التاسع عشر

لقد شعر بعدم الارتياح بعد أن ظل مينيلوس يصف له رعب ذلك المشهد. لقد تذكر اجتماعهما هذا الصباح وطريقة حديثها. فابتسم عفوياً فنظر إليه مينيلوس وقال.
_ لا فائدة منك وصديقك الأحمق ذاك. أنت لا تقدر الجمال
فنظر إليه أكريسيوس وقال
_حسنا، سأقدر ذلك الآن

ضحك مينيلوس وانتهى من شرب شرابه، ثم قال:
_ لقد فقدت الأمل فيكم يا رفاق. متى تنتهي هذه الحرب وأتمكن من العودة إلى جميلاتي الساحرات؟

فنظر إليه أكريسيوس بسخرية ثم وقف وقال
_سأذهب وأرى ما يحدث هناك للمرأة الجميلة

خرج وهو يضحك بصوت عالٍ بينما تجاهل مينيلوس كل ذلك وأنهى شرابه وهو يعيش في خياله الحالم
دخل أكريسيوس إلى خيمة الملك أيولوس ليجده يحمل سوطا طويلا، جالسا على كرسيه، وهذه الفتاة ملقاة على الأرض في حالة دموية يرثى لها.
- مساء الخير يا ملك

القى التحية وهو ينظر إلى المرأة وهي تبكي من الألم،   اردف أكريسيوس بدهشة
_ماذا يحدث هنا يا سيدي؟
رد أيولوس وهو يضربها بذلك السوط، مما جعلها تصرخ من الألم الذي هز قلب أكريسيوس
- لا تقلق يا صديقي، يمكنك الجلوس والاستمتاع معي
ورفع السوط مرة أخرى ليضربها، فألقى أكريسيوس جسده عليها لحمايتها
توقف أيولوس وقال بحدة
_ أكريسيوس اطلب منك عدم التدخل.

وقف أكريسيوس أمامها ليحميها قائلا
- مولاي ماذا فعلت؟ جسدها لا يتحمل ذلك
- من أين لك هذه الرحمة والرأفة الآن يا أكريسيوس؟
- ستكون زوجة أخيك. هل ستفعل هذا لها؟
رفعت أورسولا رأسها لتنظر إليه، "زوجته، من أين أتت هذه اللعنة ايضا؟" وتابع أكريسيوس
_تقدمت لي بعرض هذا الصباح وقبلت

هزت أورسولا رأسها نافية الأمر، لكن أيولوس تفاجأ بصديقه وقال
_ ماذا تقول أكريسيوس إنها تحمل دما فاسدا أنها ابنة كنوت
أجاب أكريسيوس بثبات
_حتى و إن كانت كذلك، لقد قبلتها زوجتي

شعرت أورسولا ببعض الخجل لأنه يواجه صديقه من أجل انسانة جاءت وأهانته ولم تهتم بأي أسلوب للحوار معه.
قال أكريسيوس وهو يساعد أورسولا على الوقوف على قدميها
- هل يسمح لي الملك بأخذ عروستي؟
تحدث أيولوس بهدوء.
_إذا أتيت من أجل مينيلوس فلا تفعل ذلك، فهي تستحق أكثر من هذا
رد أكريسيوس بالنفي بينما واصل فك قيودها
- لا، جئت من أجل عروستي، وليس من أجل أي شيء آخر

ضحك أيولوس ولم يهتم لكلام صديقه وقال بغطرسة
_يمكنك أن تأخذها وتفك قيودها أيضًا، لكني آمرك ألا تخرج عروستك من خيمتك ابدا
ثم خفض رأسه ونظر إلى أورسولا المختبئة خلف أكريسيوس وقال
_إذا رأيتها أمامي سأقطع رقبتها ، ولن يهمني أن تكون عروسك أو غير ذلك

أغمض أكريسيوس عينيه ليكتم غضبه، ثم أخذ أورسولا واحتضنها بين ذراعه، بينما ظلت هي تنظر إلى رأس خادمتها المقطوع على الأرض، فشتد بكاءها وحزنها عليها، كانت أورسولا تمشي بصعوبة، همس لها  أكريسيوس بلطف
- لا تخافي سأحملك

حملها بين ذراعيه وسار بها نحو خيمته. فدخل ولم يجد صديقه مينيلوس. يبدو أنه ذهب بعد أن كان في حالة سكر شديد. وضع أورسولا على سريره وقال
_سأحضر لك بعض المشروبات
أوقفته وقالت بامتنان
_شكرًا لك على إنقاذي من يد ذلك الطاغية
فأجابها بحزم
_إنه صديقي ولا أحب أن تتمادي في الحديث عنه

قالت معتذرة رغم الألم
_حسنا أنا أعتذر لك
_لا داعي لذلك. حاولي أن تسترخي. سأحضر لك بعض الطعام والمشروبات
استلقت أورسولا على سريره وقالت
_لا أريد شيئا، أريد النوم فقط
فهز أكريسيوس رأسه وقال
- حسنا، يمكنك أن تفعل ذلك.

ألقى أكريسيوس جسده على الكرسي ونظر إليها وهي نائمة. لقد كانت، كما قال صديقه مينيلوس، جميلة إلى حد الجنون. كان قلبه ينبض بطريقة لم يعتاد عليها، فأشاح عنها وحاول تشتيت انتباهه باللعب بسيفه.
لم تنم أورسولا، بل كانت تتظاهر بالنوم، ورغم آلامها، ظلت تراقبه بعناية


التقتها وهي جالسة في الحديقة، محاطة بخادماتها، تستمتع بالخضرة والهدوء. تجاهلت كايا ذلك اللقاء ومضت دون أن تلقي التحية، لكن هيميرا لم تسمح لها بالمرور بهدوء. نادت بصوتها اللطيف على كايا، التي لم تستطع تجاهل ذلك النداء.
اقتربت منها لتقول لها هيميرا بلطف
_أرى أنك لا تريدين التحدث معي
نفت كايا ذلك قائلة
_هذا ليس صحيحا، سيدتي الملكة هيميرا، كنت أخشى أن أزعجك

ابتسمت هيميرا وهي تعلم أن كايا تكذب ثم قالت لها
_أرجو أن تجلسي معي
لم يكن بإمكان كايا رفض هذا الطلب أو أنه كان أمرًا مستترًا بشكل جيد. جلست عند قدمي الملكة وسمحت لخادماتها بالانصراف ، وبقي الاثنان بمفردهما.
_هل أنت سعيدة بجانب الملك؟

كانت كايا في حيرة من أمرها بشأن ما يجب أن تجيب به هل ستنكر أو تكشف لها عن مدى سعادتها بوجودها معه. اختارت الصمت، الذي فهمته الأخرى على أنه إجابة بالايجاب وأضافت هيميرا وهي تبتسم
__لن ألومك إذا أخبرتني أنك سعيدة به، لأنني كنت سأقطع رقبتك إذا كذبتي

تنهدت وهي تنظر إلى الشجرة العملاقة القريبة منها
_هذه الشجرة رمز حب أيغيوس وهيميرا
التفتت كايا لتنظر إلى تلك الشجرة العملاقة ثم نظرت مرة أخرى إلى الملكة التي واصلت قولها
_لقد زرعنا بذرتها معًا في أول يوم من زواجنا، وقررنا أن نعتني بها كرمز لحبنا
_إنها جميلة جدا
ابتسمت هيميرا ونظرت إلى كايا وقالت
_أعلم أنك وقعت في حب الملك إيغيوس، ولا ألومك على ذلك أيضا، المرأة التي لا تقع في حبه هي ليست امرأة.

حاولت كايا أن تنظر بعيدًا عن الملكة هيميرا. ضحكت الملكة وهي تراها تتحاشى النظر إليها، ثم قالت
_هل تغارين عندما أتحدث عن الملك؟
تحدثت كايا بصراحة
_لن أكذب عليك أنني أغار من حبه لك
هزت هيميرا رأسها وابتسمت بغطرسة فاكملت  كايا
- لن أنكر أنني أحب الملك حقًا، وسأبذل كل ما في وسعي للفوز بقلبه وأصبح آنا الوحيدة بداخله.

وقفت هيميرا وعلامات الغضب على وجهها
_لن يكون هناك أحد غيري في قلب أيغيوس. يجب أن تعيش مع هذه الحقيقة

قد تقبل أن تكون بالقرب منه أو حتى تقع في حبه، لكنها إذا أعلنت صراحة أنها ستكون منافسة شرسة للفوز بقلب ملكها المحبوب، فإنها لن تخضع لذلك، حتى لو اضطرت إلى سفك الدماء. .



تردد مينيلوس في دخول خيمته، لكنه أيقن أن الصمت قد ساد تلك الخيمة التي امتلأت ببكاء تلك الفاتنة وصراخها. اقترب وهو يهمس من أحد الحراس.
_أين المرأة التي بالداخل؟ هل هي ميتة؟
أجاب الحراس
_لا، القائد أكريسيوس أخذها منذ فترة
تمتم مينيلوس بارتياح
_ وأخيرا، هذا الرجل فعل الشيء الصحيح
دخل الخيمة واستقبل الملك الغاضب
_ طاب مسائك يا مولاي الملك
فنظر إليه أيولوس بنظرة مرعبة، فتراجع وقال
- سيدي ماذا بك؟
صرخ يلومه
_لماذا ورطت أكريسيوس في أمر الفتاة؟
_لم أفعل، أقسم لك
وقف أيولوس وقال بانفعال كبير
- وكيف عرف بتعذيب الفتاة إذن؟
صمت مينيلوس للحظة، ثم قال في حيرة
_لقد أخبرته، لكني لم أطلب منه أن يأتي ليأخذها
- وكيف عرفت أنه أخذها؟
تلعثم مينيلوس
- لم يخبرني أحد، لكن من الواضح أنه أخذها
ندم مينيلوس على الدخول والتورط في الأمر، ولكنه من داخله كان سعيدا بما فعله صديقه اكرسيوس
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي