الفصل الثاني عشر

دخل بسرعة إلى قاعة الملك ليبلغه بالخبر
_ سيدي الملك، سيدي الملك
وقف كنوت عندما رآه على تلك الحالة وقال
_ماذا؟ هل اخترق أيولوس الأبواب؟
وقف يلهث لالتقاط أنفاسه ثم قال
- سيدي، هناك أخبار تفيد بأن الأميرة باسيفاي قامت بتحالف مع أيولوس

وقف كنوت مندهشا مما كان يسمعه. كيف يمكن حصول هذا؟ خرج من قاعة ملكه يبحث عن الأميرة دون أن يجيب وزيره المذهول.

صرخ في وجه حراس قصره
_أين الأميرة باسيفاي؟
لم يجبه أحد، فلا أحد يعرف أين تكون، قد منع  عنها الحراسة للتقليل من مكانتها. تقدمت ابنته، التي كانت غاضبة أيضًا من الأميرة، وأخبرت والدها بغضب.
_غادرت منذ الصبح بعد أن قامت بضربي بشراشة

صرخ كنوت على الحارس بغضب
_اللعنة عليك، اذهب وابحث عنها فوراً
تقدمت وسألت والدها عما فعلته الأميرة باسيفاي لجعله هكذا
- ماذا فعلت تلك الأميرة يا أبي؟
تنهد بعمق ثم نظر إلى ابنته وانصرف دون أن يجيبها أيضاً، وعاد إلى وزيره الذي كان ينتظره في القاعة. قال وهو يقترب من كرسي العرش.
_ ألم يتم إغلاق الأبواب تماما؟ من أين خرجت الأميرة؟
رد وزيره بمفاجأة أيضاً
- لا أعلم يا سيدي، لكن الملك أيولوس أعلن اتحادهما في زواج ملكي.
جلس كنوت على كرسيه وقال
_اللعنة أنها تتحالف مع العدو ضد مملكتها
- نعم سيدي
وقف كنوت مرة أخرى وقال بحزم
_استدعي جميع القادة حتى نتمكن من إبلاغهم بما فعلته أميرتهم المحبوبة باسيفاي
_ حسنا سيدي


أصبح المكان متوتراً مع همهمة الحضور. كان الجميع يتساءلون عن سر هذا اللقاء المفاجئ، لكنه بقي صامتاً، ينظر إليهم دون أن يتكلم. كانت تلك النظرات كافية لجعلهم أكثر إرباكًا.
وقف الملك كنوت وقال
_الجميع يتساءل ما سبب هذا اللقاء أليس كذلك؟

أجاب الجميع في نفس واحد
_ نعم سيدي الملك
- حسنًا، سأخبركم بالتأكيد.
جلس مرة أخرى، ونظر إلى وجوههم المترقبة ، واستمر في القول
__العدو يقف على عتبة المملكة، ولكن الجميع هنا عاجزون. الحرب هي الخيار الوحيد
تكلم أحد القادة وقال
_سوف نقود الحرب، لكن يجب أن تعلم أننا لن ننتصر على قوة تلك الجيوش

ضرب الطاولة بكل قوته وقال
_هل تخشى الموت؟
_لا، ولكننا سنقود الجيش إلى خسارة أكيدة
_أنتم جيش هذه المملكة ويجب عليكم التضحية بأنفسكم
تحدث قائد آخر وقال
_لماذا لا يضحي الملك أيضاً؟ الجميع يعرف ما يريده الملك أيولوس
فغضب من تلك الكلمات وقال بسخط
_أنت تبيع ملكك للعدو
اجابه القائد بثبات
- ليس هذا ما قصدته، ولكن دعنا نجنب الجميع ويلات حرب خاسرة، وانت على يقين بهذه الخسارة

لوح بيده في غضب وقال
_اترك تلك الكلمات الكاذبة. أنتم تخشون الحرب.
فصمت الجميع ولم يعلق أحد على كلامه فقال لهم بسخرية
_أميرتكم المفضلة، باسيفاي، خانت مملكتكم
امتلأت القاعة بهمساتهم المستنكرة وهم يسمعونه يتابع كلامه دون أن يعيرهم أي اهتمام
_ تحالفت مع الملك أيولوس في زواج ملكي.

تكلم القائد الأعلى وقال
_ربما وجدت الأميرة الحل الأنسب لإنقاذ أيس.
_هل ترى أنها على حق؟
اجابه القائد الأعلى بهدوء
_لقد حدث هذا التحالف بالفعل منذ زمن طويل بين الملكين مينوس وملك موكناي

وقف الملك كنوت غير مصدق أن لعبته قد انقلبت ضده. أراد إثارة غضبهم على الأميرة، لكنهم رأوا أن ما فعلته عمل بطولي.
_ حسنًا، الجميع يتخلى عن المملكة في أحلك الظروف دون الاهتمام بالشعب، لكن كملك لن أسمح بحدوث ذلك

وهدد الملك كنوت الجميع سرًا بأنه لن يترك الأمور تسير كما خططت لها تلك الأميرة، ولن يأخذ منه عرشه وهو ينظر إليه بلا حول ولا قوة. بل هو من سيترك هذا العرش عندما يجعل أيس مملكة من الماضي. ثم تصعد تلك الأميرة عرش ماتبقى من  أطلال مملكتها .

وأنهى ذلك اللقاء بتهديد صريح
_لن أسمح لكم بالتخلص من الملك كنوت. أنا الملك ولا ملك بعدي.
ليس من السهل عليه أن يخسر عرشاً حققه بعد أن خسر الكثير من أجله، ولن يقبل أن يموت وحيداً، بل سيأخذهم معه إلى الجحيم.

وفي منزل السيد بيلوتس بعد عودتهم الأخيرة، سألها الرجل العجوز بدهشة عن الموقف الذي حدث بينها وبين قائد جيوش أيولوس وأكرسيوس أجابت آنا بغيظ  قائلة:
_ هو حبيبي السابق الذي خانني وكان سبباً في دخولي عالمكم هذا.
فسألها في دهشة
_أكرسيوس، حبيبك السابق
هزت آنا رأسها بالإيجاب، وقالت آثي بالرفض
- كيف التقيت به يا سيدتي؟ هل من الممكن أنك التقيت به عندما كنت في مملكة ثيساليا؟
_ أي مملكة تتحدثين عنها آثي؟ لقد التقيته في عالمي وهو يُدعى توماس، وليس أكرسيوس

أجاب السيد بيلوتس وقال:
_أعتقد أنك مخطئ. ربما يكون أكريسيوس مشابهًا لحبيبك
_ لا أعلم، لكن لم أستطع التحكم في نفسي عندما رأيته أمامي

قالت آثي وهي تحاول مواساة سيدتها
_لا يهم سيدتي لقد حدث ما حدث وأعتقد أن الملك أيولوس لم يهتم بهذا الأمر كثيراً
ما حدث قد حدث بالفعل، لكن آنا ما زالت تحمل الكثير بداخلها. عرفت آنا أن مواجهة ذلك الألم في لحظته أسهل من السقوط في هذه الهاوية التي يبدو أن لا نهاية لها.

لم تكن آنا تعلم ما يُخطط لها في ذلك القصر، لكنها دخلت جناحها وهي تحاول تصفية ذهنها وروحها مما مرت به طوال اليوم في ذلك المعسكر. استلقت على سريرها، تتذكر ما حدث لها وللملك أيولوس. للحظة شعرت أن هذا الملك ليس وحشًا مثل ما قيل عنه، بل على العكس كان لطيفًا ولطيفًا للغاية.

فابتسمت وقالت لنفسها: «يبدو أن المتوحشين هنا هم أطيب الناس وأكثرهم لطفًا».
_سيدتي سيدتي
نبهتها آثي وهي تناديها مذعورة فجلست وسألتها في دهشة
_ما الأمر يا آثي؟ لقد أخفتني
أجابت آثي وهو تنظر إلى الوراء في رعب
- انهضي يا سيدتي . القصر كله يعلم بذهابنا إلى معسكر جيوش أيولوس
_ماذا؟
أومأت آثي بحذر
- يبدو أن الملك كنوت غاضب منك أيضًا. دعنا نهرب، سيدتي
تذكرت آنا أنها لن تغادر حتى تجد حلاً لتحرير أسر سيجورد لكي يساعدها على العودة إلى المنزل

لقد تبلدت مشاعرها. ولم تعد تشعر بأي شيء سوى الندم. كيف فعلت هذا بنفسها؟ لماذا لم تفكر قبل أن تخطو خطوة إلى هذه الفجوة؟ ربما كان قلبها مكسورًا، لكن روحها الآن ضاعت في ملكوت هذا العالم الغريب. بدا صوته مثل الرعد عندما دخل، وهو يصرخ بأعلى صوته، مما جعل آثي ترتجف و تلتصق بالحائط، بينما ظلت آنا هادئة في مكانها على سريرها.

زمجر عليها بكل قوة
_يجب أن تخرج أخاك من تلك المتاهة وإلا أقسم لك أنني سأحضر لك رأس ذلك الخادم هذه اللحظة
جلست آنا تنظر إلى وجهه القاتم وكأنها لا تهتم بما يقوله وأجابت بغضب
_حسنا، هذا هو اختيارك.

أدار ظهره ليغادر وقبل أن ينسل من باب غرفتها قالت بنبرة باردة شعر بها
_افعل ما شئت أيها الملك، فلم أعد أهتم.
أربكته تلك البرودة، فالتفت إليها وقال
- حسنًا يا أميرة. سأحضر لك رأس ذلك المخلوق الآن
اقتربت آثي من سيدتها وهي تبكي ثم قالت:
_سيدتي، من فضلك احمي سيجورد
نظرت إلى أثي بلا مبالاة وقالت
_سيجورد طلب مني ألا أفعل ما يريده هذا الملك
_لكنه سوف يقطع رقبته
وضعت آنا رأسها على وسادتها قائلة
- لن يفعل أي شيء. سيعود لابتزازي مرة أخرى
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي