الفصل الثالث

رغم الانكسارات التي تشعر بها والخيبة التي تمكنت من قلبها وفطرته، قاومت كي لا يشعر بوهنها أحد وينال مراده بضعفها.

طأطأ رائد رأسه عن النظر في وجه ميس ولم يجب،وفي رأسه تتطاير الأفكار عن ماهية الكذبة التي عليه أن يرتبها في غضون ثوان،لأن الأصح لم يكن لديه ما يمكن قوله أو تبريره في مثل هذا الموقف السخيف، لقد وقع في فخ أفعاله.

أما ميس اكتفت بهذا فأمسكت كأس المشروب الغازي الذي وضع أمام رائد وواحد مثله وضع أمام تلك الفتاة والتي لم تكن تتميز عن ميس بشيء( حسب وجهة نظرها)، وارتشفت منه ما استطاعت حتى لذعت حنجرتها، ثم وضعته وقالت لهما وهي تضعط أسنانها ببعضهم دون أن تحرك فكيهاونظرها ثابت في عيني زوجها: اتمنى لكما وقتا ممتعا.

أدارت ظهرها غير مكترثة للبركان الذي يثور في أعماق رائد،ثم تركتهما وأسرعت بالنزول، لم يأبه رائد بحالتها ولم يخطر له فعل شيئا من أجلها، بل عدل جلسته والتقط أنفاسه التي خفت بعد ارتفاع حرارته من الموقف المخجل الذي وضع نفسه به، ثم حاول تعديل الأجواء المتوترة فأمسك يد تلك الساقطة، وهو يقول لها: ايه_ أين كنا؟

نزلت ميس عن درج بخطوات ثقيلة متهالكة، سبقتها دموعها بنزول دون إذن منها وهي تفكر في مكان تلوذ إليه تختبئ فيه، كي تؤوي قلبها، بعد أن استدارت ولم يعد رائد يراها انهارت تلك القوة التي تدعيها، فهي مجرد ستار يخفي خلفها قلباً هشا منكسرا لا يقوى على حماية نفسه من غباءه.

عادت إلى المستشفى حيث ترك ماريا، وهي تجر خلفها أذناب الخيبة، بحثت عن الطبيب المسؤول لترى أن كان قد انتهى من عمله أما لا، فبعد بحث عنه، رأته أخيرا وسألته: هل انتهيت من وضع الجبيرة حضرة الطبيب؟

أجاب الطبيب قائلا: نعم انتهيت منذ قليل، ولقد تم نقل المريضة إلى الغرفة كي ترتاح قليلا، يمكن رؤيتها.

شكرت ميس الطبيب ثم همت للذهاب إلى ماريا، إلا أن الطبيب قاطعها وقال: هذه بعض الأدوية يجب إحضارها لها، قبل أن يبدأ مفعول المسكنات بالزوال عنها، بتأكيد ستشعر ببعض الألم وارتفاع في درجة حرارة الجسم.

أخذت ميس تلك الورقة وشكرت الطبيب مرة ثانية على اهتمامه، ثم ذهبت تبحث عن غرفة ماريا لتطمئن عن حالها.
سألت في قسم الإستقبال، وأخبروها عن رقم الغرفة التي وضعت فيها جارتها.

وقد كانت غرفة في الطابق الثالث، بعد أن بحثت بين الغرف وجدت المكان المنشود، طرقت الباب ثم دخلت، رأت ميس صديقتها ممددة وقد لفت قدمها بكثير من الشاش وعلقت بشئ لا تعرف ماهو، ولا تفهم السبب، لم يكن همها في تلك اللحظة فهم ماهية الأشياء التي تراها، ولسان لحالها يقول: ليتني أستطيع الخلو بنفسي ولا يراني أحد.

إنها مازالت تفكر برائد والفتاة التي تجلس برفقته، وكيف له أن يترك زوجته تذهب ويبقى هو معها دون أن يحرك ساكن لتبرير الموقف، ثم ضحكت ساخرة من نفسها بعد ما عاد لخاطرها أفعال رائد معها وقسوته عليها، قاطع شتات أفكار ميس صوت ماريا المرحب بها بنبرة فيها من الوجع الكثير: اهلا بك يا ميس، أين كنت لقد افتقدتك؟

محاولة إخفاء ما في دخلها بتلك الابتسامة الباردة قالت ميس: أين يمكن لي أن أذهب؟ ومن لي هنا حتى اذهب إليه؟ كنت أجلس في قاعة الانتظار، وفور علمي بانتهاء الطبيب من وضع الجبارة لك اتيت مسرعة كي اطمئن على حالك، كيف تشعرين الآن؟ هل أنت بحال أفضل؟

قالت ماريا وقد جعد آلام جبهتها: بحال أفضل لكن الأمر لا يخلو من بعض الأوجاع، ولا أدري كم تحتاج من وقت حتى تزول.

تمنت ميس لها الشفاء بقولها: سيتحسن حالك قريبا وستعودين كما كنت، تنظفين وتطبخين من أجل أطفالك.

بتلك الكلمة تذكرت ماريا أطفالها فقاطعتها وهي تسأل: الأطفال؟ هل حدثتي أم خالد لتسأليها عنهم؟

ضحكت ميس خجلة من ماريا وقالت: حقيقة لم أفعل، غاب الأمر كله عن بالي، ولم يخطر لي فعل ذلك اعذريني.

صمتت ماريا وهي تحدق بميس مدركة بوجود أمر ما حصل معها فسألتها: ميس؟ هل أنت بخير؟ أنا أعرفك جيداً ما الذي حدث في غيابي؟ أن كنت تحتاجين التحدث أنا اسمعك، لا تتعبي قلبك بالكتمان.

لفت ميس وجهها عن ماريا، تفكر بماذا تقول؟ هل تخبرها عن زوجها الخائن؟ كيف يتركها وحدها في البيت ظننا منها أنه في العمل، وعند عودته مساءا يبدأ بالتفضل عليها بكلامه القاسي.
أم أنه يراها عالة عليه وهي مجبرة على خدمته لا أكثر، بطريقة خالية من المشاعر والاهتمام.

أم تقص عليها ما حدث منذ قليل، وكيف تركها تمشي وحدها، وفضل البقاء مع_


سألت ميس نفسها: من تكون تلك التي أسرت قلبه وشدته نحوها؟ كيف تخلى عن حبي وذهب إلى فتاة اخرى؟ ما الذي فعلته؟ هل كان سحراً أو أنه محض صدفة.

ضحكت ميس تسخر من نفسها وكأن الأمر سلبها لبها: حبي؟ يا لك من مسكينة يا ميس، كم أنت فتاة ساذجة، تحبين من يرمي بك هنا وهناك، يدوس حبك الغبي بحذائه وليس بقدمه حتى.

قاطعت ماريا شرود ميس بقولها: أين وصلت الآن؟

أجابتها ميس وهي محاولة التركيز أكثر: لم اذهب مازالت نصب عينيك.

ردت ماريا محاولة استنطاق جارتها: لا أرى أنك كذلك بل شعرت وكأنك في مكان أخر بعيد عن هنا.

ضحكت ميس محاولة تغير الحديث وقالت: وأين تتوقعين أنني ذهبت؟ تعرفين بأني أحب السفر وتجول حول العالم.

ماريا مأكدة الحال التي تراها: أعلم بأنك تسخرين من كلامي، لكن لو رأيت تقلب حالك هذا كنت علمت صدق ما أقول.

شعرت ميس بالخجل من ماريا وهي تحاول ومساعدتها وترفض فقالت لها: امزح معك يا ماريا.

ردت ماريا بقولها: على كل حال أرى أنك لست بخير، لذا أنا جاهزة كي اسمع ما تودين قوله في أي وقت تشائين، وأن كنت لا ترغبين فلا بأس في ذلك إنها حياتك الخاصة.

في تلك اللحظة تذكرت ميس تلك الورقة التي كتب عليها الطبيب بعض الادوية من أجل ماريا ضربت بيدها على جبينها وقالت: كيف نسيت هذا؟

سألتها ماريا مستنكرة: ما هو الأمر الذي نسيته يا ميس؟

بعد أن نهضت من مكانها إجابتها ميس قائلة: لقد نسيت إحضار الدواء الذي وصفه الطبيب من أجلك.

ماريا مخففة عن ميس ارتباكها: لا عليك لا أشعر بالألم الآن لقد خف بشكل كبير.

ميس وهي توضب أغراضها في حقيبتها التي علقتها على كتفها قالت: سأذهب حالا كي أحضره معي ولن أتأخر بقدر ما استطيع.

أومأت ماريا برأسها موافقة ثم غادرت الاخرى الغرفة، منطلقة نحو الصيدلية لكي تحضر الدواء.

لم يغب عن بال ميس ما قالته لها ماريا، وأن القلق واضحا على محياها، بينما تسير في أروقة المستشفى تحدث نفسها:

- القلق لا يكفي لمعرفة ما يدور في داخلي، لم يكن هذا فقط بل ما سيحدث اليوم سيكون أشبه بحرب لكن بدون قتلى، ستكون باردة جدا.




خطر في بال ميس الإتصال على جارتهم أم خالد التي وضعت عندها أطفال ماريا تسألها عن صنعها معهم، بحثت عن هاتف عمومي قريب وضعت فيه قطعة نقدية معدنية كانت في حقيبتها ثم اتصلت بها كي تطمئن ومن ثم تخبر ماريا.

رن الهاتف لكن لم يجب أحد على اتصال ميس، استغربت الأمر، ثم اعادت الاتصال مرة أخرى، العجيب بأنه لم يرد أحد عليها أيضا، فقررت ميس ان تذهب وتحضر الدواء ثم تعود لتكرار المحاولة مرة أخرى.

في طريق ميس إلى الصيدلية، رأت زوجها رائد والفتاة التي معه قد خرجوا من المطعم، وعندما لاحظ رائد وجود ميس، ترك الفتاة تصعد في السيارة وتوجه نحوها، بينما استمرت ميس بالسير دون أن تلقي له بالا، بنظر ثابت نحو الافق البعيد .


بخطوات سريعة وصل رائد قرب ميس، وكان ينادي لها: ميس توقفي، هناك ما احدثك به، عليك أن تسمعيني.

لم تستجب ميس لنداء رائد المتعالي، بل أسرعت في خطاها بعيدا عنه، لكن سرعان ما أمسك رائد زوجته من معصمها وشدها بقوة ليتمكن من إيقافها عنوة.

بنبرة غاضبة جدا ومتألمة من تلك القبضة التي أحكمتها قالت له ميس: هل أنت مجنون؟ ماذا تريد مني، دعني اذهب في طريقي.

رد عليها وهو ينظر بعينها ويضغط على أسنانه من الغضب وفي داخله رغبة عارمة بصفعها قال رائد: لم تري شيء بعد، أنا أعرف كيف تفهمين، كوني واثقة أني سأجعلك تندمي.

ثم شدها بعنف أكثر وبدأ بالسير نحو السيارة، وهي تحاول التخلص من تلك القبضة التي تشبثت بيدها، تقول له: دعني الآن سأذهب لاحقا، لدي ما أقوم به.

لكن لاجدوى من كل كلامها، لم يكن ليفهم أي شئ تقوله، همه الوحيد الوصول بها إلى البيت، أما ميس تفكر بتلك القابعة بالمستشفى وحدها لا تعلم ما الذي حدث ولن تتمكن من أخبارها بشيء أن ذهبت مع زوجها.

فتح رائد باب سيارته الخلفي ودفع ميس للصعود، بينما كانت تلك الفتاة تشاهد ما يحدث وكأنها انتصرت، بابتسامة خبيثة رسمت على وجهها أخفت الكثير من المكر والحقد.

لم تكن ميس قادرة على البكاء، الغضب تمكن من كل أوصالها، تسارعت نبضات قلبها من فرط الضيق الذي يفرضه رائد، دون المبالاة لما تريد هي.

بعد أن صعدت معه في سيارته أنطلق رائد وكأن الطريق فارغ له يفعل ما يشاء، مترنح بالسيارة يمين ويسار.

قاد رائد السيارة بسرعة جنونية فهو يعلم كم تهلع ميس من الأمر، حتى أنها أغلقت عينيها بيديها من شدة الخوف وحاولت كتم صوتها كي لا يستفزها أكثر، في تلك الأثناء كان يفكر رائد بعقاب لزوجته يروي فيه ظمأ غضبه منها.

توقفت السيارة في مكان لا تعرفه ميس، ونزلت تلك الفتاة بعد أن ودعت رائد بطريقة مستفزة فيها لزوجته ويبدو أن رائد اعتاد على مثل ذلك الوداع، وفورا نزولها زاد رائد سرعة السيارة أكثر، وهو يقذف من فمه أبشع الشتائم وأشد التهديدات.

لم تتمالك ميس نفسها وبدأت بالصراخ، في كل مرة يعلو صوتها يضغط رائد على المكابح بسرعة ليرتطم رأسها في مكان ما من السيارة.

على مشارف منزلهم، سرى القلق والخوف في قلب ميس، ماذا سيفعل ذاك المتوحش، لا يأبه لما تقول وقد فقد عقله بعد الذي حصل، وعلمت يقين بأنها لن تنجو دون عقاب لا رأفة فيه ولا رحمة.




في مكان اخر شعرت ماريا بتأخر ميس، الأمر لا يحتاج لكل هذا الوقت أين هي يا ترى؟ حدثت ماريا نفسها وهي قلقة على ميس، لم يكن حالها قبل خروجها يوحي بأنها على ما يرام، بل كانت قلقة شاحبة.

ثم شعرت بأن الألم ازداد في قدمها، فقررت الاتصال بزوجها المسافر، لتخبره بما يجري، لعله يجد طريقة من أجل العودة إلى البيت لان الامر اصبح خارج عن السيطرة.


بالعودة لميس:
ضغط رائد على مكابح السيارة، معلنا وصولهما إلى البيت وقال لها قبل أن ينزل محدثا بوعيد وتهديد من ويلات ما قد يحل بها: الآن انزلي من السيارة ولا أريد أن يظهر عليك شيئ أو أن يلاحظ أحد من الجيران حالتك هذه، لأننا سنصل إلى البيت وحدنا ولن تنجي مما ينتظرك.

جففت ميس عيناها بمنديل أخرجته من حقيبتها، وحاولت إخفاء ملامحها الخائفة، لكنها لم تستطع أن تكف عن التفكير بما سيحدث لها، فهي تخشى على نفسها من عديم الشفقة، وكانت تشعر ببعض الألم في بطنها من شدة الخوف .

ترجلت ميس من السيارة، وهي تتمتم في قلبها وتدعو لنفسها بالقوة والصبر على القادم لها، وتتمنى حدوث أحدى المعجزات من أجلها، ويتغير هذا القدر المشؤوم.

بينما ركن رائد السيارة في مكانها المعتاد، وميس وصلت إلى البيت تحاول فتح الباب إلا أن يداها ترتجف خوفا، لا تستطيع وضع المفتاح داخل القفل.

أحد ما وضع يده فوق يدها ممسك المفتاح وساعدها بفتح الباب، نظرت إلى الخلف إنه رائد وعلى وجهه تلك الابتسامة الخبيثة التي تخفي وراءها ما لا تستطيع ميس توقعه، وغالباً لن تقوى على تحمله.


دخل كل من الزوجين ميس ورائد، أسرعت ميس نحو غرفة نومها، تبدل ملابسها مبتعدة عن وجه رائد لعله يكتفي بما فعله، ما هي إلا بضع ثوان حتى سمعت ميس خطوات تقترب نحو غرفتها.

أغمضت عيناها بشدة حتى تجعد وجهها وكأنها عجوز هرمة، وحدثت نفسها وهي تهمهم: إنه قادم، يقترب باتجاهي ماذا سأفعل؟ ماذا سأقول.

ثم فجأة فتحت عيناها وقالت: هو من عليه أن يخجل من فعله الشنيع المقزز، يخونني مع فتاة أخرى على مسمع و مرأى من الجميع، كيف يكون له الحق بأن يغضب؟
بتلك الكلمات اعطت ميس نفسها بعض القوة لتقف بها أمام ذلك البغيض.

فتح رائد باب الغرفة على زوجته ونظر إليها من أخمص قدميها إلى أعلى رأسها بطريقة مليئة بالاشمئزاز، ثم قال لها: من تظنين نفسك؟ من أين لك تلك الجرأة للقيام بما فعلته؟ كيف سولت لك نفسك أن تضعيني في مثل هذا الموقف؟

لم تجب ميس ولا حتى بكلمة واحدة بل كان نظرها مثبتا عند أقدامها، حتى صرخ رائد بأعلى صوته: أجيبي؟ كيف؟ من تظنين نفسك؟

ثم اقترب منها بسرعة ممسك شعرها يشدها نحوه ثم أكمل قائلا: عندما أتحدث معك وأسألك عليك أن تجيبي على سؤالي، هل فهمتي؟

أومت برأسها والخوف يعتصر قلبها، رهبة من رائد ثم بدأت تخبره بالأمر وكيف حدث، بعد أن اتهمها بتعقبه واللحاق به أين ما ذهب.

ثم دفعها بعيد عنه وقد ازداد غيظه فقال: تعلمين جيدا أنني لا أحبك، ولم أرغب بك زوجة لي منذ البداية، لكن هناك ما يستحق أن اسمح لك بالبقاء في بيتي لبعض الوقت.

لم تفهم ما قاله زوجه فسألته: ماذا تقصد بكلامك هذا؟

اقترب منها يمسك وجنتها ويداعبها بمكر وخبث فقال: أنا اراك كيس مليئ بالجواهر، بعد أن استولي على كامل ما تملكين اعدك أن تبقي صديقة للحيوانات في الأزقة، ولن اشفق عليك حتى ببعض فتات الخبز.

لم يكن كلامه مفهوما، قسوة ما قاله حطم قلب ميس فسألته: ماذا عن الحب الذي جعلتني أعيشه، كنت أظن نفسي محبوبتك، لا استطيع فهم ما تقول.

ضحك رائد بصوت مرتفع ساخرا منها وقال: يبدو أنك لم تعلمي ما حدث قبل أن يعقد القرآن، جدتك قامت بدفع مبلغ مقابل هذا الزواج، ليس هذا فقط بل يوجد أضعافهم، ستكون لي في القربب العاجل.

من هول ما سمعت لم يكن بمقدورها الكلام حتى، تلعثمت الحروف في فمها، ولم يراعي ذاك الجشع حالها بل عاد يسأل عن سبب ذهابها إلى المكان الذي وجد فيه، وكيف استطاعت الوصول إلى هناك، وما السبب وراء ذلك؟

فقالت له ميس وهي تحدق في عينيه دون ان يرف جفنها:

كانت محض صدفة عند انتظاري في المستشفى مع ماريا، لاحظت سيارتك ورأيتك تترجل مع تلك الفتاة من السيارة، لم استطع تمالك نفسي، كيف لي أن أراك بصحبة فتاة أخرى تمسك يدها وتضحك معها، وأنا أشاهد من بعيد؟

صرخ رائد وهو يستشيط غضبا قائلا: من تظنين نفسك يا هذه؟ أنت لست بشيئ مهم في حياتي، لا شأن لك بما أفعله أنت هنا خادمتي تعدين الطعام ثم تنظفين الأطباق فقط،.هل تسمعين؟

من تلك الكلمات غضبت ميس ودفعت يد رائد عن شعرها، ثم قالت: أنا زوجتك، ولست خادمة عند أحد هذه حياتنا المشتركة وليست ليقتل أحدنا الآخر بأفعاله، أنه زواج وليس عقد ملكية.


لم يصدق رائد ما فعلته ميس، كيف تجرأت على رد يده عنها؟ كيف لها أن تقوم بما فعلته؟ وبدأ الشك يجول في خاطره من يا ترى لقن زوجته هذه الكلمات؟

كانت ميس تسير بطريقة عكسية وهي تحدق بملامح رائد المشتعلة، وهو يقول لها: ستندمين على ما قمت به الآن، ستدفعين الثمن غاليا، أيتها الحمقاء.

بنبرة مرتجفة وخائفة تتوسل بها إلى رائد قالت ميس: ارجوك يا رائد، لا تفعل شيئا قد تندم عليه لاحقا، لم أكن أقصد ما حصل دعني اعتذر منك.

بضحكة مستهزئة قال لها: اعتذار؟ أسف؟ لم يعد يجدي نفعا كل ما قلته، أنت لم تعودي تهميني، وجودك في هذه الحياة لا يهمني ابدا.

في لحظة خاطفة أمسك رائد عصا غليظة كانت قريبة من الباب، ثم رفعها لأعلى مستوى يستطيع فعله، أما تلك المسكينة حُشرت في إحدى زوايا الغرفة لا مفر لها من ضربته.

رفعت ميس يدها تضعها على وجهها كي تصدها أن استطاعت، لكنها_

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي