الفصل الحادي والعشرون

وصل أمجد إلى مركز الشرطة وهو يحمل أثقل من وزنه هموم وحزن، لكنه لا يستطيع أن يرتمي فهو الصرح الذي يحفظ من حوله من الضياع والشتات رغم هذا فهو يحتاج أيضا من يلجأ اليه في لحظات ضعفه.


طلب من الشرطي الموجود مقابلة المحقق فسأله: هل أنت أمجد؟

قال له أمجد: نعم أنا هو.

فقال الشرطي: تفضل المحقق بنتظارك طلبي مني ادخالك فور وصولك.

ثم دخل أمجد لرؤية المحقق، بعد أن القى التحية عليه قال له: لقد حدث ما توقعته بضبط حضرة المحقق.

قال المحقق: هيا اخبرني بما جرى بشكل تفصيلي دون أن تنسى أي شيء فكل كلمة مهمة بالنسبة لنا.


ثم بدأ أمجد يروي كل ما حدث وتفاصيل تلك المكالمة التي جرت بينه وبين ذلك المجرم، وبعد أن ألم المحقق بتفاصيل ما جرى.

قال لأمجد: سيكون كل شيء كما سبق وخططنا له كن على حذر شديد إنه رجل ماكر ولا يمكنك أن تثق به أبدا.

فقال أمجد: حسنا وماذا أفعل إن طلب مني أي شيء اخر؟

قال له المحقق: نحن هنا لنكون بجانبك حتى تنتهي هذه القضية.

ودار بينهما بعض النقاش والاقتراحات حول ذلك الامر، ثم انتهوا من ذلك واستاذن أمجد من المحقق لذهاب الى بيته كي لا يتاخر على والدته المريضة.


بينما كان رائد يستعد للخروج، فبعد الذي حدث معه تغير الامر وأصبح شيء ندي، ولن يستسلم لأمجد بهذه السهولة فهو قد عزم أمر للحصول على ميس كزوجة أولا ثم على ما لديها ثانية.


رأته والدته عبير فسألت: الي أين يا رائد؟

قال لها: لن أترك تلك الفتاة تضيع مني ولن اسمح لاحد بأن يأخدها مني، هذا الوعد قطعته لك ولن اتراجع عنه مهما كلفني الامر وسألقن ذلك الغبي درسا لا ينساه.

ابتهج حال عبير لرؤية ولدها وهو يفور غضبا من اجل تحقيق رغباتها وقالت: هذا ولدي الذي أعرفه، أنت البطل الذي سيحقق لي كل ما كنت أرجوه من قبل.

شعر رائد بالقوة من تلك الكلمات وكأنه بالون وسينفجر، وأكملت عبير قائلة: انت رجل ولن تسمح لمثل ذلك الوضيع أن يسرق منك ما خططنا له منذ زمن، يجب عليك أن تحارب لتصل وتحصل على كل الذي تريد ولن يستطيع احد الوقوف في وجهك مهما كانت قوته.

ثم سألته عبير: الى اين انت ذهب الان يا رائد؟

قال لها ولدها: سأكمل متابعة ميس ولن أكل أو أمل الا حين تصل الى بيتي وتكون سمعا وطاعة.


فقالت له: هيا امضي وانا ادعو لك بالنصر عليهم يا مهجتي قلبي و فلذة كبدي.


في تلك الاثناء قد اتصلت نادية بروان وقالت لها: كيف حالك يا روان.

اجابتها اهلا نادية، انا بخير كيف حالك انت يا عزيزتي.


قالت لها نادية: بخير ولكن اتصل كي اطمئن على ميس هل حصل شيء جديد؟

قالت روان: يحدث الكثير من الامور معها لا ندري ما هو قادم بعد، وانت ما جديدك؟

تنهدت نادية وقالت: الجديد بأن عبير لن تهدء أو تكل حتى تؤذي ميس.


لم تفهم روان ما قالته فسألتها: ماذا تقصدين يا نادية تكلمي.

لكن كان لدى نادية سؤال فقالت لها: اجيبي عن سؤال حتى أفهم ما يجري بشكل جيد.

قالت روان: حسنا قولي ما لديك؟

سألت نادية: هل تعرف ميس شاب اسمه أمجد؟

قالت روان: نعم تعرفت عليه منذ فترة قصيرة، لكن كيف علمت عن امجد انت؟


قالت نادية: هو هدفها الجديد، تريد أن تؤذي ذلك الشاب كي يبتعد عن ميس.

بدت الدهشة على وجه روان وهي لا تعرف سبب لمثل هذا الفعل، فكم هي امراءة مليئة بالحقد والكراهية حتى أنها مستعدة ايذاء أي شخص بقف في طريقها.

ثم سألتها روان: وما ذا تنوي أن تفعل؟

قالت نادية: سترسل عدد من الأشخاص حتى يقوموا بضربه وتأديبه.

قالت لها روان : وانت كيف علمتي بهذا؟
أجابتها نادية: لقد كانت في ضيافة أمي وطلبت منها المساعدة.

قاطعتها روان وقالت: وهل قبلت والدتك بالأمر الذي تنوي عليه عبير المجنونة؟

قالت نادية ونبرة الحزن تخنقها: أمي تفعل أي شئ من اجل الحصول على المال، ومهما كان الطلب والثمن لا مشكلة لديها.


قالت روان : هذا يعني أنها قبلت بالأمر، وكيف سيكون؟ ومتى ؟ علينا أن نمنع هذا الأمر من الحدوث كي لا يؤذى شاب لا شأن له بأي شكل من أشكال العلاقة بميس او عائلتها.

فقالت نادية نوافقة على الأمر: انا معك، علينا حماية الشاب منهم كي لا يكون ضحية أمر يحك ضده دون أن يدري.


فسألتها روان: لنساعده علينا أن نعرف تفاصيل الخطة.

فعادت نادية بذاكرتها حين رأت أمها ترتدي ملابسها مسرعة خارج المنزل، رغم أنها قل جداً ما تخرج إلا لضرورة بسبب انشغالها بالناس وما تقوم به من أفعال.

أثار الأمر فضول نادية لذا قررت ان تتبعها لتعرف ما الأمر الطارىء الذي أخرجها من غرفتها المظلمة.


وبهدوء حذر تمشي خلف أمها، وبين الحين والآخر تلتفت روز والدة نادية خلفها لتتأكد بأن لا احد يتبعها ولا يجود من يراقبها، وفي إحدى المرات شعرت وكأن طيف ابنتها لكنها كذبت نفسها واستمرت.


فهي قد وصلت لمكان بعيد عن المنزل في منطقة غريبة لم تأتي إليها من قبل.


وفي مكان مهجور من الناس خال من الحياة و من كل شئ وصلت روز لوجهتها، واذا بتلك السيارة تقف وتنزل منها تلك السيدة.


تحدق نادية من مكان قريب نوعا ما تحاول تأكد من هوية تلك المرأة، وتبدلت ملامح وجهها عندما تأكدت بأنها هي.

إنها عبير تلك التي تسعى للوصول إلى ميس مهما كان الثمن، ماذا تريد الآن؟ تحدث نفسها نادية وتتساءل لكنها لغاية ذلك الوقت لم تكن تعلم ما يجري.


ومن ثم بدأت السيدتان تتحدثان دون أن تستطيع نادية سمعهما، مما اضطرها للاقتراب اكثر كي تعلم ما الذي يحصل، حتى وصلت إلى مكان تستيطع من خلاله سماع ما يقولون.

كانت عبير تقول لروز: لا أريد سحر وشعوذة أنا لا ينفع معي مثل هذه اللاعيب لذا أريد عمل على أرض الواقع.


فسألتها روز لأن لم تدرك ما تريده عبير منها: وماذا أستطيع أن افعل لك غير السحر؟

فقالت لها عبير بنبرة تهديد: اسمعي يا امرأة إن لم يحدث ما أريد لن ادعك ترتاحين أبدا مهما كلفني الثمن.

تسلل الخوف إلى اوصال روز من ذلك التهديد فقالت لها: افعل ما استطيع، لكن لماذا تهدديني

قالت عبير بغضب وشر يملىء عيناها: ستفعلين حتى الأمور التي لا تستطيعين عليها، يجب ان تنفذي ما اقول.

وافقت روز في نهاية الأمر على ما طلب منها، دون أي شروط لكن المقابل كان ثمين بالنسبة لعبير وهو طلبها الأول وهو زواج نادية ورائد، وهي كانت موافقة على هذا رغم كل ما يحدث.


فقالت روز تسأل عبير: ما الذي تريدين مني فعله الآن؟

قالت لها عبير: تنفذين ما أقول بالحرف الواحد دون اعتراض أو تدخل.

أومت روز رأسها، ثم اكملت عبير طلباتها التي يبدو أنها لن تنتهي وقالت: يوجد شخص لا يعجبني وجود قريب من تلك الفتاة، أريد أن ينال عقابه.

شهقت روز خائفة، وقالت: تريدين أن نقتل الشاب المسكين؟

فقالت لها عبير غاضبة: اخرسي، لم يكن هذا ما أريد لكن يجب أن القنه درساً قاسياً يجعله يذهب إلى آخر مكان يخطر للبشر العيش به.


سألتها روز: وكيف يكون هذا؟

قالت عبير: إنها مهمتك هذه.


استغربت روز من الكلام وقالت: أنا اذهب والقنه درس؟

استفز غباء روز غضب عبير وقالت: يا الهي كيف لي أن اتعامل مع تلك الساذجة.

ثم اكملت عليك أن تجدي لي عدد منوالشبان الفقراء الذي يقبلون القيام بمثل هذا الأمر مقابل مبلغ من المال ولكن بشرط واحد وضروري.


قالت روز: هل ما زال هناك شروط؟ وما هو؟

قالت عبير: أن لا يعرف أحد بأمري، سيكون تواصهم معك وكل التنسبق معك، أنا سأكون بعيدة كل البعد عن الأمر كي لا يعلم أحد بعلاقتي في هذا الأمر يجب أن اكون في مكان عام او البيت.

قالت روز: حسناً، لكن لدي طلب لنفسي غير ذلك الاتفاق بيننا.

سألت عبير: وماذا تريدين بعد؟

ضحكت روز بمكر وقالت: أريد بعض النقود كي انفق على نفسي، تعلمين كم هو صعب الحال هذه الايام.


فقالت عبير: لا مانع من هذا سأعطيك مبلغ جيد جداً تسعدين به.

فقاطعتها روز وقالت: متى يكون هذا؟

أجابت عبير: عند ما تنتهي مهمتك، تاخذين مالك.


وافقت روز وقالت : اتفقنا.


فهمت عبير بالمغادرة دون توديعها في لا ترى نفسها وروز من نفس المستوى والقدر بل تظن أنها هي الأرق والاكثر كبرياء ورفعة، أما روز فهي من عامة الشعب والناس الذي اذا غابوا لا يشعر أحد بوجودهم.

عندما شعرت نادية بأنهما سيغادران، اسرعت هي وانطلقت مبتعدة من تلك النقطة التي وقفت عندها كي لا يشعروا بوجودها، او تراها أمها وتعلم أنها كانت هنا تتبعها، وعلمت بالخطة المعتمدة بينهما .

يتبع _
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي