فقد من عند حفصة وإن "شغف" هي من أخذته شيء من هذا القبيل، معنى ذلك أنهما مشتركتان فيما حدث لي.


-ألم تقل لك "هدى" أن هناك طبيبة، لديها أصابه مشابهة لإصابتك، لكنها لم تفعل ما فعلته أنت بوضع الشعر على وجهك والخوف وأنت مازلت طفلة صغيرة، أعلم ماذا ستقولين المعلمة والفتيات الأخريات لا تقلقي كلهن سيعاقبهم القدر عما فعلوه بك، لكن لا تتدخلي أنت وحافظ على صديقتك بدور هي مخلصة لك.

-لا أعلم من أين أتيت بكل هذه المعلومات عني، لكن اعتقد أنه الطبيب "طاهر" اانت قريبته، لكنني لم أتحدث معه عن بدور، كيف ذلك ! أكون تحدثت وانا نائمة لا أعلم؟ لقد سألتك، هل أنت قريبته؟

-للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن تستمعي لحكايتي، ولماذا أتواجد هنا.

- نعم فلتقولي لي، لقد قلت لي أن "رحمه" ابنتك عروس، متى ستأتي لكي أشاهدها.

- "رحمه"، "رحمه" كانت أجمل عروس.

- كل شيء كانت، هل تزوجت؟

- لا ماتت قبل أن تتزوج، وهي ترتدي فستان عرسها.

- لم أكن اعلم أنا أسفه.
- قلت منذ قليل أنك تريدين أن تعرفي من هي دينارا ومن هي "جلنار"؟ لكن يجب أن تعلمي أولا، أنه كان هناك سيدة راقية طيبة لأبعد الحدود، تملك من المال الكثي كانت تمتلك هي وزوجها منزلا كبيرا ضخما يتكون من عدة طوابق، وكان اسمها "كريمة" وكان اسمها قد أعطاها صفات كثيرة، قد كانت كريمة بالفعل، وقد كانت والدتي تعمل لديها، وكان لدينا حجرتان صغيرتان في الحديقة، كان أبي يعمل لدى زوج السيدة "كريمة" منذ شبابه.


- يعمل ماذا؟
-كان أبي يزرع لهما الورود، ولأن الأرض المحيطة بذلك القصر هو ليس منزل فقط ضخم، بل قصرا كبيرا تحاوطه أفدنة من الأراضي، بها كثير من المزروعات المختلفة حتى النخيل.

- ما أجمله !

- كان، كان جميل لقد احترق.

- فلتقصي علي حكايتك منذ بدايتها.

- أنا ادعى "حليمة"، ولدت في حجرة صغيرة في حديقة منزل السيد "حافظ"، وزوجته السيدة "كريمة" التي تأخر إنجابها 10 سنوات منذ زواجها، لذلك كانت تعطيني أشد الاهتمام، كانت فرحة بي وكأنني ابنه لديها.


- ما ألطفها من سيدة.

- كان القصر يتكون من ثلاث طوابق، الطابق الأول كان الاستقبال، وكانت به غرف للمعيشة، وكان به مطبخ كبير هذا الطابق الأول كان من الرخام الأبيض ناصع البياض، والمطبخ كان كبيرا جدا من الرخام، أتذكر أنني جلست به أوقاتا كثيرة، وأوقات أخرى كانت تقوم السيدة كريم على أخذي إلى غرفتها في الدور الثاني وتجلسني بجانبها،
وتقص على القصص وتلبسني أجمل الثياب، كانت والدتي سعيدة بهذه المعاملة، لم تشعر ليوم من الأيام أنها تخدم في أحد المنازل، والدي يزرع وهي تنظف، لكن لا تنظف بمفردها كان هناك عدد من الخدم يأتون يساعدوها، وكأن والدتي كبيرة الخدم، وكانت تلك السيدة اللطيفة تجلس جميع الخادمات في المطبخ، وتصنع بيدها لهم طعاما كثيرا، بل وتجلس أيضا معهم لكي تأكل.

-صحيح أنها "كريمة" وهي "كريمة".

-في ذلك الوقت عندما كنا نريد أن نرتدي الملابس، تأتي السيدة التي تخيط الملابس بتلك الماكينة الخاصة بالخياطة إلى المنزل، لا أن تذهبي أنت إليها، وكان يعطي لها الأموال بما يسمى اليومية، فكانت تأتي يوما واثنين وثلاثة وأربعه، وتتماطل لأنها في ذلك المنزل كان يطالها الخير والرزق والكرم، وكانت السيدة "كريمة" تعرف ذلك ووتعضك خيرها وكرمها على الجميع.

-وزوجها ماذا كان يعمل؟

-زوجها كان يعمل بالتجارة.
-إذا ماذا حدث؟
-هل يتركنا الشيطان ننعم في تلك الجنة؟
- لا أعلم؟

- لم يتركنا، وكأن الشيطان أتى بميلاد "جلنار" أنها ابنة السيدة "كريمة"، التي تمت ولادتها في الطابق الثاني، كنت أبلغ من العمر خمسة أعوام وكنت مدللة، وحتى بعدما ولدتها والدتها كنت مدللة لأن والدتها أحبتني، وكبرنا وكانت دائما "جلنار" تتساءل ماذا أكون لهم، ولماذا أتواجد في غرفة والدتها، ولماذا أتواجد في غرفتها؟

ولماذا اجلس هنا ولا اجلس في الأسفل، لأنها علمت أن والدتي هي الخادمة، حاولت والدتي التقرب إليها واللعب معها، لكنها كانت ترفض الجميع حتى أنها وهي صغيرة جدا، عندما كانت تشاهد والدتها تقوم على إعطاء بعض الحلوى، كانت تقوم على عضها بل وخربشتها أيضا في يدها، في البداية كانت والدتها تضحك كانت فرحة أن لها ابنه تغار عليها، لكن مع مرور الأعوام أصبحت السيدة "كريمة" تبكي لأنها تحبني مثل ابن لها، حتى أنها قالت لي يوما أنه حدثت معجزة لها وأنا صغيرة


- معجزة كيف ! لقد قالت لنا المعلمة في المدرسة أن زمن المعجزات قد انتهى.
- هي معجزة من نوع آخر، كانت والدتي تجلس وتجلس تلك الفتاة جلنار، وقالت لها يجب أن تعلمي أن "حليمة" أختا لك، فبكت فقالت لها والدتها نعم هي أختك، لقد قمت على إرضاعها ولأني كنت أكبر من "جلنار" استطعت أن أتساءل كيف ذلك؟ قالت لي السيدة "كريمة" أن والدتي بعدما أنجبتني بوقت قصير مرضت،

وكانت حرارتها مرتفعة، وكان لابد أن لا تقوم على ارضاعي وكنت أبكي بكاء شديدا، وأبي خرج ليأتي بأنثى ماعز كي يقوموا على ارضاعي من لبنها، قالت إنها وضعتني على صدرها وكأنها أمي، لكنني التقمت ثديها وشعرت بعد ذلك أن هناك شيء ساخن، فوجدت أنه لبن نعم لقد در ثديها لبنا لي.

-كيف ذلك؟
- وقتها قالت لي والدتي أنها تشهد وتقسم أن هذا ما حدث، وان كثرة حبها لي والحنين الذي بداخلها للأطفال، جعل جسدها يعتقد أنني ابنه فعلية لها ووقتها تعجب الجميع، لكن زوجها قال لا تخبري أحد، وأصبح هذا سرا ما بين والدي ووالدتي وسيده "كريمة"، وزوجها لم يخبرها أحد آخر من تلك الخادمات التي تأتي، أو العاملين الذين يعملون مع والدي في المزرعة، نعم كان والدي بجانب اهتمامه بالحديقة الكبيرة، يذهب إلى مزرعة السيد زوج السيدة "كريمة"، ويعمل بها ويشرف على كل صغيرة وكبيرة هناك،

كنا فرحين لكن لم أكن في البداية أشاهد أعين "جلنار" مليئة بالحقد والكره، الذي لا أستطيع أن اوصفه أكثر من كره "نغم" و"شغف" لك، كان من نوع آخر من نوع مختلف.-كيف نوع مختلف؟ أعتقد أن الكره هو الكره.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي