الفصل الخامس عشر

الفصل الخامس عشر:
نظرُ "كهلان" إلى "لميعة"، وفي عينيهِ نظرةَ التشفي، هوَ ليسَ تشفي فقطْ بلْ يريدُ إعطائها درسا، لقدْ أرادتْ أنَ تذكرَ "أحمد"، بما فعلهُ في الماضي، وقدْ استطعتُ ذلكَ لكنْ منْ سيذكرُ "لميعة"، بما فعلتهُ وما فعلَ بها.

- حسنا، أيَ غرفةِ تلكَ التي قلتُ لي عليها منذُ قليلٍ؟ ولماذا "لميعة" صامتةً هكذا؟ وعلاماتِ الاندهاشِ على وجهها، أنها تدومُ هلْ هناكَ شيءُ ما.

- لا يا "أحمد" لا تقلقُ، فلتصعد أنتَ إلى الطابقِ الثاني، ستجدُ أمامكَ عدةُ غرفِ اخترْ أيَ غرفةٍ كيفما شئتُ، باستثناءِ الغرفةِ الأولى ذو الرائحةٍ النتنةٍ، أنها غرفةٌ "لميعة" لا تقتربُ منها.

اخترْ أيَ غرفةٍ تريدها، ثمَ أنزلَ مرةَ ثانيةِ، وقلْ لي أيُ غرفةٍ اخترتُ، وبعدها أذهب واجلسْ معَ "مايكل" وامرأتهُ في المطبخِ، وأنا لديَ منْ سيقومُ على تنظيفها، وتنظيفُ الغرفةِ التي بجانبها لكيْ ينامَ بها كلا منْ "مايكل" و"كاترينْ، وأنتَ نم في تلكَ الغرفةِ التي ستتواجدُ بها ابنتكَ، كلَ غرفةِ بها أريكةٌ تستطيعُ النومَ عليها.

- وأنتَ يا "كهلان"؟

- لا لقدْ تعودتْ على النومِ في هذهِ الغرفةِ بالأسفلِ، لا تقلقُ بشأني.

صعدَ "أحمد" إلى الطابقِ الثاني، فلحقهِ "كهلان" ونداهُ :

- أرجو منكَ عدمَ الاقترابِ منْ الطابقِ الثالثِ، أنهُ مغلقٌ منذُ فترةٍ طويلةٍ، ولا تريدُ أنْ تجلبَ لنفسكَ المزيدَ منْ المشاكلِ، يكفي ما أنتَ بهِ لا تفتحُ علينا أبوابٌ لا نستطيعُ أنْ نغلقها فذلكَ الطابقُ لهُ سكانهُ.

- حسنا يا رجلٌ لقدْ أخفتني، حسنا لا تقلقُ.

وصعدَ "أحمد" إلى الأعلى، أما "كهلان" فنظرَ إلى "لميعة"، التي كانتْ وكانها تستنجدُ بهِ وقالَ لها :

- منذُ سنواتٍ طويلةٍ كنتُ أريدُ أنْ أجعلكُ تتذكري، ما حدثَ، أنْ تتذكريَ ذلكَ السببِ الذي تغيرتي منْ أجلهِ، وأصبحتُ كذلكَ تلكَ المرأةِ التي لا تلقى بالاً لشيءٍ، ولا تهتمُ بمشاعرِ الآخرينَ اعلمْ أنَ السحرَ علمكَ ذلكَ، وأنكَ فعلتْ أشياءَ قبيحةً، وفعلتُ أنا أيضا لكننا كبرنا وتعلمنا، ووعدنا أنفسنا منذُ سنواتِ..

أنْ نبتعدَ عنْ تلكَ الأفعالِ القبيحةِ، لكنَ آلانْ يجبُ أنْ تتذكريَ، تتذكري كلُ شيءٍ لا لشيءِ ما في نفسيٍ، وإنما أريدُ أنَ اجعلْ تلكَ اللمحةِ الإنسانيةِ، تستيقظُ ثانيةً بداخلكَ حتى لوْ كانَ استيقاظها سأجعلكُ تبكينَ، وتتالمينْ مرةً أخرى، أنكَ الآنَ تنظرينَ إلى ما حدثَ معكَ وما فعلتيهِ، وكأنكَ مشاهدُ يشاهدُ فيلما ما تشاهدينَ خلفُ الكواليسِ، ما كانَ يقالُ خلفَ ظهركَ، وتشاهدينَ نفسكَ وكأنكَ في بعدِ ثالثٍ.


زامتْ "لميعة" مرةً أخرى، فضحكَ عندما شاهدها قدْ رفعتْ أصبعها بطريقةٍ لا تليق اخلاقيا:

- أنت لنْ تتغيرَ، وهذا الأصبعُ الذي اعتدتْ على إتيانهِ بتلكَ الحركةِ لي دائما سأكسرهُ لكَ قريبا، اتركي نفسكَ وشاهدي ما حدثَ، اتركي نفسكَ أنْ تذكركَ للماضي صدقيني سيعملُ على بناءِ مستقبلٍ لتلكَ الفتاةِ التي تنظرينَ إليها، وكأنها ابنتكَ، نعمْ أعلم، أعلمُ أنها كانتْ أنثى تلكَ التي قمتُ على إجهاضها، ولنْ نستطيعَ في يومِ منْ الأيامِ أنْ نعوضها.


رجعتْ "لميعة" مرةً أخرى إلى تلكَ الذكرياتِ لمْ تعدْ تشاهدُ "ريتال"، وهيَ نائمةٌ على الأريكةِ أوْ حتى "كاترين"، أوْ تسمعُ أيَ صوتٍ غيرِ أنها وجدتْ نفسها، في منزلهمْ القديمِ وهيَ تجلسُ أمامها تلعبُ جعلتْ تقولُ في نفسها :

- أينَ تعلمتْ ذلكَ السحرِ يا "كهلان"، وعندما تتعلمهُ تختبرهُ في، فأنا أشاهدُ نفسيٍ اجلسْ على الأرضِ العبْ بتلكَ الكراتِ الملونةِ الصغيرةِ، وها هيَ "نغم" تقفُ في الخلفِ وتضعُ كلتا يدها على خصرها، وتنظرُ إلى والشرارُ يخرجُ منْ عينيها، إذا فما فعلتهُ بها بعدَ ذلكَ لمْ يكنْ شيئا خاطئا، نعمَ لقدْ جعلتها تتقيأُ دما منْ الحسرةِ، والبكاءِ وهنا جاءَ صوتُ والدتها المحببَ إليها تلكَ الحبيبةِ، التي ماتتْ منذُ سنواتٍ طويلةٍ التفتتِ إليها "لميعة"، وهيَ في سنها الأكبرِ.

نظرتْ إليها، أرادتْ احتضانها فتقدمتْ فاتحةُ ذراعيها لاحتضانِ، والدتها لكنَ والدتها كانتْ وكأنها هواءٌ، دارتْ مرةً أخرى "لميعة" تنظر إلى ظهرِ والدتها بعدما تخطتها وشاهدتها تنحني أرضا وتقبلَ رأسها، وهيَ صغيرةٌ نظرتْ إلى ملامحِ والدتها كما عهدتها منذُ الصغرِ رقيقةً حنونةً :

- نجمتي الصغيرةُ شاهديْ، ماذا أحضرتْ لكَ؟ أنها كعكاتٌ كثيرةٌ منْ منزلِ جارتنا أمْ "عبدِ العزيزْ"، قدْ كانَ عيدُ ميلادِ ابنها وذهبتْ بمفردي، وأنتَ نائمةٍ لكنَ أحضرتْ معي تلكَ الكعكاتِ الجميلةِ وأنتَ أولِ واحدةٍ ستقومينَ على تذوقها هنا، تفضلي يا حبيبتي يا مهجةُ القلبِ وننِ العين.

نظرت الأمَ فوجدتْ أنَ "نغمَ" التي كانتْ تقفُ قدْ اختفتْ، دخلتْ حجرتها و أغلقتها على نفسها كعادتها هيَ و"شغف":

- حبيباتي لماذا تجلسنَ هنا بمفردكما؟ فلتأتوا إلى الخارجِ نجلسُ جميعا، وسأقومُ على تحضيرِ بعضِ المقرمشاتِ وأنتَ يا "شغف" فلتصنعِ لنا أكوابا منْ الليموناتا، فإنَ الجوّ حارٌ وانا سأدخلُ إلى دورةِ المياهِ استحمَ، واخرجْ ثانيةً نعمْ تذكرتْ، لا تذهبُ أيَ واحدةٍ منكمْ إلى منزلِ والدهِ "حفصة" فإنَ "حفصة" الصغيرةَ، قدْ أتاها ذلكَ المرضِ الذي يدعى الجدريُ لا تذهبوا إلى هناكَ أنهُ معدي يا حبيبتي.

نظرتْ "نغم" إلى والدتها بتساؤلٍ، وقالتْ :
- كيفَ معدي يا أمي؟


_ لا تقلقينَ أنتَ و"شغفُ" لقدْ أتى لكما وأنتمْ صغيراتٍ، فلنْ تنتقلَ العدوى لكما مرةٌ أخرى، هكذا قالتْ لي والدتي، لكنَ منْ يذهبُ إلى هناكَ ويلامسُ المريضةَ تلكَ القشورِ البيضاءِ الصغيرةِ التي تنتجُ عنْ الجدريِ تجلب العدوى، وهيَ خطيرةٌ فإنَ مريضَ الجدريِ، لوْ لمسَ أيَ فقاعةٍ منْ تلكَ الفقاعاتِ التي تظهرُ على وجههِ، يحدثُ مكانها ثقبا صغيرا لذلكَ تقومُ الأمهاتُ على تكتيفِ أيدي أبنائهمْ، حتى لا يقوموا بحكاك وجوههمْ، قدْ فعلتْ معكمْ ذلكَ وأنتمْ صغيراتٍ، وأنتَ يا "لميعة" لا تذهبينَ لكيْ تلعبيَ معَ "حفصة" هذا خطرا يا حبيبتي.

ثمَ همتْ والدهُ "نغمَ" بدخولِ دورةِ المياهِ مرةً أخرى، وقفتْ هلْ تقولُ لابنتها أمْ لا فالتفتَ وشاهدَت "نغم" و"شغف"، ينظرانِ إلى أختهمْ التي كانتْ تلعبُ بتلكَ الكراتِ الصغيرةِ :

- ولدي لكما خبرٌ، في عيدِ الميلادِ تقابلتْ هناكَ معَ والدهِ "حيدرْ" هيَ قريبةٌ والدة "عبدَ العزيزْ" وقدْ تعرفتْ عليهِ، وقالتْ إنها أتتْ خصيصا لتتحدثَ معي أنَ والدة "عبدَ العزيزْ"، قدْ تكلمتْ عنكَ يا نغمُ وأنتَ يا "شغف"، لكيْ تخطبكما لولدها "حيدرْ" هوَ البكرُ و"جوادْ" هوَ ابنها الثانيَ، تريدُ أنْ تأتيَ بعدَ يومينِ لكيْ تتعرفَ عليكما.

وهنا نطقتْ "لميعة" ببراءةِ طفلهِ:

_ وأنا يا أمي أريدُ أنْ اخطبْ لواحدِ منهما، سأتزوجُ الأجملَ منهما، ولتكتفي أنتَ بتزويجِ نغمِ ولتنتظرْ شغف حتى أتزوجَ أنا.

- لا يصحُ يا حبيبتي فإنَ الكبيراتِ يتزوجنَ قبلُ الصغيرةَ، وأنتَ الصغيرةِ عندما يتزوجا ويتركانِ هذا المنزلِ ويذهبانِ إلى منزلِ، أزواجهمْ ستكونينَ أنتَ الملكةُ المتوجةُ على هذا المنزلِ، وسأعطيكُ تلكَ الحجرةِ الكبيرةِ الخاصةِ ب"نغمِ" و"شغفِ".

وهنا نظرتْ نغمَ شغفٍ إلى بعضهمْ البعضِ، وقدْ أكلتْ الغيرةُ قلوبهمْ:
_ لقدْ دخلتْ أمي إلى دورةِ المياهِ يا "شغف" فلنجلس في حجرتنا.

_ حسنا هيا بنا.
وبعدِ دخولهما الحجرةَ، وبعد أنْ أقفلتْ "نغمَ" البابِ التفتتِ إلى، "شغفٍ" وقالتْ لها :
- اشاهدت والدتي، وحبها لتلكَ الشمطاءِ قالتْ لها سأجعلكُ ملكةُ متوجهٍ على هذا المنزلِ، وتريدُ تزويجنا منْ اثنينِ لا نعرفُ عنهما شيئا ولمْ نشاهدهمْ قبلَ ذلكَ.

- هذهِ عادتنا يا "نغمُ" كثيرٍ منْ صديقاتي تزوجنَ برجالٍ لمْ يشاهدوهمْ قبلَ ذلكَ، سنشاهدهمْ عندما يأتوا خطبتنا وأعتقدُ أنَ الزواجَ لنْ يكونَ مباشرةً بلْ هناكَ فترهُ، حتى نتعرفَ عليهمْ ثمَ فلتكون ملكهُ أوْ أميرةِ المهمِ أننا سنتركُ هذا المنزلِ، ونتزوجُ لنْ تقلقنا تلكَ البغيضةِ مرةً أخرى فلتفعلْ لها أمي ما شاءتْ.

وكأنَ "كهلان" قدْ ألقى بتعويذةِ ما أو ان أثر التعويذة الملقاة على "لميعة" اصابتهم جميعا، "أحمد" يقفُ في شرفةِ الغرفةِ الثانيةِ في الطابقِ الثاني، عينيهِ مليئةً بالدموعِ يتذكرُ كلماتِ فتاةً منْ الفتياتِ اللاتي، وأعدهنَ وتركهنَ هوَ حتى يشبعَ غريزةَ الانتقامِ بداخلهِ وهيَ تبكي هاتفيا، وتتحدثُ معهُ وهوَ يسألها :

- هلْ تحبينني ؟
كانتْ تلكَ الفتاةِ "رغد" قويةٍ على الرغمِ منْ رقتها الشديدةِ إلا أنها لا ترغبُ أنْ تقفَ في صفٍ طويلٍ مليءٍ بالنساءِ، فأجابتْ عقلها وحطمتْ قلبها بيدها وردتْ عليهِ في تلكَ المحادثةِ التليفونيةِ قائلةً لهُ :

- لا يا "أحمد" لمْ أعدْ أحبكُ
- لماذا
- تسألني لمٌا لمْ أعدْ أحبكُ سأجاوبكُ، لأنني نسيتُ أني امرأةٌ نسيتُ نفسيٌ لأنكَ لمْ تعدْ تلاحظُ ذلكَ، لماذا لمْ أعدْ أحبكُ؟ لأنهُ دائما تخرجُ تلكَ الكلماتِ الجميلةِ مني أنا وليسَ منكَ أنتَ، أتعرف لماذا أيضا لمْ أعدْ أحبكُ، لأنكَ دائما ما تشعرني أنني في احتياجِ لكَ وأنكَ لمْ تعدْ تحتاجني أتعرفُ لماذا لمْ أعدْ أحبكُ.

لأنني كرهتُ كلُ لحظةِ ضعفِ بي جعلتني أحبكُ، وانا أضغط على نفسي وأذلها وكلَ مرةً نتخاصمُ، وانا أتصالحُ معكَ،
أتعرفُ لماذا أيضا؟ لمْ أعدْ أحبكُ لأنكَ استطعتُ أنْ تبتعدَ عني لأيامٍ كثيرةٍ أشاهدكُ وأنتَ تتحدثُ معَ تلكَ، وتلكَ وتلقي التحياتِ، وأنا اجلسْ في تلكَ النافذةِ انظرْ إليكَ وأنتَ تتعمدُ ذلكَ عندما تخرجُ منْ بابِ منزلكمْ.

أتعلمُ أيضا لماذا لمْ أعدْ أحبكُ، لأنني لمْ أعدْ أولُ اهتماماتكَ، رقم واحدٌ في حياتكَ أتعلمُ أيضا لماذا لمْ أعدْ أحبكُ لأنني كنتُ انتظرَ أيَ مناسبةٍ، تأتي حتى أعبرَ لكَ عنْ حبي لكَ أوْ اتصلَ بكَ هاتفيا اسألْ دائما عنكَ، وأنتَ لا تسألُ بلْ إنكَ تتفننُ في مخاصمتي كي تبتعدُ عني.

أنتَ المفروضُ الذي تقومُ على حمايتي، وإبعادُ أيِ شيءٍ يقومُ باذيتي إلا أنكَ أنتَ أصبحتْ أولَ تلكَ الأشياءِ التي تقومُ على أذيتي.
أتعلمُ لماذا لمْ أعدْ أحبكُ لأنني أشعرُ أنني أكلمُ نفسيٍ، وانْ تلكَ الأحلامِ التي تمنيتها أنْ تكونَ معكَ تقابلتْ معَ حائطِ منْ الأسمنتِ، بسببكَ أنتَ لأنكَ أنتَ منْ قمتُ على بنائهِ أتعرفُ لماذا لمْ أعدْ أحبكُ، لأنَ عيني رفضتْ أنْ تشاهدكَ على حقيقتكَ،

ورفضتْ أنْ أشاهدَ أحدا غيركَ، فقدْ كانَ المنتصرُ في البدايةِ قلبيٌ وليسَ عقليٌ أنني تفاجأتْ بردودِ أفعالكَ وكلامكَ القاسي، الذي لمْ أكنْ أتصورُ أنْ يخرجَ عنكَ وذلكَ الإهمالُ اللامتناهي أنا لمْ أعتدْ أنْ أقفَ في صفٍ مليءٍ بالنساءِ، أنا لستِ مثلهنَ نعمْ قلتَ لي سابقا أنني ضعيفةٌ لا هذا هوَ الظاهرُ، أنا أرفضُ أنْ أكونَ واحدةً منْ تلكَ النسوةِ التي تنتظرُ منكَ كلمةً واحدةً، لستُ مثلهمْ أنا بالفعلِ،

لا أريدكُ، أتعلمُ لماذا لمْ أعدْ أحبكُ مرةً أخرى، لأنني كنتُ اعشقْ وجودكَ بجانبيْ لكنني كنتُ دائما اتفاجا بذلكَ البرودِ الذي يملأكَ، لماذا نطقتْ تلكَ الكلمةِ التي تعني كلَ معاني الحبِ لماذا قلتُ لي أحبكُ، وأنتَ تعلمٍ أنَ الأنثى لا تريدُ غيرَ تلكَ الكلمةِ تبحثُ عنها كثيرا، حتى تجدها وقدْ قلتها لي لماذا قلتها وأنتَ غيرِ صادقٍ،

أتعلمُ عندما يرنُ هاتفيٌ أوْ يجيني تنبيهٍ برسالةٍ هاتفيةٍ، أعتقدُ أنَ المتصلَ أنتَ لكنْ كلُ مرةٍ أخذلُ فيها تحطُ منْ مكانتكَ في قلبي بسببِ إهمالكَ، وقسوتكَ ولا مبالاتكَ أقسمَ لكَ أنني لمْ أعدْ أحبكُ ولا أريدُ أنْ أعرفكُ، أوْ أتقابلُ معكَ في يومِ منْ الأيامِ.




قامتْ "ريتال"، ووقفتْ وهيَ ما زالتْ داخلَ الدائرةِ التي صنعها "كيـوان"، تحاولُ أنْ تستمعَ لأيِ صوتٍ لكنها لمْ تستطعْ فنظرتْ إلى "كيـوان" وقالتْ :

- "كيـوان" ماذا في الأمرِ أشعرُ أنَ هناكَ شيئا ما يحدثُ أينَ أبي؟ ولماذا قامتْ "لميعة" منْ هنا وأينَ ذهبتْ؟ ولماذا قالَ لها "كاترين" هذهِ الأمورِ، ولماذا هوَ يجلسُ الآنَ يتمتمُ كأنهُ يلقي تعويذةَ ما؟ أينَ الجميعُ أنني لا أستمعُ لأحدٍ وكانَ المنزلُ لا يوجدُ بهِ أحدٌ .

- بالفعلِ أنهُ "كاترين" يلقي بعضُ التعاويذِ، لا تلقي بالاً للأمرِ ستستردي جسدكَ ووعيكَ قريبا لا تقلقي فأنا الآنُ يحاربُ "أولاشي"، بطريقتهِ الخاصةِ أما "لميعة"، فتتذكرُ ماضيها ووالدكَ أيضا حتى كاترينْ التي تبكي في المطبخِ.

أنا استمعَ إلى صوتها و"مايكل" الذي يجلسُ منفردا، هوَ الآخرُ على الدرجِ الخلفيِ للمنزلِ يشاهدُ الدجاجاتِ لكنهُ يتذكرُ أشياءَ حدثتْ لهُ في الماضي، هذا ما يفعلهُ "كاترين" ويفعل نفسُ الأمرِ معَ "أولاشي" يجعلها تتذكرُ ما فعلتهُ بأبنائها، يذكرها بماضيها ويذكرها بحبِ والدتها لها حتى يجعلها تستيقظُ ،ويوقظُ بها غريزةَ الأمومةِ، كيفَ فعلتْ ذلكَ بأبنائها؟ حتى تضعفَ لوْ بكتْ لأنها تحاربهُ، هيَ ومنْ معها في محاولةِ فكِ أسركَ لا تقلقي فتماسكي.


- أنا متماسكةٌ يا "كيـوان"، وأنتِ بجانبيْ وأنا بالفعلِ الآنَ لا استمعَ إلى تلكَ الوحوشِ، التي كانتْ تقفُ بالقربِ منا وأشاهدُ ضوءً يأتي منْ البعيدِ لعلهُ الخلاصُ.
- بالفعلِ لقدْ اقتربَ، وقتُ الخلاصِ يا حبيبتي لا تقلقي.

- وعندما استردَ وعيي و جسديٌ، هلْ أشاهدكُ مرةً أخرى؟ هلْ أستطيعُ لمسكَ؟ أنتَ أصبحتْ صديقي الوحيدَ في تلكَ الحياةِ.

- لا تقلقي أنا معكَ منذُ اليومِ الأولَ بلْ اللحظةُ الأولى لميلادكَ، ولنْ أترككُ حتى وأنتَ جدة لعدةِ أطفالٍ كبيرةٍ في السنِ طوالَ حياتكَ، سأكونُ بجانبكَ لا تقلقي حتى وإنْ لمّ تشاهديني سأتحدثُ معكَ وتسمعينَ صوتيٌ، وهناكَ أوقاتٌ سأظهرُ لكَ لا تقلقي.

لنْ أدعَ أحدُ يقومُ على آذيتكُ، في يومِ منْ الأيامِ إلا شيءٌ واحدٌ لا أستطيعُ الاقترابُ منهُ، وهوَ جعلكَ تحبيْ أوْ تكرهي شخصا ما، الحبُ يا صغيرتي هوَ أذيةُ قلبكَ هذا لما فرَ منهمْ وأنا لا أستطيعُ أنْ أجعلكُ لا تحبينَ أحدُ لنْ نستبقَ الأحداثُ، حتى نشاهدَ ونعرفُ ماذا تفعلهُ "لميعة" معكَ.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي