فصل الحادي عشر

الحديث لم ينتهي بين روان ونادية، فهناك أمور مخفية لا يعلمه إلى الآن أي أحد لكن الأقدار جمعتهم حتى تتضح هذه الخبايا.


قالت نادية: انا لا أؤمن بالسحر وقصص الشعوذة، إلا أنني رأيت ناس كثر يأتون لأمي يسألونها ويطلبون مساعدة.

ثم قالت: وفي أحد الأيام جاءت إليها سيدة بمعطف أسود يلف الفرو عنقها، ومن شكلها كان واضح لي بأنها من ذوات الشأن في المنطقة.

لم أفهم في حينها ما قد تحتاجه تلك السيدة من إمرأة مشعوذة تعمل بالسحر في حي بعيد عن المدينة.

لم أستطع تمالك نفسي وفضولي كان اقوى مني، رغم أنني لا ألقى بالا لمن يأتي أو من يذهب.

فتحت الباب لتلك السيدة الراقية في مظهرها وقالت لي: هل هذا بيت روز؟

قلت لها: نعم إنه هو، تفضلي بما اساعدك؟

ردت عليي: حدثتها على الهاتف واتفقنا على موعد هل يمكنني لقاؤها؟

طلبت منها بعض الوقت كي أسألها، فقد كانت أمي قد أوصتني أن لا أسمح بدخول أحد إليها دون أن أخبرها.

في الغرفة الخاصة بأمي لستقبال أولئك الناس وجدتها تعد المكان وترتبه كما تفعل في العادة حين ما تنتظر أحدهم.


ثم أخبرتها بأمر المرأة الواقفة عند الباب تنتظر إذن الدخول، فقالت امي وهي ملهوفة: هيا هيا ادخليها بسرعة، كيف تتركين مرأة كهذه تقف عند الباب.

عدت إليها وقلت لها: تفضلي إنها بنتظارك.

دخلت السيدة على حذر صوت حظواتها مع طرق الكعب الذي ترتديه صدح في المكان الساكن.

سألتني: أين؟

حددت لها الاتجاه وأشرت له إلى تلك الغرفة، ذات الاضاءة البرتقالية الخافتة، الباب مفتوح قليلا، ماإن دفعته حتى على صريره ثم دخلت.

سمعت أمي ترحب بها كما لم تفعل مع أحد من قبل، ثم همت وأغلقت الباب.

تلك التصرفات اثارت في قلبي الريبة، لم أكن مرتاحة، وشعرت بأن أمر كبير يحدث، لا تفعل امي لأحد ما قامت بفعله مع تلك السيدة.

ذهبت للمطبخ اشرب كأس ماء وأنا احاول تشتيت نفسي عنهم وأقول: حتى الاثرياء يبحثون عن ترهات امي؟ متى سينضج هؤلاء؟

لكن السؤال الأبرز حين والذي كان يدور في أرجاء أفكاري: ما الذي تريده سيدة مثل هذه؟ ما هو الأمر الذي ينقصها؟ او ربما تحتاجه حتى تلجأ لشخص غالب الظن أنه يخدعها وإن كانت هي أمي .

سألتها روان مقاطعة: وبعد كل هذا ما الذي حدث؟ من كانت تلك السيدة، وما علاقتها مع رائد ذاك؟ هل كان معها؟

قالت نادية: جلست بضع دقائق انتظر، ثم قررت استراق السمع لما يجري في تلك الغرفة، أعلم أنها عادة سيئة لكن هذا ما حدث حينها.

ثم أكملت قائلة: تسللت سيرا على رؤوس أصابعي مقتربة من الباب دون أن احدث أي صوت كي لا يشعروا بوجودي، وهذا ما حدث داخل الغرفة خلف تلك البوابة.

كانت الصوت خافتاً بالكاد أسمعه، وما سمعته لم يكن بالحسبان، بدأت السيدة الراقية حديثها قائلة: لدي مأرب مع تلك العائلة أريد تحقيقها بأي ثمن.

سألتها روز: وماذا تريدين بالضبط؟

ردت السيدة بنبرة قوية غاضبة: أريد كل شيء، أموالهم وممتلكاتهم، حتى ابنتهم.

لم يكن مرادها واضحاً فسألتها روز: ماذا تقصدين بكلامك أنك تريدين ابنتهم؟

تنهدت السيدة وضبطت تصرفها ثم ردت: أريد تزوجيها لابني.

استغربت روز من كلامها وسألتها: لا اعلم ما أقول لك لكن لما تريدينها في بيتك إن كنت تكرهين عائلتها لهذا الحد، وما هو سبب خلفة تلك العداوة؟

طرقت السيدة بيدها على الطاولة التي وضعت أمامها ثم قالت: أنت لا شأن لك، كل ما يجدر بك فعله مساعدتي كي أصل إلى غاياتي، وإلا.

ثم صمتت لم تكمل ما أردت التهديد به، فسألتها روز: وإلا ماذا يا سيدة عبير؟ ماذا تفعلين بيي؟

ضحكت عبير ساخرة: تغيب شمس وجهك عن هذه الدنيا، وتعلمين جيداً أني استطيع فعل هذا دون أن أتحرك من مكاني.

ابتلعت روز ريقها وقالت: نعم أعلم، والآن ما هو المطلوب مني؟

ابتسمت عبير بخبث وقالت: الآن أصبحت تقومين بعمل جيد.

قاطعت روان الفتاة مرة اخرى وقالت لها: هل تقصدين أن عبير والدة رائد هي من جاءت إلى أمك؟

أجابتها نادية: نعم هي من كانت في ضيافتنا ذلك اليوم.

كان الأمر غريب جداً لروان وهي لا تفهم ما يحدث، فهي تعلم بأن عبير امرأة طيبة وتحب ميس على حد علمها، وأنه إنسانة ذو فاعلية في المجتمع ومن النساء العاملات والمؤثرات أيضا.


لكن السر هنا يكمن خلف سبب الكره بين عبير وعائلة ميس؟ وهل كانت تحاول عبير الانتقام لنفسها من ميس؟ كل تلك الاسئلة بدات تدور أمام عيني روان دون إجابة.

أما ميس فهي في مكان أخر مع أمجد تعد العدة كي تنقذ نفسها من وحل رائد والحياة التي يود أغراقها فيها، بشتى السبل والوسائل.

قال أمجد لها: أنا موافق على عرضك هذا، ما المطلوب مني الآن؟

ردت ميس: أول علينا التخلص من تورطك مع العصابة، ثم نبدأ بالخطوة التالية.

سألها امجد: وكيف يكون هذا؟

سرحت ميس قليلاً تفكر بما ستفعله، ثم قالت: عليك الإتصال بالشخص الذي يتواصل معك بالنيابة عن العصابة.

قاطعها أمجد: ثم ماذا؟ وماذا عليي القول له؟

وضعت ميس يدها على خدها تفكر، ثم قالت: يجب أن تسجل تلك المكالمة وتخبره بأنك لن تقوم بتلك الجريمة، وجعله يتحدث بأنه هو من أمرك بهذا، عليك استدراجه في الكلام، ثم تعرض عليه مبلغ مالياً هو يحدد قيمته.

قال أمجد: يبدو انك تملكين ذاكرة الذبابة، قد أخبرتك بنني لا أملك قوت يومي.

فقالت له ساخرة: وقد أخبرتك بأنها خطة ولم أقل لك ادفع.

رد أمجد ضاحكاً: عذراً منك أيتها المفكرة.

لم ترد على تعليقه السخيف، إنما أكملت قولها: ثم نذهب بهذا التسجيل إلى الشرطة.

وما إن قالت شرطة حتى انتفض أمجد كالثور الهائج، وهو يقول: هل تريد أن تقطعي رأسي؟

علت قهقهت ميس في ارجاء الصالة وقالت: ولماذا يقطع رأسك أيها المسكين؟

تذمر أمجد من سخريتها وضحكاتها وقال: هل تظننين أن الشرطة ستضمني حبا؟ أو أنهم سيقومون بعتقالي أيضاً ومحاسبتي كفرد في تلك العصابة؟

وضعت ميس يديها خلف ظهرها وهي تتجول بخطوات هادئة وقالت: لدينا هنا شخص لا يستطيع التفكير أبعد من أنفه.

حاول امجد الرد لكنها سبقته واكملت حديثها قائلة: بما أننا نحن من سلمنا العصابة و أنت تراجعت عن ارتكاب جريمة هذا يجعل العقوبة مخففة، ويمكن دفع كفالة حينها.


هم أيضا للحديث، إلا أنها سبقته في المرة الثانية ايضا وقالت: أنا، أنا من سيدفع الكفالة، أعلم بأنك لا تملك قوت يومك.

في هذه الأثناء سمعت ميس صوت سيدة تنادي من داخل غرفة( أمجد، أين أنت)، وكان صوت مرتجفا بالكاد يسمع.

أسرع حينها أمجد إلى الغرفة وأغلق الباب من خلفه وقفله أيضاً، لم تفهم ميس من تلك صاحبة الصوت وما سبب تلك الريبة التي تمكنت من أوصال أمجد.

علمت حينها بأنه يخفي أمر ما عنها و يجدر بها أن تعرفه وما هي تفاصيله.

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي