العشرون

عاد الرجل العجوز أخيرًا بعد أن انتظرته آنا بفارغ الصبر. فأسرعت لتسأله باهتمام
- أين كنت؟ كنت قلقة عليك
ربت على رأسها بحنان
_ ذهبت لمساعدة رجل عجوز وزوجته. لم أذهب إليهما منذ أيام، لذا ذهبت للاطمئنان عليهما

ابتسمت آنا وقالت
_قال لنا رجل كبير في السن ونحن نبحث عنك أنك  إنسان صالح تساعد الفقراء
جلس على الكرسي وقال
_لقد أصبحت فقيراً مثلهم، لذا يجب أن أساعدهم
_لكنك مازلت الوزير بيلوتس
ضحك بيلوتس وقال
_كنت يا ابنتي، ولكن الآن أنا رجل عجوز معدم
احتضنته آنا وقالت بمواساة
_ لا انت لست كذالك
- لا يهم، أرى أن آثي هنا أيضًا
التفتت إلى آثي التي كانت تضع ذراعها على الطاولة وتنام بعمق، ثم قالت
- نعم، لقد جاءت بعد وقت قصير من مغادرتك
_لماذا لم تعد إلى القصر؟
تنهدت آنا وهي تنظر إليها
_لقد رفضت العودة بدوني
- حسنا هذا جيد. ربما سيفعل هذا الملك شيئًا لها

ضاقت عينا آنا وسألته في حيرة
_ربما كان ذلك الملك الماكر يعلم أنني لست الأميرة الحقيقية.
أجاب بيلوتس بجدية
_إنه يعرف ذلك بالفعل، لأنه يعرف بالضبط مكان وجود الأميرة باسيفاي
شهقت آنا في مفاجأة وقالت
_ ذلك اللعين، كنت أشك في نظراته إلي
- نعم يا ابنتي، ولكن أيامه تقترب وهو يعلم ذلك أيضاً
أجابت آنا بسخط
_أنا أنتظر بفارغ الصبر تلك النهاية
-حسنا هل أكلت؟
- بلى، أكلت أنا وآثي بعضاً من الطعام الذي أحضرته معها، وهناك أيضاً بعضاً منه سأعطيك إياه.
_شكرًا لك، أشعر بالجوع بالفعل

قدمت آنا الطعام للرجل العجوز بينما كانت تنتظره أن يحكي لها بقية القصة حتى تفهم ما يدور حولها
فهم بيلوتس العجوز مايدور برأسها وقال
_دعيني أنهي طعامي ثم سأحكي لك بقية القصة
ابتسمت آنا بخجل وقالت
_ حسنا انا انتظرك
ضحك الرجل العجوز وأكمل طعامه بصمت

لقد دفعت الحراس بقوة واقتحمت خصوصيته مع كايا دون مراعاة لأي شيء، وهو فعل لم ترتكبه من قبل. جلست بجانبه بينما كانت كايا تحاول جمع ملابسها وتغطية نفسها، بينما ظل يحدق بها بذهول، فقالت ببهجة مزيفة.
_أردت أن أنام في أحضان زوجي الحبيب الليلة

التفتت إلى كايا التي كانت تحمر خجلاً وغضبا من هذا المشهد
مسكت هيميرا بذراعه وقالت بنبرة رومانسية
_أتمنى ألا يرفض الملك ذلك
التفت إلى كايا بصدمة وكأنه يعتذر لها. وقفت كايا وهي تسحب الغطاء خلفها لكنه وقف وقال
_ كايا، انتظري

وقفت كايا وهي تحبس الدموع من عينيها فقال لها  بلطف
_ لا تغادري الجناح وأنت على هذه الحالة. ابقي. نحن من سنغادر
طعنت هذه الكلمات هيميرا بعمق،و كانت متأكدة من أن منافستها لم تكن بسيطًة كما اعتقدت

التفت إلى هيميرا وأمرها
_اذهبي إلى جناحك، وسوف أنضم إليك
تنهدت هيميرا بغضب لكنها لم تظهر ذلك حتى لا تثير غضب الملك عليها. بل نظرت إلى المرأة الواقفة التي كانت تعلوها ابتسامة لم تفهم معناها.
اقترب الملك من كايا وقبل جبينها وقال
- لا تقلقي، هذه هي المرة الأولى التي تفعل فيها الملكة هذا. ربما هي فقط تريد إزعاجنا.

رمت نفسها في حضنه وقالت بسعادة
_الملكة لا تهمني، ما يهمني هو اهتمامك بي وهذا يكفي

بقيت في الخارج تنتظر خروجه. لم يتأخر، لكنها شعرت أن تلك الدقائق كانت وكأنها سنوات طويلة
فخرج ووجدها واقفة تنتظره. سارعت إلى لف ذراعيه من حوله وقالت بابتسامة
_لقد تأخرت كثيرا
رد مستنكر على حالتها
- هيميرا، ما هو الخطأ معك؟ أنت لست على طبيعتك

أجابت وهي تعانق ذراعه بقوة
_اشتقت إليك ولم تأت لزيارتي أبدًا، فجئت أبحث عنك
_من الغريب أن الملكة هيميرا تفتقدني
وضعت رأسها على كتفه وقالت
_ ألست حبيبتك أم نسيت الحب الذي يجمعنا؟
أجاب وهو يبتسم بسخرية
_قلت لك، أنت لست على طبيعتك
- لأني قلت لك بأنني افتقدك، أنا لست على طبيعتي
أبعد ذراعه عنها وقال
- هيميرا، في ماذا تفكرين؟
_ انا افكر بك
ضحك ايغيوس
_ انا لا اصدق
أجابت بدلال
_لماذا، ألست آنا هيميرا الحب الذي لن ينفد في قلبك أبدًا؟
_هل مازلت تتذكرين؟
- وما رأيك، أنني لم أنس كلمة واحدة منك يا أيغيوس
- حسنًا، لقد وصلنا إلى جناحك
- نعم هيا
ابتسم إيغيوس وقال
_ طابت ليلتك يا ملكة
استدار واردف بسخرية
_لا أستطيع النوم في غير سريري. يبدو أنك نسيت هذه العادة

وابتعد عنها وهو يبتسم بسعادة. هو الذي يفتقد تلك العاشقة الغيورة، حبيبته الجميلة هيميرا لكنه يخشى أن يعود إليها كما كان وأن تعود إلى قسوتها وغطرستها معه فينكسر قلبه من جديد.


غفى وهو ينظر إليها وهي نائمة. فتحت عينيها ورأته نائما بعمق. حاولت ألا تصدر صوتًا لإيقاظه
وقفت وتسللت خارج الخيمة لكنها شعرت بقبضة قوية تسحبها إلى الداخل
_هل تريدين أن تموتين؟
سألته بذهول
- كيف استيقظت؟ لم أقم بإصدار صوت
_اتركي هذا عنك، وأجيبيني، هل تريدي الموت؟
ردت بالدموع
_لا، أريد العودة إلى والدي
_هذا لن يحدث
_ ماذا تقصد

أجاب وهو يعود إلى كرسيه
_لن تعودي حتى بعد موتك.
صرخت بصوت عال
_كيف تفعلون هذا....
ثم ضغط على فمها بقوة وقال
_الحراس بالخارج يسمعونك. أين كان عقلك عندما قررتي أن تفعلي ما فعلته؟
أرادت الرد لكنه ما زال يحبس أنفاسها. وسرعان ما دفعها بعيدا. اخذت نفسا وقالت بغضب
_كدت تقتلني
_وفي كل الأحوال إذا خرجت من الخيمة، ستموتين أيضا .

سألته تصطنع اللطف
_ماذا أفعل حتى يطلق سراحي؟
ابتسم لها أكريسيوس باستهزاء ثم قال
_ هل أتيتي دون أن تعرفي من هو الشخص الذي تنوين الزواج به؟
استفزتها تلك الابتسامة وقالت بغضب
_اعتقدت أنه إنسان، لكنه...
قاطعها بحدة وقال
- قلت لك من قبل، لا تحاولي أن تتمادي، انه سيدي الملك.
تمتمت بسخط
_اللعنة عليك وعلى ملكك الوحشي
_هل تقولين شيئا؟
- ماذا يمكنني أن أقول غير أنني عاجزة تماما هنا
_ جيد

همست بسخط
_ما الجيد في كونك عاجزًا؟
_الجميل أن تصمتي وتعودي للنوم. التحدث كثيرًا لن يساعدك. لقد تم اتخاذ القرار وسوف نتزوج قريبا
قال كلماته وأغمض عينيه لكنها أسندت جذعها نحوه ثم قالت
_هل أنت مجنون؟ آنا، الأميرة أورسولا، وريثة عرش آيس، ستتزوج من قائد بسيط
ابتسم وهو مغمض عينيه وقال
_سيدخل ذلك القائد إلى مملكة آيس ويضمها إلى إمبراطورية موكناي، وبعد ذلك ستصبحين بلا مأوى.
صرّت على أسنانها بغضب وقالت وهي تعدل وقفتها
_لن أصبح هكذا
_ لا، سوف تصبحين زوجة القائد أكريسيوس قائد جيوش الإمبراطورية. أنا لست في وضع أقل منك أيتها الأميرة.
تنهد ثم قال
_ الغرور لن يفيدك يا ​​زوجتي المستقبلية. عودي إلى النوم.
استدارت وعادت إلى السرير، تلعن عقلها الصغير الغبي الذي أوصلها إلى هذا الجحيم وهذا القائد الكريه


ساد الظلام وهو يقف بشكل يائس أمام تلك البوابة. لم يعد ذلك الجندي ولم يسمع أي خبر. اقترب منه القائد وقال وهو يشعر بالأسف على حالته.
- سيدي، لقد كنت واقفا طوال اليوم. ارجوك عد إلى القصر .
لكنه لم يرد عليه . وظل كنوت يحدق في تلك البوابة، آملا أن يسمع صوتا أو حركة تشير إلى وجود شخص خلفها
وكرر القائد كلماته
_سيدي، عد إلى قصرك. سأخبرك إذا كانت هناك أخبار عن الأميرة
وهو الآن على يقين تام  من أن الأميرة لن تعود وأنه فقد طفلته إلى الأبد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي