السابع عشر

ارتدت أجمل ملابسها وتزينت بأجمل المجوهرات وأصبحت ملكة على عرش الجمال. إنها ليست أقل جمالا من باسيفاي، على الرغم من أن الأخرى لا تتفوق عليها إلا قليلا، وهذا ما يجعلها تثور غيرة منها.

قالت إحدى خادماتها منبهرة
_سيدتي، أنت جميلة حقا
أجابت أورسولا بغرور
_أعلم ذلك أيتها الحمقاء
ابتسم الآخرون بثقة ويقين من روعة سيدتهم، لتأمرهم بغطرسة
_أريد أن أذهب الآن، أريد خادمة واحدة فقط أن ترافقني

سارت خلفها إحدى الخادمات، كانت تتبختر في مشيتها بكل إعتزاز .
_ أين أبي؟ لم أره هذا الصباح
سألت خادمتها باهتمام عن والدها فأجابت خادمتها
_إنه في غرفة العرش.
- حسنًا، لا أريده أن يراني، فلنخرج من البوابة الخلفية
_حسنا سيدتي كما تريدين

تسللت أورسولا وخادمتها خارج القصر دون أن يعلم أحد. وقررت أن تنفذ ما خططت له مهما كلفها ذلك. وربما لو نجحت ستنقذ والدها وتحقق حلمها في أن تصبح ملكة. امتطت أورسولا حصانها وخادمتها أيضا ، وانطلقا بكل سرعة.

وصلت أورسولا إلى البوابة وسألت  أحد الجنود
_أين قائدك؟
انحنى الجندي أمامها، ثم أسرع لنداء قائده الذي بدوره أسرع إليها
_ تفضلي يا أميرة
تحدث معها القائد بلباقة فأجابته بغطرسة
_آمرك أن تفتح لي هذه البوابة. اريد ان اخرج
اندهش القائد من أمرها الغريب. كيف تريد منه أن يفتح البوابة؟
_سأخرج ثم أغلقها. لقد أرسلني والدي الملك إلى الملك أيولوس للتفاوض معه

هز القائد رأسه غير مصدق، لكنه لم يعيق طريقها. وأمر بفتح البوابة للأميرة أورسولا، التي غادرت على الفور إلى خيام معسكر أيولوس.


رآهم جنود أيولوس يقتربون منهم واستعدوا لإطلاق السهام عليهم لولا وجود مينيلوس الذي صرخ:
_ هما امرأتان لا تطلقا توقفا
أسرع مينيلوس نحوهم، وحيّته أورسولا قائلة:
- صباح الخير أيها القائد
اجاب مينيلوس بلباقة
_ مرحباً أيتها المرأة الجميلة
نزلت من حصانها وسألته
_هل يمكنك أن تأخذني إلى جلالة الملك أيولوس؟
- بالطبع، من فضلك تعال معي
سارت أورسولا خلف مينيلوس، الذي كان ينظر إليها في كل خطوة حتى وصلوا إلى الخيمة
_ ها أنت يا جميلة تقفين أمام خيمة الملك، هو  في الداخل.
سألته بذهول
_ ألا تخاف على الملك؟ ربما جئت لقتله
_ سيكون الملك أيولوس أسعد الموتى لو مات على يديك الرقيقة
لم تهتم أورسولا بكلماته، هي ليست معتادة على تلك المغازلة المبتذلة ، فدخلت الخيمة دون أن تنتبه لنظراته المعجبة أو بالأحرى لم تكثرت لها


رأته يلعب بسيفه بشكل احترافي، فأذهلتها. وقفت تستمتع بمراقبته دون أن تصدر أي صوت، تتابع حركاته بذهول. لم ينتبه لوجودها، بل واصل استمتاعه باللعب بسيفه. توقف عندما سمع صوت تصفيق حار من خلفه وصوت لطيف يقول بإطراء.
_ رائع حقا.

اقتربت منه أورسولا وأثنت عليه بإعجاب
_إذاً أنت أيها الملك أيولوس تتمتع بمهارات عالية
فسألها في دهشة
_من أنت وكيف أتيت إلى خيمتي؟
جلست على أحد الكراسي وقالت بفخر
_أنا الأميرة أورسولا، أميرة مملكة آيس
لم تعجبه الطريقة المتعجرفة التي تحدثت بها فقال بسخط
_وإذا كنت كذلك، فمن سمح لك بالدخول إلى خيمتي دون إذني؟
رفعت أورسولا حاجبيها مستنكرة سلوكه الفظ
_هل هذه هي الطريقة التي تتحدث بها مع أميرة جميلة؟

جلس على الكرسي أمامها وهو يضحك بخفة
_أنا لا أرى أميرة جميلة بل أميرة مغروره
لوت شفتيها منزعجة من كلامه لكنها حاولت السيطرة على فورة غضبها وقالت:
_ أنا لست مغرورة، كنت أعرف عن شخصيتي
- حسنًا، حسنًا، ماذا تريدين مني يا أميرة أيس الجميلة؟

صمتت للحظة وهي تنظر إليه بتفكير. كان شابًا وسيمًا مفتول العضلات .لكنه لم يكن نوعها المفضل ، لديه تلك الغطرسة المقيتة بداخله، لكن لم يكن الأمر سيئًا أن تقضي بقية حياتها معه كملكة. تحدثت أخيرا مع بعض الثقة.
_لقد جئت لأعرض عليك عقد زواج

اتسعت عيناه وهو ينظر لها بذهول
_أنا أميرة جميلة كما ترى، والوريثة الفعلية لعرش أيس. لماذا لا نعقد هذا التحالف وننهي الخلافات بيننا؟
ابتسم باستفزاز لكنها تجاهلت ذلك ثم قال
_أنت ابنة كنوت، أقصد الملك كنوت
_ حسنًا، أعلم جيدًا حجم الحقد الذي يحمله قلبك تجاه والدي

هز رأسه وهو ينظر إليها فيما شعرت ببعض الارتباك فابتعدت عنه وأكملت حديثها قائلة
_سوف يتنازل لي والدي عن العرش وسوف أبعده عنا. أعتقد أن هذا سيكون كافيا
ارتفعت ضحكته ثم قال
_ هل يكفي المنفى لمعاقبة والدك على ما فعله؟ يبدو أنك لا تعرفين خطايا أبيك.
اجابت بلباقة
_ربما لا أعرف جيدًا ما فعله والدي، ولكني أعرف جيدًا ما أفعله الآن.

كان ينظر إليها بابتسامة وهو يلعب بلحيته بينما ظلت تحاول إقناعه بأنها الزوجة المثالية بالنسبة له، قال وهو يقف ويقترب منها
_إذا قبلت كلامك فلن أستطيع أن أعدك بأن الحرب ضد المملكة ووالدك ستتوقف
سألته بذهول
- ماذا تقصد؟ أخبرتك أنني سأفتح لك الأبواب دون قتال، وسيتنازل والدي عن العرش ويذهب إلى المنفى
_أعلم، لكن الأمر ليس بيدي
_ لا أفهمك
أجاب وهو يمسك سيفه مرة أخرى
_هذا سيكون قرار الملك أيولوس
هل هذا يعني أنها أهدرت طاقتها في التحدث مع شخص آخر؟
_ألست أنت الملك أيولوس؟
أجاب باقتضاب وهو ينظر إلى سيفه
_ لا
_من أنت اذا؟
_القائد أكريسيوس.


شعرت أورسولا بصفعة قوية على وجهها، مما جعلها غاضبة
_كيف تجرؤ على انتحال شخصية الملك أيولوس؟
فابتسم أكريسيوس وقال
_ أنا لم أفعل
_كيف لا، تجلس في خيمته وتستقبل ضيوفه؟
فقام أكريسيوس واقترب منها وقال
_هذه خيمتي وليست خيمة الملك أيولوس وأنت من اقتحمتها وتقدمت لخطبتي
_لا، لم أفعل
قال محاولا استفزازها
_لا، بل فعلتي ذلك لا تحاولي النكران
خرجت أورسولا من خيمته وهي تتنفس بغضب

قال مينيلوس ضاحكًا وهو جالس يتخيل منظر أكرسيوس مع تلك الفتاة الجميلة
_دعنا نرى كيف أن هذا الرجل لا يحب النساء الجميلات

أجاب أيولوس وهو يضحك لاهثاً
_ أكرسيوس المسكين، لقد وقع في فخك
أخذ مينيلوس رشفة من كأسه وقال
_أكرسيوس المثالي، دعه يستمتع قليلاً
انفجرت أورسولا وهي تصرخ في مينيلوس
_ أيها الأحمق، كيف تجرؤ على تظليلي؟
وقف مينيلوس وقال بلطف
- أيتها المرأة الجميلة، ألم يعجبك صديقنا الوسيم؟
- أيها الرجل الحقير، جئت للقاء الملك ولم أرى وسامة صديقك الأحمق ذاك.
فنظر مينيلوس إلى الملك أيولوس وقال
_ أنظر إليها أيها الملك إنها تهين صديقنا المثالي

مشى إليها أيولوس وقال بأدب
_ مرحبا بك ايتها الفتاة
ابتسمت أورسولا، وأخفت تعبيرها الغاضب، وردت التحية بابتسامة لطيفة
_ مرحباً أيها الملك
نظرت إلى مينيلوس بغضب
_إذا سمح لنا الملك بالحديث على انفراد
نظر أيولوس إلى صديقه وهو يطلب منه المغادرة، ثم قال بعد أن تأكد من رحيله
_أنا أسمعك، يمكنك التحدث

جلست أورسولا دون إذنه، لكنه تجاهل الأمر وجلس مقابلا لها ، فقالت بفخر
_ آنا الأميرة أورسولا ابنة الملك كنوت ووريثة عرشه
اندهش أيولوس عندما سمع ذلك، ثم انفجر ضاحكًا ساخرًا
- حسنًا، ماذا تريد مني ابنة الملك كنوت؟
شعرت ببعض التوتر بعد ضحكته، لكنها استمرت
_لماذا لا نقوم بتحالف بيننا؟
وقف أيولوس وقال بحدة
- لا أعلم إذا كنت تعرفين ما بيني وبين والدك، لكن دماء ذلك الشخص الوضيع لا تناسبني.

شعرت أورسولا بدمها يسحب من جسدها كله وشعرت بالبرد يغزوها. لم تستطع التحرك. وبقيت كالتمثال تنظر إليه بذهول. لماذا جاءت؟ هل من أجل الإهانة بهذه الطريقة؟ كان والدها على حق. لن ينسى أيولوس ما فعله والدها ولن يغريه جمالها مهما حدث.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي